نوِّروا بتلاوتِه
بيوتَكم
قراءةُ القرآن، أفضلُ الذِّكر
_____ الفقيه ابن فهد
الحلّي رحمه الله
_____
في
الحديث النبويّ الشريف أنّ شهر رمضان هو ربيعُ القرآن. وفي الخطبة النبويّة في
استقبال شهر الله تعالى، تأكيدٌ منه صلّى الله عليه وآله على الإكثار من تلاوة
القرآن الكريم أيّامَ الشهر ولياليه، فالآيةُ الواحدةُ فيه بمنزلة خَتْمِه في غيره
من الشهور.
في
هذا المقال المنتخَب من كتاب (عدّة الداعي ونجاح السّاعي) للفقيه الشيخ ابن فهد
الحلّي (ت: 841 للهجرة)،
يستشهد رضوان الله عليه بمجموعة من الروايات الشريفة على أنّ تلاوة القرآن الكريم
تقوم مقام الذِّكر والدّعاء، بل تزيد عليهما شرفاً.
قراءةُ القرآن الكريم قِسمٌ
من أقسام الذِّكر، وقائمٌ مقامَ الذِّكر والدّعاء في كلّ ما اشتملا عليه من الحَثّ،
والترغيب، واستجلاب المنافع، ودفْع المضارّ، وسترى ذلك في ما يأتي، وزاد عليهما شرفاً
بأمور:
الأوّل:
كونه كلامُ الله تعالى.
الثاني:
أنّ فيه الاسمَ الأعظم.
الثالث:
أنّه ينبوعُ العلم. روى حفص بن غياث عن الزهريّ، قال: «سمعتُ عليّ بن الحسين عليه السّلام
يقول: آياتُ القُرْآنِ خَزائِنُ العِلْمِ، فَكُلَّما فَتَحْتَ خِزانَةً فيَنْبَغي
لَكَ أنْ تَنْظُرَ مَا فِيها».
الرابع:
أنّ تلاوته والإكثار منها نَشرٌ لمعجزة الرسول صلّى الله عليه وآله، وإبقاءٌ لها على
التواتر.
الخامس:
حصولُ الثواب على كلّ حرفٍ منه على ما يأتي، ولم يَرِد مثلُ ذلك في غيره.
ولنورد من ذلك جملةً يسيرة
في أخبار:
* رُوي عن النبيّ صلّى
الله عليه وآله، أنّه قال: «قالَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى: مَنْ شَغَلَهُ قِراءَةُ
القُرْآنِ عَن دُعائي ومَسْألَتي، أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ثَوابِ الشَّاكِرينَ».
* وعنه صلّى الله عليه
وآله قال: «مَنْ أَعْطاهُ اللهُ القُرْآنَ فَرأَى أنَّ أَحَداً أُعْطِيَ أَفْضَلَ
مِمَّا أُعْطي، فَقَدْ صَغَّرَ عَظِيماً وعَظَّمَ صَغيراً».
* وعنه صلّى الله عليه
وآله: «إذا الْتَبَسَتْ علَيْكُمُ الأُمورُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، فَعَلَيْكُمْ
بِالقُرْآنِ، فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وشَاهِدٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أمَامَهُ
قَادَهُ إلى الجَنَّة، ومَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقهُ إلى النَّارِ، وهو أَوْضَحُ
دَليلٍ إلى خَيْرِ سَبيلٍ...».
* وقال صلّى الله عليه
وآله: «نَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، ولَا تَتَّخِذُوهَا قُبُوراً
كَمَا فَعَلَتِ الْيَهُودُ والنَّصَارَى، صَلَّوْا فِي الْكَنَائِسِ والْبِيَعِ وعَطَّلُوا
بُيُوتَهُمْ؛ فَإِنَّ الْبَيْتَ إِذَا كَثُرَ فِيه تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ كَثُرَ خَيْرُهُ،
واتَّسَعَ أَهْلُهُ، وأَضَاءَ لأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِيءُ نُجُومُ السَّمَاءِ
لأَهْلِ الدُّنْيَا».
* وعن أبي جعفر الباقر
عليه السلام، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ قَائِماً فِي صَلَاتِه كَتَبَ اللهُ
لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِئَةَ حَسَنَةٍ، ومَنْ قَرَأَهُ فِي صَلَاتِه جَالِساً كَتَبَ
اللهُ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ خَمْسِينَ حَسَنَةً، ومَنْ قَرَأَهُ فِي غَيْرِ صَلَاتِه
كَتَبَ اللهُ لَه بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ».
* وعن الصادق عليه السلام:
«إِنَّ الْبَيْتَ إِذَا كَانَ فِيه الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ يَتْلُو الْقُرْآنَ، يَتَرَاءَاه
أَهْلُ السَّمَاءِ كَمَا يَتَرَاءَى أَهْلُ الدُّنْيَا الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي
السَّمَاءِ».
* وعنه عليه
السلام: «مَنِ اسْتَمَعَ حَرفاً مِن كِتَابِ اللهِ، مِنْ غَيْرِ قِراءةٍ، كَتَبَ
اللهُ لَهُ حَسَنَةً، ومَحَا عَنْهُ سَيِّئَةً، وَرَفَعَ لَهُ دَرَجَةً».
* وعن الرضا عليه السلام،
رفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله: «اجْعَلُوا لِبُيوتِكُم نَصِيباً مِنَ القُرآنِ،
فَإنَّ البَيتَ إِذا قُرِئَ فيه تَيَسَّرَ (يُسِّرَ) عَلى أَهلِهِ وَكَثُرَ خَيْرُهُ،
وكَانَ سُكَّانُهُ فِي زِيادَةٍ، وَإِذا لَمْ يُقْرَأْ فِيهِ القُرآنُ ضُيِّقَ عَلَى
أَهْلِه، وَقَلَّ خَيْرُهُ، وَكَانَ سُكَّانُهُ فِي نُقْصَانٍ».
زاد الصائم
لم
يزَل في حرز الله تعالى
عن الإمام الكاظم عليه السلام: «مَن صَلَّى عندَ دخولِ شَهرِ رمضانَ بركعتَين تطوُّعاً، قرأَ في أوّلِهما (أمّ الكتاب) – أي الفاتحة – و(الفَتح) - إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً - وفي الأخرى ما أحبّ - أي الفاتحة وأيّ سورة شاء -
رفعَ اللهُ عنه السُّوءَ في سَنَته، ولم يَزَل في
حِرز الله إلى مثلِها من قابل».
(وسائل الشيعة، الحرّ العاملي)