كتاب سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الهِلالِيِّ*
أقدم مُصنّف
عقائديّ - تاريخيّ
الكتاب:
كتاب سُلَيم بن قيس الهلاليّ. (3 مجلّدات)
المُؤلّف:
التّابعيّ سُلَيْمُ بْنُ قَيْسٍ الهِلاليُّ العامِرِيُّ الكوفِيُّ. (ت:
76 هجريّة)
المُحقّق:
الشّيخ محمّد باقر الأنصاريّ الزّنجانيّ.
النّاشر:
«دليلنا»، قمّ المقدّسة 1424 للهجرة.
(كتاب
سُلَيْم بن قيس الهلاليّ) أقدمُ مُصنَّفٍ عقائديٍّ حديثيٍّ تاريخيٍّ وصل إلينا من
القرن الأوّل، وهو من الأصول القليلة التي أُلِّفَت قبل عصر الإمام
الصّادق عليه السّلام، ومن أكبر الكُتبِ التي رَواها أهلُ العلم وحَمَلَةُ الأحاديث،
وأقدمِها، فجميعُ ما اشتمل عليه إنّما هو عن رسول الله، صلّى الله عليه وآله، وأمير
المؤمنين، عليه السّلام، والمقداد، وسلمان الفارسيّ، وأبي ذرّ، ومَن جرى مجراهم ممّن
شهدَ رسولَ الله، صلّى الله عليه وآله، وأميرَ المؤمنين، عليه السّلام، وسمعَ
منهما، وهو من الأصول التي ترجع الشّيعة إليها، وتعوّل عليها.
مقدّمة المُحقّق
تناولت
مقدّمة هذه النّسخة المطبوعة حديثاً، والتي بين أيدينا مواضيعَ جديرةً بالاهتمام، ولعلّ
شيئاً من ضرورتها هو ما أثاره البعض - عمداً أو غفلةً - من شبُهات وتشكيكات حول
كلّ كتاب ينتصر لآل الرّسول أو يُعرّض بمخالفيهم من خلال الوثائق الوثيقة،
والوقائع الحسّاسة. وبِقَدْر ما تكون بعض الكتب والمؤلّفات مُهمّةً كانت الهجمات التّضليليّة
أشدَّ وأعنف، وكتاب سُلَيم نال ما نال من التّضعيف والتّجريح، فيه وفي مؤلّفه، ومن
هنا جُرّدت الأقلام العلميّة التّحقيقيّة لدفع التّشويشات الباطلة، كي يبقى هذا
الكتاب مرجعاً تاريخيّاً وفكريّاً للمسلمين، بما يحمل مِن مُدوَّناتٍ تُوقف العقول
الحرّة على الهداية والبصيرة، وتُلزم المسلم بالموقف الصّريح الواضح والنّصرة
بالقلب واللّسان على أقلّ الفروض.
مدخل إلى
الكتاب
هذا
الكتاب، إذاً، أقدم نصٍّ تاريخيٍّ عقائديٍّ في الإسلام، فلا يوجد عند المسلمين بعد
كتاب الله تعالى ومواريث الأنبياء التي عند أهل البيت، عليهم السّلام كتابٌ أقدم
من (كتاب سُلَيم بن قيس) رضوان الله عليه، وهي مِيزَةٌ عظيمةٌ لهذا النّصّ التّاريخيّ
العقائديّ؛ لأنّ مؤلّفه، رحمه الله، أوّل من دوّن في العقائد والتّاريخ
الإسلاميّ، ثمّ قام بذلك وحده في ظروفٍ خطيرةٍ دون أن يجد مَن يُعينه في مهمّته،
وقد خاطر بحياته من أجل جَمْعِ كتابِه وتأليفه، ثمّ استنساخه وحِفظه والوصيّة به
وإيصاله إلى الأجيال من بعده.
وما
ذلك إلاّ لأنّ سُلَيماً كان يشعر بمسؤوليّةٍ شرعيّة للقيام بهذه المهمّة التّاريخيّة،
وقد شاء الله تعالى أن يُوفّق فينهض بمسؤوليّة هذا الأمر الخطير، فيقدّم للأُمَّة
الإسلاميّة صورة الوجه الآخر لتاريخها. وقد حافظ العلماء على هذا الكتاب كأقدم
تراثٍ عقائديٍّ في الإسلام، ورجعوا إليه في موارد كثيرة من العلوم الإسلاميّة:
كالفقه والأصول، والرّجال والحديث، والتّاريخ والتّفسير.. وغيرها.
مزايا هذا
الكتاب
ذكر
المُحقّق خمساً منها، هي:
1)
موضوعه: وهو عقائد الإسلام وتاريخه المُتقدّم، وقد
كشف كتاب سُليم عن الدّسائس، والوقائع الحسّاسة والخطيرة التي حدثت قُبيل رحيل النّبيّ،
صلّى الله عليه وآله، وبُعَيْدَه.
2)
ظرف تأليفه: كتبه سُلَيم بعد المنع المُطلق من
تدوين الحديث الشّريف، حتّى ما يتعلّق منه بالسّنن والأحكام.
3)
حساسيّة الفترة التي أرّخ سُلَيمٌ فيها كتابه،
فكان جريئاً في إقدامه ذاك، حيث دوّن أموراً فاصلةً بين الحقّ والباطل.
4)
الدّقّة والإتقان في أخذ الأحاديث وتسجيلها، ما جعل
هذا الكتاب مصدراً مهمّاً يحتل الدّرجة الأولى في الوثاقة والاعتماد.
5)
تدوين التّجاوزات الصّارخة والانحرافات الكبيرة
التي أعقبت رحيل رسول الله، صلّى الله عليه وآله، وتلك مسألة بالغة الأهميّة إذا
رُوِيت إلى التّابعين وتابعي التّابعين، لو قُدّر أن يكتمها الصّحابة من المُتفرّجين
أو المُشاركين أو المُداهنين!
ثمّ
في مقدّمة المحقّق تتتابع المواضيع على هذا النّحو:
1)
شهرة الكتاب.
2)
كلمات الأئمّة المعصومين، صلوات الله عليهم، في تأييد الكتاب وأحاديثه: أمير المؤمنين، والإمام الحسن،
والإمام الحسين، والإمام زين العابدين، والإمام الباقر، والإمام جعفر الصّادق،
الذي اشتهر عنه قولُه: «مَن لَم يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ شِيعَتِنا وَمُحبّينا كِتابُ
سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الهِلاليِّ، فَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْرِنا شَيْءٌ، وَلَا
يَعْلَمُ مِنْ أَسْبابِنا شَيْئاً، وَهُوَ أَبْجَدُ الشّيعَةِ، وَهُوَ سِرٌّ مِنْ
أَسْرارِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه».
3)
كلمات خمسة وسبعين عالماً وفقيهاً في توثيق الكتاب واعتباره، منهم: الشّيخ الطّوسيّ
في (الفهرست)، ابن شهرآشوب في (معالم العلماء)، المجلسيّ الأوّل في (روضة
المتّقين)، التّفريشيّ في (نقد الرّجال)، الحرّ العامليّ في (وسائل الشّيعة)،
الزّركليّ في (الأعلام)، وآخرون.
4)
وبعد ذكر اعتماد العلماء على الكتاب، أورد المحقّق مائة وأربعين اسماً من رواة
الكتاب، بعضهم من أصحاب الأئمّة، عليهم السّلام، إلى عصرنا هذا، وختمهم بالعلّامة
الأميني صاحب كتاب (الغدير).
5)
ثمّ أتى المُحقّق بأسانيد (كتاب سُلَيم)، وبالقرائن الموثّقة أنّ رواية القدماء عن
سُلَيم كانت عن كتابه.
6)
وتحت عنوان: نُسَخ (كتاب سُلَيم) كتب حول: العناية بحفظ نُسَخ الكتاب، وأسماء
الذين تداولوه في كلّ قرن، والقراءة والمناولة في نقل الكتاب، والأسانيد الموجودة
في أوّل النُّسَخ، وأربعة أسانيد إلى الشّيخ الطّوسيّ وأخرى إلى غيره.
هذا،
وبلغت مخطوطات الكتاب سبعين نسخة، ولكنّ الموجود منها اليوم تسعة وعشرون، قال
المحقّق: «وعندنا منها ثلاثة وعشرون نسخة، ونسختنا المطبوعة المُحققّة حصلت
بالمقابلة عليها جميعاً». وهي: نسخة الشّيخ الحرّ العامليّ، ونسخة العلاّمة المجلسيّ،
ونُسخ «مكتبة العتبة الرّضويّة المقدّسة» في مشهد، وغيرها...
وثاقةُ المؤلّف
مؤلّف
الكتاب، هو سُلَيْمُ بْنُ قَيْسٍ الهِلاليُّ، التّابعيُّ، العامريُّ الكوفيُّ، من
خواصّ أمير المؤمنين والأئمّة الحسن والحسين وزين العابدين عليهم السّلام، وقد
أدرك الإمام الباقر عليه السّلام.. شهدَ وقعةَ الجمل وصفّين والنّهروان. وكان
سُلَيم رجلاً كتوماً، سيرته الخفاء، فلم يطّلع عليه بنو أُميّة، حتّى عرفه الحجّاج
فطلبه سنة 75 هجريّة، فهرب منه ومعه كتابه، فساح مُتخفّياً من بلدٍ إلى آخر، حتّى
وصل إلى مدينة (نوبندجان) بالقرب من شيراز ببلاد فارس، وهناك تعرّف إليه أبان بن
أبي عيّاش راوي كتابه، ومرض هناك فتُوفّي سنة 76 هجريّة، عن عمر بلغ 78 عاماً.
أمّا
وثاقته فقد تثبّت عليها المُحقّق من خلال أربعة عشر كتاباً ومؤلِّفاً من الأعلام
الذين عرّفوا بسُلَيم وأثنوا عليه وأكّدوا وثاقته وجلالته، منهم: ابن النّديم في
(الفهرست)، البرقيّ في (رجاله)، العلاّمة الحلّيّ في (خلاصة الأقوال)، الشّيخ
المفيد في (الاختصاص)، الكشّيّ في (اختيار معرفة الرّجال)، النّجاشيّ في (رجاله)،
العلاّمة المجلسيّ في (بحار الأنوار)، السّيّد محسن الأمين في (أعيان الشّيعة)، العلاّمة
الأميني في (الغدير)، والسّيّد الخوئيّ في (معجم رجال الحديث).. وكان في ترجمتهم
لسليم عبارات عالية في المدح والثّناء والتّجليل والتّوثيق.
موضوعات الكتاب
موضوعات
الكتاب، في معظمها حديثيّة، لم يؤلّف فيها أحدٌ قبل سُليم، وهي ثلاثة أقسام:
الأوّل:
الأحاديث الأساسيّة في الاعتقاد: حديث الغدير، وحديث الثّقلين، وحديث
المنزلة، وحديث السّفينة، وحديث باب حِطّة، وحديث الحوض، وحديث سدّ الأبواب، وحديث
الكساء وآية التّطهير، وحديث المباهلة، وحديث الكتف!
الثّاني:
المسائل العقائديّة المهمّة: الفَرق بين الإسلام والإيمان، معنى أنّ النّبيّ
والأئمّة حججُ الله تعالى على النّاس، مَن هم المفسّرون الشّرعيّون للقرآن، من هم
مستحقّو الخلافة، معنى فريضة الولاية، نصوص رسول الله، صلّى الله عليه وآله، على
إمامة الاثني عشر وذكر أسمائهم.. وغيرها.
الثّالث:
المسائل التّاريخيّة المهمّة: حروب رسول الله، صلّى الله عليه وآله، ومواساة
الإمام عليّ وإيثاره وفداؤه النّبيَّ صلّى الله عليه وآله، وإشهاد النّبيّ أصحابه
على ولاية أمير المؤمنين مِن بعده، ومؤامرة المنافقين في محاولتهم قتل النّبيّ
صلّى الله عليه وآله، وأخبار السّقيفة والهجوم المكرّر على دار الزّهراء عليها السّلام..
وغيرها.
* نقلاً عن الموقع الإلكترونيّ لشبكة الإمام الرّضا عليه السّلام.
(بتصرّف)