في
ذكرى الغدير
تَوالَ عَلِيّاً وَأَبْناءَهُ
§
شعر: صفيّ الدين
الحلّي
لصفيّ
الدين الحليّ قصائد جليلة في رسول الله صلّى الله عليه وآله، وفي أهل بيته عليهم
السلام، وصفّيّ الدّين الحلّيّ، عبد العزيز بن سرايا
(توفّي عام 750 للهجرة/ 1349م) كان شاعرَ عصره. ولد ونشأ في الحلّة الواقعة بين الكوفة
وبغداد، واشتغل بالتّجارة، فكان يرحل في تجارته إلى الشّام ومصر وماردين [من الأقاليم
السّوريّة الشّماليّة التي ضُمّت إلى تركيا بموجب معاهدة لوزان عام 1923م] وغيرها،
ويعود إلى العراق، وانقطع مدّة إلى أصحاب ماردين. ورحل إلى القاهرة سنة 726 للهجرة
فمدح السّلطان الملك النّاصر. توفّي ببغداد. له (ديوان شعر)، و(العاطل الحالي)،
وهو رسالة في الزّجل والموالي، و(الأغلاطي) وهو معجم للأغلاط اللّغويّة، و(درر النّحور)
وهي قصائده المعروفة بالأرتقيّات، وغير ذلك.
يقول معاصروه
إنّه مهر في فنون الشّعر كلّها، وتعلّم المعاني والبيان وصنّف فيها، وذكر الصّفدي
أنّه نظّم الشّعر ابن سبع سنين، وقد أجاد في الشّعر واشتهر وسبقته شهرته إلى
الآفاق التي زارها... وكان صفيّ الدّين الحليّ
ضليعاً في اللّغة، وفي استخدام البديع والمحسّنات اللّفظيّة، فطوّع مقدرته
اللّغويّة والبلاغيّة خدمةً لقصائده.
قال يمدح أمير المؤمنين عليه السّلام، ذاكراً
يوم الغدير:
تَوالَ عَلِيّاً وَأَبْناءَهُ تَفُزْ
في المَعادِ وَأَهْوالِه
إمامٌ لهُ عِقْدُ يَوْمِ الغَديرِ بِنَصِّ النَّبِيِّ وَأَقْوالِه
لهُ في التَّشَهُّدِ بَعْدَ الصَّلاةِ مَقامٌ
يُخَبِّرُ عَنْ حالِه
فَهَلْ بَعْدَ ذِكْرِ إِلَهِ السَّماءِ وَذِكْرِ
النَّبِيِّ سِوَى آلِه
وقال فيه عليه
السّلام:
فَواللهِ ما اخْتارَ الإلِهُ مُحَمَّداً حَبيباً، وَبَيْنَ العالَمِينَ لَهُ مِثْلُ
".."
وَشاهِدُ عَقْلِ المَرْءِ حُسْنُ اخْتِيارِه فَما
حالُ مَنْ يَختارُهُ اللهُ وَالرُّسْلُ
وقال فيه عليه
السّلام:
أَميرَ المُؤْمِنينَ أَراكَ إمّا ذَكَرْتُكَ
عِنْدَ ذي حَسَبٍ صَغا لي
وَإِنْ كَرَّرْتُ ذِكْرَكَ عِنْدَ نَغلٍ تَكَدّرَ
سِتْرُهُ، وَبَغَى قِتالي
فَصِرْتُ إِذا شَكَكْتُ بِأَصْلِ مَرْءٍ ذَكَرْتُكَ
بِالجَميلِ مِنَ المَقالِ
فَلَيْسَ يُطيقُ سَمْعَ ثناكَ إِلّا كَريمُ الأَصْلِ مَحْمودُ الخِلالِ
فَها أَنا قَدْ خَبَرْتُ بِكَ البَرايا فَأَنْتَ
مَحَكُّ أَوْلادِ الحَلالِ
وقال يمدحه عليه
السلام، وقد قرأ قول ابن عبّاس فيه: جُمعت في عليٍّ أضدادُ لم تُجمع في بشر قطّ:
جُمِعَتْ في صِفاتِكَ الأَضْدادُ فَلِهذا عَزَّتْ لَكَ الأَنْدادُ
زاهدٌ، حاكِمٌ، حَليمٌ، شُجاعٌ ناسِكٌ،
فاتِكٌ، فَقيرٌ، جَوادُ
شِيَمٌ ما جُمِعْنَ في بَشَرٍ قَطّ ولا حازَ
مِثْلَهُنَّ العِبادُ
خُلُقٌ يُخْجِلُ النَّسيمَ مِنَ العَطْفِ وَبَأْسٌ
يَذوبُ مِنْهُ الجَمادُ ".."
ظَهَرَتْ مِنْكَ للوَرَى مُعْجِزاتٌ فَأَقَرَّتُ
بِفَضْلِكَ الحُسَّادُ
إِنْ يُكَذِّب بِها عِداكَ فَقَدْ كَذَّ بَ مِن
قَبْلُ قَوْمُ لُوطٍ وَعادُ ".."
جَلَّ مَعْناكَ أَنْ يُحيطَ بِهِ الشِّعْرُ وَتُحْصي
صِفاتِهِ النُّقّادُ
إِنَّما اللهُ عَنْكُمُ أَذْهَبَ الرِّجْسَ فَرُدَّتْ
بِغَيْظِها الأَحْقادُ
ذاكَ مَدْحُ الإِلَهِ فيكُمْ، فَإِنْ فُهْتُ بِمَدْحٍ،
فَذاكَ قَوْلٌ مُعادُ