روايات «عليّ يعسوب المؤمنين..»

روايات «عليّ يعسوب المؤمنين..»

31/05/2011

كما وثّقها السيّد ابن طاوس قدّس سرّه

----إعداد: حسين محمّد----

في القسم الثالث من كتاب (اليقين)، قال السيّد ابن طاوس قدّس سرّه:
«وجدنا تسمية مولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام «يعسوب الدين» مشابهة لتسميته عليه السلام بأمير المؤمنين، اقتضى ذلك إثباتها في هذا الكتاب (اليقين)».
في ما يلي عرض-بتصرّف- لأبرز الروايات التي أوردها قدّس سرّه، مع تعريف بالمصدر ومؤلّفه.


كانت مكتبة «سيّد العلماء العابدين» السيّد ابن طاوس (589-664 هجريّة) كبيرةً عامرة، وقد وصلَنا فهرس ما حوته من كُتب، وإن لم يصلنا الكثير من كتبها. وكما يُحدِّث هو رحمه الله، فقد ألّف كتاب (اليقين) بهدف إثبات أنّ تسمية «أمير المؤمنين» هي تسمية خاصّة بالإمام عليّ عليه السلام، أطلقها في حقّه رسول الله صلّى الله عليه وآله، فهي خَصيصة علويّة، على لسان مَن قولُه «وحيٌ يُوحى».

دواعي التأليف

كان السيّد ابن طاوس قد تجاوز السبعين من عمره الشريف، حين سمع أنّ بعض معاصريه قد ذكر في كتابٍ ألَّفه، تشكيكاً بتسمية رسول الله صلّى الله عليه وآله للإمام عليّ عليه السلام بـ«أمير المؤمنين»، وحيث إنّ المُشكِّك -وهو، على الأرجح، إبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة- يُصنَّف بأنّه سُنّي، والروايات حول ذلك مستفيضة بل متواترة في المصادر السُّنّية، فقد قرّر السيّد تتبُّع تلك الروايات في مصادرها السُّنية، وقد أكّد السيّد أنّه إن نقل عن كتاب لمؤلِّف إمامي، فلأنّ في السند من غير الإمامِيّين.

المنهج

إعتمد السيّد تسمية عقد باب لكلّ رواية، مع ذكر المصدر، والتعريف به وبمؤلّفه وإيراد ما قاله في التعريف بالمؤلّف بعض كبار علماء التوثيق، فبلغت الأبواب عشرين ومائتي باب، تدور – كما مرّ- حول تسمية الإمام عليّ عليه السلام، على لسان سيّد النبيّين بـ«أمير المؤمنين».
وقد شمل تتبُّع السّيد لروايات هذه التسمية ما هو صريح فيها، أي أنّه بلفظ «أمير المؤمنين» وما يدلّ عليها، مثل «سيّد المسلمين وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، ويعسوب المؤمنين».
وقد خصّص القسم الثالث من كتابه لتسمية الإمام عليّ عليه السلام بـ«يعسوب المؤمنين». هذا القسم الثالث هو الذي يتناوله الحديث هنا، بتحرير ما أورده السيّد فيه، بتصرّف.

يعسوب المؤمنين

خصّص السيّد ابن طاوس عليه الرحمة، القسم الثالث من كتابه (اليقين) للروايات الواردة حول  تسمية «يعسوب الدين»، وهذا القسم خاص بما ورد في تسميته عليه السلام ب‍ـ«يعسوب المؤمنين» وإن جعل العنوان «يعسوب الدين» يذكر فيه 19 حديثاً في 19 باباً، ويقول في أوّلها: «ولمّا رأينا من فضل الله جلّ جلاله علينا تأهيلنا لاستخراج هذه الأحاديث من معادنها، ووجدنا تسمية مولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام «يعسوب الدين» مشابهة لتسميته عليه السلام بأمير المؤمنين، اقتضى ذلك إثباتها في هذا الكتاب (اليقين).
وفي الباب (220) يُنهي الأبواب، ويقول: «هذا ما أردنا الإقتصار عليه من تسمية مولانا عليّ عليه السلام بأمير المؤمنين، وإمام المتّقين، ويعسوب المؤمنين، مع ما اشتملت عليه أبوابها من زيادة المعاني المقتضية لرياسة مولانا عليّ عليه السلام على المسلمين في أمور الدين والدنيا».

**


قال السيّد في القسم الثالث من كتاب اليقين:

الأحاديث المتضمّنة لتسميته عليه السلام بيعسوب المؤمنين:
ذكر الجوهري في كتاب (الصحاح في اللّغة) في تفسير اليعسوب ما هذا لفظه: واليعسوب سُلطان النحل ومنه قيل: السيِّد، يعسوب قومه.
ثمّ أورد الروايات التالية:

1- رواية الحافظ أحمد بن مردويه المسمَّى «ملك الحُفَّاظ، وطراز المحدِّثين»، من كتابه (المناقب): قال رسول صلّى الله عليه وآله: «عليٌّ يعسوب المؤمنين، والمالُ يعسوب المنافقين».

2-  المصدر نفسه: عن أبي رافع، عن أبي ذرّ رضي الله عنه أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول لعليّ عليه السلام: «أنت أوّل مَن يصافحني يوم القيامة، وأنت الصدِّيق الأكبر، وأنت الفاروق الأعظم، تَفْرُقُ بين الحقِّ والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكَفَرة».

3- المصدر نفسه: عن ابن عباس، قال: «ستكون فتنة، فإنْ أدركها أحد منكم فعليه بخصلتين: كتابِ الله، وعليِّ بن أبي طالب عليه السلام، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول وهو آخذٌ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام: «هذا أوّل مَن آمن بي، وأوّلُ مَن يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الأمّة يفرق بين الحقِّ والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة، وهو الصدِّيق الأكبر، وهو بابيَ الذي أُوتى منه».

4- من كتاب (ذِكْر رُتْبَةِ أبي طالب في قريش، ومراتب ولده من بني هاشم)، صَّنفه أبو الحسن النَّسَّابة، من نسخة عتيقة ذكر أنّ تاريخها في شوال سنة عشر وثلاثمائة، عن أبي ذرّ قال: «سمعت النبيّ صلّى الله عليه وآله يقول لعليّ عليه السلام: أنت أوّل مَن يصافحني يوم القيامة، وأنت يعسوب المؤمنين».

5-  من كتاب (الأربعين في مناقب أمير المؤمنين عليّ المرتضى عليه السلام) تأليف أحمد بن إسماعيل القزويني: «عن أبي ذرّ، قال: سمعت النبيّ صلّى الله عليه وآله يقول لعليّ عليه السلام: أنت أوّل مَن آمن بي وصدَّقني، وأنت أوّل مَن يصافحني يوم القيامة، وأنت الصدِّيق الأكبر، وأنت الفاروق الأعظم تفرُق بين الحقّ والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة».

6- من كتابٍ عتيق، تاريخُه سنة ثمان ومائتين هجريّة، كُتب عليه: «كتاب فيه خطبة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، وهي التي تسمّى القاصعة، وأخبارٌ حِسان لأهل البيت صلوات الله عليهم: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام: أنت الصدّيق الأكبر ويعسوب المؤمنين وإمامُهم، وتَرى ما أرى، وتعلم ما أعلم، وأنت أوّل المؤمنين إيماناً وكذلك خلقك الله، ونزع منك الشكَّ والضلال، فأنت الهادي الثاني، والوزير الصادق...».

7- من كتاب (الأربعين عن الأربعين) تأليف أبي سعيد محمّد بن أحمد بن الحسين النيسابوري: عن محمّد بن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن أبي ذرّ رضي الله عنه، أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: «أنت أوّل مَن آمن بي، وأوّل مَن يصافحني يوم القيامة، وأنت الصدِّيق الأكبر، وأنت الفاروق الذي تفرُق بين الحقّ والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظَّلَمة».

8- من النسخة العتيقة التي قدّمنا ذكرها، عن ابن مسعود، أنّه قال: «بينما نحن جلوسٌ ذات يوم بباب رسول الله صلّى الله عليه وآله ننتظر خروجه إلينا، إذ خرج فقمنا له تفخيماً وتعظيماً وفينا عليّ بن أبي طالب، فقام في مَن قام، فأخذ النبيّ صلّى الله عليه وآله بيده فقال: .. هذا أوّل مَن آمن بي، وأوّل مَن صدَّقني، وهو الصدِّيق الأكبر، وهو الفاروق الأكبر الذي يفرُق بين الحقّ والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، وضياء في ظلمة الضلال».

9-  من كتاب (كفاية الطالب) أيضاً الذي قدّمنا ذكره، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: «عليّ يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين».

10-  من كتاب (سنة الأربعين) للسعيد الكامل فضل الله الراوندي من الحديث الرابع والعشرين، وفيه من رجال الجمهور، عن أبي رافع عن أبي ذرّ، أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول لعليّ عليه السلام: «أنت أوّل مَن يصافحني يوم القيامة، وأنت الصدِّيق الأكبر، وأنت الفاروق تفرُق بين الحقّ والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكفّار».

11- من الجزء الثاني من (فضايل أمير المؤمنين) تأليف عثمان بن أحمد المعروف بابن السَّمَّاك الذي أثنى عليه الخطيب في تاريخه، عن أبي ذرّ: «إنّه ستكون فتنة، فإن أدركتماها [كان يحدِّث شخصَين] فعليكما باثنين: كتاب الله عزّ وجلّ، وعليّ بن أبي طالب عليه السلام، وإنّي رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله أخذ بيده وهو يقول: هذا أوّل مَن آمن بي وصدَّقني، وهو أوّل مَن يصافحني يوم القيامة، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظَّلَمَة، وهو الصدِّيق الأكبر، وهو الفاروق بين الحقّ والباطل».

12-  من كتاب (المناقب) العتيق أيضاً الذي أشرنا إليه، عن عليّ بن أبي رافع، أنّه سمع أبا ذرّ يقول: «سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول لعليّ عليه السلام: أنت أوَّل مَن آمن بي، وأنت أول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصدِّيق الأكبر، وأنت الفاروق الأعظم تفرُق بين الحقّ والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين».

13-  من كتاب الشيخ العالم الحافظ إسماعيل بن أحمد البستي في فضل مولانا عليّ عليه السلام، قال في الفصل السابع في شرف مولانا عليّ عليه السلام في أسمائه، ما هذا لفظه: «ومن أسمائه يعسوب المؤمنين. قال له الرسول صلّى الله عليه وآله: اليعسوب أمير النحل، وأنت أمير المؤمنين».

**


وفي ختام كتاب (اليقين) قال السيّد ابن طاوس رحمه الله:

«وجميع الكتب التي روينا منها هذه الأحاديث المذكورة أو رأيناها فيها، مسطورة في خزانة كتبنا، ولم نستقصها جميعها على التفصيل، وإنّما نظرنا ما وقع في خاطرنا أنّه يتضمّن ذكر تسمية مولانا عليّ عليه السلام بهذه الأسماء، بحسب ما هدانا إليه جودُ الله جل جلاله وعنايته لهذا المقام الجليل، فكيف لو نظرنا جميع كُتُب المكتبة، أو طلبنا من خزائن كتب المدارس والرُّبَط وغيرها، ما يمكن أن يوجد فيها ممّا ذكرنا، أو ضمَمْنا إليها ما روَته الشيعة بأسنادها، التي لا يبلغ الإجتهاد إلى أقصاه، فكم عسى كان يبلغ تعداد الأبواب..».

الخلاصة

يتّضح ممّا تقدّم -ومن ملاحظة نظائره الكثيرة جداً، في سائر المصادر الإسلاميّة- أنّ من المتّفق عليه بين المسلمين، تسميةَ النبيّ صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام بـ«يعسوب المؤمنين»، وللمال بـ«يعسوب الكافرين، والظالمين، والمنافقين والفجّار».


المال والإستعلاء والبِدَع

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لأنَس، لمَّا دخل عليه وهو نائم على حصير قد أثّر في جنبه: «أَمَعك أحدٌ غيرك؟ قلت: لا، قال: إعلم إنّه قد اقترب أجلي وطال شوقي إلى لقاء ربّي، وإلى لقاء إخواني الأنبياء قبلي. ثمّ قال: ليس شيء أحبّ إليّ من الموت، وليس للمؤمن راحة دون لقاء الله، ثمّ بكى، قلت: لم تبكي؟ قال: وكيف لا أبكي وأنا أعلم ما ينزل بأمَّتي من بعدي، قلت: وما ينزل بأمّتك من بعدك يا رسول الله؟ قال: الأهواء المختلفة، وقطيعة الرحم، وحبّ المال والشَّرف (العلوّ)، وإظهار البدعة».


 

اخبار مرتبطة

  إصدارات : دوريات

إصدارات : دوريات

02/06/2011

  إصدارات : كتب أجنبية

إصدارات : كتب أجنبية

02/06/2011

  إصدارات : كتب عربية

إصدارات : كتب عربية

02/06/2011

نفحات