السيّد الحِميري
يَتوبُ ببَركة الإمام الصادق عليه السلام، ويُنشده شعراً:
يا أمينَ الله... إليكَ تَأَوُّبي
هو السيد إسماعيل بن محمّد الحميريّ، أبو
هاشم أو أبو عامر: شاعر إماميّ متقدّم. و«السيّد» اسمه أو لقبُه، ولم يكن علوياً.
قال (صاحب الأغاني): يقال إنّ أكثر الناس
شعراً في الجاهليّة والإسلام ثلاثة: بشّار وأبو العتاهية والسيّد، فإنّه لا يُعلم أنّ
أحداً قدر على تحصيل شعر أحد منهم أجمع. توفّي عام173 للهجرة/ 789م.
وفي (كمال الدين وتمام النعمة) للشيخ الصدوق، بسنده عن حيّان السرّاج، قال: سمعتُ السيّد بن
محمّد الحميريّ يقول: كنتُ أقول بالغلوّ وأعتقد غَيبة محمّد بن عليّ - ابن الحَنفيّة
- قد ضَللتُ في ذلك زماناً، فمَنّ الله عليّ بالصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام وأنقذني
به من النار، وهداني إلى سواء الصراط، فسألتُه بعد ما صحّ عندي بالدلائل التي شاهدتُها
منه أنه حجّة الله عليَّ وعلى جميع أهل زمانه وأنّه الإمامُ الذي فرضَ الله طاعته وأوجب
الاقتداء به، فقلتُ له: يا ابنَ رسول الله، قد رُوي لنا أخبارٌ عن آبائك عليهم السلام
في الغَيبة وصحّة كونها، فأَخبِرني بِمَن تقع؟
فقال عليه السلام: إن الغَيبة سَتقعُ
بالسّادس من وُلدي؛ وهو الثاني عشر من الأئمّة الهُداة بعدَ رسولِ الله صلّى الله عليه
وآله وسلّم؛ أوّلُهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وآخرُهم القائمُ بالحقّ بقيّةُ
الله في الأرض وصاحبُ الزمان. واللهِ لو بقيَ في غَيبته ما بَقِيَ نوحٌ في قومه لم
يَخرجْ من الدنيا حتّى يظهرَ فيَملأَ الأرضَ قِسطاً وعدلاً، كما مُلئت جَوراً وظُلماً.
قال السيّد: فلمّا سمعتُ ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، تبتُ
إلى الله تعالى ذِكرُه على يدَيه، وقلتُ قصيدتي التي أوّلها: [بحر الطّويل]
فَلَمَّا
رَأَيْتُ النَّاسَ فِي الدِّينِ قَدْ غَوَوْا
|
تَجَعْفَرْتُ
بِاسْمِ اللهِ فِيمَنْ تَجَعْفَرُوا
|
وَنَادَيْتُ
بِاسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ
|
وَأَيْقَنْتُ
أَنَّ اللهَ يَعْفُو وَيَغْفِرُ
|
وَدِنْتُ
بِدِينٍ غَيْرِ ما كُنْتُ دائِناً
|
بِهِ، وَنَهَانِي
سَيِّدُ النَّاسِ جَعْفَرُ
|
فَقُلْتُ
فَهَبْنِي قَدْ تَهَوَّدْتُ بُرْهَةً
|
وَإِلَّا
فَدِينِي دِينُ مَنْ يَتَنَصَّرُ
|
وَإِنِّي
إِلَى الرَّحْمَنِ مِنْ ذَاكَ تَائِبٌ
|
وَإِنِّيَ قَدْ
أَسْلَمْتُ وَاللهُ أَكْبَرُ
|
فَلَسْتُ
بِغَالٍ مَا حَيِيتُ وَرَاجِعٍ
|
إِلَى
مَا عَلَيْهِ كُنْتُ أُخْفِي وَأُظْهِرُ ".."
|
(إلى
آخر القصيدة، وهي طويلة)، وقال بعد ذلك قصيدة أخرى: [بحر
الطّويل]
أَيَا
رَاكِباً نَحْوَ الْمَدِينَةِ جَسْرَةً*
|
عُذَافِرَةً
يُطْوَى بِهَا كُلُّ سَبْسَبِ*
|
إِذَا
مَا هَدَاكَ اللهُ عَايَنْتَ جَعْفَراً
|
فَقُلْ
لِوَلِيِّ اللهِ وَابْنِ الْمُهَذَّبِ
|
أَلَا
يَا أَمِينَ اللهِ وَابْنَ أَمِينِهِ
|
أَتُوبُ
إِلَى الرَّحْمَنِ ثُمَّ تَأَوُّبِي
|
إِلَيْكَ
مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي كُنْتُ مُطْنِباً
|
أُحَارِبُ
فِيهِ جَاهِداً كُلَّ مُعْرِبِ
|
وَمَا
كَانَ قَوْلِي فِي «ابْنِ خَوْلَةَ» مُبْطِناً
|
مُعَانَدَةً
مِنِّي لِنَسْلِ الْمُطَيَّبِ...
|
فَإِنْ
قُلْتَ لَا فَالْحَقُّ قَوْلُكَ، وَالَّذِي
|
تَقُولُ فَحَتْمٌ
غَيْرَ مَا مُتَعَصِّبِ
|
وَأُشْهِدُ
رَبِّي أَنَّ قَوْلَكَ حُجَّةٌ
|
عَلَى
النَّاسِ طُرّاً مِنْ مُطِيعٍ وَمُذْنِبِ
|
بِأَنَّ
وَلِيَّ الْأَمْرِ وَالْقَائِمَ الَّذِي
|
تَطَلَّعُ
نَفْسِي نَحْوَهُ بِتَطَرُّبِ
|
لَهُ غَيْبَةٌ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ
يَغِيبَها
|
فَصَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مِنْ مُتَغَيِّبِ
|
فَيَمْكُثُ حِيناً ثُمَّ يَظْهَرُ أَمْرُهُ
|
فَيَمْلَأُ
عَدْلاً كُلَّ شَرْقٍ وَمَغْرِبِ
|
بِذَاكَ أَدِينُ اللهَ سِرّاً وَجَهْرَةً
|
وَلَسْتُ وَإِنْ عُوتِبْتُ فِيهِ بِمُعْتَبِ
|
|
|
* الجَسرة: الناقة القوية. والسَّبْسَب: القَفْر أو الأرض
المستوية.