تطالبُه
بما فعلَ في قومك الكَفَرة
موقفُ الأسود بن عَرْفَجَة في مجلس معاوية
ــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ علي الأحمدي الميانجي* ــــــــــــــــــــــــــ
ورد
من ضمن أخبار تهيّؤ معاوية لحرب صفّين أنه استعان بأحد وجوه أهل الشام ويُدعى
شُرَحْبِيلُ بنُ السِّمْط الكِنديّ. قال ابن أعثم الكوفي في (الفتوح):
وجعل
شُرَحْبيل لا يأتي مدينة من مدائن الشام إلّا دعاهم إلى نصر معاوية، وحرّضهم على
قتال عليّ بن أبي طالب عليه السلام، حتى اجتمع إليه خلقٌ كثير، فأقبل بهم إلى معاوية
فبايعوه على أنهم يقاتلون بين يديه ويموتون تحت ركابه.
فوثب
رجلٌ من أهل السَّكَاسِك [بطنٌ من كِندة نسبةً
إلى حيٍّ باليمن]، وكان مجتهداً فاضلاً وكان شاعراً، واسمه
الأسود بن عرفجة، فوقف بين يدَي معاوية، وأنشأ يقول أبياتاً من الشعر (منها):
كانت
الشامُ قبلَ شُرحٍ وبيلِ * لِعَلِيٍّ ظهراً له حدباءْ
ودعانا
عميدُنا شُرَحْبِيلُ * إلى فتنةٍ بها صَمّاءْ
فقتَلْنا
الذي دعانا إليهِ * وَثَنينا أعِنّةَ البغضاءْ
غير
أنا نحبُّ أبا السِّبطينِ * إذْ كان سيّدَ الأوصياءْ
شَهِدَ
الفتحَ والنَّضيرَ وبدراً * وحُنَيناً وأُحدَ يوم البلاءْ
وله
يومَ خيبرَ رايةُ النّصرِ * وقد فلَّ شوكةَ الأعداءْ
وله
في قُرَيظَةَ الخطرُ الأعظمُ * إذ قلَّ جِدُّ أهلِ اللّواءْ
فاحذَرِ
اليومَ صولةَ الأسدِ الوَرْدِ * إذا جاءَ في رَحى الهيجاءْ
فقطع
عليه معاوية كلامه، ثم قال: من هذا الأسدُ الوَرْد؟
فقال:
هذا واللهِ عليُّ بن أبي طالب، أخو رسول الله صلّى الله عليه وآله وابنُ عمّه، وزوجُ
ابنته، وأبو سِبطَيه، الذي قتلَ جدّك وعمَّ أمِّك وأخاك وخالك يوم بدر، فأنتَ
تطالبه في الإسلام بما فعل في قومك الكَفَرة الفَجَرة!
فقال
معاوية: خُذوه! فوثب إليه غلامان من غلمان معاوية.
وقام
إليه شُرَحْبيل، فقال: كُفَّ عنه يا معاوية، فإنه رجلٌ من سادات قومه، فلا تؤذيه فأنقُضُ،
واللهِ، ما في عُنقي من بيعتك.
قال
معاوية: فإنّي قد وهبتُه لك.
فخرج
الرجل – أي الأسود بن عرفجة - إلى مصر، ثمّ كتب إلى عليٍّ عليه السلام أبياتاً من الشعر،
مطلعها: «ألا أبلِغْ أبا حَسَنٍ عَلِيّا»، إلى أن يقول:
أَعُدُّ
مآثِراً عَظُمَتْ وطالتْ * وأخرى منكَ أذكرُها جميلةْ
وقالَ
لشُرَحْبيل: أمنكَ هذا؟ * فقال: المرءُ من أعلى قبيلةْ
وأهلُ
الشام يستمعون قولي * أجوزُ بالقلوبِ لها فضيلةْ
أُريهم
ما أحبُّ ويُزلِقُونِي * بأبصارٍ على البَغضا دليلةْ
فلا
تَفرَحْ معاويةَ بنَ حربٍ * فإنّ الشّامَ عِزّتُها ذليلةْ.
***
في
(رجال الشيخ الطوسي)، قال: «الأسود بن عَرْفَجة السَّكْسَكي، شاميّ، هربَ من معاوية
ولجأ إليه»، أي إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
النصّ مختصر عن كتابه (مواقف الشيعة: 132-134/2)