حُسْنُ الخُلُق
عنوانُ صحيفة المؤمن
____ إعداد: «شعائر»
____
في روايةٍ عن رسول
الله صلّى الله عليه وآله، أنّ الدِّينَ هو حُسن الخُلُق، وهو كفُّ النفس عن
الغضب.
وحصر أمير المؤمنين
عليه السلام حُسن الخلق بثلاثة عناوين، هي: «..اجْتِنابُ المَحارِمِ، وَطَلَبُ الحَلالِ،
وَالتَّوَسُّعُ عَلى العِيالِ».
وسُئل الإمام الصادق
عليه السلام عن حدّ حُسن الخُلُق، فقال: «تُلَيِّنُ جانِبَكَ، وَتُطَيِّبُ كَلامَكَ،
وَتَلْقى أَخاكَ بِالبِشْرِ الحَسَنِ».
ومن مصاديق حُسن
الخُلق «بَذْلُ التَّحِيَّةِ» كما في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام.
ومن مصاديقه أيضاً الرفق بالناس؛ لما رُوي عن الإمام الباقر عليه السلام، قال: «جاءَ
جَبْرَئيلُ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ،
رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ وَيَقولُ لَكَ: دارِ خَلْقي».
منزلة محاسن
الأخلاق في الإسلام
يستفاد من الروايات
الشريفة أنّ حُسن الخلق مقرونٌ بالتقوى، ملازمٌ لها؛ ففي الحديث عن رسول الله صلّى
الله عليه وآله: «ثَلاثٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فيهِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ عَمَلٌ: وَرَعٌ
يَحْجِزُهُ عَنْ مَعاصي اللهِ، وَخُلُقٌ يُداري بِهِ النّاسَ، وَحِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ
جَهْلَ الجاهِلِ».
وعنه صلّى الله عليه
وآله: «أَكْثَرُ ما تَلِجُ بِهِ أُمَّتي الجَنَّةَ: تَقْوى اللهِ، وَحُسْنُ الخُلُقِ».
وعن الإمام زين
العابدين عليه السلام: «قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ما
يوضَعُ في ميزانِ امْرِئٍ يَوْمَ القِيامَةِ أَفْضَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ»،
وفي رواية أخرى أنه: «أَثْقَلُ ما يوضَعُ في الميزانِ».
وعن أبي عبد الله
الصادق عليه السلام: «مَا يَقْدُمُ المُؤْمِنُ عَلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِعَمَلٍ،
بَعْدَ الفَرائِضِ، أَحَبَّ إِلى اللهِ تَعالى مِنْ أَنْ يَسَعَ النّاسَ بِخُلُقِهِ».
وهو – أي حُسن الخلق –
أحد أربعة أركانٍ بها كمال الإيمان. قال الإمام الصادق عليه السلام: «أَرْبَعٌ
مَنْ كُنَّ فيهِ كَمُلَ إيمانُهُ، وَإِنْ كانَ مِنْ قَرْنِهِ إِلى قَدَمِهِ ذُنوباً،
لَمْ يُنْقِصُهُ ذَلِكَ، قال: وَهُوَ الصِّدْقُ، وَأَداءُ الأَمانَةِ، وَالحَياءُ،
وَحُسْنُ الخُلُقِ».
وعدّه أمير المؤمنين
عليه السلام من «ثِمَارِ العَقل»، وأنّه «رأسُ كلِّ بِرّ»، و«عنوانُ
صحيفةِ المؤمن».
ما يترتب على
حُسن الخُلق
يجمع الله تعالى لصاحب
الخُلق الحسن ثواب الدنيا والآخرة، وأُولى ثماره هدْم الذنوب ومحو الخطايا. عن
الإمام الصادق عليه السلام: «أَوْحَى اللهُ، تَبارَكَ وَتَعالى، إِلى بَعْضِ أَنْبِيائِهِ:
الخُلُقُ الحَسَنُ يُميثُ الخَطيئَةَ كَما تُميثُ الشَّمْسُ الجَليدَ». والمَيْثُ:
الإذابة.
وإلى ما تقدّم، رُوي عن
رسول الله صلّى الله عليه وآله، في الثواب المذخور لصاحب الخلق الحسن أنّ «لَهُ
مِثْلُ أَجْرِ الصّائِمِ القائِمِ»، وأنّ «البِرَّ وَحُسْنَ الخُلُقِ يَعْمُرانِ
الدِّيارَ وَيَزيدانِ في الأَعْمارِ».
وعن الإمام الصادق
عليه السلام: «إِنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى، لَيُعْطي العَبْدَ مِنَ الثَّوابِ
عَلى حُسْنِ الخُلُقِ كَما يُعْطي المُجاهِدَ في سَبيلِ اللهِ؛ يَغْدو عَلَيْهِ وَيَروحُ».
وقال العلماء
«الخُلُق عبارةٌ عن
هيئة للنّفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويُسر، من غير حاجة إلى فكر ورَوِيّة،
فإنْ كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعاً، سمّيت
الهيئة خُلقاً حسناً، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة، سميّت الهيئة الّتي هي
المصدر خُلقاً سيّئاً.
وإنّما قلنا: إنّها
هيئة راسخة لأنّ من يصدر عنه بذل المال نادراً لحاجةٍ عارضة، لا يُقال خُلقه
السّخاء، ما لم يثبت ذلك في نفسه ثبوتَ رسوخٍ. وإنّما شرطنا أن تصدر عنه الأفعال
بسهولة من غير رويّة؛ لأنّ مَن تكلَّف بذل المال والسّكوت عند الغضب بجُهد ورويّة،
لا يقال خُلقه السّخاء والحِلم..».
(المحجّة البيضاء، الفيض الكاشاني)