كَفُّ الأذى عن المسلمين، وإكرامُهم
_____
الفقيه الشيخ محمّد مهدي النّراقي*
قدّس سرّه
_____
لا
ريب في فضيلة كفّ الأذى عن المؤمنين والمسلمين وإكرامهم وتعظيمهم، والظّواهر الواردة
في مدح دفع الضّرر وكفّ الأذى عن النّاس كثيرة، كقول النّبيّ صلّى الله عليه وآله:
«مَنْ رَدَّ عَنْ قَوْمٍ مِنَ المُسْلِمِين عَادِيَةَ مَاءٍ أَوْ نَارٍ وَجَبَتْ
لَهُ الجَنَّة».
-
وقوله صلّى الله عليه وآله: «أَفْضَلُ المُسْلِمِين مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُون مِنْ
لِسَانِهِ وَيَدِهِ».
-
وقوله صلّى الله عليه وآله: «رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ
قَطَعَهَا عَنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي المُسْلِمِين».
-
وقال صلّى الله عليه وآله: «مَنْ زَحْزَحَ مِنْ طَرِيقِ المُسْلِمِين شَيْئاً يُؤْذِيهِمْ،
كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهِ حَسَنَةً أَوْجَبَ لَهُ بِهَا الجَنَّة».
إكرامُ المؤمن
وكذا
الأخبار التي وردت في مدح إكرام المؤمن وتعظيمه كثيرة. قال الصّادق عليه السّلام: «قَالَ
اللهُ سُبْحَانَهُ: لِيَأْمَن غَضَبِي مَنْ أَكْرَمَ عَبْدِيَ المُؤمِن».
-
وقال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله: «مَنْ أَكْرَمَ أَخَاه الْمُسْلِمَ بِكَلِمَةٍ
يُلْطِفُه بِهَا، وفَرَّجَ عَنْه كُرْبَتَه، لَمْ يَزَلْ فِي ظِلِّ اللهِ الْمَمْدُودِ،
عَلَيْه الرَّحْمَةُ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ».
-
وقال صلّى الله عليه وآله: «مَا فِي أُمَّتِي عَبْدٌ أَلْطَفَ أَخَاه فِي اللهِ
بِشَيْءٍ مِنْ لُطْفٍ، إِلَّا أَخْدَمَه الله مِنْ خَدَمِ الْجَنَّةِ».
-
وقال الإمام الصادق عليه السّلام: « مَنْ
أَخَذَ مِنْ وَجْه أَخِيه الْمُؤْمِنِ قَذَاةً، كَتَبَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ لَه عَشْرَ
حَسَنَاتٍ، ومَنْ تَبَسَّمَ فِي وَجْه أَخِيه كَانَتْ لَه حَسَنَةٌ» [القَذى:
جمع قذاة، وهو ما يقع في العين أو في الشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك]
-
وقال عليه السّلام: «مَنْ أَتَاه أَخُوه الْمُسْلِمُ فَأَكْرَمَه، فَإِنَّمَا أَكْرَمَ
اللهَ عَزَّ وجَلَّ».
ثم
ينبغي تخصيصُ بعض طبقات النّاس بزيادة التعظيم والإكرام، كأهل العلم والورع، لِمَا
ورد من الحثّ الأكيد في الأخبار على إكرامهم والإحسان إليهم، وكذا ينبغي تخصيصُ ذي
الشَّيبة المسلم بزيادة التّوقير والتّكريم، وقد ورد ذلك في الأخبار الكثيرة، قال رسول
الله صلّى الله عليه وآله: «مَنْ عَرَفَ فَضْلَ كَبِيرٍ لِسِنِّه فَوَقَّرَه، آمَنَه
اللهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
-
وقال الإمام الصّادق عليه السّلام: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ الله عَزَّ وجَلَّ، إِجْلَالَ
الشَّيْخِ الْكَبِيرِ».
-
وقال عليه السّلام: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا، ويَرْحَمْ صَغِيرَنَا».
والأخبار
في هذا المضمون كثيرة. وكذا ينبغي تخصيصُ كريم القوم بزيادة الإكرام، لقول النّبيّ
صلّى الله عليه وآله: «إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوه».
وكذا
تخصيصُ الذريّة العَلَويّة بزيادة الإكرام والتعظيم. قال رسول الله صلّى الله عليه
وآله: «حَقَّتْ شَفَاعَتِي لِمَنْ أَعَانَ ذُرِّيَّتِي بِيَدِهِ وَلِسانِهِ وَمَالِهِ».
وقال
صلّى الله عليه وآله: «أَرْبَعَةٌ أَنَا لَهُم شَفِيعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ: المُكْرِمُ
لِذُرِّيَّتِي، وَالقَاضِي لَهُم حَوَائِجَهُم، والسَّاعِي لَهُم فِي أُمُورِهِم عِنْدَمَا
اضْطَرُّوا إِلَيْه، والمُحِبُّ لَهُمْ بِقَلْبِهِ ولِسَانِهِ». والأخبار في فضل
السّادات وثواب مَن يُكرمهم ويُعينهم أكثر من أن تُحصى.
________________________________
*
مختصَر عن كتابه (جامع السّعادات)