بُعِث
الرّسول صلّى
الله عليه وآله بالرّحمة،
لا بالعقوق
إنّما سُمُّوا الأبرار لأنّهم برّوا الآباء..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: محمّد ناصر ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموعةٌ مختارة من الأحاديث الشّريفة، تتناول برّ
الوالديْن؛ حَيّين كانا أم ميّتيْن، ومُؤمِنَيْن كانا أم كافِرَيْن، يليها كلامٌ
للفقيه الشّيخ محمّد مهدي النّراقيّ من كتابه (جامع السّعادات) يُوجِزُ أصولَ البِرّ
بالأبوَين.
أدبُ
التّعامل مع الأبوَين، وحدودُه
* عن رسول الله صلّى
الله عليه وآله، في كيفيّة معاملة الأبوَين: «.. وَأَفْضَلُ الخِدْمَةِ خِدْمَتُهُما،
وَأَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِما، وَأَفْضَلُ النَّوْمِ بِجَنْبِهِما».
* الإمام الباقر عليه
السّلام: «ثَلَاثٌ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ عَزَّ وجَلَّ لأَحَدٍ فِيهِنَّ رُخْصَةً؛
أَدَاءُ الأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ والْفَاجِرِ، والْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ لِلْبَرِّ
والْفَاجِرِ، وبِرُّ الْوَالِدَيْنِ بَرَّيْنِ كَانَا أَوْ فَاجِرَيْنِ».
* عن الإمام الصّادق
عليه السّلام: «..وَأَمّا في العِشْرَةِ فَدارِهِما وَارْفُقْ بِهِما، وَاحْتَمِلْ
أَذاهُما بِحَقِّ ما احْتَمَلا عَنْكَ في حالِ صِغَرِكَ، وَلا تُضَيِّقْ عَلَيْهِما
في ما قَدْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْكَ مِنَ المَأْكولِ وَالمَلْبوسِ، وَلا تُحَوِّلْ
وَجْهَكَ عَنْهُما، وَلا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فَوْقَ صَوْتِهِما، فَإِنَّهُ مِنَ التَّعْظيمِ
لِأَمْرِ اللهِ، وَقُلْ لَهُما أَحْسَنَ القَوْلِ، وَالْطُفْ بِهِما، فَإِنَّ اللهَ
لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنينَ».
* وعنه عليه السّلام
لمّا قال له بعضُ أصحابه: إِنَّ أَبِي قَدْ كَبرَ جِدّاً وضَعُفَ فَنَحْنُ نَحْمِلُه
إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ، قال عليه السّلام: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلِيَ ذَلِكَ
مِنْه فَافْعَلْ ولَقِّمْهُ بِيَدِكَ، فَإِنَّه جُنَّةٌ لَكَ غَداً».
* سأل أحدُهم الإمامَ
الرِّضَا عليه السّلام: أَدْعُو لِوَالِدَيَّ إِذَا كَانَا لَا يَعْرِفَانِ
الْحَقَّ؟ فقَالَ عليه السّلام: «ادْعُ لَهُمَا وتَصَدَّقْ عَنْهُمَا. وإِنْ
كَانَا حَيَّيْنِ لَا يَعْرِفَانِ الْحَقَّ فَدَارِهِمَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ: إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي بِالرَّحْمَةِ لَا
بِالْعُقُوقِ».
ثوابُ
البَارّ، وجزاءُ العاقّ
* عن رسول الله صلّى
الله عليه وآله: «ما مِنْ ولدٍ بارٍّ يَنْظُرُ إِلى والِدَيْهِ نَظَرَ رَحْمَةٍ
إلَّا كانَ لَهُ بِكُلِّ نَظْرَةٍ حِجَّةٌ مَبْرورَةٌ، قالوا: يا رسول الله، وإن
نظرَ كلّ يوم مئة مرّة؟ قال: نَعَمْ، اللهُ أَكْبَرُ وَأَطْيَبُ».
* وعنه صلّى الله عليه
وآله: «.. إِنَّما سُمُّوا الأَبْرارَ لِأَنَّهُمْ بَرُّوا الآباءَ وَالأَبْناءَ
وَالإِخْوانَ».
* وعنه صلّى الله عليه
وآله: «يُقالُ للعاقِّ اعْمَلْ ما شِئْتَ فَإِنّي لا أَغْفِرُ لَكَ، وَيُقالُ
للبارِّ اعْمَلْ ما شِئْتَ فَإِنّي سَأَغْفِرُ لَكَ».
* عن أمير المؤمنين عليه
السّلام: «البارُّ يَطيرُ مَعَ الكِرامِ البَرَرَةِ، وَإِنَّ مَلَكَ المَوْتِ يَتَبَسَّمُ
في وَجْهِ البارِّ، وَيَكْلَحُ [يعبس]
في وَجْهِ العاقِّ».
* عن الإمام الصّادق
عليه السّلام: «مَنْ نَظَرَ إِلَى أَبَوَيْهِ نَظَرَ مَاقِتٍ، وهُمَا
ظَالِمَانِ لَه، لَمْ يَقْبَلِ اللهُ لَه صَلَاةً».
قال العلماء
الأخبارُ
في ثواب برّ الوالدَين غير محصورة؛ فينبغي لكلِّ مؤمنٍ أن يكون شديدَ الاهتمام في
تكريمهما وتعظيمهما واحترامهما، ولا يقصِّر في خدمتهما، ويُحسن صُحبتَهما، وألّا يتركهما
حتّى يسألاه شيئاً ممّا يحتاجان إليه، بل يُبادر إلى الإعطاء قبل أن يفتقرا إلى السّؤال،
كما ورد في الأخبار.
وإن
أضجَراه فلا يَقلْ لهما أفٍّ، وإنْ ضرباه فلا يَعبس، ويقولُ لهما: غفرَ اللهُ لكما،
ولا يملأ عينَيه من النّظر إليهما إلَّا برحمةٍ ورقّة، ولا يرفعْ صوته فوقَ صوتهما،
ولا يدَه فوق أيديهما، ولا يتقدّم قدّامَهما، وكلّما بالغَ في التّذلّل والتّخضّع كان
أجرُه أزيدَ وثوابُه أعظم.