مقامات
الذِّكر
اثنا عشر مقاماً للحفظ والسداد
_____
الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدّس سرّه
_____
من كتابه المشهود
له بأهميته العقائدية والأخلاقية (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء) نقرأ
للعلامة المقدس الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت: 1228 هـ) اثني عشر مقاماً في ذكر الله
تعالى وعظمة منزلتها في حفظ الإنسان من المعاصي ودركات الجهل.
المقام الأوّل:
في أنّ ذكره، تبارك وتعالى، من أعظم الطاعات، وشهد بذلك الكتاب في كثيرٍ من
الآيات، والأخبار المتواترات، والسِّيَر القاطعات، من أيّام أبينا آدم عليه
السّلام إلى هذه الأوقات، وهو معدود من أعظم القُربات. والعقل به شاهد، مُستغنٍ عن
أن يكون له من النقل مُعاضد، ولا يقتصر منه على الذكر الخفيّ، وإن كان رجحانه غير
خفيّ، فإنّ الإعلان باللّسان أبلغ في إظهار العبوديّة ممّا لم يطَّلع عليه إنسان،
ولكلٍّ منهما جهة رجحان، وبهما معاً جرت سيرة الأنبياء، والخلفاء، والعلماء،
والصلحاء، كما لا يخفى على غَبي، فضلًا عن ذكي.
المقام الثاني:
في أنّ ذكره راجح على كلّ حال، فقد قال تعالى لموسى عليه السلام: «أنا جَليسُ مَنْ
ذَكَرَنِي». وقال تعالى في جواب موسى عليه السلام، حيث قال: تَأْتي عَلَيَّ
مَجالِسُ أُعِزُّكَ وَأُجِلُّكَ أَنْ أَذْكُرُكَ فيها: «إِنَّ ذِكْري حَسَنٌ
عَلى كُلِّ حالٍ»، وقال تعالى له: «وَلا تَدَعْ ذِكْري عَلى كُلِّ حالٍ، فَإِنَّ
تَرْكَ ذِكْري يُقْسي القُلوبَ».
المقام الثالث:
في أنّه ينبغي ذكره تعالى في كلّ مجلس، فعن النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلّم: «مَا
مِنْ مَجْلِسٍ يَجْتَمِعُ فِيه أَبْرَارٌ وفُجَّارٌ فَيَقُومُونَ عَلَى غَيْرِ ذِكْرِ
الله، عَزَّ وجَلَّ، إِلَّا كَانَ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وفي
غيره إضافة ذكر النبيّ وآله صلوات الله عليه وعليهم إلى ذكره.
المقام الرابع:
تُستحبّ كثرة الذكر ليحبّه الله تعالى، ويكتب له براءة من النار، وبراءة من النفاق،
وليذكره الله، وقال تعالى لموسى: «اجْعَلْ لِسَانَكَ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِكَ تَسْلَمْ،
وأَكْثِرْ ذِكْرِي بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ تَغْنَمْ».
المقام الخامس:
الذكر في الخلوات، فقد قال تعالى لعيسى عليه السلام: « أَلِنْ لِي قَلْبَكَ، واذْكُرنِي
فِي الْخَلَوَاتِ».
المقام السادس:
يُستحبّ الذكر في ملأ الناس، فقد قال تعالى لعيسى عليه السلام: «اذْكُرْنِي فِي
مَلأٍ أَذْكُرْكَ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْ مَلَئِكَ». وفي البيت لتكثر بركته،
وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين.
المقام السابع:
يُستحبّ ذكر الله تعالى في كلّ واد، ليُملأ للذاكر حسنات.
المقام الثامن:
يُستحبّ لدفع الوسوسة.
المقام التاسع:
يستحبّ الذكر في الغافلين، لأنّ الذاكر في الغافلين كالمقاتل عن الغازين.
المقام العاشر:
استحباب الذكر في النفس، ورجحانه على العلانية من بعض الوجوه.
المقام الحادي عشر:
يُستحبّ ذكر الله تعالى في السوق؛ ليكتب له ألف حسنة، ويغفر له يوم القيامة مغفرة
لا تخطر على بال بشر.
المقام الثاني عشر:
إنّ للذكر فضيلة خصوصيّة اللفظ، ومحلَّها اللَّفظ العربي، وتختلف مراتب فضيلته
باختلاف فصاحته، وبلاغته، وفضيلة المعنى، ويحصل أجرها بذكر أسمائه تعالى
بالفارسيّة، والرومية، والعربيّة. وقد يقال بتفاوت الأجر بتفاوتها.