إرفع نسبة
الإخلاص فيك
وأَزِلْ عن قلبِك أوهامَ النّفسِ، ووساوسَ الشّيطان
إذا
أراد الإنسان أن يكون علمُه إلهيّاً، فعليه أن يُبادر إلى مجاهدة النفس عند دراسة
أيّ عِلم، وعليه أن يسعى - بواسطة الرياضة
الروحانيّة - إلى إخلاص نيّته؛ فإنّ المنقذَ الأساسيّ، ومصدرَ الفيض، إخلاصُ النيّة
والنيّة الخالصة؛ [كما في قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم]: «مَنْ أَخْلَصَ للهِ
أرْبَعينَ صَبَاحاً جَرَتْ يَنَابِيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ»،
فهذه فوائد وآثار الإخلاص في أربعين يوماً.
فأنت
عندما بذلت الجهد، أربعين عاماً أو أكثر، في سبيل تجميع المصطلحات والمفاهيم
العلميّة، واعتبرت نفسك علّامةً ومن جنود الله، لكنّك لم تَجِد أثراً للحكمة في
قلبك، ولا طَعْماً لها على لسانك، فاعلم بأنّ دراستك وتعبَك لم يقترنا بالإخلاص،
بل إنّما اجتهدتَ للشيطان والرّغبات النفسيّة. ومتى رأيتَ بأنّ هذه العلوم لم تُثمر
ولم تَنجع فانصرِف - ولو لأجل الاختبار - نحو إخلاص النيّة وتصفية القلب من
الرذائل والكَدَر، فإذا لمستَ أثراً فحاول أن تستمرّ في ذلك أكثر. وإنْ كانت
التصفيةُ لأجل الاختبار، كانت هذه النيّة متنافيةً مع الإخلاص، ولكنْ من المحتمل
أنّ بصيصاً من نورها يَهديك.
وعلى
أيّ حالٍ، أيّها العزيز، أنت محتاجٌ في جميع العوالم: عالمِ البرزخ، وعالمِ القبر،
وعالمِ القيامة ودرجاتها، إلى المعارف الإلهيّة الحقّة، والعلوم الحقيقيّة، والخُلُق
الحَسن، والأعمال الصالحة. فاجتهد أينما كنتَ من هذه الدرجات والمراتب، وأكثِرْ من
إخلاصك وأَزِلْ عن قلبك أوهامَ النفس ووساوسَ الشيطان حتّى تظهرَ لك النتائج، وتَجد
سبيلاً إلى الحقيقة، وينفتحَ لك طريقُ الهداية، ويكونَ اللهُ سبحانه في عونك.
يعلمُ
الله، سبحانه، بأنّنا إذا انتقلنا مع هذه العلوم التافهة الباطلة، وهذه الأوهام
الفاسدة، والقلب الكَدِر، والخُلق الذميم إلى عالم الآخرة، كيف تكون مصائبنا ومِحنتُنا،
وكيف يكون مصيرُنا، وأيّ ظُلمات ووحشة وعذاب تجرّ علينا هذه العلوم وهذه الأخلاق؟