إعراب الشاهد القرآني
بحوث نحوية لـ (268) شاهداً في شرح )ألفيّة ابن مالك)
ـــــ
إعداد: محمود إبراهيم ـــــ
قد يكون هذا
الكتاب للباحث العراقي صبيح آل بهيّة من الأعمال النادرة في اختصاصه وفي طريقة
معالجته قواعدَ إعراب آيات الاستشهاد في شرح العلّامة ابن عقيل (لألفيّة ابن مالك).
وهذا موضوع يجمع الدارسون على أنّه من أفضل موضوعات النحو، حيث عكف المؤلّف على
العناية به فترة مديدة من الزمن، ليظهّره على النحو الذي يستحقّه.
لقد قلّب المؤلّف
النحو القديم في كتب الأوائل، وأطال عِشرة النحاة المشتغلين بهذه الشواهد القرآنية
الكريمة التي تحتاج إلى علمٍ بدقائق النحو ومسائله، وهذا لا يتهيّأ إلا لباحث ملأ
قلبَهُ حبُّ الدرس اللغويّ والنحويّ فأعربَ بعلمٍ، وتحدّث عن بصيرة، فجاء بحثه
ناضجاً وافياً تزيّنه جملة أمور؛ منها الأمانة، والاعتدال، والتثبّت، والرغبة في
الانفتاح والإفادة.
في المقدّمة
التي كتبها الباحث الدكتور علي مشري، ثناءٌ على الكتاب حيث يبيّن فيه الجهد
الاستثنائي الذي بذله المؤلّف في هذا السبيل ويقول:
«لقد عَلَتِ
اليوم لدى كثير من دارسي النحو العربي شكوى متبرّمة من موضوعاته، وصيحة ضاجّة من
منهجه. ومن قديم أدرك هذا الأمر كثيرٌ من أهل العلم به، فألّفوا كتبهم فيه
(مُقرِّبين) أو (مُوضحِّين) أو (مُسهِّلين) أو (مُغْنين)، أو أنّهم التجأوا إلى اتّخاذ
النظم خطّةً لضبط أحكامه وحفظ قواعده، ولكنّنا مع هذه الشكوى، وتلك الصيحة لا نبعد
عن واقع اللغة، ولا عن طبيعة النحو حيث نتّخذ من عربية القرآن الكريم أمثلةً ننهلُ
منها ونغترف من فيضها السمح ونبعها الثّرّ، لأنّنا نعتمد عندئذٍ على نصٍّ لغوي هو
الغاية في السماحة والفصاحة، وبذلك يكون تعلّمنا لهذه اللغة الكريمة محكماً دقيقاً،
لأنّها ليست شعراً قسى عليه الوزن أو حكمته قيود النظم، فابتعدت عن الطريق السويّ
ونأت عن السبيل».
يحتوي كتاب
آل بهيّة على إعراب مائتين وثمانية وستّين شاهداً قرآنياً، وهذا يدلّ على أهميّته
كمادّة نحوية قيّمة في فضاء التعامل مع لغة الكتاب الإلهي. ولقد عمل الباحث على
اعتماد «منهجية» علمية دقيقة لدراسته، بحيث سُجِّلت بإزاء كلّ شاهد رقم الآية واسم
السورة في كتاب الله المجيد، كما جاء البحث مبوّباً ومرتّباً على حسب ترتيب الشيخ
ابن عقيل وتبويبه.
وقد جُمعت
الآيات الكريمات التي استشهد بها الشارح الكريم في كلّ باب على حِدة، وأُعرِبت كلّ
آية وعُيِّن موضع الشاهد فيها مع تغطية لآراء النحاة وأهل العربية من ناحية إعرابه.
وفي هذا المجال ينبِّه المؤلّف إلى أنّ إدخال تعليقاته وآرائه الخاصة على الشرح لا
يعني أنّ البحث الذي يقدّمه قد اعتمد الخلاف النحويّ، أو جعل هذا الموضوع مادّة له، بل
العكس هو الصحيح.
وفي توضيحه
يقول المؤلف: «لقد تعمُّدت أن أكون بعيداً قدر المستطاع عن أمر الخلاف. ولا أزعم
أنّي اليوم، حين أردت نشر بحثي هذا، قد أعدته، أو أطلتُ فيه النظر، أو أضفت إليه
من أقوال المفسّرين لآي القرآن الكريم، والنصوص الكريمة التي احتجّ بها ابن عقيل،
وإنّما تركته على حاله كما قدّمته إلى طلبة الجامعات والحوزات العلمية».
وما ذاك إلّا
ليقدّم المؤلّف – حسب قوله - تعريفاً موجزاً بكلّ باب من الأبواب النحويّة التي
استلزمت شواهدها القرآنية. وهو ما أشار عليّ به بعض المقرّبين من المعنيّين، فكان
له ما أراد، وتمّت إضافة ذلك التعريف الميسَّر المجتبى من مظانّه النحوية قديمها
وجديدها، لأجل تحقيق تمام الفائدة بالقضية النحوية والشاهد القرآني عليها.
في كلّ حال،
فقد أصبح الكتاب الآن بين يدي القرّاء والمتخصّصين ولهم أن يحكموا ويناقشوا عملاً
فريداً في ميدان البحوث العلمية المتعلّقة بالقرآن الكريم.