ليست
القدس «أورشليم»، ولا الحجاز «السعوديّة»
بقلم:
الشيخ حسين كوراني
«إرْمِ بِبَصَرِكَ أقْصَى
القَومِ»، تَعاملْ - في ضوء السُّنن الاجتماعيّة
الكونيّة - مع عموم المسارات والمآلات، تَجِد أنّ منطقتنا في نهاية النفَق.
سيكتمل الفرز، ويلفظ
جسد الأمّةِ الغرباءَ و الدخلاء.
سيتّضح بما لا مزيد
عليه:
1-
أنّ الوهّابيّين ليسوا
سُنّة، فضلاً عن ادّعائهم زوراً ولاية الأمر باسم أهل السنّة والجماعة.
2-
أنّ تأسيس بريطانيا «الوطن القوميّ السعوديّ»،
كان المدخل الضرورة لاحتضان مؤامرة «الوطن القوميّ اليهوديّ».
3- وأنّ
«بلفور» لم يجرؤ على إسكان شذّاد الآفاق في منطقتنا إلا بعد حوالي قرن من
المجازر «الدّاعشيّة» لتأمين الحاضنة السعوديّة - الوهّابيّة.
سيُدرك القاصي والداني
أنّ الزلزال الخمينيّ - الخامنئيّ قد وضع حداً للتزييف الصّهيو - سعوديّ «الصّهيو-
ديّ».
ما هي إلا «عَدوة فرس» - في عمر الزمن - وينجلي
النّقع عن وجه هذه المنطقة من العالم، وينبلج الفجر، ويتنفّس الصبح.
﴿.. كَذَلِكَ يَضْرِبُ
اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا
يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ﴾
الرعد:17.
ستُشرق الشمس، ونُوقن أنّ
الأمّة واحدة. وسَط. تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. يجمعها حبّ الله والرسول
وآله. حبّ البيت ووربّ البيت وأهل البيت.
***
كانت قرون التزييف
الأمويّ قد خلّطت على الشيعة والسنّة. خلَطت بين الجاهليّة والإسلام. بين دار
الندوة، والمسجد النبويّ. بين الصحابة وبين أبي سفيان ومعاوية والحَكَم ومروان،
والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص. وأضرابهم. بين الشريعة وبين تلبيس معاوية
وإبليس.
واصل معاوية - باسم
الإسلام - حروب أبيه وقريش والجاهليّة على الإسلام، فكانت إمبراطوريّة الألف شهر.
كان أبو سفيان قد قال:
«تلقّفوها يا بني أميّة تلقّف الكرة، فوَالذي يحلفُ به أبو سفيان، لا جنّة ثَمّ
ولا نار. إنّما هو الملك». (المسعوديّ، مروج
الذهب، ط 2، 1404ه، ج2،
ص 342).
قال الزمخشريّ، في مادّة:
«زَقَف»: «ومنه: إنّ أبا سفيان ".." قال لبني أميّة: تزقّفوها تزقُّف
الكرة، وروي: تلقّفوها يعني الخلافة». (الزمخشريّ، غريب
الحديث: 2/88).
تلقّف العباسيّون «كُرَة
أبي سفيان». راقهم هذا التلبيس. به قامت إمبراطوريتهم.
***
طال تزقّف الكرة
والتلقّف. قال أمير المؤمنين عليه السلام: «وَلَولَا أَنَّ قُرَيْشَاً جَعَلَتْ
اسْمَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَرِيعَةً إِلَى الرِّيَاسَةِ، وَسُلَّمَاً
إِلَى العِزِّ وَالْإِمْرَةِ، لَمَا عَبَدَتِ اللهَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَوْمَاً وَاحِدَاً».
(ابن
أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: 298/20، الحكمة 414).
وتستقرّ «الكُرة» في
حضن المجسِّم ابن تيميّة - الذي يتبرّأ منه كبار علماء السنة قاطبة - فيحرّم السفر
إلى المدينة المنوّرة بقصد زيارة الرسول صلّى الله عليه وآله، ويتمادى في التنظير
لقطع علاقة الأمّة برسول الله صلّى الله عليه وآله، ويجدّد الغارات الأمويّة على
مقامات أهل البيت عليهم السلام، ومناقبهم التي أجمع عليها المسلمون شيعةً وسُنّة.
***
تدحرجت السنون والكُرَة
إلى سنة 1744م الموافق 1157 هجريّة (كما في
المصادر، ويبدو أنّ الصحيح 1164 هجريّة.)
تحالَف محمّد بن سعود
مع محمّد بن عبد الوهّاب.
تواصلت وحشيّة هندٍ
وأبي سفيان، من «وحشيّ» قاتل الحمزة عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله،
إلى «إدارة التوحّش» في أرجاء هذه المنطقة للتجزير بالسنّة بذريعة التجزير
بالشيعة! (إدارة التوحّش اسم كتابِ أبي بكر ناجي،
معاون البغداديّ، وهو تنظير للداعشيّة المستشرية).
طوال 272 عاماً لم
يتدنّ منسوب المجازر الأمويّة الوهّابيّة المباشرة أو بالواسطة.
المستهدف في جميع تلك
المجازر هم أهل السنّة والجماعة أوّلاً، والشيعة ثانياً.
يدلّل على ارتفاع نسبة
المجازر الوهّابيّة في «أهل السنّة»، وعلى قياس المجازر في الشيعة بالنسبة
إليها في السنّة، ما يجري في اليمن منذ أكثر من خمسمائة يوم. نسبة الشيعة الإماميّة
في اليمن، ونسبة السنّة، أوضح دليل على أنّ الوهّابيّين وفراعنتهم آل سعود ليسوا
من الأمّة.
***
لولا «فتاوى» شيوخ
الفتنة الأخطر، لما أمكن للترغيب والترهيب إحكام التزييف الأمويّ الوهّابيّ.
فتاوى «علماء
البلاط» هي السلاح الأمضى.
ما نشهده اليوم من غابة
علماء السوء، ونَفْث ثعابين الفتاوى، مدماك المشروع الأمويّ - الوهّابيّ.
حين اقتحمت جنود «إبراهيم
باشا» عاصمة آل سعود «الدّرعيّة» عُقد أول مؤتمر – والأخير- بين علماء
السنّة و«علماء الوهّابيّة». كان الوهّابيّون خمسمائة مسمّى بعالم. أبادهم إبراهيم
باشا جميعاً ودُفنوا في مكانٍ واحد.
***
تمكّن الغرب من رقبة
الشرق طيلة أكثر من قرنين ونصف، باعتماد سياسة الترغيب والترهيب عبر الأمويّين
الجدد آل سعود، وعبر دواعشهم من حكّامٍ دُمىً، وشيوخِ فتنةٍ وضلالٍ مبين.
على وهج رنين الجنيه
والدولار، وضرم المجازر الوهّابيّة، كان «سايكس بيكو»، وكان زرع الكيان
الصهيونيّ خنجراً في قلب الأمّة والشرق والعالم.
يوم انطلق دواعش «الهاجانا»
وأضرابها، كان آل سعود قد أثخنوا بداعشيّاتهم جسد الأمة بالجراح، وأدموا قلبها.
جاءت «عصابات الكيان الصهيونيّ» - الوجهِ المعلن للغدّة السرطانيّة - لتُجْهِز على
الجسد النازف.
أكبر «إنجازات آل
سعود التلموديّة» التمهيد للتأسيس الصهيونيّ في فلسطين.
وما يزال الدور
المتبرّع به والموكل إليهم، ذات الدّور. تمكين الغرب من رقبة الشرق، بالمجازر
والبترودولار ليدوم تسلّقهم والتسلّل ولا ينكشف زيفهم والتنكّر.
لم يغب يوماً عن بال
آل سعود ورعاتهم أنّ مصيرهم في بحر الأمّة، رهن تثبيت الكيان الصهيونيّ في فلسطين.
إنْ اهتزّ اهتزوا وإنْ زال زالوا.
أيقنوا وما يزالون أنّ قدر الوطنَيْن القوميّيْن
الصهيونيّ والسعوديّ (الصهيو- ديّ) واحدٌ «حتّى تصيحَ السّاعة» كما عبّر «عبد
العزيز» في وثيقة تنازله عن فلسطين!
***
هل عرفتَ لماذا تقدّم
آل سعود الصفوفَ على غير عادتهم؟
لماذا استنسخوا
تجربتهم الأولى قبل أكثر من قرنين فأطلقوا دواعشهم في الشام والعراق، ومن لبنان
إلى ليبيا؟
لماذا ركبوا الجوّ
والبحر، ولم يُعرَف أنّهم من فرسانهما ولو من بعيد؟
هل عرفت لماذا كلّ هذا
القصف المجنون على اليمن؟
وكلّ هذا الفحيح في
البحرين؟ وكلّ هذا الحقد على إيران؟
ولماذا كلّ هذا الهرير
على المقاومة الإسلاميّة.
أصابت حرب تمّوز مقتل
آل سعود يوم ضربت «إسرائيلهم» وهي عصب استمرار أكذوبتهم الذي لم يؤسّسوا له إلا
ليقينهم بأنّ دوامَه ضمانة وجودهم.
***
لم يحصد آل سعود من كلّ
هذا الإجلاب بخيلهم ورجِلهم، إلا الخيبة.
في الميدان:
هذه «نجران» و«أرامكو» – الفرع - تُنذر بما ينتظر الرياض وجدّة
والظهران و«أرامكو» الأمّ!
***
وأنت تَرمي ببَصرك
أقصى القوم:
تدبّر جيداً وتبصّر،
في هذا الدويّ الهائل لتحطيم الصنم الأمويّ بنسخته الوهّابيّة - السعوديّة. يصرفك
التدبّر فيه والتبصّر عن الفصل بينه وبين عصف تدحرج الصنم «الإسرائيليّ». تماماً
كما يصرفك تصدّع الجبل عن «فأرة» تمخّض عنها.
لقد حفرت صواريخ
المقاومة الإسلاميّة قبل «حيفا» قبور آل سعود.
عندما سمعوا الحديث عن
«حيفا» و«ما بعد ما بعد حيفا»، هاموا على وجوههم في صحاري العراق
والشام، وليبيا، وجبال اليمن الوعِرة ليقينهم بأنّ مرحلة «ما بعد..» ستُهيل
عليهم التراب. «دَفْنَاً دَفْنَا».
﴿..خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ..﴾
البقرة:243،
﴿.. حَذَرَ الْمَوْتِ، وَاللَّهُ مُحِيطٌ
بِالْكَافِرِينَ﴾ البقرة:19.
السرّ في تعجيل سوء عاقبة
آل سعود، انكشاف الزّيف، وظهور الحقائق.
كما أيقنت الأمّة أنّ
القدس هي القدس وليست أورشليم، تَسارع اليقين بأنّ الحجاز هو الحجاز وشبه الجزيرة
العربيّة، وليس المملكة العربيّة السعوديّة.