في مقدّمات الصلاة
الأذان يتضمّن خلاصة معارف الإسلام
_____
إعداد: «شعائر» _____
توجيهاتٌ
إجماليّة، من (منهاج الصالحين) للمرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني تتعلّق بآداب
فريضة الصلاة ومعرفة ما تشتمل عليه من أجزاء وشروط وموانع. ولعلّ أهميّة الوقوف
على معرفتها هو بيان المعاني والمقاصد والأسرار العظيمة التي تنطوي عليها كلّ
وقفة؛ باعتبارها وقفات عروج إلى الحضرة الإلهية المقدسة.
تشتمل
الصلاة على أجزاء وشروط وموانع:
فشرطُ
إباحة المكان في الصلاة ينبّه المصلّي أن لا يعتدي على حقّ أحد.
وشرط
الطهارة من الخَبَث والحَدَث يُرشده إلى أنّ النجاسة التي تَطهر بالماء، أو الكدورة
المعنويّة التي تحصل قهراً في الروح من الجنابة - مثلاً وإن كانت من غير اختيار -
وتزول بالغسل، توجبان بطلان الصلاة، وتمنعان الإنسان من التوجّه إلى ذي الجلال
والإكرام سبحانه. وبهذا يمكن أن يتصوّر تأثير قذارة الأعمال القبيحة الاختياريّة،
مثل الكذب، والخيانة، والظلم، والتعدّي، وكدورة الأخلاق الرذيلة في حرمانه من
حقيقة الصلاة التي هي معراج المؤمن وقربان كلّ تقيّ.
دعوة
إلى محضر الله تعالى
إنّ
فصول الأذان الذي هو دعوة إلى الحضور في محضر الله تعالى، وفصول الإقامة التي هي
مقدّمة لتهيئة الروح للعروج إلى مقام القرب منه سبحانه، تشتمل على خلاصة معارف الإسلام.
والتأمّل
في افتتاح الأذان والإقامة بالتكبير، واختتامهما بالتهليل، يصوّر لنا جوّ التربية
والتعليم في الإسلام.
ولمّا
كان ابتداء التكبير بلفظ الجلالة «الله» وختام التهليل أيضاً به، فإنّ المصلّي يتعلّم
أنّه ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ..﴾ الحديد:3.
كما
إنَّ افتتاحَ الأذان والإقامة بكلمة «الله» وانتهاءَهما بها، واستحباب الأذان في أُذن
المولود اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى، واستحباب تلقين المحتضر كلمة التوحيد،
يعني أنّ افتتاح حياة الإنسان وختامها يكون باسم الله تعالى. وتكرار «لا إله
إلا الله» في آخر الأذان بعد الشهادة بها مرّتين في أوّله، يكشف عن دور هذه
الكلمة الطيّبة في تكامل الانسان علماً وعملاً.
من
خصائص كلمة التوحيد
ولهذه
الجملة خصائص في لفظها ومعناها:
فحروفها
نفس حروف كلمة (الله)، وهي من الذكر الخفيّ الذي لا يتطرّق الرياء إليه، حيث يمكن
للإنسان أن يذكر الله بها ولا يظهر عليه. وهي تشتمل على نفي وإثبات. والاعتقاد
الراسخ بهما يؤثّر في نفي الباطل وإثبات الحقّ، في عقائده وأخلاقه وأعماله. ومنه
يظهر معنى الحديث القدسيّ في رواية سلسلة الذهب «لا إِلَهَ إِلّا اللهُ حِصْني،
فَمَنْ دَخَلَ حِصْني أَمِنَ مِنْ عَذابي». وينكشف عمق كلام الرسول الأكرم صلّى
الله عليه وآله: «قُولُوا لا إِلَهَ إِلّا اللهُ تُفْلِحوا»، وبهذا النفي
والإثبات ترتبط الروح بنور السماوات والأرض، وتتخلّق بأخلاق الله تعالى. كما أنّه
بالشهادة بالرسالة يجدّد العهد بالرسول صلّى الله عليه وآله وما أُرسل به.
والشهادة
لا اعتبار بها إذا لم تكن بالإدراك الحسّي في الحسّيّات، ولا اعتداد بها إذا لم
تكن بالإدراك العقليّ اليقينيّ في المعقولات. وبالشهادة بالتوحيد والرسالة يرى
الشاهد في كلّ أذان وإقامة بعين قلبه وحدانّيةَ الإلهِ ورسالةَ رسوله صلّى الله
عليه وآله، ثمّ يستبق إلى الفلاح بـ «حَيّ على الفلاح»، وإلى خير العمل بـ «حَيّ
على خير العمل». (..)
وعندما
يصفّي المصلّي روحه بالتدبّر في معنى «لَا إلهَ إلّا اللهُ»، يصل إلى
مستوى: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا
وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الأنعام:79.