الباحث الإسلامي د. عدنان إبراهيم متحدّثاً عن التشبيه والتجسيم:

ابن تيميّة الحرّاني يكذب، ويعبدُ وَثَناً

_____ إعداد: «شعائر» _____

س: بدايةً، وقبل الخَوض في موضوع التّجسيم والتّشبيه لله عزَّ وجلَّ، نقرأ في سورة التّوحيد: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، ما معنى «أحد»؟

طبعاً من لم يقرأ أو يسمع أو يطالع شيئاً بخصوص موضوع التّجسيم والتّشبيه قد يُعرب عن استنكارٍ بداهةً، أن يكون في المسلمين مَن وقع في التشبيه أو في التّجسيم في حقّ الباري تبارك وتعالى، وبحقّ أسمائه وصفاته وما ينبغي له، مع أنّنا نسمع ونتلو القرآن ليلَ نهار، ومن أكثر ما يحفظ المسلمون سورة الإخلاص حيث ورد فيها: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾، وهي سورة مُحكَمَة، وألفاظها مُحكَمة من أوّلها إلى آخرها.

«هو» هنا ضمير الشأن. لا يُمكن أن تأتي مبتدأ. مثال على ذلك: «هي الأيّام إنْ سالَمْتَها سالمتْكَ». «هي» هنا ضمير الشأن، ويُسمّى ضمير الحكاية، أو ضمير القصّة. القصة هي أنّ الله أحد.

يوجد فرق بين «أحد»، و«واحد»، وعلى الأقل المقدار المتّفق عليه بين العلماء - علماء العقيدة وعلماء اللّغة - أنّ «أحد» يشي بالتفرّد الكامل التامّ. يعني ليس كمثله أيّ أحدٍ آخر أبداً، متفرّد تفرّداً مطلقاً، فلو سأل سائل: ما هو وجه تفرّده؟ قال: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾. سورة عجيبة مخيفة، وحيدٌ ليس له ثانٍ، الذي تصمدُ له الخلائق كلّها في حوائجها؛ أكبر منافق وعاتٍ تجده حين تحكمه الظروف، وتصبح القلوب لدى الحناجر -  كما يقال - تجده يصرخ ويستغيث: «يا الله، يا الله».

ثمّ قال تعالى: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾، وهذا وجهُ أحديّته، هو الوحيد الذي هو كذلك، لا إله إلّا هو، فعلاً، والوحيد الذي ليس له كفواً أحد هو ربّ العالمين. لا أحد يُشبهه ولا يُشبه أحداً، ولا من أيّ وجهٍ من الوجوه.

س: ما هو المدخل إلى التّجسيم والتّشبيه، وأين كان منشأ هذا المعتقد الباطل؟

المجسّمة والمشبّهة، للأسف الشديد، تهوّروا وتخبّطوا، يقول لك أحدهم: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ في الجملة، لكن في تفاصيل بعض صفاته وأسمائه ممكن أن يكون له شبيه - استغفر الله العظيم – ويقول: هكذا نفهمُها، يجب على المرء أن يستخدم عقله، فينفع أن نقول أنّ الماء ليس كالنّار، النّار ماهيّة، والماء ماهيّة، ماهيّتان مختلفتان، ومع ذلك هذا جرم وهذا جرم، معناها اشتركوا في الجرميّة، هذا فيه طاقة، وهذا فيه طاقة، هذا مركّب وهذا مركّب، إلخ.. يشتركان في أمور كثيرة، ويختلفان في بعضها. لذلك نقول بالفصل. ما الذي يفصل ماهيّة عن ماهيّة؟ هذا فصلَها، يجعلها نوعاً بحياله في المنطق.

هذا رأي المشبّهة والمجسّمة، وللأسف من المتأخّرين الذين نصروه وظنّوه رأياً حصيفاً وذكيّاً «شيخ الإسلام» ابن تيميّة الحرّاني، للأسف، في كلّ كُتبه، لكن يذكر عنه دفاعاً مطوّلاً في المجلّد الأوّل من تسعة مجلّدات (بيان موافقة صحيح المعقول لصحيح المنقول). قال: ما الذي يمنع أن نقول أنّ الله جسم لا كالأجسام؟ يقول: هو جسمٌ لا كالأجسام، ويقول: من أين لك أنّ الله ليس بجسمٍ، أحضِر دليلاً.

يقول: نعم إنّ الله يختلف عن خَلْقه كإله، طبعاً في الجملة، لكن هناك أشياء معيّنة، كما الخشب يختلف عن الحديد، هذا خشب وهذا حديد، ولكن كلاهما جِرم، وكلاهما جوهر وله أعراض وله وزن إلخ... ولكن هذا خشب وهذا حديد، وهذا ربّ النّاس وهؤلاء النّاس والخلق، نختلف في أشياء ونتّفق في أشياء.

كلام خطير، وهذا مدخل التّشبيه والتّجسيم، للأسف.

لذلك أقول دائماً: لا تتّبعوا الرّجال على أسماعهم، ابن تيميّة شيخ الإسلام، ولكن هذا لا يعني أنّ كلّ الكلام الذي قاله صحيح ونوافقه عليه، كما يفعل الآن بعض العلماء، وكأنّ ابن تيميّة رسول النّبيّ، مبعوث معصوم، تقريباً كلّ ما قاله وكلّ ما كتبه يردّدونه باستنساخيّة فظيعة ومدهشة جداً، وكأنّ الله لم يخلق رجلاً غيره. يا أخي عنده في العقيدة أخطاء فظيعة، لو تَلْقى اللهَ عليها، فالله يُعينك على حالك، لكن هو عليه باجتهاده، هكذا أوصله عقلُه. ابن تيميّة خاض في أشياء أكّد لنا بها أن علمه أكبر من عقله، خاض في أشياء لم يكن يفهمُها فهماً دقيقاً، وتناقض فيها تناقضات فظيعة، وبعض النّاس كفّروه، وأصرّوا على تكفيره، ومن هم؟ هم شيوخ إسلام، ليسوا علماء عاديّين، مشايخ إسلام كبار جدّاً، وقد كتبوا محاضرَ في تكفيره، طبعاً ابن تيميّة مات في السّجن.

س: قوله تعالى: ﴿.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..﴾، ما هو وجه استعمال (كمثله) وليس (مثله)؟

لو افترضنا أنّ الله تعالى أفنى خلقه كلّهم، وأبقى شيئاً واحداً من خلقه، حجراً أو إنساً أو جِنّاً، وأفنى كلّ أعراضه وصفاته، وأبقى له صفة واحدة تعطيه الحقّ في الوجود، هل هذا الشيء يشبه الله أو لا يشبهه؟ الجواب: لا يشبهه. لذلك ينبغي أن نفهم هذه الآية ونظائرها بهذا النّحو، فالقرآن الكريم حين قال: ﴿.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..﴾ الشورى:11، أراد إيصال هذا المعنى الدقيق جدّاً لنا.

قد يقول بعضهم: كان حقّ الآية أن تكون: ليس مثله شيءٌ، يعني ليس شيءٌ مثله، الله تعالى لم يقل ذلك، ولكن قال: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ﴾، يعني هذه مبالغة واضحة صريحة في نفي المشابهة والمثليّة أو التماثل.

كأنّ الله تعالى يقول: لو افترضت، وفرضُ المحال ليس بمحال، مع أنّه محال طبعاً في ذاته، والقضيّة الشرطيّة تصحّ بغضّ النظر عن وقوع مشروطها، وهذا ثابت في اللّغة والمنطق، والقرآن الكريم أعطانا أمثلة كثيرة: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا..﴾ الأنبياء:22، هل يمكن أن يكون هناك آلهة غير الله سبحانه وتعالى؟ الجواب: مستحيل لغيره أو لذاته. لذاته، أقوى أنواع المستحيل، ومع ذلك تصحّ القضيّة، والله عزّ وجلّ بيّن الجواب: سوف يكون هناك فساد في الكون، وهي قضية صحيحة عقلاً، مع أنّ وقوع المشروط مستحيل لذاته، فكأنّ الله سبحانه يريد أن يقول: لو فُرِض أنّ لي مَثَلاً، وهذا محال، فهذا المثيل لي، لا يُماثله شيء في الوجود، فكيف أنا بذاتي؟

لم يقل تبارك وتعالى: ليس مثله شيء، ولكن قال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ﴾. طبعاً هذه طريقة معتمدة في كلام العرب وبيانهم؛ يقولون - وهو تعبير بليغ: «ليس مثله مَن يخون»، لم يقولوا: «لا يخون مثله».

﴿..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ يجب أن ننطلق من هنا. ولكن للأسف لم يحصل هذا، بل جُعل المحكم متشابهاً.

عندك قرآن محكم، تتركه وتذهب للمتشابه، ﴿..فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ..﴾ آل عمران:7.

عندك آيات محكمات، رُدّ – إذاً - المتشابه إلى المحكم:

﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ الإخلاص:4.

﴿..هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ مريم:65.

﴿..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..﴾ الشورى:11.

﴿.. وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..﴾ الروم:27.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ الصافات:180.

الله تعالى يَجِلّ عن كلّ وصف، ويدقّ عن كلّ نعت، لا إله إلّا هو. فالواضح أنّه محكَم. رُدَّ إليه كلّ متشابه. للأسف الذي فعله هؤلاء، وبعضهم - كابن تيميّة - يعني بطريقة ما لعبوا بالمُحكم، فأخرجوه عن إحكامه، يقول لك: «ممكن أنّ الله يشبه أشياء، وتُشبهه أشياء من وجوه أخرى، ويبقى هو إلهاً وتبقى هي حوادث مبتدعة، مخلوقة لله».

لا! الله عزّ وجلّ لا يُشبه شيئاً، ولا يُشبهه شيء من أيّ وجه، ومن كلّ وجه، هذا الذي نفهمه وهذا الذي نحن عليه بفضل الله تعالى.

س: مَن الذي خالف في هذه العقيدة؟

للأسف بعض الحنابلة، الذين ينتسبون للإمام أحمد بن حنبل. تخيّل، ينتسبون إليه وشانوا مذهبه وبشّعوا طريقته، وقالوا: هذا مذهبه وهذا دينه، وهذا مذهب السَّلَف الصالحين، هل القول بهذه الأشياء هو مذهب السَّلف الصالحين؟ الآن ستسمعون أشياء فظيعة.

أحدهم وهو مؤلّف كتب في العقيدة، يعلّمك عقيدتك، ويعلّمك كيف تعتقد بالله، قال: «أخلوني -وفي رواية: اعفوني - من اللّحية والفرج، وأتوني بأيّ صفة أُثبتها لكم في حقّ الله من الكتاب والسُّنّة. عينٌ تليق بجلاله، فخذٌ يليق بجلاله، ضَحِكٌ يليق بجلاله، مَلَلٌ يليق بجلاله». شيء مخيف. اللهم غفرانك، استغفر الله العظيم.

إمام ثانٍ من الحنابلة كتب، قال: «الله عزّ وجلّ فوق عرشه، بمماسّة وبمحاذاة – يعني يمسّ عرشه - وقال: الله عنده حدّ من السّفل، هذا الحدّ الذي يلامس به العرش، ومن فوق عنده حدّ كبير لا يعلمه إلّا هو»، مَن قال بهذا؟ ابن تيميّة!

قال أيضاً: «إنه محدود، لكن كبير»، أستغفر الله، وهؤلاء مجسّمة الحنابلة، يقولون: «عندما تقول لي إنّ الله ليس له حدّ، ليس له نهايات، لا ينفصم، لا يتّصل بالكون وبالأجسام، لا داخل العالم، ولا خارج العالم.. يقول: يعني أنت تضحك عليّ، أنت تدلّني على عدم. قال: هذا العدم بذاته. هذا كلام فارغ بذاته. هذا الفراغ والخلوّ العقلي».

لكن لمّا آمن هؤلاء، وفيهم ابن تيميّة، للأسف الشديد، لمّا آمنوا أن الله يتّصل وينفصل بطريقةٍ ما، وعنده حدود، وعنده مكان، ومستوٍ على عرشه فيه، اضطرّوا إلى القول أنّه جسم لا كالأجسام.

وأنا أقول لكم: هذا تمويه، ونوع من الخداع، لا تقل لي جسم لا كالأجسام، كلامك غير صحيح، هو في اعتقادك أو لازم قولك جسمٌ كالأجسام، رغماً عنك، لماذا؟ لأنّك أثبتّ لله حدوداً، واتّصالاً وانفصالاً ومماسّة، وأنّه خارج العالم، تتحدّث عن جسم. لأنّه لا يُمكن فهم الخارجيّة والانفصال، البينونة بالمعنى الجسمي، بمعزل عن المفهوم المعروف المقرّر للجسم والجسميّة.

في كتب الحنابلة طامّات، طامّات رهيبة، وإلى الآن لا تزال تطبع هذه وتدرّس في الجامعات الإسلاميّة، تقرأها يقشعرّ بدنك، لا تصدّق ما تقرأ، أشياء عجيبة، يعني أي كتاب فيه أكثر من خمسين موضعاً، يقول لك: «عقيدة الإقعاد، لا تنكروا أنّه يقعد». استغفر الله العظيم. ابن القيّم أثبتها وتحيّز لها في (النّونيّة) وفي (الصواعق)، مع أنّه لم يصحّ فيها نصّ واحد، وهذا بشهادة أحد هؤلاء المعاصرين، الألباني، يقول لك: «لا هذا لم يصح عن مجاهد، وهو كذب عليه، هذا المستحيل». لكن ابن القيّم يقول لك: «لا، هذا نأخذ به وهو جيّد».

بعض هؤلاء الحنابلة يقول: «هذا أَقَرُّ حديثٍ لأَعيُننا»، واحد أحمق فيهم متهتّك اسمه أبو إسماعيل، قال: «مَن أنكر هذا فقد أنكر فضيلة محمّد، ومن أنكر فضل محمد فقد كفر، وهو مرتدّ». أوتي من عقله الرّجل. ما هي هذه الفضيلة؟ أنّ الله يوم القيامة يضع عرشه، ويقعد عليه، فيفضل عن يمينه قيد أربعة أصابع - فيقعد عن يمينه محمّد صلّى الله عليه [وآله] وسلّم – يقول: هذه فضيلة كبيرة للنبيّ!! هؤلاء يعبدون وَثَناً، ويُقنعون أنفسهم أنّه ربّ العالمين وربّ القرآن الكريم. ما هذا إلّا لأنّ عقولهم صغيرة، عقول ضَحْلة جدّاً جدّاً. يعجزون عن الأخذ بعقيدة المالكية والشافعيّة، والأحناف وغيرهم؛ أنّ الله ليس كمثله شيء.

س: ما هي حقيقة «المكان العَدَمي» الذي نجده في كُتب ابن تيميّة؟

افترض ابن تيميّة شيئاً فارغاً كاسداً فاسداً اسمُه المكان العَدَمي. انظر التناقض! تخيّل شيئاً اسمه المكان العدمي، يعني المكان واللامكان، هذا كَذِب، لا يوجد شيء اسمه المكان العدمي، فقط كي لا يُمسَك عليه أنّه يقول: «الله في مكان». قال: «أنا أؤمن بأنّ الله فوق السماء السابعة، مستوٍ على عرشه بالمعنى الذي يليق به، وأنا أقول لكم: المعنى الذي يليق به هو القعود»، صراحة، لأنه يقول لك: يجب أن تؤمن بالاستواء حقيقةً، وليس هذا فقط، وزادوا، وابن تيميّة منهم: مستوٍ على عرشه بذاته.

الزاهري بدأ يتساءل: من أين أتيتم بهذه؟ مع أنّ الزّاهري محسوب عليهم تقريباً وهو منهم، للأسف، ومع ذلك لم تُعجبه هذه الزيادة، قال: من أين أتيتم بلفظة «بذاته»؟ أوجدوا كلمة «بذاته» كي لا يؤوّل الاستواء بالقهر والغلَبة وبالتسلّط بتدبير المملكة.

يقول لك: استوى حقيقةً بذاته، بما يليق بجلاله. هو جمع المتناقضات هنا. ثمّ يقول: العرش فوق السماء السابعة، والمكان الذي فيه العرش وربّ العرش – لا إله إلا هو - اسمه المكان العدمي – استغفر الله العظيم - وهذا محيط بالأكوان.

يعني أثبتّم لله مكاناً. وأثبتّم لله جهة. يقول: جِهة طبعاً، نحن لا نتنازل عنها.

الآن عندما أقول عقيدة الإقعاد – استغفر الله العظيم - الله يقعد، وتقول لهم: إذا قعد على العرش، معناه أنّ الله بحجم العرش، يقول لك: أصغر بقليل – استغفر الله العظيم - تحاول أن تُفهمه أنّه بقوله هذا يقرّر أنّ الله محدود بالعرش! فيُجيبك: ليس هذا وحسب، وإنّما أصغر بقليل، لأنه يفضل قِيد أربعة أصابع (القِيد غير القَيد)، قِيد أربعة أصابع. معناه العرش أكبر من ربّنا –استغفر الله العظيم - شي يجنّن، تجسيم، وإلى جنبه يجلس النّبيّ.

س: كيف تسرّبت هذه العقيدة ومَن الذي سرّبها؟

واضح طبعاً، النّصارى. مَن أسّس الاعتقاد عند النّصارى أنّه في يوم الدينونة، يجلس الرّبّ الجليل على كرسيّه ويُقعد جنبه ابنه البارّ المحبوب، الحقّ من الحقّ، النور من النور، ابن من أبيه، عقيدة النصارى هذه تسرّبت إلى عقيدتنا!

الله تعالى يقول: ﴿.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..﴾. هم يردّون على الله تعالى بالقول: يُقعد النبيّ جنبه، مثل ما عيسى يقعد جنب أبيه، نسخوها وأدخلوها في الدّين، ودوّنوها في الكتب.

يا جماعة، أنتم تعبدون جسماً، تعبدون وَثَناً، هذا وَثَن، هذا ليس ربّ العالمين، الذي ليس كمثله شيء. أَوَليس ربّ العالمين القائل: ﴿.. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد﴾ ق:16.

أوليس ربّ العالمين القائل: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ..﴾ الزخرف:84.

أوليس ربّ العالمين القائل:﴿.. مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ..﴾ المجادلة:7.

أوليس ربّ العالمين القائل: ﴿.. لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا..﴾ التوبة:40، أو ليس صحيح؟

يقول لك: لا، هذا جسم منفصل وهو خارج العالم، ابن تيميّة أيضاً يقول ذلك.

فإذا سألتني: كيف لعبتْ بهم الأهواء؟ كيف صاروا إلى هذه الغايات القبيحة؟ لماذا انحطّوا بتفكيرهم إلى هذه المستويات الدنيئة والهابطة جداً؟ ما الذي حدث؟

أقول لك: المسألة مذهبيّة، أصّلوا أصولاً، وقعّدوا قواعد وصدّقوها، ﴿..وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ آل عمران:24، وبنوا عليها أشياء، فتأدّت بهم إلى هذه اللّوازم وهذه الأقاويل، وما بُني على باطل فهو باطل، وما بُنيَ على هباء فهو هباء، وعماء في عماء، وليس له أيّ قيمة.