أنا
ابنُ أَعراقِ الثَّرى
قبساتٌ من سيرة سادس أئمّة المسلمين
ـــــــ الفقيه
المُحدّث الشيخ عباس القمّي رحمه الله ـــــــ
* كتاب (الأنوار البهية في تواريخ الحُجج
الإلهية) للفقيه المحدّث الشيخ عبّاس القمّي المتوفّى سنة 1359 للهجرة (1940م)
يعدّ من المصادر المُهمّة في سيرة المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم أجمعين.
رتّبه
المؤلف – وهو صاحب المصنّفات المشهورة مثل (سفينة البحار)، و(الكُنى والألقاب)،
و(مفاتيح الجنان)، وغيرها - على أربعة عشر
نوراً؛ بعدد المعصومين عليهم السلام.
يتضمّن
هذا المقال مختصر ما ورد تحت عنوان «النور الثامن»، وهو في سيرة الإمام أبي
عبد الله، جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام، وفيه بعض ما يرتبط بولادته وشهادته
عليه السلام، وطرفاً من مناقبه، وشواهد علمه الإلهيّ، وأحواله مع حكّام عصره.
«شعائر»
النور الثامن: الإمام
السادس، ينبوع العلم ومعدن الحكمة واليقين، مولانا أبو عبد الله، جعفر بن محمّد
الصادق الأمين، صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين.
وُلد،
عليه السلام، بالمدينة المنوّرة يوم الاثنين، سابع عشر من شهر ربيع الأول، سنة
ثلاث وثمانين من الهجرة، وهو اليوم الذي وُلد فيه النبيّ صلّى الله عليه وآله، وهو
يوم شريف عظيم البركة، ولم يزل الصالحون من آل محمّد عليهم السلام، من قديم الأيام
يعظّمون حقّه، ويرعون حرمته؛ وفي صومه فضل كبير وثواب جزيل، ويستحبّ فيه الصدقة
وزيارة المشاهد المشرّفة، والتطوّع بالخيرات، وإدخال المسرّة على أهل الإيمان.
أعلمُ الناس
باختلاف الناس
* قال السيد الشبلنجي الشافعي في (نور
الأبصار)، في أحوال أبي عبد الله الصادق عليه السلام، ما هذا لفظه:
«ومناقبه كثيرة تكاد تفوت عند الحاسب، ويحار
في أنواعها فهمُ اليقِظ الكاتب. روى عنه جماعة من أعيان الأئمّة وأعلامهم، كيحيى
بن سعيد، وابن جريج، ومالك بن أنَس، والثوريّ، وابن عُيَينة، وأبي حنيفة، وأيوب
السجستاني، وغيرهم.
* وقال شيخنا المفيد رحمه الله: «... ونقل
الناس عنه – أي عن الإمام الصادق عليه السلام - من العلوم ما سارت به الركبان،
وانتشر ذكره في البلاد، ولم يُنقل عن أحدٍ من أهل بيته العلماء ما نُقل عنه، ولا
لقيَ أحدٌ منهم من أهل الآثار ونقَلَة الأخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي
عبد الله عليه السلام، فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على
اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل».
*
وذُكر عن بعض علماء المخالفين أنهم كانوا من تلامذته ومن خَدَمه وأتباعه والآخذين
عنه، كأبي حنيفة، ومحمّد بن الحسن، وأنّ أبا يزيد طيفور السقّاء خدمَه وسقاه ثلاث
عشرة سنة، وأن إبراهيم بن أدهم، ومالك بن دينار، كانا من غلمانه.
*
وروى ابن شهرآشوب عن (مُسند) أبي حنيفة، قال الحسن بن زياد: «سمعتُ أبا حنيفة وقد
سُئل: من أَفقهُ مَن رأيت؟
قال:
جعفر بن محمّد؛ لمّا أقدمه المنصور - الدوانيقي العبّاسي - بعث إليّ، فقال: (يا
أبا حنيفة! إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمّد؛ فهيّئ له من مسائلك الشِّداد).
فهيّأتُ
له أربعين مسألة، ثم بعث إليّ أبو جعفر – المنصور - وهو بالحِيرة، فأتيته فدخلت
عليه؛ وجعفر - الصادق عليه السلام - جالسٌ عن يمينه. فلمّا بَصُرتُ به دخلني من
الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر (المنصور)، فسلّمتُ عليه، فأومأ إليّ فجلستُ،
ثمّ التفتَ إليه، فقال: يا أبا عبد الله! هذا أبو حنيفة.
قال:
(نَعَمْ، أَعْرِفُهُ).
ثمّ
التفت – المنصور - إليّ فقال: يا أبا حنيفة، ألقِ على أبي عبد الله من مسائلك.
فجعلتُ
أُلقي عليه فيُجيبني، فيقول: (أَنْتُمْ تَقولونَ كَذا، وَأَهْلُ المَدينَةِ يَقولونَ
كَذا، وَنَحْنُ نَقولُ كَذا). فربّما تابعَنا، وربما تابعَهم، وربما خالفنا
جميعاً، حتّى أتيتُ على الأربعين مسألة، فما أخلَّ منها بشيء، ثم قال أبو حنيفة:
أليس أنّ أعلمَ الناس أعلمُهم باختلاف الناس؟».
أخلاقُ الأنبياء
* في (تذكرة) السِّبط، قال: «ومن مكارم
أخلاقه عليه السلام، ما ذكره الزمخشريّ في كتاب (ربيع الأبرار)، عن الشُّقرانيّ
مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله (من أولاد شُقران مولى النبيّ صلّى الله عليه
وآله)، قال:
خرج العطاءُ أيام المنصور وما لي
شفيع، فوقفتُ على الباب متحيّراً، وإذا بجعفر بن محمّد قد أقبل، فذكرتُ له حاجتي،
فدخل وخرج وإذا بعطائي في كُمّه، فناولني إيّاه، وقال: (إِنَّ الحَسَنَ مِنْ كُلِّ
أَحَدٍ حَسَنٌ، وإنّهُ مِنْكَ أَحْسَنُ لِمَكانِكَ مِنّا. وَإِنَّ القَبيحَ مِنْ كُلِّ
أَحْدٍ قَبيحٌ، وَإِنَّهُ مِنْكَ أَقْبَحُ لِمَكانِكَ مِنّا).
وإنّما قال له جعفر عليه السلام ذلك،
لأن الشُّقرانيّ كان يشرب الشراب، فمن مكارم أخلاق جعفر عليه السلام أنّه رحّبَ به
وقضى حاجتَه مع علمه بحاله، ووعظَه على وجه التعريض، وهذا من أخلاق الأنبياء عليهم
السلام».
* ورُؤي عليه قميصٌ شِبهُ الكرابيس (صنف من
الثياب خشِن)... وبِيَده مِسْحاةٌ يَفتحُ بها الماءَ، وقال: (أُحِبُّ أنْ يَتَأذّى
الرَّجُلُ بِحَرِّ الشَّمْسِ في طَلَبِ المَعيشَةِ).
* وكان يأمر بإعطاء أجور العمَلَة قبل أن يجفَّ
عَرَقُهم.
مع
فرعون زمانه
كان المنصور قد هَمّ بقتل أبي عبد
الله عليه السلام غير مرّة، فكان إذا بعث إليه ودعاه ليقتله، فإذا نظر إليه هابه
ولم يقتله، غير أنّه منع الناس عنه، ومنعه من القعود للناس، واستقصى عليه أشدّ
الاستقصاء، حتّى أنه كان يقع لأحدهم مسألة في دينه، في نكاح أو طلاق أو غير ذلك،
فلا يكون علمُ ذلك عندهم – أي عند الفقهاء من أصحابه عليه السلام - ولا يَصِلون
إليه، فيعتزلُ الرجلُ أهلَه.
وكان رجلٌ من الإماميّة طلّق امرأته
ثلاثاً، فسأل الفقهاء، فقالوا: ليس بشيءٍ، فقالت امرأته: لا أرضى حتّى تسأل أبا
عبد الله عليه السلام، وكان بالحِيرة إذ ذاك أيّام أبي العبّاس.
قال الرجل: فذهبت إلى الحيرة ولم أقدر
على كلامه، إذ منع الخليفةُ الناسَ من الدخول على أبي عبد الله عليه السلام، وأنا
أنظر كيف ألتمسُ لقاءه، فإذا سَوادِيٌّ – أي رجلٌ من أهل السواد - عليه جبّة صوفٍ
يبيعُ خياراً، فقلت له: بكم خيارك هذا كلّه؟
قال: بدرهم، فأعطيته درهماً. وقلت له:
أعطِني جبّتك هذه، فأخذتها ولبستها وناديت: مَن يشتري خياراً؟ ودنوت منه عليه
السلام، فإذا غلامٌ من ناحيةٍ يُنادي: يا صاحب الخيار!
فقال عليه السلام لي - لمّا دنوتُ
منه: ما أَجْودَ ما احْتَلْتَ! أَيُّ شَيْءٍ حاجَتُك؟
قلت: إنّي ابتُليت فطلّقتُ أهلي في
دفعةٍ ثلاثاً، فسألت أصحابنا فقالوا: ليس بشيء، وإنّ المرأة قالت: لا أرضى حتّى
تسأل أبا عبد الله عليه السلام.
فقال عليه السلام: ارْجِعْ إِلى أَهْلِكَ،
فَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ.
أقول:
لما مُنع الصادق عليه السلام من القعود للناس شقّ ذلك على شيعته، وصعُب عليهم، حتّى
ألقى الله عزّ وجلّ في روع المنصور أن يسأل الصادق عليه السلام، ليُتحفَه بشيءٍ من
عنده، لا يكون لأحدٍ مثله، فبعث إليه بمِخْصَرَةٍ (المِخصرة: نحو العصا) كانت
للنبيّ صلّى الله عليه وآله؛ طولها ذراع، ففرح بها فرحاً شديداً، وأمر أن تُشَقّ
له أربعة أرباع، وقسّمها في أربعة مواضع، ثم قال له: «ما جزاؤك عندي إلا أن أُطلِقَ
لك ونُفشي علمَك لشيعتك، ولا أتعرّض لكَ ولا لهم، فاقعد غير محتَشِمٍ وَأَفْتِ النّاسَ،
ولا تكُن في بلدٍ أنا فيه».
ففَشى العلم عن الصّادق عليه السلام،
واجتمع عنده الناس وتداكّوا عليه حتّى يأخذوا من علمه عليه السلام. وعن معاوية بن
ميسرة بن شريح، قال: «شهدتُ أبا عبد الله عليه السلام في مسجد الخَيف وهو في حلقة
فيها نحو من مائتي رجل، وفيهم عبد الله بن شُبرمة (فقيهٌ، كان قاضياً للمنصور في
بعض نواحي الكوفة)، فقال: يا أبا عبد الله إنا نقضي بالعراق فنقضي ما نعلم من
الكتاب والسُّنّة، وتَرِدُ علينا المسألة فنجتهدُ فيها بالرأي..... فأقبل أبو عبد
الله عليه السلام، فقال: أَيُّ رَجُلٍ كانَ عَلِيُّ بْنُ أَبي طالِبٍ عَلَيْهِ
السَّلامُ؟ فَقَدْ كانَ عِنْدَكُمْ بِالعِراقِ وَلَكُمْ فيهِ خَبَرٌ.
قال: فأطراه ابن شُبرمة وقال فيه قولاً
عظيماً.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فَإِنَّ
عَلِيّاً أَبَى أَنْ يُدْخِلَ في دينِ اللهِ الرَّأْيَ، وَأَنْ يَقولَ في شَيْءٍ مِنْ
دينِ اللهِ بِالرّأْيِ وَالمَقاييسِ».
* وروى الكليني عن المفضّل بن عمر، قال: وجّه
أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد، وهو واليه على الحرمين، أنْ أحرِق على جعفر بن
محمّد داره! فألقى النار في دار أبي عبد الله عليه السلام فأخذت النارُ في الباب
والدهليز، فخرج أبو عبد الله عليه السلام يتخطّى النار ويمشي فيها، ويقول: «أَنا
ابْنُ أَعْراقِ الثَّرَى، أَنا ابْنُ إِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ». (أعراق الثّرى
هي أصول الأرض، وهنا الأنبياء. ومن ألقاب إسماعيل عليه السلام: عِرقُ الثّرى)
* ورُوي أنه سُعي بأبي عبد الله
الصادق عليه السلام عند المنصور، بأنه بعث مولاه المُعلّى بن خُنيس بجباية الأموال
من شيعته، وأنه كان يمدّ بها محمّد بن عبد الله (من أولاد الإمام الحسن عليه
السلام، وكان يعمل على تقويض سلطان بني العبّاس) فكاد المنصور أن يأكل كفّه على
جعفر غيظاً، وكتب إلى عمّه داود بن علي، وهو إذ ذاك أمير المدينة، أن يُسيّر إليه
جعفر بن محمّد عليهما السلام، ولا يُرخِص له في التلوّم والمقام.
فبعث إليه داود بكتاب المنصور، وقال
له: اعمل في المسير إلى أمير المؤمنين في
غد، ولا تتأخّر!
قال صفوان الجمّال: وكنتُ يومئذٍ
بالمدينة، فأنفذ إليّ أبو عبد الله عليه السلام فصرتُ إليه، فقال لي: «تَعَهَّدْ
راحِلَتَنا فَإِنّا غادونَ في غَدٍ إِنْ شاءَ اللهُ إِلى العِراقِ»، ونهض من
وقته وأنا معه إلى مسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان ذلك بين الأولى والعصر،
فركع فيه ركعات، ثمّ رفع يدَيه ودعا بدعاء.
وفي (الكافي) عن صفوان الجمّال، قال: «حملتُ
أبا عبد الله عليه السلام الحملة الثانية إلى الكوفة، وأبو جعفر المنصور بها، فلمّا
أشرف عليه السلام على الهاشمية – منطقة في الكوفة - أخرج رِجله من غَرْزِ الرَّحَل،
ثمّ نزل ودعا ببغلة شهباء، ولبس ثياباً بيضاً وكُمَّةً بيضاء (الكُمّة العمامة) فلما
دخل عليه، قال له أبو جعفر: لقد تشبّهتَ بالأنبياء!
فقال أبو عبد الله عليه السلام: وَأَنّى
تُبَعِّدُنِي مِنْ أبْناءِ الأَنْبِياءِ؟
قال: لقد هممتُ أن أبعث إلى المدينة
من يَعْقِرُ نخلَها ويَسبي ذرّيتها.
قال: وَلِمَ ذاك؟
فقال: رُفع إليّ أن مولاك المعلّى بن خنيس
يدعو إليك ويجمع لك الأموال.
فقال: وَاللهِ ما كانَ.
فقال: لستُ أرضى منك إلا بالطلاق والعِتاق
والهَدي والمَشي.
فقال: أَبِالأَنْدادِ مِنْ دونِ
اللهِ تَأْمُرُني أَنْ أَحْلِفَ، إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللهِ، فَلَيْسَ مِنَ
اللهِ في شَيْءٍ. فقال: أَتَتَفَقُّه عَلَيَّ؟!
فقال: وَأَنّى تُبَعِّدُنِي مِنَ
التَّفَقُّهِ وَأَنَا ابنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ؟
قال: فإنّي أجمعُ بينك وبينَ مَن سعى
بك؟
قال: فَافْعَل.
قال: فجاء الرجل الذي سعى به، فقال له
أبو عبد الله عليه السلام: يا هَذا!
فقال: نعم! واللهِ الذي لا إلهَ إلا
هو عالمُ الغَيب والشهادة، الرحمنُ الرحيم، لقد فعلتَ.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا
وَيْلَكَ! تُبَجِّلُ اللهَ تَعالى فَيَسْتَحْيي مِنْ تَعْذيبِكَ، وَلَكِنْ قُلْ: بَرِئْتُ
مِنْ حَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ وَأَلجَأْتُ إِلى حَوْلِي وَقُوَّتِي.
فحلفَ بها الرجلُ، فلم يستتمّها حتّى
وقع ميتاً. فقال له أبو جعفر: لا أصدّقُ بعدَها عليك أبداً...».
أقول: قد ظهر من هذه الرواية ومن
روايات أُخَرَ أنَّ مجيء الصادق عليه السلام، من المدينة إلى العراق كان أكثر من
مرّة واحدة، ويظهر من روايات كثيرة أنَّ المنصور أحضره عليه السلام، مرّات عديدة
ليقتله، فدعا اللهَ تعالى لكفاية شرّ المنصور، فكفاه الله تعالى شرّه.
* وكان من دعائه عليه السلام حين أمر المنصور
بإحضاره، فلمّا بصُر به قال: «قتلني الله إن لم أقتلك، أتُلحِدُ في سلطاني وتبغيني
الغوائل؟!
قال الربيع حاجب المنصور: وكنت رأيت
جعفر بن محمّد عليهما السلام حين دخل على المنصور يحرّك شفتَيه، فكلّما حرّكهما
سكن غضبُ المنصور، حتّى أدناه منه وقد رضيَ عنه، فلمّا خرج عليه السلام اتّبعته،
وقلت له: بأيّ شيءٍ كنت تحرّك شفتيك حتّى سكن غضبه؟
قال: بِدُعاءِ جَدّي الحُسَيْنِ بْنِ
عَلِيٍّ عَلَيْهِما السَّلامُ.
قلت: جُعلِتُ فداك وما هذا الدعاء؟
قال: (يا عُدَّتي عِنْدَ شِدَّتي،
وَيا غَوْثي في كُرْبَتي، احْرُسْني بِعَيْنِكَ الّتي لا تَنامُ، وَاكْنُفْني بِرُكْنِكَ
الّذي لا يُرامُ).
قال الربيع: فحفظت هذا الدعاء، فما نزلت
بي شدّة قطّ إلا دعوتُ به ففرّج عنّي».
شهادة
الإمام الصادق عليه السلام
قُبض أبو عبد الله عليه السلام في شوّال
من سنة ثمان وأربعين ومائة مسموماً، في عنب سَمّه المنصور، وله خمس وستّون سنة،
وقد عيّن بعض المتتبّعين يوم وفاته عليه السلام في الخامس والعشرين منه، ودُفن في
البقيع مع أبيه وجدّه، وعمّه الإمام الحسن المجتبى عليهم السلام.
وعن أبي بصير، قال: «دخلتُ على أمّ
حميدة أعزّيها بأبي عبد الله عليه السلام، فبكتْ وبكيتُ لبكائها، ثم قالت: يا أبا
محمّد، لو رأيتَ أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيتَ عَجَباً، فتح عينيه،
ثمّ قال: اجْمَعوا لي كُلَّ مَنْ بَيْني وَبَيْنَهُ قَرابَة، قالت: فلم نَترُك
أحداً إلا جمعناه، قالت: فنظرَ إليهم، ثمّ قال: إِنَّ شَفاعَتَنا لا تَنالُ مُسْتَخِفّاً
بِالصَّلاةِ».