من وصايا الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله
لأبي ذرّ
* معرفةُ الله، ثمّ
الإيمان بي، ثمّ حبُّ أهل بيتي
* كُنْ في الدّنيا كأنّك عابرُ سَبيل
ــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر»
ــــــــــــــــــــــــ
هذا النصّ مقتطف من إحدى وصايا رسول الله صلّى الله عليه
وآله للصحابيّ الجليل، أبي ذرّ الغفاريّ، رواها الشيخ الطوسي في (الأمالي) بسنده
عن أبي الأسود الدّؤلي رحمه الله، فقال:
«... عن أبي الأسود الدُّؤَليِّ، قال: قَدِمْتُ
الرَّبَذَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي ذرّ، جُنْدَبِ بْنِ جُنَادَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ، فَحَدَّثَنِي أَبُو ذرّ، قَالَ:
دَخَلْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي صَدْرِ نَهَارِهِ عَلَى
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلَمْ
أَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ؛ وعليٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ، إِلَى جَانِبِهِ جَالِسٌ،
فَاغْتَنَمْتُ خَلْوَةَ الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بِأَبِي أَنْتَ
وَأُمِّي، أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا.
فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله:
* نَعَمْ، وَأَكْرِمْ بِكَ يا أَبا ذرّ، إِنَّكَ مِنّا أَهْلَ
البَيْتِ، وَإِنّي موصيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظْها، فَإِنَّها جامِعَةٌ لِطُرُقِ
الخَيْرِ وَسُبُلِهِ، فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَها كانَ لَكَ بِها كِفلان.
* يا أَبا ذرّ، اعْبُدِ اللهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فَإِنْ كُنْتَ
لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ عِبَادَةِ اللهِ الْمَعْرِفَةُ
بِهِ، فَهُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ، وَالْفَرْدُ
فَلَا ثَانِيَ لَهُ، وَالْبَاقِي لَا إِلَى غَايَةٍ، فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ شَيْءٍ، وَهُوَ اللهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ،
وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
ثُمَّ الْإِيمَانُ بِي، وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى
أَرْسَلَنِي إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا
مُنِيرًا﴾. [الأحزاب:46]
ثُمَّ حُبُّ أَهْلِ بَيْتِيَ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ
الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً.
وَاعْلَمْ
يا أَبا ذرّ، أَنَّ اللهَ،
عَزَّ وَجَلَّ، جَعَلَ أَهْلَ بَيْتِي فِي أُمَّتِي كَسَفِينَةِ نُوحٍ؛ مَنْ
رَكِبَهَا نَجَا وَمَنْ رَغِبَ عَنْهَا غَرِقَ، وَمِثْلِ بَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي
إِسْرَائِيلَ، مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً.
* يا أَبا ذرّ، احْفَظْ مَا أُوصِيكَ بِهِ تَكُنْ سَعِيداً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
* يا أَبا ذرّ، نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ
النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ....
* يا أَبا ذرّ، إيّاكَ والتَّسويفَ بِأمَلِكَ، فإنَّكَ بِيَوْمِكَ
ولَسَتَ بِما بَعْدَهُ، فَإِنْ يَكُنْ غَدٌ لَكَ فَكُنْ في الغَدِ كَما كُنْتَ في اليَوْمِ،
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَدٌ لَكَ لَمْ تَنْدَمْ عَلى ما فَرَّطْتَ في اليَوْمِ.
* يا أَبا ذرّ، كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْمًا لا
يَسْتَكْمِلُهُ، وَمُنْتَظِرٍ غَدًا لا يَبْلُغُهُ...
* يا أَبا ذرّ، ُكُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ،
أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَصْحَابِ الْقُبُورِ...
* يا أَبا ذرّ، كُنْ عَلى عُمُرِكَ أَشَحَّ مِنْكَ عَلى
دِرْهَمِكَ وَدينارِكَ.
* يا أَبا ذرّ، هَلْ يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ إِلّا غِنًى
مُطْغِياً، أَوْ فَقْراً مُنْسِياً، أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً، أَوْ هَرَمًا
مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ
يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ.
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ
شَرَّ النّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ، يَوْمَ القِيامَةِ، عالِمٌ لا يُنْتَفَعُ
بِعِلْمِهِ، وَمَنْ طَلَبَ عِلْماً لِيَصْرَفَ بِهِ وُجوهَ النّاسِ إِلَيْهِ لَمْ
يَجِدْ ريحَ الجَنَّةِ...
* يا أَبا ذرّ، إِذا سُئِلْتَ عَنْ عِلْمٍ لا تَعْلَمُهُ،
فَقُلْ: لا أَعْلَمُهُ، تَنْجُ مِنْ تَبِعَتِهِ، وَلا تَفْتِ بِما لا عِلْمَ لَكَ
بِهِ، تَنْجُ مِنْ عَذابِ اللهِ يَوْمَ القِيامَةِ.
* يا أَبا ذرّ، يَطّلِعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ
إِلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: مَا أَدْخَلَكُمُ النَّارَ،
وَإِنَّمَا أُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ بِفَضْلِ تَأْدِيبِكُمْ وَتَعْلِيمِكُمْ؟
قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُكُمْ بِالْخَيْرِ وَلا نَفْعَلُهُ.
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ حُقوقَ اللهِ، جَلَّ ثَناؤُهُ، أَعْظَمُ
مِنْ أَنْ يَقومَ بِها العِبادُ، وَإِنَّ نِعَمَ اللهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَها
العِبادُ، وَلَكِنْ أَمْسوا وَأَصْبِحوا تائِبينَ....
* يا أَبا ذرّ، المُتَّقونَ سادَةٌ، وَالفُقَهاءُ قادَةٌ،
وَمُجالَسَتُهُمْ زِيادَةٌ.
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ المُؤْمِنَ لَيَرى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ
تَحْتَ صَخْرَةٍ يَخافُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الكافِرَ لَيَرَى ذَنْبَهُ
كَأَنَّهُ ذُبابٌ مَرَّ عَلى أَنْفِهِ.
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ اللهَ، تَبارَكَ وَتَعالى، إِذا أَرادَ
بِعَبْدٍ خَيْراً جَعَلَ الذُّنوبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مُمَثَّلَةً، وَالإِثْمَ عَلَيْهِ
ثَقيلاً وَبيلاً، وَإِذا أَرادَ اللهُ بِعَبْدٍ شَرّاً أَنْساهُ ذُنوبَهُ.
* يا أَبا ذرّ، لا تَنْظُرْ إِلى صِغَرِ الخَطيئَةِ، وَلَكِنِ
انْظُرْ إِلى مَنْ عَصَيْتَ أَمْرَهُ.
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ نَفْسَ المُؤْمِنِ أَشَدُّ ارْتِكاضاً
مِنَ الخَطيئَةِ مِنَ العُصْفورِ حينَ يُقْذَفُ بِهِ في شَرَكِهِ.
* يا أَبا ذرّ، مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَذَاكَ الَّذِي أَصَابَ
حَظَّهُ، وَمَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَإِنَّمَا يُوَبِّخُ نَفْسَهُ.
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ رِزْقَهُ بِالذَّنْبِ
يُصِيبُهُ.
* يا أَبا ذرّ، دَعْ مَا لَسْتَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، وَلَا تَنْطِقْ
فِيمَا لَا يَعْنِيكَ، وَاخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ وَرِقَكَ....
* يا أَبا ذرّ، مَنِ
اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْكِيَ قَلْبُهُ فَلْيَبْكِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُشْعِرْ
قَلْبَهُ الحُزْنَ وَلْيَتَباكَ.
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ
القَلْبَ القَاسِي بَعِيدٌ مِنَ اللهِ، وَلكِنْ لَا تَشْعُرونَ.
* يا أَبا ذرّ، مَا
مِنْ خَطِيبٍ إِلّا عُرِضَتْ عَلَيهِ خُطْبَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَا أَرادَ
بِهَا ....
* يا أَبا ذرّ، إِنَّ
أَوَّلَ شَيْءٍ يُرْفَعُ مِنْ هَذِهِ الأُمّة الأَمَانَةُ وَالخُشُوعُ، حَتّى لَا
تَكَادُ تَرَى خَاشِعَاً ....
* يا أَبا ذرّ، مَا
مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضُ إِلَى اللهِ مِنَ الدُّنْيَا؛ خَلَقَها ثُمّ أَعْرَضَ عَنْهَا
فَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا حَتّى تَقُومَ السَّاعَةُ...