حكم
..وعَظِّمِ اسْمَ الله أَنْ تَذْكُرَه إِلَّا عَلَى حَقٍّ
من
كتاب لأمير المؤمنين عليه السلام إلى الحارث الهمداني:
«..وتَمَسَّكْ
بِحَبْلِ الْقُرْآنِ واسْتَنْصِحْه، وأَحِلَّ حَلَالَه وحَرِّمْ حَرَامَه، وصَدِّقْ
بِمَا سَلَفَ مِنَ الْحَقِّ، واعْتَبِرْ بِمَا مَضَى مِنَ الدُّنْيَا لِمَا بَقِيَ
مِنْهَا، فَإِنَّ بَعْضَهَا يُشْبِه بَعْضاً، وآخِرَهَا لَاحِقٌ بِأَوَّلِهَا، وكُلُّهَا
حَائِلٌ مُفَارِقٌ، وعَظِّمِ اسْمَ الله أَنْ تَذْكُرَه إِلَّا عَلَى حَقٍّ، وأَكْثِرْ
ذِكْرَ الْمَوْتِ ومَا بَعْدَ الْمَوْتِ، ولَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ إِلَّا بِشَرْطٍ
وَثِيقٍ، واحْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ يَرْضَاه صَاحِبُه لِنَفْسِه، ويُكْرَه لِعَامَّةِ
الْمُسْلِمِينَ، واحْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ يُعْمَلُ بِه فِي السِّرِّ، ويُسْتَحَى مِنْه
فِي الْعَلَانِيَةِ، واحْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ إِذَا سُئِلَ عَنْه صَاحِبُه أَنْكَرَه
أَوْ اعْتَذَرَ مِنْه، ولَا تَجْعَلْ عِرْضَكَ غَرَضاً لِنِبَالِ الْقَوْلِ، ولَا تُحَدِّثِ
النَّاسَ بِكُلِّ مَا سَمِعْتَ بِه، فَكَفَى بِذَلِكَ كَذِباً، ولَا تَرُدَّ عَلَى
النَّاسِ كُلَّ مَا حَدَّثُوكَ بِه، فَكَفَى بِذَلِكَ جَهْلًا، واكْظِمِ الْغَيْظَ
وتَجَاوَزْ عِنْدَ الْمَقْدَرَةِ واحْلُمْ عِنْدَ الْغَضَبِ، واصْفَحْ مَعَ الدَّوْلَةِ
تَكُنْ لَكَ الْعَاقِبَةُ، واسْتَصْلِحْ كُلَّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا الله عَلَيْكَ،
ولَا تُضَيِّعَنَّ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِ الله عِنْدَكَ، ولْيُرَ عَلَيْكَ أَثَرُ مَا
أَنْعَمَ الله بِه عَلَيْكَ..».
(نهج البلاغة)
لغة
صفر
(صَفَرَ) الصَّادُ وَالْفَاءُ وَالرَّاءُ
سِتَّةُ أَوْجُهٍ:
فَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ: لَوْنٌ مِنَ
الْأَلْوَانِ. وَالثَّانِي: الشَّيْءُ الْخَالِي. وَالثَّالِثُ: جَوْهَرٌ مِنْ
جَوَاهِرِ الْأَرْضِ. وَالرَّابِعُ: صَوْتٌ. وَالْخَامِسُ: زَمَانٌ. وَالسَّادِسُ:
نَبْتٌ.
فَالْأَوَّلُ: الصُّفْرَةُ فِي الْأَلْوَانِ،
وَبَنُو الْأَصْفَرِ: مُلُوكُ الرُّومِ؛ لِصُفْرَةٍ اعْتَرَتْ أَبَاهُمْ.
والصَّفْراءُ: الذّهب لِلَوْنها، ومنه قول الإمام عليّ عليه
السّلام: «يا دُنيا احْمَرِّي وَاصْفَرِّي وغُرِّي غَيْري».
وَالْأَصْلُ الثَّانِي: الشَّيْءُ الْخَالِي، يُقَالُ هُوَ صِفْرٌ. والعرب تقول: نعوذ بالله
من قَرَعِ الفِناء وصَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون به هَلاك المَواشي. وأَصْفَر الرّجل فهو
مُصْفِرٌ أَي افتقر. والصِّفْر في حِساب الهند هو الدائرة في البيت يُفْني حِسابه.
وفي الحديث نهى في الأَضاحي عن المَصْفُورة والمُصْفَرة؛ قيل المَصْفورة: المستأْصَلة
الأُذُن.
والْأَصْلُ الثَّالِثُ: الصُّفْرُ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ،
يُقَالُ: إِنَّهُ النُّحَاسُ الَّذِي تُعْمَلُ مِنْهُ الْآنِيَةُ.
والْأَصْلُ الرَّابِعُ: صفِيرُ الطَّائِرِ.
صَفَرَ الطّائر يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا. والصَّفِير من الصّوت بالدّوابّ إِذا
سُقيت. والصَّافِرُ كلّ ما لا يَصيدُ من الطّير.
والْأَصْلُ الخامس: الزَّمَانُ؛ فَصَفَرٌ الشّهر
الذي بعد المحرَّم، وقال بعضهم إِنّما سُمّي صَفَراً لإِصْفار مكّة من أَهلها إِذا
سافروا؛ وقيل: سَمَّوا الشّهر صَفَراً لأَنّهم كانوا يَغْزون فيه القَبائل، فيتركون
من لَقُوا صِفْراً من المَتاع، وذلك أَنّ صَفَراً بعد المحرّم، فقالوا صَفِر النّاس
مِنَّا صَفَراً.
والْأَصْلُ
السّادس: الصَّفَرِيُّ، نَبَاتٌ يَكُونُ فِي أَوَّلِ
الْخَرِيفِ. والصَّفَارُ نَبْتٌ، يُقَالُ إِنَّهُ يَبِيسُ الْبُهْمَى.
(مقاييس اللّغة لابن فارس، ولسان العرب لابن منظور، بتصرّف)