الموقع ما يزال قيد التجربة
ملحق شعائر 16
الإمام الخمينيّ
عظَمةُ القيادة، وفرادةُ النَّهج
نَصّ خطاب الإمام الخامنئي دام ظلّه في الذّكرى الخامسة والعشرين لرحيل الإمام الخمينيّ قدّس سرّه
(4 حزيران 2014)
تقديم
مع انصرام ربع قرن على رحيل رائد الإحياء الحضاري الإسلامي في العصر الحديث، ومُلهم الثّورة الإسلاميّة المظفّرة في إيران، الإمام الخميني قدّس سرّه، كان لسماحة السّيّد القائد الخامنئي دام ظلّه العالي، وقفة استلهام وتأمّل أمام الأبعاد المتعدّدة لهذه الشّخصيّة الاستثنائيّة العظيمة.
في الخطاب الشّامل الذي ألقاه سماحته يوم الرّابع من حزيران 2014م، سوف يجد القارئ جملة من الإضاءات والعناوين تعرض إلى هذه الأبعاد في شخصيّة الإمام، ولا سيّما لجهة راهنيّتها وحيويّتها السّارية في الزّمن. ولعلّ ما يُضفي أهمّيّة مضاعفة على خطاب السّيّد القائد هو الميقات الذي جاء فيه، خصوصاً لجهة التّحوّلات الكبرى التي تشهدها إيران، والأمّة الإسلاميّة، والعالم، على امتداد السّنوات الخمس والعشرين الماضية.
لقد بسط السّيّد القائد خطابه ضمن ثلاث دوائر متّصلة. وهي دوائر تؤلّف معاً، تظهيراً لما يؤكّد الصّواب التّاريخي لنهج الإمام الرّاحل، وأثره الحاسم في النّهوض الإسلامي الشّامل على الصّعد الإيمانيّة والفكريّة والسّياسيّة والأخلاقيّة.
* في الدّائرة الأولى التي خصّصها السّيّد القائد للكلام على تجربة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بعد نحو ثلث قرن على ولادتها، بيانٌ لسلسلة من الحقائق أثبتت عمق رؤية الإمام قدّس سرّه لحاضر إيران ومستقبلها.
في هذا الميدان يعرض سماحته إلى النّموذج الحضاري الفريد، الذي قدّمته الجمهوريّة الإسلاميّة لأبناء شعبها، وللأمّة والعالم، في الآن عينِه. فهذا النّموذج سيكون له آثارٌ فكريّةٌ معرفيّةٌ وسياسيّةٌ حاسمةٌ وعميقةٌ في دَيمومة فكر الإمام وقدرته على التّلاؤم مع روح الزّمن الجديد. وهو ما مرّ عليه الخطاب لدى الحديث عن الجيل الثّالث للثّورة، الذي طفق ينطلق بهمّة عالية، لإنتاج قيَم الثّورة الإسلاميّة، وأهدافها الكبرى، من خلال استيعابه المُبدع للمنجَزات العلميّة والمعرفيّة، وتوظيفها الخلّاق في النّموّ الحضاري للوطن والأمّة.
وسيُبيّن لنا خطاب السّيّد القائد في هذا المجال نقطة ذات دلالة محوريّة في إدراك واحدٍ من أهمّ عوامل الاقتدار في مسيرة بناء الدّولة والمجتمع، مؤدّاها: أنّ العامل الجوهري في استمرار النّموّ والامتداد والتّجذّر في مسيرة بناء الدّولة الإسلاميّة، إنّما يكمن في التّكامل بين حكمة القيادة، وولاء الشّعب لقيَم الثّورة الإسلاميّة التي أرساها الإمام منذ لحظة الانتصار، وحتّى ارتحاله إلى الحَضرة الإلهيّة المقدسة.
* في الدّائرة الثّانية من الخطاب، وهي المخصّصة للحديث عن عظَمة الإمام وفرادة نهجه، أبرزَ السّيّد القائد الخاصيّة الاستثنائيّة لتلك الشّخصيّة الفذّة التي استحقّت إرث رسالة الأنبياء والأئمّة الأطهار قولاً وعملاً. فقد وضع الإمام الخميني أُسس مدرسةٍ خالدةٍ في التّوحيد والإيمان والفكر والأخلاق والعرفان، وكان مهندساً عظيماً في رسم القواعد والخطوط والمناهج الخلّاقة في بناء الدّولة والمجتمع على أُسس التّراحم والسّياسة المدنيّة، وإزالة نظام الاستبداد، وإقامة النّظام الجمهوري الإسلامي، على مبدأ العقد الاجتماعي الإيماني، والسّيادة الشّعبيّة، وتداوُل السّلطة.
وتعميقاً لهذه الخاصّيّة في فرادة شخصيّة الإمام ونهجه، أظهر لنا السّيّد القائد حقيقةً تاريخيّةً تقوم على أنّ كلّ ما شهدناه من إنجازات عظيمة في الجمهوريّة الإسلاميّة، إنْ هي إلّا تجلّيات واقعيّة للمدرسة الفكريّة التي أقام الإمام بنيانها في خلال عمره المبارك.
* أمّا الدّائرة الثّالثة، فقد تركّز خطاب السّيّد القائد في خلالها، على العناية بأحوال الأمّة والعالم، محدّداً جبهة الأعداء وحِلف الأصدقاء، وذلك على نحوٍ ترتسم فيه معالم واضحة لاستراتيجيّة المواجهة الرّاهنة والمقبلة. على أنّ المحور الجوهري في هذه الاستراتيجيّة هو الحكمة في التّمييز بين العدو الخارجي للأمّة، وأدوات الفتنة الدّاخليّة.
ولقد كان كلام السّيّد بيَّناً لا لَبْس فيه في هذا المجال، لمّا نبَّه إلى ضرورة تعيين الحدود الفاصلة بين جبهة أميركا والغرب التي تقود حرباً مفتوحة على الإسلام وبلاد المسلمين، وبين قوى التّكفير والإرهاب التي تُستخدَم كوقودٍ في نار الفتنة. فهؤلاء - حسب سماحته - مخدوعون مضلَّلون وليسوا أعداءَنا الأصليّين، وانْ كان علينا حقّ الدّفاع الطّبيعي عن النّفس.
وليس من شكّ، فإنّ هذا التّحديد الدّقيق للعدوّ، ينطلق من حرص السّيّد القائد، مثلما حَرِصَ الإمامُ الرّاحلُ قدّس سرّه من قبل، على وحدة المسلمين، وصَون دار الإسلام من تداعيات الفتنة، وحشْد القدرات لمواجهة التّحدّيات الكبرى التي تعيشها الأمّة.
*****
..إذ نقدّم للقارئ العزيز النّصّ الكامل لخطاب السّيّد القائد، فإنّما لبيان أهميّة القضايا المفصليّة التي تناولها، وبالتّالي للتأكيد على ضرورة إلقاء الضّوء على عظَمة الدّور الرّيادي للإمام الرّاحل في إحياء الدّين بأبعاده الإيمانيّة والإنسانيّة والحضاريّة.
وما توفيقنا إلّا بالله.
«شعائر»
بيروت في 21 حزيران 2014م
22 شعبان 1435 هجريّة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّدٍ وآله الطّاهرين، لا سيّما بقيّة الله في الأرضين.
﴿. . رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الحشر:10؛ ﴿. . رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ يونس:88.
قال الله الحكيم في كتابه: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا. . ﴾ إبراهيم:24-25.
كلمتي في هذا اليوم الخالد والمهمّ، سأُلقيها عليكم أيّها الأعزّاء – أخوةً وأخوات - ضمنَ ثلاثة أقسام.
* في القسم الأوّل منها، توجد حقيقة مهمّة حول الجمهوريّة الإسلاميّة، والاهتمامُ بها يُعدّ بالنّسبة إلينا اليوم بالغَ الأهميّة.
* في القسم الثّاني، إشارة وبيان توصيفي مختصر عن النّهج والمدرسة الخالدة لإمامنا العظيم. وإنْ كان قد قيل الكثير حول نهج الإمام، ونحن قلنا الكثير وسمعنا كذلك، ولكنّ التّوصيف المختصَر في هذه المرحلة ضروري ولازم بالنّسبة إلينا؛ لجهة تقديم صورة مختصرة عن مجموع ما أوجده الإمام العظيم في العالم المعاصر، كظاهرة لا نظير لها.
* والقسم الثّالث يتضمّن إشارة إلى تحدّيَين مهمَّين في طريق الشّعب الإيرانيّ، ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة، ويُعَدّ الاهتمام بهما مهمٌّ جدًّا لصحّة حركتنا وسلامة سَيرنا.
القسم الأوّل
حقائق مهمّة حول الجمهوريّة الإسلاميّة
في القسم الأوّل؛ تلك الحقيقة التي أشرتُ إليها، وهي أنّه وبعد مرور خمسة وعشرين سنة على رحيل إمامنا العظيم، فإنّ الشّوق واللّهفة للتعرّف عليه، والاستماع عنه، لم ينقُصا وما زالا يتزايدان. الأمر الذي لا ينحصر في بلدنا وحسب، إنّما يشمل دنيا الإسلام، بل وأبعدَ من عالَم الإسلام. هذه حقيقة راسخة في بلدنا - حيث ينطلق حاليًّا الجيل الثّالث للثّورة - وكذلك في العالم الإسلاميّ، حيث إنّ شباب عصر الاتّصالات والتّواصل والإنترنت، باتوا يتمكّنون من الاطّلاع على مسائل بعيدة عن محيطهم الخاصّ، ويسعون جاهدين للاطّلاع والتّعرّف أكثر فأكثر على قضايا الثّورة الإسلاميّة والجمهوريّة الإسلاميّة، وحول مهندس هذا البناء العظيم.
إنّ ظاهرة «سيادة الشّعب الدّينيّة» و«نظريّة ولاية الفقيه» من المسائل الشّديدة الأهميّة والجذّابة للأوساط الفكريّة في العالم الإسلاميّ.
﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾!
لقد قام أعداؤنا بمساعٍ حثيثة وعلى نطاقٍ واسع، منذ الأيّام الأولى للثّورة. وكلّما تقدّمنا إلى الأمام تضاعفت مساعيهم، فاستخدموا مئات، بل آلاف الأجهزة والشّبكات التّلفزيونيّة والإذاعيّة والمواقع الإلكترونيّة لتشويه صورة الجمهوريّة الإسلاميّة، والإساءة إلى مؤسِّسها وأنصاره. وهذا الأمر نفسُه كان من شأنه أن يساعدنا، بل ويصبّ في مصلحتنا! حيث أثاروا بأعمالهم هذه حِسَّ حبّ الاطّلاع والفضول عند المشاهدين والمستمعين في أنحاء العالم؛ ليتعرّفوا على الأسباب الكامنة وراء كلّ هذا العداء وقَذْف التُّهم وتلطيخ السُّمعة والافتراءات، وعمَا هي حقيقة هذه الجهة التي يُعادونها ويُخاصمونها بهذا الشّكل؟
بناءً على هذا، فإنّ أعداءنا قصدوا تشويه اسمنا وصورتنا، واختلقوا الأكاذيب عنّا وعن إمامنا ونظامنا، ولكن: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ الطّارق:15-16. هذا قولُ الله تعالى؛ هؤلاء، وفي نيّتهم هذه، بدأوا حركةً على نطاقٍ واسع، ولكنّها تحوّلت في النّهاية إلى فرصة، حيث تحرّك حسّ الاستطلاع، والفضول للتعرّف، عند جمهور هذه الأجهزة والوسائل الإعلاميّة في كلّ أنحاء العالم.
سَعيُهم أبتر
إنّ الصّحوة الإسلاميّة في البلدان الإسلاميّة وفي منطقتنا - حيث إنّ مشاعر العداء للاستكبار هي البُعد الأبرز والغالب فيها - هي بحدّ ذاتها علامة بيّنة على حبّ الاستطلاع والتّعرُّف، وكذلك على الاستجابة والتّجاوب، وهذا الأمر مستمرٌّ ويتزايد.
من الممكن أن تقدّم أجهزة المخابرات الغربيّة والأميركيّة تقارير إلى إدارتها بأنّها استطاعت أن تقمع الصّحوة الإسلاميّة في منطقتنا، أو أن تَقضي عليها. إذا كانوا يتخيّلون هذا الأمر، فهذا سيكون أيضًا خطـأً من الأخطاء الاستراتيجيّة النّاجمة عن التّحليلات الخاطئة لأعدائنا.
من الممكن أن تُقمَع الصّحوة الإسلاميّة لمدّةٍ قصيرة وفي جزءٍ من العالم الإسلاميّ، ولكن من دون شكّ لا يُمكن القضاء على هذه الصّحوة وقَطْع جذورها. سوف تنتشر هذه الصّحوة وتتزايد؛ ذلك أنّ هذا الوَعي والفهم والإدراك، وهذا الموقف والتّوجّه في البلدان وبين جيل الشّباب المسلم، ليس بالأمر الذي يُمكن القضاء عليه بهذه السّهولة: بالطّبع يبذل الأعداء جهودَهم في هذا الاتّجاه، ومن الممكن أن يحقّقوا بعض النّجاح في بعض المناطق لمدّةٍ قصيرة؛ ولكن في نهاية الأمر سيكون سَعيُهم أبتَراً.
خمسٌ وثلاثون سنة، مواجهة وصمود
إنّ سبب حبّ التّعرّف والاستطلاع عند جيل الشّباب اليوم، خاصّةً في العالم الإسلامي، حول ظاهرة سيادة الشّعب الدّينيّة، عائدٌ إلى أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة ظاهرة مضى على ولادتها خمس وثلاثون سنة، وقد تعرّضت طوال كلّ هذه المدّة لحملات عدوانيّة من جانب القوى المتسلّطة؛ فقد شَنّوا عليها حمَلات عسكريّة، وإعلاميّة، فضلاً عن الحملات الاقتصاديّة - فقد بدأ الحَظر والعقوبات منذ بداية الثّورة ويتمّ تشديدها، يومًا بعد يوم، إلى وقتنا الحاضر – ثمّ نظّموا حمَلاتٍ سياسيّة أيضًا؛ وقد عملت الجبهة الغربيّة القويّة كلّ ما قدرت عليه ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة على مدى خمس وثلاثين سنة؛ لقد قاموا بأعمال عسكريّة، وساعدوا ودعموا المُعتدي عسكريًّا، وأعانوا كلّ عدوّ للجمهوريّة الإسلاميّة في كلّ نقطة من العالم، وشنّوا الحملات الإعلاميّة الواسعة، وفرضوا الحَظْر والعقوبات الاقتصاديّة بأعلى حدٍّ ممكن، على نحوٍ لا سابقَ له.
في المقابل، فإنّ الجمهوريّة الإسلاميّة، وفي مواجهة كلّ هذه الحالات والاعتداءات العنيفة والهمَجيّة، ليس فقط لم يستطيعوا أن يُزيلوها من الوجود، أو يقضوا عليها، بل إنّها لم تَنزوِ ولم تتقوقع على نفسها، وبالتّالي لم ترضَخ أبدًا لابتزاز الغرب، وتقدّمت يومًا بعد يوم؛ هذا الأمر هو الذي يشكّل ماهيّة حبّ الاستطلاع والفضول للتعرّف على تجربتها أكثر، أي أن تتكاتف القوى الكبرى عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وتضع أيديها بعضها بأيدي بعض، لتوحّد قواها ضدّ بلدٍ ودولةٍ مدّة خمسة وثلاثين عامًا، فلا تسقط تلك الدّولة، بل على العكس، فإنّ قوّتها تتضاعف، ولا ترضخ للابتزاز السّياسي والاقتصادي، ولا تهتمّ لكلّ أولئك المعتدين.
جيل الثّورة الثّاني والثّالث
لقد أظهرت الجمهوريّة الإسلاميّة اقتدارها، وقدرتها على الصّمود في المجالات المختلفة. وعندما ينظرون اليوم إلى الجمهوريّة الإسلاميّة، فإنّهم سيجدون كيف أنّ الجيل الثّاني والثّالث للثّورة يضمّ ملايين الطّلّاب الجامعيّين، وآلاف الطّلّاب الحَوزويّين الفضلاء، ومثلهم الآلاف من الباحثين، والمحقّقين، والأساتذة الجامعيّين والحَوزويّين، والنُّخَب العلميّة والفكريّة التي ذاعَ صِيتُ بعضها وأصبحت معروفة على الصّعيد العالمي، وآلاف العاملين والنّاشطين في المجالات السّياسيّة والثّقافيّة والإنتاجيّة والاقتصاديّة.
هذا هو واقع مجتمعنا اليوم؛ لقد استطاعت الجمهوريّة الإسلاميّة في ميدان العلم والثّقافة، وعلى الرّغم من الحَظْر والعقوبات كلّها، أن ترسل أقمارًا صناعيّة إلى الفضاء، وأن ترسل، أيضاً، كائنًا حيًّا إلى الفضاء وتُعيده، وأن تُنتج الطّاقة النّوويّة، وأن تحتلّ مكانها بين الدّول العَشر الأوائل في العالم في العديد من العلوم الحديثة. ولقد أعلنت المراكز العالميّة المتخصّصة أنّ معدّل تسارع العلم في الجمهوريّة الإسلاميّة هو ثلاثة عشر ضعف المتوسّط العالمي.
واليوم أيضاً، تصدّر الجمهوريّة الإسلاميّة الخدمات العلميّة والتّقنيّة إلى مختلف البلدان، وعلى الرّغم من الحَظر والعقوبات التي لا سابقَ لها، فإنّها تدير بلدًا يبلغ تعداد سكّانه خمسة وسبعون مليونًا، ولها الكلمة الفصل والتّأثير الأوّل في سياسات المنطقة، فيما تقف بصلابة في مواجهة النّظام الصّهيوني الغاصب والذي تدعمُه قوى التّسلّط والهيمنة العالميّة.
هذه «الجمهوريّة الإسلاميّة» لا تُهادن ولا تُصالح الظّالمين، وتدافع دومًا عن المظلومين؛ كلّ إنسانٍ واعٍ سيتحرّك عنده حبّ التّعرّف والاستطلاع ليتبيّن له ما هي هذه الظّاهرة وهذا الكيان. فعلى الرّغم من كلّ هذه العداوات، توجَد كلّ هذه القدرات الذّاتيّة ومؤشّرات الحياة والبقاء والصّمود؛ تلك هي حقيقة وماهيّة حبّ الاستطلاع.
خمس وثلاثون سنة؛ سيادةٌ لا نظيرَ لها
في مجال القضايا السّياسيّة والاجتماعيّة، فإنّ التّجلّي الرّاقي لسيادة الشّعب الدّينيّة قد قطع شوطاً واسعاً على مدى خمسةً وثلاثين عامًا منذ الثّورة وحتّى الآن. وطوال هذه المدّة، كان لدينا اثنتان وثلاثون عمليّة انتخابيّة عامّة في هذا البلد. هل هذه طُرفة؟ هي في الواقع نموذجٌ لا نظيرَ له؛ إنّ الانتخابات في الجمهوريّة الإسلاميّة ومن خلال هذه المشاركة الواسعة – بعضها أعلى من معدّل المتوسّط العالمي، والعديد منها نسبته أعلى بكثير؛ مشاركة 70 بالمائة، و72 بالمائة؛ انتخاباتنا هي هكذا - إنّما تمثّل مظهرَ السّيادة الشّعبيّة.
يوجد نموذج آخر كذلك لا نظيرَ له ولا شبيه، يتمثّل في ظاهرتَين، ونحن كشعبٍ قد تعوّدنا عليهما، ولكنّهما بالنّسبة إلى المتابع العالمي أمرٌ استثنائيّ وجذّاب ومهمّ جدًّا، وهما عبارة عن مسيرات الثّاني والعشرين من بهمن [11 شباط ذكرى انتصار الثّورة]، ومسيرات «يوم القدس» في شهر رمضان من كلّ عام.
يُقيم النّاس، وبشكلٍ مستمرٍّ ودائم، عرسَ الثّورة في كلّ عام منذ خمسة وثلاثين عامًا، من خلال مسيرات وتظاهرات عظيمة حاشدة في الأيام الباردة من أواخرَ شهر بهمن. لقد اعتدنا هذا الأمر، ولا نلاحظ أهميّته وعظَمته، ولكنّ المتابع من الخارج يرى كلّ هذا، وهو أمرٌ مدهش بالنّسبة إليه؛ وهنا تكمن أسباب تلك الجاذبيّة التي تثير حبّ الاستطلاع والتّعرّف وتُرشِد المعجَبين، والعقول المتأثّرة، وأهل السّؤال والاستفسار، والباحثين عن طريقٍ جديد.
إنّ الحقيقة العامّة لزماننا، هي عبارة عن الاهتمام والتّوجّه وحبّ الاستطلاع العام، في العالم الإسلاميّ، من قِبَل الشّباب والمثقّفين والمفكّرين المستنيرين وأهل الوعي والفهم والتّعمُّق في القضايا، حول هذه الظّاهرة التي تحقّقت وحصلت بتوفيقٍ إلهيّ وتأييدٍ إلهيّ في إيران الإسلاميّة، وهي ظاهرة ما زالت تنمو وتتكامل يومًا بعد يوم.
القسم الثّاني
نهجُ الإمام الخمينيّ، ومدرستُه الخالدة
هذه الحقيقة هي من صنع وإنتاج يد المهندس [المعمار] العظيم
لقد تحدّثنا كثيرًا عن الإمام الخمينيّ. لعلّ البعض يتخيّل بأنّنا نبالغ؛ كلّا.. إنّ ما قلناه حول إمامنا العظيم ليس مبالغةً ولا مغالاةً؛ بل هو جزءٌ من الحقيقة والواقع؛ إنّ إمامنا العظيم والعزيز لديه من عُمق المعنى ما هو أكثر بكثير من كلّ ما وصفناه واستطعنا أن نبيّنه. لذلك فإنّ كلّ ما لدى الشّعب الإيرانيّ وما تشاهده الأعيُن، وتُدركه أفكارُ الشّعوب في أنحاء العالم، هو من صنع وإنتاج اليد القادرة لذلك الإمام.
خريطة الإمام المهندس
إذا ما أردنا أن نسير ونتقدّم بشكلٍ صحيح، يجب علينا أن نعرف خريطةَ المعمار. إذا كان البحث يدور حول بناءٍ عاديّ كالمتعَارف عليه بين النّاس، إنْ لم تكن الخريطة في متناول اليد ولم يُعلَم التّصميم الأصليّ، فإنّ البنّائين ومهما كانوا محترفين ومتخصّصين، فَمن الممكن أن يشتبهوا ويُقيموا البناء بشكلٍ خاطئ. فإذاً، يجب التّعرّف على الخريطة الأساسيّة للاستفادة من فنّ البناء والإحياء، إذ وُجد أنّ الخريطة التي رسمَها الإمام لم تكن نتاجَ فكر بشريٍّ فقط.. لقد كان الإمام، قطعًا ويقينًا، مؤيّدًا من عند الله. والإمام العظيم نفسه كان يعرف ذلك ويُقرّ ويُعلن؛ لقد قال بأنّ كلّ ما جرى قد تمّ بيَد القدرة الإلهيّة، ولقد فهم الأمر بشكلٍ جيّد، وأبصرت عينُه الثّاقبة هذا الأمر بشكلٍ عميق. إنّ علينا أن ننتبه، وأن نتعرّف على هذه الخريطة كي نتمكّن من متابعة الطّريق. إنْ لم نعرف الخريطة وانحرفنا عن تصميمها، فإنّنا سنبتعد تدريجيًّا ويومًا بعد يوم عن المسير الأصليّ والصّراط المستقيم، وحينها سنكون ابتعدنا عن الأهداف المطلوبة.
لكي نصل إلى الهدف يجب أن لا نضلّ الطّريق؛ ولأجل تحقُّق هذا الأمر؛ يجب أن تكون الخريطة الأصليّة والأساسيّة دائمًا نصبَ أعيننا، علينا أن نعرفها ونُدركَها جيّدًا.
خريطة الإمام: إزالة الدّيكتاتور
إنّ خريطة الإمام وعملَه الأصليّ كان بناء نظام مدني - سياسي على أساس العقلانيّة الإسلاميّة؛ وكانت المقدّمة اللّازمة لهذا العمل إزالة النّظام الملكيّ - الذي كان في الوقت عينه فاسدًا وتابعًا وديكتاتوريًّا!
لقد كان للنّظام الملكيّ هذه الصّفات الثّلاث: كان مبتلًى بأنواع الفساد الأخلاقيّ والمادّي وغير ذلك، وكان تابعًا للقوى الأجنبيّة، لإنكلترا حينًا ولأميركا حينًا آخر، وكان مستعدًّا دائمًا للتخلّي عن مصالحه ومصالح البلاد من أجل مصالح الأجانب، وكذلك كان نظامًا ديكتاتوريًا ومستبدًّا، لم تكن النّاس تريد النّظام الملكيّ ولا ترغب به؛ وكلّ واحدة من هذه الصّفات تحتاج إلى كُتب ومجلّدات لتبيانها.
خريطة الإمام: بناء نظام مدني سياسي
إنّ المقدّمة اللّازمة لذلك العمل الكبير الذي أراد الإمام أن يقوم به، هي القضاء على هذا النّظام الفاسد والتّابع للديكتاتور؛ لقد شمَّر عن ساعدَي الهمّة وتمّ القضاء على النّظام. ليست القضيّة في بلدنا أن يسقط النّظام الدّيكتاتوري ليحلّ محلَه نظام ديكتاتوري آخر أو شبه ديكتاتوري؛ المسألة الأساس هي أنّ تلك الصّفات والخصوصيّات التي كانت عند النّظام الملكيّ، كان يجب أن تزول ويُقضى عليها، ولقد أزالها الإمام العظيم واجتثّها من الأساس؛ وكانت خُطَبُه وإرشاداته وعملُه وسلوكُه كلّها تصبّ في هذا الاتّجاه.
بالنّسبة للنَّظم المَدني والسّياسي، هناك نقطتان أساسيّتان مرتبطتان ببعضهما، أو بمعنى آخر، هما وجهان لقضيّة واحدة.
الأولى: هي تفويض عمل البلاد للشعب عبر السّيادة الشّعبيّة ومن خلال الانتخابات.
والثّانية: أن تكون هذه الحركة - النّابعة بالأساس من الإسلام الأصيل، وكلّ ما يتّصل بحركة السّيادة الشّعبيّة وتفويض العمل للشعب - في إطار الشّريعة الإسلاميّة.
هذان القسمان، هما بلمحة واحدة، بُعدان لحقيقة واحدة.
خريطة الإمام: الانتخابات والسّيادة الشّعبيّة
لا يَظنّنّ البعض أنّ الإمام العظيم قد أخذ فكرة الانتخاب من الثّقافة الغربيّة، ثمّ دمَجَها بالفكر الإسلامي والشّريعة الإسلاميّة. لا! ليس الأمر كذلك، فلو لم تكن الانتخابات والسّيادة الشّعبيّة والرّجوع إلى رأي النّاس، جزءًا من الدّين، وكانت غير مرتكزة على الشّريعة الإسلاميّة، فما كان الإمام ليَلتزم بها. وقد شرح ذلك الإنسان الصّريح والحاسم هذه القضيّة، وبيّنَ أنّ هذا الأمر هو من الدّيِّن، والشّريعة الإسلاميّة هي الإطار.
في كافّة التّشريعات، والإجراءات، والعَزل، والتّنصيب، والسّلوكيّات العامّة التّابعة لهذا النّظام السّياسي والمدني، يجب أن تُراعى الشّريعة الإسلاميّة. وسيرورة العمل في هذا النّظام هي من خلال السّيادة الشّعبيّة. أي إنّ كلّ فرد من الشّعب، ينتخب النّائب، وينتخب رئيس الجمهوريّة، أي ينتخب الوزراء عبر وسيط، ينتخب الخبراء، ينتخب القائد عبر وسيط، هذا العمل هو بيَد الشّعب. هذه هي الرّكيزة الأساسيّة لحركة الإمام العظيم.
يرتكز هذا البناء العظيم الذي وضعه هذا الإنسان الكبير، على هاتَين القاعدتَين. أي الالتزام بالشّريعة التي هي روح وحقيقة النّظام الإسلامي. يجب الالتفات إلى هذا الأمر. فإذا جرى تطبيق الشّريعة الإسلاميّة بشكل تامّ في المجتمع، فلسوف يجري تأمين الحريّات العامّة والمدنيّة - حريّة الأفراد، الحريّة الفرديّة، وحريّة الشّعب، أي الاستقلال - فالاستقلال هو الحريّة على نطاق الشّعب الذي لا يرتبط بأحد ولا بمكان.
إنّ الشّعب الحرّ يعني الشّعب الذي لا يكون بأيّ شكل من الأشكال تحت سيطرة مخالفيه، أو أعدائه أو الأجانب. يضمن الإسلام هذا الأمر، ويضمن العدالة في المجتمع، ويضمن المعنويّات. هذه هي العناصر الأربع الأساسيّة: الحريّة، والاستقلال، والعدالة، والمعنويّات.
عندما تكون الشّريعة الإسلاميّة حاكمة على المجتمع، فإنّ هذه الظّواهر الأساسيّة تُعرب عن نفسها في انتظام المجتمع الإسلامي. لذلك استند إمامنا العظيم إلى الشّريعة الإسلاميّة التي هي روح الجمهوريّة الإسلاميّة، كما ارتكز أيضًا على السّيادة الشّعبيّة الدّينيّة التي هي وسيلة وأداة مأخوذة أيضًا من الشّريعة.
مدرسة الإمام: رفض الهيمنة
في مدرسة الإمام لا يُمكن القبول والاعتراف بأيّ قدرة أو سيطرة حصلت من خلال التّزوير أو الفرض بالقوّة. ففي النّظام الإسلامي لا معنى للظلم والسّيطرة. وإنّما المعنى هو للقدرة والاقتدار، أي القدرة النّابعة من اختيار النّاس ومن رأيهم. لكنّ القدرة النّاشئة من الفرض والضّغط والسّلاح، لا مكان لها في الإسلام ولا في مدرسة الإمام. ذلك بأنّ القدرة التي نشأتْ من اختيار النّاس هي القدرة المحترمة.
مقولةُ الإمام: احترامُ اختيار النّاس، ومساعدةُ المظلوم
في مواجهة هذه القدرة، أي تلك النّاشئة من اختيار النّاس،لا ينبغي لأحد أن يتصدّى لها. بل يجب ألّا يلجأ آخرون إلى الظّلم والفرض والسّيطرة، إذا قام أحدهم بهذا العمل، فذلك هو الفتنة بعينها. تلك وصفة جديدة عرضَها الإمام للعالَم، وفصلًا جديدًا أضافه إلى الأدبيّات السّياسيّة للعالم.
إنّ إحدى عناصرها الأصليّة – لهذه المقولة، كما أشرنا سابقًا - هي الإسراع لإعانة المظلومين ومجابهة الظّلم. في زماننا هذا، يبدو لنا المصداق الأكمل للمظلوميّة هو الشّعب الفلسطيني، وأنتم رأيتم كيف أكّدَ الإمام العظيم منذ اليوم الأول إلى اليوم الأخير من عمره، على فلسطين؛ دافعَ عنها، وأوصى الشّعب الإيراني ومسؤولي البلاد بعدم نسيانها. فمساعدةُ المظلومين، والوقوفُ في وجه الظّالم، رَفْضُ سيطرة الظّالم، الإنكار الواضح لأبّهة وقدرة الظّالم، وكَسْر هذه الأبّهة، هذا أيضًا جزءٌ من هذا النّظام، وهذه هي الوصفة الجديدة التي قدّمها إمامنا العظيم.
تلك خلاصة، وصورة مصغَّرة، وتوصيف مختصر لمجموعة النُّظُم السّياسيّة والمدنيّة التي استحضرها إمامنا إلى البلاد بعد سقوط النّظام الملكي، وقدّمها، وقبِلها الشّعب بشكل حاسم، ووجدت طريقها إلى التّحقُّق.
نجاح الإمام واستمرار نجاحه
إنّ هذه الوصفة، كالكثير من الكلام السّياسي، يجب ألّا تبقى بين طيّات الكتب. نزلت إلى أرض الواقع، طُبّقت، تبلورت، بذل الشّعب الإيراني الجهد، وأظهر الوفاء، وقدّم التّضحيات، وحفِظها وحافظ عليها، وقوّاها يومًا بعد يوم إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن.
إذاً، لقد نجح الإمام... نجح بشكل كامل في العمل الذي أراد القيام به. ولكن هل سيستمرّ هذا الإنجاز العظيم؟ وهل أنّ الخانات الفارغة في هذا الجدول – بطبيعة الحال توجَد خانات فارغة في هذه الجداول الاجتماعيّة والتّاريخيّة - ستُملأ؟ هذا الأمر يرتبط بشكل كبير بي أنا، وبكم، وكلّ ذلك بمقدار الجهد الذي سنبذله، وبالوَعي الذي سنُظهره، وبمدى مراعاتنا لهذا الخطّ الواضح، وحركتنا عليه.
نعم، الأمرُ ممكنٌ بالتّأكيد. مع هذا الشّعب الذي نراه، مع التّجربة والحركة النّاجحة، مع السّير المستمر الذي أظهره الشّعب في السّنوات الخمس والثّلاثين السّابقة، وخصوصاً في السّنوات الخمس والعشرين على رحيل الإمام، نعم إنّ إكمال الطّريق ممكن، حيث ستُملأ الخانات الفارغة، ستُنجَز الأعمال العظيمة، وهذا الشّعب بإذن الله وقدرته سيصل الى أعلى القِمم.
معرفة تحدّيات الطّريق
لكنّ هذا الطّريق، مثل الطّرق الشّاقّة والمهمّة الأخرى المتّجهة نحو الأهداف الكبرى، هو طريقٌ فيه الكثير من التّحدّيات والموانع. لذا، يجب أن نعرف هذه الموانع، كي نستطيع تخطّيها. إذا لم نعرف الحاجز، فتخطّي هذا الحاجز والمانع، سيكون إمّا صعبًا جدًّا أو مستحيلًا. إنّني اليوم أبلّغكم بهذه المواضيع، أنتم أيّها الحضور المحترم في هذا الاجتماع العظيم والحاشد، وفي الواقع لكلّ الشّعب الإيراني الذي سيَسمع هذا الكلام.
شبابنا، مثقّفونا، نُخَبنا الفكريّة، يجب أن يقفوا عند كلّ عنوان وكلّ قِسم ويتفكّروا، يعملوا عليها، يبحثوا حولها. ليس فقط الأبحاث الفكريّة شبه التّنويريّة، ولكن الأبحاث التّطبيقيّة، العمليّة، الأبحاث التي تأخذ بعين الاعتبار الواقع. إنّ ما أقدّمه لكم اليوم هو عناوين عريضة للعمل الفكري الثّقافي الذي سيتابعه الشّباب إن شاء الله، إذ أنّهم أفضل منّا وأكثر استعدادًا.
القسم الثّالث
تَحدّيَان اثنان في طريق الشّعب الإيرانيّ، ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة
سأتكلّم عن تحدّيين: خارجي، وداخلي.
التّحدّي الخارجي هو ضغط الاستكبار العالمي. وهنا أقصد الضّغط الأميركي من دون مجاملة؛ إنّهم يرمون الحجارة. صحيح أنّه، ربّما، في تحليلات بعض المفكّرين السّياسيّين عندهم، يعتبرون أنْ لا فائدة، ولا يُمكن مواجهة هذه الحركة العظيمة. لكنّهم يرمون الحجارة. يجب أن نعرف خطّةَ عملهم؛ هذه الخطّة الأميركيّة المفضوحة، هذه الخطّة الكبرى التي تمّ إفشاؤها من خلال الأبحاث، والتّقارير، والآراء، والسّلوكيّات الأميركيّة.
أميركا: دوَل العالَم أقسامٌ ثلاثة
إنّ أميركا تقسّم دول العالم، وحركات العالم، والبشر في العالم، إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: هو المطيع لها، أي الدّول، والحركات السّياسيّة والاجتماعيّة، أو الأفراد المطيعون، هؤلاء هم المجموعة الأولى.
القسم الثّاني: بعض الدّول ليست مطيعة، لكن تجِب مداراتُها؛ بعض الدّول وبعض الشّخصيّات وبعض الحركات، هي برأي أميركا كذلك، ولكن تجب مداراتُها، فهناك مصالح مشتركة معهم؛ وبالفعل، تمّ التّكيّف معهم بطريقة ما. سأوضّح هذا الأمر فيما بعد.
القسم الثّالث: هي الدّول غير المطيعة، تلك التي لا تخضع لأميركا، ولا تقدّم لها رشوة.
في رأي الأميركيّين، أنّ كلّ دول العالم، والحركات السّياسيّة والاجتماعيّة والمدنيّة والاقتصاديّة في العالم، وكلّ الشّخصيّات المعروفة والمهمّة والمميّزة والمشهورة، لا تخرج عن هذه الأقسام الثّلاثة: إمّا سلّموا مصيرَهم، وأطاعوا بشكل تامّ، وإمّا مستقلّون وتَجب مداراتُهم، وإمّا غير مطيعين، شجعان ومتمّردين حيث يجب التّصرّف معهم بشكل مختلف.
سياسة أميركا مع المجموعة الأولى هي الدّفاع الكامل عنها. بالطّبع ليس الدّفاع المجّاني، بل يَحمونها ويحلبون خيراتها. يستغلّون قدرات هذه الدّول في سبيل منافعهم. إنّهم يأخذون أَجرَهم من هذه الدّول، ويستخدمونها، وكما قلنا إنّهم يحلبون خيراتها، ولا يهتمّون بها. ولكن إذا صدر عن هذه الدّول سلوكٌ معيّنٌ، يُعتبَر سيّئًا بالعرف العالمي، لا تُدين أميركا هذا السّلوك، بل تدافع عنه، وتبرّره.
على سبيل المثال، بعض الدّول المستبدّة، والتي تُدار بواسطة أنظمة رجعيّة ومستبدّة إلى أبعد الحدود، لكنّهم جيّدون مع أميركا، ويخدمونها، وهؤلاء هم من المجموعة الأولى، عندما يريد الأميركيّون وصْف إحدى هذه الدّوَل، لا يقولون إنّها دول ديكتاتوريّة، بل يقولون: «دوَل ذات نظام أبَوِي».
ما معنى «أبويّ» في النّظام السّياسي؟ ما معنى هذا؟ بلدان لا مجلس نوّاب فيها، لا انتخابات، لا قدرة على الكلام، لا أقلام حرّة، لا تعبير حرّ، وكلّ مخالفة بسيطة لإرادة الحاكم، يتمّ قمعُها بكلّ حدّة وشدّة وقسوة. هذا البلد هو بلد أَبَوِيُّ الحُكم؟
صدام حسين، في فترة من الزّمَن، كان من أولئك المطيعين، المسَلِّمين مصيرَهم لأميركا. في تلك الفترة قدّموا له كلّ أنواع الدّعم، وكانوا تحت أمره، أعطوه أسلحة كيميائيّة، وخرائطَ تحرّكاتنا العسكريّة التي تُكشَف بالأقمار الصّناعيّة، أعطوه خرائط حربيّة، لأنّه كان يخدمهم ضدّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة المتمرّد على الاستكبار، هذا النّظام الإسلامي هو من المجموعة الثّالثة.
المجموعة الثّانية، كما قلنا، هي الدّول التي تقتضي سياسة أميركا وخطّتها مُداراتها. ما معنى «مُداراتها»؟ أي أنّ هناك مصالح مشتركة تتمّ ملاحظتها، إنّهم يضعونهم بجانبهم، ولكن كلّما سنحت الفرصة يَطعنونهم بالخنجر في قلوبهم، ويسرقون خيراتهم؛ ولا يلتفتون أبداً إليهم. كالبلاد الأوروبيّة، على سبيل المثال.
هذا هو وضع البلاد الأوروبيّة اليوم. أميركا تُداريهم، لكن لا يعني هذا أنّها تهتم لمصالحهم؛ لا بل تركُلهم كلّما سنحت الفرصة. يتجسّسون عبر الانترنت والهاتف المحمول على الشّخص الأوّل في أحد البلاد الحليفة لهم، من دون أيَ خجل. وحين يتمّ اكتشاف الأمر، يقولون: «نعم، أُعذرونا حصل هذا الأمر، لم يكن هناك خيار آخر، تمّ الأمر». ليسوا مستعدّين لأي اعتذار جدّي.
فَهمي للأمور السّياسيّة هو أنّ الأوروبيّين قد وقعوا في خطأ استراتيجي كبير عندما وضعوا أنفسهم في خدمة أميركا. يهتمّون للمصالح الأميركيّة، وأميركا لا تهتم لمصالحهم، وسيستمر الوضع على هذه الحال إلى ما لا نهاية؛ هذه هي المجموعة الثّانية.
أمّا المجموعة الثّالثة: فهي الدّول التي لا ترضخ لإرادة الأميركيّين. وسياسة أميركا تجاه هذه الدّول تتلخّص في الاستفادة من أيّ وسيلة ممكنة ضد هذه البلاد غير المطيعة. أيّ وسيلة ممكنة. لا يعرفون حدًّا ولا قَيدًا.
إذا رأيتم أنّ بلدًا غير مطيع لأميركا، لكنّها لا تشنّ هجومًا عسكريًّا عليه، أو لا تمارس الحَظر عليه، فاعلموا أنّ هناك إشكالًا ما. أي أنّ هناك مانعًا في طريقهم. بِلُغة مبسّطة، لا تستطيع أميركا القيام بهذا الأمر، لذلك هي لا تقوم به. ولو استطاعت ذلك لَقامتْ به.
إنّ الجريمة الوحيدة لهذا البلد غير المطيع - غير المستعدّ للاستسلام أمام أميركا – هي أنّه أيضًا غير مستعدّ لتقديم رشوة، وليس حاضرًا ليقدّم مصالح أميركا على مصالحه؛ هذا هو معنى البلد غير المطيع. الأميركيّون، ولكي يُخضعوا هذا البلد، لا يتوانون عن فعل أيّ أمر. كلُّ عملٍ ممكنٍ بالنّسبة إليهم، يقومون به. وإذا لم يُقْدموا على خطوة ما، فلأنّهم غير قادرين!
حسناً، ما هي الأعمال التي يقوم بها الأميركيّون الآن؟ لم يعد الهجوم العسكريّ اليوم أولويّة بنظر الأميركيّين، لقد أدركوا أنّهم تضرّروا في ملفّ العراق وأفغانستان حينما قاموا بالهجوم العسكريّ، وأدركوا أنّ الهجوم العسكريّ يمثّل خطرًا في بعض الأحيان على الدّولة المهاجِمة بنفس المقدار الذي يمثّله على الدّولة التي تتعرّض للهجوم، لقد فهموا ذلك جيّدًا. لذلك يُمكن القول بأنّهم صرفوا النّظر عن الهجوم والتّحرّكات العسكريّة، ولديهم طُرُق أخرى.
إحدى هذه الطُّرق هو أن يُوكلوا مهمّة تحقيق أهدافهم، داخل الدّولة التي يَستهدفونها بحمَلاتهم العدائيّة، إلى عناصر من داخل تلك الدّولة. فالقضيّة لا تنحصر بإيران الِإسلاميّة، لأنّهم يقومون بهذه الأمور في كلّ مناطق العالم، ونحن نشاهد نماذجَ منها الآن. أو الإنقلاب العسكريّ، حيث يدعمون بعض الأشخاص ليقوموا بهذا الأمر، فيُسقطون ذلك النّظام وأجهزته الحكوميّة والسّياسيّة التي لا ترضخ لهم بواسطة الانقلاب العسكريّ. فهذا هو أحد الطّرق.
ومن الطّرق الأخرى؛ جَرُّ قسمٍ من الشّعب إلى الشّوارع، من قبيل «الثّورات الملوّنة» التي حصلت في عدّة أماكن من هذه المنطقة في السّنوات الأخيرة.
تتشكّل حكومة ما، ومن الطّبيعيّ عندما تتشكّل حكومة استناداً إلى ستّين بالمائة من أصوات الشّعب، فإنّ نسبة الأربعين بالمائة المتبقّية لا تكون قد صوّتت لها، فيتوجّه الأميركيّون إلى هذه «الأربعين بالمائة»، ويختارون من بينها بعض العناصر والقيادات، ويُرغِمونهم بالطّمع، وبالمال، وبالتّهديد، على جرّ تلك النّسبة الباقية، أو ما يُمكن منها، إلى الشّوارع. كذلك هو الأمر بالنّسبة للثورات الملوّنة، هذه الثّورة البرتقاليّة، وتلك الثّورة المزعومة في المناطق المختلفة التي شُوهدت في السّنوات الأخيرة، كانت أيدي الأميركيّين وراءها.
نحن هنا لا نريد أن نحكم بشأن الأحداث التي تجري هذه الأيّام في إحدى مناطق أوروبا، ولكنّ المرء عندما ينظر ويشاهد «سِناتور» أو مسؤولًا أميركيًّا هناك، سوف يتساءل ماذا يفعل هذا المسؤول الأميركي في مظاهرات أقليّة ضدّ الدّولة؟ وما الذي يُمكنه أن يحقِّقَه بحضوره هناك؟
من أعمالهم، إذاً، إسقاط الحكومات من خلال جرّ مجموعة من النّاس إلى الشّوارع، ومن خلال العصيان المدنيّ، لأنّ تلك الحكومة ليست مقبولةً عندهم، وليست حاضرةً للخضوع لابتزازهم.
ومن الأعمال الأخرى؛ تفعيل المجموعات الإرهابيّة واستخدامها، كما يحدث اليوم في العراق، وفي أفغانستان، وفي بعض الدّول العربيّة في المنطقة، وقد فعلوا ذلك في بلدنا واستخدموا الجماعات الإرهابيّة لتغتال شخصيّاتٍ بعينِها.
في بلدنا، اغتالوا علماء، ومتخصّصين في الطّاقة النّوويّة، وقبلها فعلوا ذلك ببعض النُّخَب السّياسيّة والثّقافيّة، والشّخصيّات العلميّة والرّوحيّة. وهؤلاء - أي الجماعات الإرهابيّة - كانوا قد تربّوا في أحضان أميركا، وبعض هؤلاء حصل على رضى الأميركيّين وقبولهم بسبب هذه الخدمات التي قدّموها لهم. وفي يومنا هذا يعيش المنافقون في أحضان أميركا، ويشاركون في الاجتماعات المختلفة. وفي لجان «الكونغرس» الأميركيّ تَجِد تلك العناصر المنافقة، من أولئك الذين اغتالوا في هذا البلد أبناءه وشخصيّاته المهمّة وعلماءه وسياسيّيه، وافتعلوا التّفجيرات.
ومن الطّرق الأخرى أيضًا، زرع الخلافات في المستويات العليا للسّلطة، والمقصود منها: أن يُثيروا خلافًا وانقسامًا في الجهاز أو النّظام الذي لا ينسجم معهم من أجل إيجاد ازدواجيّة في السّلطة. إنّهم يفشلون في العديد من الأماكن، ولكنّهم – للأسف - ينجحون في بعضها.
ومن الطّرق، كذلك، أن يجعلوا قلوب النّاس وعقولهم تنصرف عن أصولها الاعتقاديّة والإيمانيّة من خلال دعاياتهم، وغيرها من الطّرق. وقد قام نظام الولايات المتّحدة الأميركيّة بكلّ هذه الأعمال تجاه «إيراننا» العزيزة والإسلاميّة، وقد هُزم بفضل الله في كلّ أعماله؛ الانقلاب العسكريّ، ودعم مُثيري الفتن، وجرِّ النّاس إلى الشّوارع، ومواجهة الانتخابات، وإيجاد الانقسامات، فكلّ هذه الأعمال قد قاموا بها، أو يسعون للقيام بها، وهم بحمد الله فشلوا فيها كلّها. لماذا؟ لأنّ الشّعب يقِظ، وهو شعبٌ مؤمنٌ. وهنا ننتقل إلى ذلك التّحدّي الثّاني، وهو التّحدّي الدّاخليّ.
التّحدّي الدّاخليّ
إخواني وأخواتي الأعزّاء! إنّ التّحدي الدّاخليّ لشعبنا هو أن نغفل وننسى ونبتعد عن روحيّة نهضة إمامنا الجليل، ووُجهَتِها، فهذا هو أكبر خطر، حيث نخطئ في تحديد أعدائنا وأصدقائنا، ونخلط بين الجبهتَين، فلا نعرف العدوّ من الصّديق، أو نشتبه في تحديد العدوّ الأصليّ من الفرعيّ، فهذا خَطِرٌ.
إخواني الأعزّاء، أخواتي العزيزات، كلّ أبناء شعب إيران، عليكم أن تلتفتوا إلى أنّ البعض قد يُعادونكم أحيانًا، ولكنّكم إذا دقّقتم فلن تجدوا عدواتَهم عداوةً أساسيّة، بل هي ناشئة من عاملٍ آخر. فاكتشفوا العدوّ الأصلي، فإنّ الإنسان إذا واجه عدوّه الفرعيّ، تذهب قواه هدرًا، ولن يصلَ إلى النّتيجة المطلوبة.
العدو الأساس خلفَ الجماعات التّكفيريّة
في يومنا هذا توجَد مجموعة في مناطق مختلفة من العالم الإسلاميّ تسعى للقيام بأعمال قبيحة وسيّئة ضدّ إيران والشّيعة والتّشيّع، تحت عنوان الجماعات «التّكفيريّة» و«الوهّابيّة» و«السّلفيّة»، لكنّ هؤلاء ليسوا أعداءً أساسيّين؛ فعلى الجميع أن يعرفوا ذلك، إنّهم يعادون ويرتكبون الحماقات، ولكن العدوّ الأصلي هو مَن يحرّكهم ومَن يدعمهم بالمال، هو ذلك الذي إذا وجدَ اندفاعَهم قد ضَعُف يقوم بتحريكهم بالوسائل المختلفة. إنّ العدوّ الأساسيّ هو الذي يبذرُ بذورَ الخلاف والاختلاف بين تلك الجماعة الجاهلة وشعب إيران المظلوم، إنّه تلك الأيادي الخفيّة للأجهزة الأمنيّة والاستخباراتيّة.
لذلك قلنا مرارًا إنّنا لا نعتبر تلك الجماعات الحمقاء التي تواجه نظام الجمهوريّة الإسلاميّة تحت اسم «السّلفيّة» و«التّكفير» و«الإسلام» عدوًّا أساسيًّا. إنّنا نعتبرهم مخدوعين، ونقول لهم ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ المائدة:28، فلو أخطَأْتم واشتبَهتم وقُمتُم بقتلِ إخوانكم المسلمين، فإنّنا لا نعتبر أنّ علينا أن نقتلَكم. بالتّأكيد نحن ندافع عن أنفسنا، فكلّ مَن يهجم علينا سوف يواجه قبضةً محكمة، وهذا طبيعيّ، لكن لا نعتقد أنّهم أعداؤنا الأصليّون، بل هم مخدوعون.
إنّ العدوّ الأساسيّ هو الذي يقفُ خلفَ السّتار، تلك اليد التي لا تخفى كثيرًا، والتي تخرج من أكمام الأجهزة الأمنيّة، وتُمسك بتلابيب المسلمين من أجل أن توقع بينهم.
هذه هي تحدّياتنا الدّاخليّة: أي الانشغال بالخلافات داخل الدّولة، أن تقوم الخلافات الفرعيّة والسّطحيّة بإشغالنا وجَعْلنا في مقابل بعضنا البعض، وجعلِنا غافلين عن القضايا الأساسيّة والخطوط الأصليّة. فهذا هو أحد مصاديق تلك التّحدّيات الأساسيّة التي ذُكرت.
إنّ افتقاد الانسجام الوطنيّ هو من تحدّياتنا. والابتلاء بالكسل والإحباط، والتّباطؤ في العمل، واليأس وضَعْف الأمل، وتصوّر أنّنا لا نقدر، وأنّنا لم نقدر لحدّ الآن، كلّا، فإنّنا قادرون، كما قال الإمام.
يجب أن نمتلك العزم. إنّ «الإرادة الوطنيّة والإدارة الجهاديّة»، يُمكنها أن تحلّ كلّ هذه العقَد. كلّ هذه التّحدّيات الدّاخليّة عندنا يجب أن نواجهها. وكما ذكرنا يجب على شبابنا الأعزّاء، ونُخَبنا، وفُضلائنا، أن يجلسوا ويدرسوا هذه القضايا. فهذه هي العناوين الأساسيّة.
إنّ اسم إمامنا الجليل وذكرَه، وخطّةَ هذا المهندس الكبير يُمكنها أن تُعيننا في جميع هذه الفصول والعناوين، وتمنحَنا الأمل والنّشاط والرّوحانيّة، مثلما فعلت، وسوف تبقى في المستقبل، بتوفيقٍ من الله تبارك وتعالى.
أللّهُمّ أنزِل بركاتك على هذا الشّعب العزيز.
أللّهُمّ أنزِل عونَك على شبابنا الأعزّاء على طريق بناء أهداف النّظام الإسلاميّ.
أللّهُمّ احفظنا من الانحرافات.
أللّهُمّ اجعل يدَ الشّعب الإيرانيّ مقابل أعدائه أقوى، وانصُرهم على أعدائهم، واجعل قلبَ وليّ العصر المقدّس أرواحنا فداه متّجهًا إلينا بعين الرّحمة، وأن يشملَنا بدعائه؛ واحشر روح إمامنا المطهّر وشهدائنا الأعزّاء مع النّبيّ صلّى الله عليه وآله.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0
أيـــــــــــــــــــــــــن الرَّجبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون؟ يستحب في شهر رجب قراءة سورة التوحيد عشرة آلا مرة..
يدعوكم المركز الإسلامي- حسينية الصديقة الكبرى عليها السلام للمشاركة في مجالس ليالي شهر رمضان لعام 1433 هجرية. تبدأ المجالس الساعة التاسعة والنصف مساء ولمدة ساعة ونصف. وفي ليالي الإحياء يستمر المجلس إلى قريب الفجر. نلتمس دعوات المؤمنين.