الأوقاتُ المختصّة
بإمام العصر صلوات الله عليه
يومُ الجُمُعة، يومُ صاحب الزّمان عجّل الله تعالى فرجه الشّريف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحدّث الشّيخ الطَّبَرسي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال
المحدّث الشّيخ حسين النّوري الطّبَرْسي في الجزء الثّاني من كتاب (النّجم الثّاقب
في أحوال الإمام الحجّة الغائب عجّل الله تعالى فرجه
الشّريف): «الباب الحادي عشر: في ذِكر بعض
الأزمنة والأوقات المختَصّة بإمام العصر صلوات الله عليه، وتكليف الرّعايا فيها بالنّسبة
إليه عليه السّلام. وعددُها ثمانية:
الأوّل:
ليلة القدر، بل اللّيالي الثّلاثة المردّدة بينها. الثّاني: يوم الجمعة. الثّالث: يوم عاشوراء. الرّابع: حينَ اصفرار الشّمس
إلى غروبها في كلّ يوم. الخامس:
عصر الاثنين. السّادس:
عصر الخميس. السّابع:
ليلة النّصف من شعبان، ويومُه. الثّامن: يوم النّوروز».
وفيما
يتعلّق بيوم الجمعة، قال رضوان الله تعالى عليه:
يومُ
الجُمُعة: وهو مختَصٌّ ومتعلِّقٌ بإمام العصر
عليه السّلام من عدّة وجوه:
أحدها:
أنّه كان مولدُه السّعيد عليه السّلام في هذا اليوم.
والآخر:
أنّ ظهورَه عليه السّلام سوف يكونُ في ذلك اليوم أيضاً، والتّرقُّب والانتظار
للفرج في هذا اليوم أكثر من باقي الأيّام، كما صُرّح بذلك في جملةٍ من الأخبار.
بل
إنّ اعتبار يوم الجمعة عيداً من الأعياد الأربعة الحقيقيّة هو بسبب ذلك اليوم الشّريف
الّذي يفرحُ فيه خاصّة المؤمنين، لأنّهم يَرون الأرض قد طَهُرت من رِجس الشِّرك
والكُفر، ودَنَس المعاصي، ووجود الجبّارين والمُلحدين والكافرين والمنافقين، ويَرَون
ظهور كلمة الحقّ وإعلاء الدّين وشرائع الإيمان وشعائر المسلمين بلا منافسٍ ومعارضٍ
من أعداء الله وأعداء أوليائه.
بل
إنّ الجمعة من الأسماء المباركة لإمام العصر عليه السّلام، أو إنّها كنايةٌ عن شخصِه
الشّريف، أو إنّه السّببُ في تسمية الجمعة بالجمعة.
روى
الشّيخ الصّدوق في (الخصال) أنّ الإمام الهادي عليه السّلام قال في شرح الحديث المَرويّ
عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «لا تُعَادُوا الأيَّامَ فَتُعَادِيكُم»، قال:
«الأيّامُ نَحْنُ..»، إلى أن قال عليه السّلام: «والجُمُعَةُ ابنُ إبنِي،
وَإلَيهِ تَجْتَمِعُ عِصَابَةُ الحَقِّ».
ورَوى
الحسين بن حمدان في كتابه عن الحسن بن مسعود، ومحمّد بن الخليل، قال: «دَخلنا على
سيِّدنا أبي الحسن عليّ بن محمّد (الهادي) عليهما السّلام بسامرّاء، وعندَه جماعةٌ
من شيعتِه، فسألناه عن أسعدِ الأيّام، وأنحَسِها.
فقال:
«لا تُعادُوا الأيَّام فَتُعَادِيكُم». وسألناه عن معنى هذا الحديث، فقال:
«مَعْناهُ
بَين ظَاهِرٍ وبَاطِنٍ. إنَّ السَّبْتَ لَنا، والأَحَدَ لِشِيعَتِنا، والاثنينَ لِبَنِي
أُمَيّة، والثُّلاثاء لِشِيعَتِهِم، والأَربعاء لِبَنِي العَبَّاس، والخَميس لِشِيعَتِهِم،
والجُمعة للمؤمنين. [عيدٌ للمُسْلِمِين]
والبَاطِن:
إنَّ السَّبت جَدِّي رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والأحد أميرُ المُؤمنين
عليه السَّلام، والاثنين الحَسَن والحُسَين عليهما السّلامُ، والثُّلاثاء عليّ بن
الحسين ومحمّد بن عليّ وجَعفر بن مُحمّدٍ عليهم السَّلام، والأربعاء مُوسى بن جعفر،
وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وأنا. والخميس ابني الحَسَن.
والجُمُعة
ابنُه الّذي تَجْتَمِعُ فيه الكَلِمة، وتتمُّ بِهِ النِّعْمَةُ، ويُحِقُّ اللهُ
الحَقَّ، ويُزْهِقُ البَاطِلَ، فهو مَهْدِيُّكُم المُنْتَظَر، ثمّ قَرأ: بِسمِ
الله الرَّحمن الرَّحيم، ﴿بَقِيَّةُ اللهِ خَيرٌ لَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين..﴾
هود:86.
ثمّ
قَال لَنا: واللهِ، هُوَ بَقِيَّةُ الله».
من أعمال يوم الجمعة
المرتبطة بالإمام المهديّ عليه السّلام
1- دعاء بعد صلاة الفجر من يوم الجمعة:
قال العلّامة المجلسيّ في (البحار): «فإذا صلّيتَ الفجرَ يومَ الجُمعة، فابتدئ
بهذه الشّهادة، ثمّ بالصّلاة على محمّد وآله، (والدُّعاء طويل وبعض فقراته متعلّقة
بإمام العصر عليه السّلام، وهي):
«..أللّهُمَّ وَكُنْ لِوَلِيِّكَ فِي خَلْقِكَ وَلِيّاً
وَحَافِظاً وَقائِداً ونَاصِراً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وتُمَتِّعَهُ
منها طُولاً، وتَجْعَلَهُ وذُرِّيَّتَهُ فِيها الأئِمّةَ الوارِثِين، واجْمَعْ لَهُ
شَمْلَهُ وأَكْمِلْ لَهُ أَمْرَهُ، وأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ، وثَبِّتْ رُكْنَهُ،
وأَفْرِغِ الصَّبْرَ (النَّصْرَ) مِنْكَ عَلَيهِ حَتّى يَنْتَقِمَ فَيَشْتَفِيَ ويَشْفِيَ
حَزازاتِ قلوبٍ نَغِلَة، وحَراراتِ صُدُورٍ وَغِرَة، وحَسَراتِ أَنْفُسٍ تَرِحَة،
مِنْ دِماءٍ مَسْفُوكةٍ، وأرْحَامٍ مَقطُوعةٍ، وطَاعَةٍ مَجْهولةٍ، قَد أَحْسَنْتَ
إليهِ البَلاءَ، وَوَسَّعْتَ عليهِ الآلاءَ، وأَتْمَمْتَ عليهِ النَّعْمَاءَ، فِي
حُسْنِ الحِفْظِ مِنْكَ لَهُ.
أللَّهُمّ اكْفِهِ هَوْلَ عَدُوِّهِ،
وأَنْسِهِم ذِكْرَهُ، وأَرِدْ مَنْ أَرادَهُ، وكِدْ مَنْ كَادَهُ، وامْكُرْ بِمَنْ
مَكَرَ بِهِ، واجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوءِ عَليهِم، أللَّهُمّ فُضَّ جَمْعَهُم، وفُلَّ
حَدَّهُم، وأَرْعِبْ قُلوبَهُم، وزَلْزِلْ أَقْدامَهُم، واصْدَعْ شَعْبَهُم، وشَتِّتْ
أمْرَهُم، فإنَّهُم أضاعُوا الصَّلواتِ، واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، وعَمِلُوا السّيِّئاتِ،
واجْتَنَبُوا الحَسَناتِ، فخُذْهُم بالمَثُلاتِ وأَرِهِمُ الحَسَراتِ، إنّكَ على
كلِّ شيءٍ قديرٌ».
2- زيارة للحجّة صلوات الله عليه في يوم
الجمعة، ذكرَها السّيّد ابن طاوس في (جمال
الأسبوع) [تجِدها أيضاً في مفاتيح الجنان]:
«السَّلامُ
عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله فِي أَرْضِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الله فِي
خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ المُهتَدونَ،
ويُفَرَّجُ بِهِ عَنِ المُؤْمِنِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها المُهَذَّبُ
الخائِفُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الوَليُّ النّاصِحُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا
سَفِينَةَ النَّجاةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الحَياةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ،
صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين.
السَّلامُ
عَلَيْكَ، عَجَّلَ اللهُ لَكَ ما وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَظُهُورِ الأمْرِ،
السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ، أَنا مَوْلاكَ عَارِفٌ بِأُولاكَ وأُخْراكَ،
أَتَقَرَّبُ إِلى اللهِ تَعالى بِكَ وَبِآلِ بَيْتِكَ، وَأَنْتَظِرُ ظُهُورَكَ
وَظُهُورَ الحَقِّ عَلى يَدَيْكَ، وَأَسْأَلُ الله أَنْ يُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ
وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ المُنْتَظِرِينَ لَكَ وَالتَّابِعِينَ
وَالنَّاصِرِينَ لَكَ عَلى أَعْدائِكَ، وَالمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي
جُمْلَةِ أَوْلِيائِكَ.
يا
مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ، صَلَواتُ الله عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ، هذا
يَوْمُ الجُمُعَةِ وَهُوَ يَوْمُكَ المُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ وَالفَرَجُ
فِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلى يَدَيْكَ، وَقَتْلُ الكافِرِينَ بِسَيْفِكَ، وَأَنا يا
مَوْلايَ فِيهِ ضَيْفُكَ وَجَارُكَ، وَأَنْتَ يا مَولايَ كَرِيمٌ مِنْ أَوْلادِ
الكِرامِ، وَمَأْمُورٌ بِالضِّيافَةِ وَالإجارَةِ، فَأَضِفْنِي وَأَجِرْنِي
صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ».
وقالَ
السَّيِّد ابن طاوس عليه الرّحمة بعد نقل هذه الزيارة: «وها أَنا أتمثَّلُ بعد
هذهِ الزّيارة، وأقول بالإشارة:
نَزيلُكَ حَيْثُ ما اتَّجَهَتْ
رِكَابِي * وَضَيْفُكَ حَيْثُ كُنْتُ مِنَ البِلادِ»
3- ويُستحبّ أيضاً قراءة «دعاء النّدبة»
المعروف، وهو متعلّقٌ به عليه السّلام، وفي
الحقيقة إنّ مضامين هذا الدّعاء تُحرِقُ القلوبَ وتُقطِّعُ الأكبادَ وتُجري الدّماءَ
من آماقِ الّذين شربوا قليلاً من شراب محبّتِه عليه السّلام، ووصلت مرارةُ سمِّ
فراقِه إلى حلوقِهم.
4- الصّلوات مائة مرّة: وعن السّيّد
ابن طاوس أيضاً أنّ أفضل الأعمال في يوم الجمعة قولُ: «أللَّهُمَّ صَلِّ
عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُم» مائة مرّة بعد صلاة العصر.
5- أدعية يوم الجمعة، وتعقيبات فرائضه:
وقد جاء في كثيرٍ من أدعية يوم الجمعة طلبُ النّصرة وتعجيلُ الفرج والظّهور. وفي
أوّل دعاء تعقيب ظهر يوم الجمعة: «أللّهُمّ
اشْتَرِ مِنّي نَفْسِي المَوقُوفَةَ عَلَيْكَ، المَحْبُوسَةَ لِأَمْرِكَ بِالجنّةِ
مَع مَعْصُومٍ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، مَحْزُونٌ
لِظُلَامَتِهِ، مَنْسُوبٌ بِوِلَادَتِهِ، تَمْلَأُ بِهِ الأَرْضَ عَدْلَاً وَقِسْطَاً
كَمَا مُلِئَتْ جَوْرَاً وَظُلْمَاً..».
[هذا الدعاء مرويّ عن الإمام زين
العابدين عليه السّلام في مصباح المتهجّد، وعنه السيد ابن طاوس وآخرون]