استهلال
اسلام قريش ذريعة إلى الرئاسة والإمرة
قال له قائل (أي للإمام عليّ صلوات الله عليه):
يا أمير المؤمنين، أرأيتَ لو كان رسولُ الله صلّى الله عليه وآله ترك
ولداً ذكراً قد بلغ الحلم، وآنسَ منه الرُّشد، أكانت العرب تسلّم إليه أمرها؟
قال: لا، بل كانت تقتله
إنْ لم يفعل ما فعلتُ، إنّ العرب كرهتْ أمرَ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم،
وحسدَتْه على ما آتاه الله من فضله، واستطالتْ أيامَه حتّى قَذَفَتْ زوجتَه، ونَفَّرَتْ
به ناقتَه، مع عظيم إحسانه إليها، وجسيم مِننه عندها، وأجمعتْ مذ كان حيّاً على
صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته.
ولولا أنّ قريشاً جعلت
اسمَه ذريعةً إلى الرياسة، وسُلّماً إلى العزّ والإمرة، لما عبدتِ الله بعد موته
يوماً واحداً، ولارتدّتْ في حافرتها، وعاد قارحُها جذعاً، وبازلها بكراً*.
".."
وما عسى أن يكون الولدُ
لو كان! إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يقرّبني بما تعلمونه من القُرب
للنَّسَب واللُّحمة، بل للجهاد والنصيحة...
اللّهمّ إنك تعلمُ إني
لم أُرِدِ الإمْرَةَ، ولا عُلُوّ المُلك والرياسة، وإنما أردتُ القيامَ بحدودك،
والأداءَ لشَرعِك، ووضعَ الأمور في مواضعها، وتوفيرَ الحقوق على أهلها، والمضيَّ
على منهاج نبيّك، وإرشادَ الضالّ إلى أنوار هدايتك.
(ابن أبي الحديد، شرح
نهج البلاغة: 299 – 298/20)
*
القارح: الناقة أوّل ما تحمل. والجَذَع من الإبل: ما استكمل أربعة أعوام.
والبازِل منها: هو ما استكمل السنة الثامنة وظعن في التاسعة وفُطر نابه.