زيارة
«أمين الله»
مَن دعا بها، رُفع دعاؤه في صحيفة من نور
ــــــــــــ
إعداد: «شعائر» ــــــــــــ
زيارة (أمين الله) هي إحدى الزيارات المُطْلَقة لأمير
المؤمنين عليه السلام، وهي في غاية الاعتبار حتّى عدّها العلّامة المجلسي من أحسن الزيارات
متناً وسنداً، وهي معدودة أيضاً من الزيارات الجامعة التي يُزار بها في جميع الروضات
المقدسة للأئمة الطاهرين عليهم السلام.
ثمّ إنّ هذه الزيارة مرويّة في جميع كُتب الزيارات والأدعية
عن الإمام زين العابدين عليه السلام، وقد أوردها السيّد ابن طاوس في الجزء الثاني
من (إقبال الأعمال) في سياق أعمال يوم الغدير، ضمن رواية طويلة ورد في بدايتها أنّ
الإمام زين العابدين عليه السلام أقام - عقب شهادة الإمام الحسين عليه السلام - في
بيتٍ من شَعر في البادية.
قال
السيد ابن طاوس:
«في
ما نذكره من تعيين زيارة لمولانا أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه (..) عن جابر
بن يزيد الجُعفيّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ [الباقر] عليهما السلام، قال:
كان أبي عليّ بن الحسين عليهما السّلام قد اتّخذ منزلَه من بعد
مقتل أبيه الحسين بن عليّ عليهما السلام بيتاً من شَعر وأقام بالبادية، فلبثَ بها
عدّة سنين كراهيةً لمخالطة الناس ومُلابستِهم، وكان يسيرُ من البادية بمقامه بها
إلى العراق زائراً لأبيه وجدّه عليهما السلام، ولا يشعَر بذلك من فعله.
قال محّمد بن عليّ الباقر عليه السلام: فخرج سلامُ الله عليه
متوجّهاً إلى العراق لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وأنا معه، وليس معنا ذو روحٍ
إلّا الناقتَين، فلمّا انتهى إلى النجف من بلاد الكوفة، وصار إلى مكانه منه، فبكى
حتّى اخضلّت لحيتُه بدموعه، ثم قال:
السَّلَامُ
عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه، السَّلامُ
عَلَيْكَ يا أمِينَ الله فِي أَرْضِهِ وَحُجَّتَهُ عَلى عِبادِهِ، أَشْهَدُ لقد جاهَدْتَ
يَا أَمِيرَ المُؤمِنينَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ،
وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ حَتّى دَعاكَ اللهُ
إِلى جِوارِهِ، فَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيارِهِ لَكَ كَريمَ ثَوابِهِ، وَأَلْزَمَ
أَعْداءَكَ الحُجَّةَ مَعَ ما لَكَ مِنَ الحُجَجِ البالِغَةِ عَلى جَمِيعِ
خَلْقِهِ.
اللّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ،
راضِيةً بِقَضائِكَ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعائِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ
أَوْلِيائِكَ، مَحْبُوبَةً فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، صابِرَةً عَلى نُزُولِ
بَلائِكَ، شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمائِكَ، ذاكِرَةً لِسَوابِغِ آلائِكَ،
مُشْتاقَةً إِلى فَرْحَةِ لِقائِكَ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوى لِيَوْمِ جَزائِكَ،
مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيائِكَ، (مُفارِقَةً لاَخْلاقِ أَعْدائِكَ)،
مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنائِكَ.
ثمّ
وضعَ خدّه على القبر، وقال:
اللّهُمَّ إنَّ قُلُوبَ المُخْبِتِينَ* إِلَيْكَ
والِهَةٌ*، وَسُبُلَ الرَّاغِبِينَ* إِلَيْكَ شارِعَةٌ، وَأَعْلامَ القاصِدِينَ
إِلَيْكَ وَاضِحَةٌ، وَأَفْئِدَةَ الوَافِدينَ إِلَيكَ (العارِفِينَ مِنْكَ)
فازِعَةٌ، وَأَصْواتَ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ صاعِدَةٌ، وَأَبْوابَ الإجابَةِ لَهُمْ
مُفَتَّحَةٌ، وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَةٌ، وَتَوْبَةَ مَنْ أَنابَ
إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ، وَالاسْتِغَاثَةَ
(الاِغاثَةَ) لِمَنِ اسْتَغاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ، وَالإعانَةَ لِمَنِ اسْتَعانَ
بِكَ مَبْذُولَةٌ، وَعِدَاتِكَ* لِعِبادِكَ مُنْجَزَهٌ، وَزَلّات (زَلَلَ) مَنِ
اسْتَقالَكَ* مُقالَةٌ، وَأَعْمالَ العامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ، وَأرْزاقَ
الخَلائِقِ (وَأَرْزاقَكَ إِلى الخَلائِقِ) مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ، وَعَوائِدَ
المَزِيدِ مُتَواتِرَةٌ (إِلَيْهِمْ واصِلَةٌ)، (وَذُنُوبَ المُسْتَغْفِرِينَ
مَغْفُورَةٌ، وَحَوائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ، وَجَوائِزَ السَّائِلِينَ
عِنْدَكَ مَوْفَّرَةٌ)، وَعَوائِدَ المَزِيدِ مُتَواتِرَةٌ،* وَمَوائِدَ
المُسْتَطْعِمِينَ مُعَدَّةٌ، وَمَناهِلَ الظِّماءِ مُتْرَعَةٌ.*
اللّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعائِي، وَاقْبَلْ
ثَنائِي، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَوْلِيائِي وأَحِبّائِي، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ،
وَعَلِيٍّ، وَفاطِمَةَ، وَالحَسَنِ، وَالحُسَيْنِ، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمائِي،
وَمُنْتَهى مُنايَ، وَغايَةُ رَجائِي فِي مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ.
قال
جابر: قال لي الباقر عليه السلام:
مَا
قالَ هذا الكلامَ، ولا دعا به أحدٌ من شِيعَتِنا عند قبرِ أمير المؤمنين عليه السّلام،
أو عندَ قبر أحدٍ من الأئمّة عليهم السّلام إلّا رُفِعَ دعاؤه في دَرْجٍ* من نور،
وطُبع عليه بخاتَم محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، وكان محفوظاً كذلك حتّى يسلَّم إلى
قائم آل محمّدٍ عليهم السلام، فيَلقى صاحبَه بالبشرى والتّحية والكرامة إنْ شاء
الله.
قال
جابر: حدّثت به أبا عبد الله، جعفر بن محمّدٍ عليهما السلام، وقال لي:
«زِدْ
فيه إذا ودّعتَ أحداً منهم، فَقُل:
السَّلامُ
عليكَ أيّها الإمامُ ورحمة الله وبركاته، أستودعُك اللهَ وعليك السلام ورحمةُ الله،
آمنّا بالرّسول وبما جئتُم به وبما دعوتم إليه. اللّهمّ لا تجعَلْه آخرَ العهد من
زيارتي وليَّك، اللّهمّ لا تَحرِمني ثوابَ مزارِه الذي أوجبتَ له، ويَسِّر لنا
العودَ إليه إنْ شاء الله».
شرح مفردات الزيارة
المُخْبِتِينَ:
الخاشعين. والِهَة: متحيّرة
من شدّة الوجد.
سُبُل
الراغبين: أي سُبُل المُبتهلين. عِدَاتِكَ: وُعودُكَ.
استَقَالَكَ:
طلب صفحَك وعفوَك. مُتَواتِرَة: متتابعة.
تَرَعَ
الحَوضُ: امْتَلَأ. الدَّرج: ما
يُكتَب فيه