بصائر

بصائر

منذ 0 ساعة

حقيقةُ التَّصَدُّق


حقيقةُ التَّصَدُّق

«إذَا أملَقْتُم تَاجِروا اللهَ بالصَّدَقة»

ـــــــــــــــــــــــــ المرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني دام ظلّه ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عن خصائص الصّدَقة وآثارها العبادية والمعنوية والاجتماعية اخترنا، في ما يلي، هذا النصّ للمرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني. يليه عشر مسائل فقهية متعلّقة بها.

نشير إلى أن هذا النصّ مقتطف من رسالته العمليّة (هداية العباد).

«شعائر»

 

تواترت النّصوص على ندب الصّدقة والحثّ عليها، [لا سيّما] في أوقات مخصوصة كالجُمعة وعَرَفة وشهر رمضان، وعلى طوائف مخصوصة كالجيران والأرحام، بل ورد في الخبر: «لَا صَدَقَةَ وَذُو رَحِمٍ مُحْتاجٌ».

- وهي دواءُ المريض، ودافعةُ البلاء وقد أُبرم إبراماً، وبها يُستنزَل الرّزق ويُقضى الدَّيْن، وتخلف البركة، وتزيدُ في المال، وبها تُدفَع ميتةُ السّوء، والدّاء، والحَرَق، والغَرَق، والهَدم، والجنون، إلى سبعين باباً من السّوء.

- وبها في أوّل كلّ يومٍ يُدفَع نحوسةُ ذلك اليوم وشرورُه، وفي أول كلّ ليلة تدفع نحوسة تلك اللّيلة وشرورها.

- ولا يُستَقلّ قليلُها، فقد ورد: «تَصَدَّقوا وَلَوْ بِقَبْضَةٍ أَوْ بِبَعْضِ قَبْضَةٍ، وَلَوْ بِشقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».

- وَلا يستكثَر كثيرُها فإنّها تجارةٌ رابحة، ففي الخبر: «إِذا أَمْلَقْتُمْ تَاجِروا اللهَ بِالصَّدَقَةِ».

- وفي خبرٍ آخر أنّها خيرُ الذّخائر، وفي آخَر «إِنَّ اللهَ تَعالى يُرْبِي الصَّدقاتِ لِصَاحِبِها حَتّى يَلْقاها يَوْمَ القِيامَةِ كَجَبَلٍ عَظيمٍ».

 

 

مسائل فقهيّة في الصّدَقة

مسألة 1) يعتبَر في الصّدقة قصدُ القُربة، والأقوى أنّه لا يُعتبَر فيها العقدُ المشتمل على الإيجاب والقبول كما نُسب إلى المشهور، بل تكفي المعاطاة، فتتحقّق بكلّ لفظٍ أو فعلٍ من إعطاءٍ أو تسليطٍ قُصد به التّمليك مجّاناً مع نيّة القُربة، ويُشترَط فيها الإقباضُ والقَبض، وبعد القبض تكون لازمةً لمكان قصد القربة.

مسألة 2) لا يجوز الرّجوع في الصّدقة بعد القبض، وإنْ كانت على أجنبيٍّ على الأصحّ.

مسألة 3) تحلّ صدَقة الهاشميّ لمثله ولغيره مطلقاً، حتّى الزّكاة المفروضة والفِطرة. وأمّا صَدَقة غير الهاشميّ للهاشميّ فتحلّ في المندوبة، وتحرم في الزّكاة المفروضة والفِطرة، وأمّا المفروضة غيرهما؛ كالمظالم، والكفّارة، ونحوها، فالأحوط عدم إعطائها لهم وتنزّهُهم عنها.

مسألة 4) يعتبر في المُتصدِّق البلوغ والعقل وعدم الحجر لفَلَسٍ أو سَفَه. نعم في صحّة صدقة مَن بلغ عشر سنين وجه، لكنّه لا يخلو عن إشكال.

مسألة 5) لا يعتبَر في المُتصدَّق عليه في الصّدقة المندوبة الفقر ولا الإيمان، بل ولا الإسلام، فيجوز على الغنيّ، وعلى المخالف، وعلى الذّمّي، وإنْ كانا أجنبيَّين. نعم لا يجوز على النّاصب ولا على الحربيّ وإن كانا قريبَين.

مسألة 6) الصّدقة المندوبة سرّاً أفضل، فقد وردَ أنّ صدقة السّرّ تُطفئ غضبَ الرّبّ وتُطفىء الخطيئة كما يُطفي الماء النّار، وتدفع سبعين باباً من البلاء.

وفي خبرٍ آخر عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلّا ظِلُّهُ - إلى أن قال - وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفاها حَتّى لَمْ تَعْلَمْ يَمينُهُ ما تُنْفِقُ شِمالُهُ».

نعم، إذا اتُّهم بترك المواساة فأراد دفع التّهمة عن نفسه أو قصد [اقتداء] غيره به، لا بأس بالإجهار بها ولم يتأكّد إخفاؤها. هذا في الصّدقة المندوبة، وأمّا الواجبة فالأفضل إظهارُها مطلقاً.

مسألة 7) يستحبّ المساعدة والتّوسّط في إيصال الصّدقة إلى المُستحقّ، فعن مولانا الصّادق عليه السّلام: «لَوْ جَرَى المَعْروفُ عَلى ثَمانين كَفّاً لَأوجِروا كُلُّهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ صاحِبُهُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئاً».

بل في خبر آخر عن النّبي صلّى الله عليه وآله أنّه قال في خطبةٍ له: «مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَنْ رَجُلٍ إِلى مِسْكينٍ كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَلَوْ تَداوَلَها أَرْبَعونَ أَلْف إِنْسانٍ ثُمَّ وَصَلَتْ إِلى المِسْكينِ كانَ لَهُمْ أَجْرٌ كامِلٌ».

مسألة 8) يُكرَه كراهة شديدة أن يتملّك من الفقير ما تصدّق به بشراء أو اتّهاب أو بسببٍ آخر، بل قيل بحرمته. نعم لا بأس بأن يرجع إليه بالميراث.

مسألة 9) يكره ردّ السّائل ولو ظنّ غناه، بل [يُعطيه] ولو شيئاً يسيراً، فعن مولانا الباقر عليه السّلام: «أعْطِ السّائِلَ وَلَوْ كانَ عَلى ظَهْرِ فَرَسٍ».

وعنه عليه السّلام، قال: «كانَ فيمَا ناجى اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، بِهِ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: يَا مُوسَى أَكْرِمِ السّائِلَ بِبَذْلٍ يَسيرٍ أَوْ بِرَدٍّ جَميلٍ».

مسألة 10) يكره كراهة شديدة السّؤال من غير احتياج، بل مع الحاجة أيضاً، وربّما يُقال بحرمة الأوّل ولا يخلو من قوّة، فعن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَنْ فَتَحَ عَلى نَفْسِهِ بابَ مَسْأَلَةٍ، فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بابَ فَقْرٍ».

وعن مولانا الصّادق عليه السّلام، قال: «قالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ: ضَمِنْتُ عَلى رَبِّي أَنَّهُ لا يَسْأَلُ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ حاجَةٍ، إِلّا اضْطَرَّتْهُ المَسْأَلَةُ يَوْماً إِلى أَنْ يَسْأَلَ مِنْ حاجَةٍ».

وعن مولانا الباقر عليه السّلام: «لَوْ يَعْلَمُ السّائِلُ ما في المَسْأَلَةِ ما سَأَلَ أَحَدٌ أَحَدَاً، وَلَوْ يَعْلَمُ المُعْطي ما في العَطِيَّةِ ما رَدَّ أَحَدٌ أَحَداً». ثم قال عليه السّلام: «إِنَّهُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ بِظَهْرِ غِنًى، لَقِيَ اللهَ مَخْموشاً وَجْهُهُ يَوْمَ القِيامَةِ». [ظَهرُ الغِنى: بمعنى كونه متمكّناً غير محتاج ماليّاً]

وفي خبرٍ آخَر: «مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيْر فَقْرٍ فَإِنَّما يَأْكُلُ الجَمْرَ».

وفي خبرٍ آخَر: «مَنْ سَأَلَ النّاسَ وَعِنْدَهُ قوتُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ القِيامَةِ وَلَيْسَ عَلى وَجْهِهِ لَحْمٌ».

وفي آخر، قال أبو عبد الله عليه السّلام: «ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ (اللهُ) إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ وَلا يُزَكّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ: الدَّيّوثُ، وَالفاحِشُ المُتَفَحِّشُ، وَالّذي يَسْأَلُ النّاسَ وَفي يَدِهِ ظَهْرُ غِنى».

 

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ 0 ساعات

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

  إصدارات عربيّة

إصدارات عربيّة

منذ 0 ساعات

إصدارات عربيّة

نفحات