صَدَقَتُك
توصلُك إلى جوار الحقّ
إذا مَنَّ الإنسانُ
عند صَدَقَتِه على الفقير أو أساء إليه - والعياذ بالله - كانت منّته وإساءته أوّلاً
إلى الله تعالى، وثانياً إلى الفقير. وإذا خشع وتواضع، وأبدى منتهى الذلّ والمَسْكَنة
لدى تقديم الصدقة إلى السائل المؤمن، كان خضوعه وذلّه وخشوعه لله أوّلاً، ثمّ
للفقير المؤمن ثانياً.
كان عالِمُ آل محمّدٍ
صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعاشقُ جمال الحقّ المتعال، الإمام باقر العلوم عليه
السّلام: «إِذَا تَصَدَّقَ بِشيءٍ وَضَعَهُ فِي يَدِ السّائِلِ، ثُمَّ ارتَدَّهُ
مِنْهُ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ رَدّهُ فِي يَدِ السّائِلِ». ".."
لا بدّ أن نعرف بأنّ
الإنسان قد نشأ وتربّى على حبّ المال والجاه والزخارف الدنيويّة، وقد انعكس هذا
التعلّق على قلبه، وتعمّق فيه وأضحى مصدراً لكثيرٍ من المفاسد الخُلقيّة والسلوكيّة، بل للانحرافات
الدينيّة. وعليه، إذا استطاع الإنسان بواسطة الصدقات أو الإيثار على النفس، أن
يستأصل من قلبه هذا التعلّق أو يخفِّف منه، لَتمكّن من اجتثاث مادّة الفساد ومصدر
الأعمال المُشينة طيلة حياته، وفتح على نفسه أبواب المعارف الإلهيّة، وعالَم الغَيب
والملكوت، والملَكات الفاضلة. وهذا من الأمور المهمّة في الإنفاق المالي الواجب
والمستحبّ، لا سيّما في الإنفاق المستحبّ، حيث لا بدّ من الإقلاع عن التعلّق
بالدنيا حتّى يتمّ البذل. ".."
(و) يتبيّن من كافّة
الأخبار والأحاديث أنّ الصدقة تشتمل على الفضائل الدنيويّة والأُخرويّة، حيث ترافق
الإنسان من اللّحظة الأولى من التصدّق؛ فتدفع الشرّ والبلاء عنه حتّى يوم القيامة
ومواقفها، إلى أن تُدخل الإنسان إلى الجنّة، وتُسكنه جوار الحقّ سبحانه.
لا بدّ وأن نعرف بأنّ
صدقة السرّ أفضل من الصدقة في العلانية، كما ورد في (الكافي) الشريف بسنده إلى
عمار الساباطي، عن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: «يَا عَمَّارُ، الصَّدَقَةُ
فِي السِّرِّ - وَاللهِ - أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي العَلاَنِيَةِ، وَكَذلِكَ،
وَاللهِ، العِبَادَةُ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي العَلاَنِيَةِ».
وقد ورد في الحديث
الشريف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ
الرَّبِّ جَلَّ جَلالُه».