حُكم مصر، يُلحِق عمرو بن العاص بمعاوية
قيل
لمعاوية إنَّ عمرو بن العاص دُوَيهَةُ العرب، فإذا أردتَ الحكومة والغَلَبة على
عليّ بن أبي طالب فعليكَ به. فكتبَ إليه يَستدعيه إليه ويستعطفُه ويَعِدُه
المواعيدَ إنْ هو وافقَه على قتال أمير المؤمنين عليه السّلام، ويَذكر ما جرى على
عثمان، فكتبَ إليه ابنُ العاص [وكان
كارهاً للالتحاق بمعاوية في بدو أمره]:
أمّا بَعدُ فَإنِّي قرَأتُ كِتابَكَ وَفَهمِتُهُ، فَأمّا
ما دَعَوتَنِي إلَيهِ مِن خَلعِ رِبْقَةِ الإسلامِ مِن عُنُقِي، وَالتَّهَوُّنِ
مَعَك في الضَّلَالَةِ، وَإِعانَتِي إيَّاكَ عَلى البَاطِلِ وَاختِراطِ السَّيفِ
في وَجهِ أمير المؤمنين عليّ بنِ أبي طالِبٍ، فَهُوَ أخُو رَسُولِ اللهِ صلّى
اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَوَلِيُّهُ، وَوَصِيُّهُ، وَوارِثُهُ ".." .
وَأمّا قَولُكَ إنَّكَ خَلِيفَةُ عُثمَانَ، فَقَدْ
عُزِلْتَ بِمَوتِهِ وَزالَتْ خِلَافَتُكَ، وَأمّا قَولُكَ إنّ أمير المؤمنين أشلَى
الصَّحابَةَ عَلى قَتْلِ عُثْمَانَ، فَهُوَ كَذِبٌ وَزُورٌ وَغَوايَةٌ. وَيْحَكَ
يَا مُعاوِيْةُ! أما عَلِمْتَ أنّ أبَا الحَسَنِ بَذَلَ نَفسَهُ للهِ تعالى،
وَباتَ عَلى فِراشِ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقالَ
فِيهِ: مَن كُنتُ مَولَاهُ فَعَليٌّ مَولاهُ؟ فَكِتابُكَ لا يَخدَعُ ذا
عَقلٍ، وَذا دِينٍ، والسَّلامُ.
فلمّا قرأ معاويةُ كتابَه، قال له عُتبة بن أبي سفيان:
لا تَيْأس منه ورغِّبه في الولاية، وأشرِكه في سلطانك. لذلك لمّا أرسلَ إليه رسالةً
أخرى ومعها عهدُه إليه بحكومة مصر، ولمّا رأى عمرو أنّه سيكون حاكماً لمصر، مالَ
قلبُه إلى معاوية فتحرّك تلقاءَ الشّام لمبايعة معاوية وقتال أمير المؤمنين عليّ
بن أبي طالب عليه السّلام.
(معرفة
الإمام للسيد الطهراني: ج 2، ص 240، نقلاً عن سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواصّ:
ص49-50)
بُصْرى
بُصْرى: بالضَّمّ والقَصْر، في موضعَين:
الأوّل: بُصرى الشّام، وهي مدينة صغيرة في
محافظة درعا السّوريّة، تقع في قلب منطقة بركانيّة سوداء، تبعد عن درعا حوالي 41
كلم، وعن دمشق 141 كلم، وترتفع عن سطح البحر 850 كلم، ويبلغ عدد سكّانها اليوم
قرابة 40 ألف نسمة.
كانت في القرن الميلادي الأوّل من أهمّ
مدن الأنباط، وأصبحت في العهد الرّوماني عاصمة ولاية عربيّة ذات استقلال ذاتي
ومجلس شيوخ. بقيت تحت حكم الرّومان حتّى القرن الخامس، واحتلّها الفرس سنة 614 م
لفترة وجيزة.
كانت قوافل قريش في الجاهليّة تمرّ ببُصرى
الشّام في رحلة الصّيف، وقد زارها رسول الله صلّى الله عليه وآله مرّتين: الأولى
مع عمّه أبي طالب عليه السّلام، وكان عمره اثنتَي عشرة سنة تقريباً، وفيها التقى
الرّاهب بُحَيرا. والثّانية مع مَيسرة خادم السّيّدة خديجة عليها السّلام، وله صلّى
الله عليه وآله من العمر خمس وعشرون سنة تقريباً.
فُتحت بُصرى الشّام على أيدي المسلمين
عام 13 للهجرة (634 م)، وصالح المسلمون أهلَها بشروط بسيطة، وكانت أوّل مدينة يتمّ
فتحُها في بلاد الشّام.
من أهمّ آثارها: «جامع مَبْرَكِ
النّاقة» الذي يُقال إنّ ناقة النّبيّ صلّى الله عليه وآله بَرَكَتْ في موضعِه، ودير
الرّاهب بُحَيرا.
الثّاني: وبُصْرى أيضاً: من قُرى بغداد قرب عُكْبَرَاء، وإليها
يُنسَب أبو الحسن محمّد بن خلف البَصرويّ، قرأ الكلام على الشّريف المرتضى.
وعُكبراء المذكورة، موطنُ الشّيخ المفيد رضوان الله عليه.
(مصادر)