خيرُ
البَرِيَّة وصالحُ المؤمنين
أمير المؤمنين عليّ عليه السلام،
في آيات القرآن المجيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلامة الشيخ محمّد محمّدي الريشهري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام حافظ سرّ القرآن الكريم،
والمَظهر الأسمى لفهم هذا الكتاب الإلهيّ. إنّه قرين هذا النداء السماويّ، ولسانه
الناطق. وارتباطُه به ارتباط وثيق لا ينفكّ، ويظلّ قائماً إلى يوم القيامة، والميعادُ
على حوض الكوثر.
وهذه
الحقيقة العظيمة نطق بها رسول الله صلّى الله عليه وآله، في حديث الثّقلين العظيم،
وقال صلّى الله عليه وآله في كلام آخر له أيضاً: (عليٌّ مع القرآن والقرآنُ مع
عليّ؛ لا يفترقان حتّى يَرِدا علَيَّ الحوض).
يترجم
لنا هذا الكلام الثمين أنّ عليّاً عليه السلام، عِدلُ القرآن الكريم، والمدافع الدؤوب
عن معارفه، وحليفه الكبير المبيّن لتعاليمه... من جهة أُخرى يمكننا أن نفهم من هذا
الكلام النبويّ الرفيع أنّ القرآن الكريم أفضل وثيقة دالّة على عظمة عليّ عليه
السلام، وناطقة بجلالته وسموّ شأنه..».
ما
تقدّم، وما يأتي في هذه المقالة هو مختصر لما ورد في الجزء الثامن من الموسوعة
القيّمة (الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسنّة والتاريخ) للعلامة
الريشهري، تحت عنوان «عليّ عليه السلام عن لسان القرآن الكريم»، وقد أبرزنا
فيها بشكل أساس ما ورد في مصادر العلماء المسلمين السنّة من روايات تفسّر آيات كريمة
بمصداقها الحقيقي والأبرز، أمير المؤمنين عليّ عليه السلام.
* نَفْسُ النبيّ:
قال تعالى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ
تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ
وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى
الْكَاذِبِينَ﴾ آل
عمران:61.
في كتاب (المحاسن
والمساوئ) للبيهقي عن رجلٍ من بني هاشم، قال: «حدّثني أبي قال: حضرت مجلس محمّد بن
عائشة بالبصرة، إذ قام إليه رجل من وسط الحلقة، فقال: يا أبا عبد الرحمن، مَن أفضل
أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله؟
فقال: (فلان وفلان، وعدّ
جماعة من الصحابة ليس بينهم أمير المؤمنين عليه السلام).
فقال له: فأين عليّ بن
أبي طالب عليه السلام؟
قال: يا هذا! تستفتي عن
أصحابه أم عن نفسه؟
قال: بل عن أصحابه.
قال: إنّ الله تبارك
وتعالى يقول: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْناءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِساءَنَا
وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ..﴾، فكيف يكون أصحابه مثلَ نفسه؟!».
* شاهدٌ منه:
قال تعالى: ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ
مِّنْهُ..﴾ هود:17.
* (تفسير الطبري) عن عبد الله بن يحيى: «قال
عليّ رضي الله عنه: ما مِن رجلٍ من قريش إلّا وقد نزلت فيه الآية والآيتان.
فقال له رجل: فأنت، فأيّ
شيء نزل فيك؟!
فقال عليّ: أمَا تقرأ
الآيةَ التي نزلَت في (هُود): ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ﴾؟».
* (المناقب) لابن المغازلي، عن عبّاد بن عبد
الله: «سمعتُ عليّاً عليه السلام، يقول: ما نَزلَت آيةٌ في كتابِ الله جلّ وعزّ
إلّا وقد علمتُ متى نزلَت، وفيمَ أُنزلت. وما من قريش رجلٌ إلاّ قد نَزلَت فيه آيةٌ
من كتابِ الله تَسوقُه إلى جنّةٍ أو نار.
فقام إليه رجل فقال: يا
أمير المؤمنين، فما نزل فيك؟
فقال عليه السلام: لولا
أنّك سألتَني على رُؤوسِ المَلأ ما حدّثتُك، أمَا تقرأ: ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَى
بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ..﴾؟ رسولُ الله صلّى الله
عليهِ وآلِه وسلّم على بيّنةٍ مِن ربِّه، وأنا الشّاهدُ منه، أَتلوه وأتّبِعه..».
* الذي عنده علمُ الكتاب:
قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللهِ
شَهِيدَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ الرعد:43.
* (تفسير القرطبي) عن عبد الله بن عطاء، قال:
«قلت لأبي جعفر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام: زعموا أنّ
الذي عنده علم الكتاب عبدُ الله بن سلام!
فقال: إنّما ذلك عليّ
بن أبي طالب عليه السلام».
* (بصائر الدرجات) للصفّار، عن عبد الله بن
بكير، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «كنت عنده فذكروا سليمان وما أُعطي من
العلم، وما أُوتي من الملك.
فقال لي: وما أُعطي سليمانُ
بن داود؟! إنّما كانَ عنده حرفٌ واحدٌ من الاسمِ الأعظَم، وصاحبُكم الّذي قالَ
الله: ﴿..قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ
عِلْمُ الْكِتَابِ﴾، وكانَ والله عندَ عليٍّ عليه السلام عِلمُ الكتاب.
فقلت: صدقتَ واللهِ، جُعلت
فداك».
* المؤمن:
قال تعالى: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ﴾ السجدة:18.
(تفسير الطبري) عن عطاء بن يسار في الآية
الكريمة: «نزلت بالمدينة في عليّ بن أبي طالب عليه السلام، والوليد بن عقبة بن أبي
معيط؛ وكان بين الوليد وبين عليّ عليه السلام كلام، فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسطُ
منك لساناً، وأحدّ منك سناناً، وأردّ منك للكتيبة!
فقال عليّ عليه السلام: اسكتْ؛
فإنّك فاسِق.
فأنزل الله فيهما: ﴿أَفَمَن
كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ﴾».
* السابق:
قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ الواقعة:10-11،
وقال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَار..﴾ التوبة:100.ِ
(فرائد السمطين) للحمويني أنّ الإمام عليّاً عليه
السلام، قال للمهاجرين والأنصار في أيّام خلافة عثمان: «أُنشدكم الله، أتعلَمون
حيث نَزلت: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ..﴾
و﴿السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ سُئِل عنها رسول
الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: أنزَلَها اللهُ تعالى في الأنبياءِ
وأوصيائِهم، فأنا أفضلُ أنبياءِ الله ورُسُله، وعليّ بن أبي طالب وصيّي أفضل
الأوصياء؟
قالوا: اللهمّ نعم».
* المؤمن المجاهد:
قال تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ
يَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ التوبة:19.
(تاريخ دمشق) لابن عساكر، عن أنس، قال: «قعد
العبّاس وشَيبة صاحب البيت [الكعبة] يفتخران، فقال له العبّاس: أنا أشرف منك؛ أنا
عمُّ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله، ووصيُّ أبيه، وساقي الحجيج.
فقال شَيبة: أنا أشرف
منك؛ أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمَنَك كما ائتمَنَني؟
فهما على ذلك يتشاجران،
حتّى أشرفَ عليهما عليٌّ، فقال له العبّاس: على رَسلك يا ابنَ أخ! فوقف عليّ عليه
السلام، فقال له العبّاس: إنّ شَيبة فاخَرَني، فزَعم أنّه أشرفُ منّي!
فقال: فمَا قلتَ له
أنتَ يا عمّاه؟
قال: قلت له: أنا عمّ
رسول الله صلّى الله عليه وآله، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف منك.
فقال لِشَيبة: ماذا
قلتَ له أنتَ يا شَيبة؟
قال: قلت له: أنا أشرف
منك، أنا أمينُ الله على بيتِه وخازنُه، أفلا ائتمنَك كما ائتَمَنني؟
قال: فقال لهما: اجعَلا
لي معكُما مفخراً.
قالا: نعم.
قال: فأنا أشرفُ منكُما،
أنا أوّلُ مَن آمَن بالوعيدِ من ذُكورِ هذه الأُمّة، وهاجَر وجاهَد.
فانطلقوا إلى النبيّ صلّى
الله عليه وآله، فجثوا بين يديه، فأخبر كلُّ واحدٍ منهم بمفخره، فما أجابهم النبيّ
صلّى الله عليه وآله بشيءٍ، فانصرفوا عنه، فنزل الوحي بعد أيّامٍ فيهم، فأرسل
إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه، فقرأ عليهم: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ...﴾».
* صالح المؤمنين:
قال تعالى: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَهَرَا
عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ
بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ التحريم:4.
* (شواهد التنزيل) للحسكاني، قال رسول الله صلّى
الله عليه وآله: «صالِحُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالب».
* (تاريخ دمشق) عن ابن عبّاس، في قوله عزّ
وجلّ: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾: «هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام».
* أُذُنٌ واعية: قال
تعالى: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ الحاقة:12.
(تفسير الثعلبي) عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه
لمّا نزلت: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَعِيَةٌ﴾، «قال لي النبيُّ صلّى الله عليه
وآله وسلّم: سألتُ اللهَ أنْ يَجعلَها أُذنك يا عليّ..» ، وعنه نقل القرطبي في
(تفسيره).
* خيرُ البريّة:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ
خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ البيّنة:7.
* (شواهد التنزيل) للحسكاني، قال رسول الله صلّى
الله عليه وآله: «عليٌّ خيرُ البريّة».
* (تاريخ دمشق) عن جابر بن عبد الله، قال: «كنّا
عند النبيّ صلّى الله عليه وآله، فأقبل عليّ بن أبي طالب، فقال النبيّ صلّى الله
عليه وآله: قد أتاكُم أخي، ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثمّ قال: والّذي
نفْسي بيدِه، إنّ هذا وشيعتَه لَهُمُ الفائزون يوم القيامة..
قال: ونزلت: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ آَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّاَلِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ
الْبَرِيَّةِ﴾ فكان أصحاب محمّد صلّى الله عليه وآله إذا أقبل عليٌّ قالوا: قد
جاءَ خيرُ البريّة».
* خصم الكفّار:
قال تعالى: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي
رَبِّهِمْ..﴾ الحج:19.
* (صحيح البخاري) عن أبي مجلَز عن قيس بن
عباد عن الإمام عليّ عليه السلام: «أنا أوّلُ مَن يَجثو بين يدَي الرّحمن لِلخُصومةِ
يوم القيامة.
قال قيس: سمعتُ أبا ذرّ
يُقسم قَسَماً أنّ هذه الآية: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ..﴾
نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة وعليّ وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة -ابنَي
ربيعة- والوليد بن عتبة».
* (البداية والنهاية) لابن كثير: «قد شهد
عليٌّ بدراً، وكانت له اليد البيضاء فيها، بارز يومئذٍ فغَلَب وظَهَر، وفيه وفي
عمّه حمزة وابن عمّه عبيدة بن الحارث وخصومهم الثلاثة: عتبة، وشيبة، والوليد بن
عتبة، نزل قوله تعالى: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ..﴾».
* الهادي:
قال تعالى: ﴿..إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد﴾ الرعد:7.
(تاريخ دمشق) عن ابن عبّاس قال: «لمّا نزلت: ﴿إِنَّمَا
أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد﴾، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنا
المُنذِرُ، وعليٌّ الهادِي، بِكَ يا عليّ يَهتدي المُهتدون».
* الوليّ المتصدِّق في
الركوع: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آَمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ المائدة:55.
(المعجم الأوسط) للطبراني عن عمّار بن ياسر: «وقف
على عليّ بن أبي طالب سائلٌ وهو راكع في تطوّع، فنزَع خاتمَه فأعطاه السّائلَ،
فأتى رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأعلمه ذلك، فنزلت على النبيّ صلّى
الله عليه وآله هذه الآية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ
آَمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ
رَاكِعُونَ﴾، فقرأها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ قال: مَن كنتُ مَولاهُ
فعليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه».
* الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله:
قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ
وَاللهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ﴾ البقرة:207.
* (تاريخ دمشق) عن ابن عبّاس: «بات عليٌّ
ليلةَ خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، إلى المشركين على فراشه ليعمّي
على قريش، وفيه نزلت هذه الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِ اللهِ﴾».
* (أُسد الغابة) لابن الأثير، عن الثعلبي: «أنزَل
اللهُ عزّ وجلّ على رسوله صلّى الله عليه وآله، وهو متوجّه إلى المدينة في شأن
عليّ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ﴾».
* الذي يُنفق ماله بالليل والنهار سرّاً
وعلانية: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ
أَمْوَالَهُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ
عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ البقرة:274.
* (المعجم الكبير) للطبراني عن ابن عبّاس،
قال: «نزلت في عليّ بن أبي طالب، كانت عنده أربعة دراهم، فأنفق بالليل واحداً،
وبالنهار واحداً، وفي السرّ واحداً، وفي العلانية واحداً».
* (تفسير الفخر الرازي): قال ابن عبّاس: «إنّ
عليّاً عليه السلام ما كان يملك غير أربعة دراهم، فتصدّق بدرهمٍ ليلاً، وبدرهمٍ
نهاراً، وبدرهمٍ سرّاً، وبدرهمٍ علانيةً، فقال صلّى الله عليه وآله: مَا حمَلَك
على هذا؟
فقال: أنْ أستَوجِبَ
ما وعدَني ربّي.
فقال صلّى الله عليه
وآله: لكّ ذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية».
* المؤذِّن بين أصحاب الجنّة والنار:
قال تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَبُ الْجَنَّةِ أَصْحَبَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا
مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا
قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ﴾ الأعراف:44.
(شواهد التنزيل) للحسكاني، عن محمّد بن
الحنفية عن عليّ عليه السلام، قال في قوله تعالى ﴿..فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ
بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾: «فأنا ذلك المؤذِّن».
* ولايته كمال الدين:
قال تعالى: ﴿..الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ
تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا..﴾ المائدة:3.
(تاريخ بغداد) عن أبي هريرة: «مَن صام يوم
ثمان عشرة من ذي الحجّة كتب له صيام ستّين شهراً، وهو يوم غدير خمّ لمّا أخذ
النبيُّ صلّى الله عليه وآله بيد عليّ بن أبي طالب، فقال: ألستُ وليّ المؤمنين؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: مَن كنتُ مولاه
فعليٌّ مولاه.
فقال عمر بن الخطّاب: بَخٍ
بخٍ لك يا ابن أبي طالب، أصبحتَ مولايَ ومولى كلّ مسلم. فأنزل الله: ﴿الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾».
* مودّته من الرحمن:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ
لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ مريم:96.
(الدرّ المنثور) عن البرّاء: «قال رسول الله صلّى
الله عليه وآله وسلّم، لعليّ: قل: اللهمّ اجعلْ لي عندك عهداً، واجعلْ لي عندك
وُدّاً، واجعلْ لي في صدورِ المؤمنينَ مودّةً.
فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ آَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ
وُدًّا﴾.
قال: فنزلت في عليّ عليه
السلام».