مناسكُ الحجّ، هي مناسكُ الحياة
إنّ من واجبات
المسلمين الكبرى فهم وإدراك حقيقة الحجّ، ولماذا ينبغي أن يكرّسوا دائماً لأدائه
شطراً من إمكانيّاتهم المادّية والمعنوية.
ما تمّ طرحُه لحدّ
الآن، تحت عنوان فلسفة الحجّ، من قبل الجهلَة والمحلّلين غير الواعين والمرتزقة، هو
أنّ الحجّ عبادة جماعية، وزيارة، وسياحة.
".."
ليس الحجّ مجرّد حركات
وأعمال وألفاظ. فالإنسان لا يصل إلى الله بالألفاظ والحركة الجافّة.. الحجّ مركز
المعارف الإلهية، ويجب استلهام سياسة الإسلام في كافّة مناحي الحياة منه.. الحجّ يتكفّل
إيجاد وبناء مجتمع خالٍ من الرذائل المادية والمعنوية.
الحجّ تجلّي وتكرار
تجسيد مظاهر العشق في حياة الإنسان والمجتمع المتكامل في الدنيا. مناسك الحجّ هي
مناسك الحياة.
ولهذا ينبغي لمجتمع
الأمّة الإسلامية، على اختلاف أعراقه وانتماءاته القومية، أن يكون إبراهيمياً كي
يلتحق بركب أمّة محمّد صلّى الله عليه وآله
وسلّم، ويتوحّد معها ويصبح يداً واحدة.
الحجّ تنظيم وتمرين
وبلورة للحياة التوحيدية.. الحجّ ميدان تجلٍّ، ومرآة تظهر مؤهّلات المسلمين
وقدراتهم المادية والمعنوية.. الحجّ كالقرآن يستفيد منه الجميع، ولكن إذا ما حاول
المفكّرون والباحثون والمدركون لآلام الأمّة الإسلامية الغوص في بحر معارفه، ولم
يهابوا الاقتراب من الخوض في أحكامه وسياساته الاجتماعية، فسوف يتسنّى لهم
الانتقال من أصداف هذا البحر إلى المزيد من جواهر الهداية والرُّشد والحكمة والتحرّر،
وسيرتوون من زلال حكمته إلى الأبد.
ماذا ينبغي لنا أن
نفعل، وإلى أين نتوجّه بهذا الهمّ الكبير، حيث بات الحجّ مهجوراً كالقرآن؟
".."
لا شكّ أنّ الحجّ الذي
يفتقد للروح، والمجرّد من التحرّك والثورة.. الحجّ الذي لا يتضمّن البراءة من المشركين،
والدعوة إلى الوحدة بين المسلمين، والحجّ الذي لا يقود إلى هدم الكفر والشرك؛ ليس
حجّاً.
باختصار، يجب على كافّة
المسلمين السعي إلى تجديد حياة الحجّ والقرآن الكريم، وإعادتهما إلى واقع حياتهم.
وعلى الباحثين الإسلاميّين الملتزمين العمل على تبديد كلّ ما نسجه علماء البلاط من
أوهامٍ وخرافات، من خلال عرض تفاسير صحيحة وواقعية لفلسفة الحجّ.