الأصول الأربعمائة*
ــــــــــــــــــــــــ
إعداد: شعائر ــــــــــــــــــــــــ
يُطلق هذا المصطلح - الأصول
الأربعمائة - على أربعمائة أصل حديثي صُنِّفت من قبل رواتها الذين سمعوها مباشرةً
وبلا واسطة من المعصومين عليهم السلام في القرون الأولى من تاريخ الإسلام.
وتمثّل هذه الأصول
الركيزة والمصدر الأساسي للكُتب والمجاميع الحديثية التي دُوِّنت في الفترات
اللاحقة. والأخبار المدرجة في هذه «الأصول» تمثّل ما رواه أصحابها عن الأئمّة
المعصومين عليهم السلام؛ بدءاً بـأمير المؤمنين عليه السلام وانتهاءً بـالإمام
الحسن العسكريّ عليه السلام، وأغلبها عن الإمام الصادق عليه السلام.
كما تشتمل هذه «الأصول»
على شتّى المواضيع؛ كـالأحكام والسُّنَن والمواعظ والأدعية والتفسير، وغيرها.
الفرق
بين الأصل والكتاب
يستعمل الباحثون مصطلح «الأصل»
في مقابل الكتاب والمصَنَّف. فقد يرِد -مثلاً- في وصف الرواي: «له أصل وله كتاب»،
وللتفريق بين المصطلحين قالوا بأنّ الأصل: «مجموعة من الأحاديث يُطمأنّ لها لم
تُسْتَسَلّ من كتاب آخر».
ومنهم من قال بأنّ: «الأصل
هو مجموعة من الروايات المأخوذة عن طريق السّماع من الإمام عليه السلام من دون
واسطة، والكتاب مجموعة من الأحاديث المأخوذة من الأصل».
قيمة
الأصول الأربعمائة
تكمن قيمة هذه الأصول في
طريقة تدوينها وتثبيت مضامينها، حيث كان منهج أصحاب الأئمّة عليهم السلام تدوين ما
سمعوه منهم عليهم السلام مباشرة، ومن دون نقص أو تصرّف بالنصّ المنقول، فيكون
احتمال الخطأ والغلط والسهو والنسيان وغيرها في الأصل المسموع شفاهاً عن الإمام أو
عمّن سمع عنه، أقلَّ منها في الكتاب المنقول عن كتاب آخر، لتطرّق احتمالات زائدة
في النقل عن الكتاب.
فالاطمئنان بصدور عين
الألفاظ المندرجة في الأصول أكثر والوثوق به آكد؛ ويؤيّد ذلك ما رواه السيد رضيّ
الدين عليّ بن طاوس في (مهج الدعوات) من أن جماعة من أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه
السلام كانوا يحضرون مجلسه ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس لطاف وأميال (أقلام)،
فإذا نطق عليه السلام بكلمة أو أفتى في نازلة أثبت القومُ ما سمعوه منه في ذلك.
وقد عُرف أصحاب الأصول –
ومنهم على سبيل المثال: سُليم بن قيس الهلالي، وعليّ بن رئاب - بالوثاقة والأمانة
في النقل... وقال الشيخ البهائي في (مشرق الشمسين): «كان المتعارف بين أصحابنا
إطلاق الصحيح على كلّ حديثٍ اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه أو اقترن بما يوجب
الوثوق به والركون إليه؛ وذلك أمور منها: .... وجودُه في أصل معروف
الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعت الطائفة على تصديقهم».
مصير
تلك الأصول
كانت الأصول المذكورة -
وقبل تأليف المجامع الحديثية الأربعة؛ الكافي، مَن لا يحضره الفقيه، التهذيب، والاستبصار-
تحظى باهتمام كبير جداً حفظاً واستنساخاً... وكان أكثر تلك الأصول باقياً بالصورة
الأولية إلى عصر محمّد بن إدريس الحلّي (ت: 598 هـ)، وقد استخرج من جملة منها ما
جعله (مستطرفات السرائر)، وحصلت جملة منها عند السيد رضيّ الدين عليّ بن طاوس
المتوفّى سنة 664 هـ، وينقل عنها في تصانيفه.
والموجود منها في عصرنا
الحاضر ستّة عشر أصلاً ذُكرت بتمامها في خاتمة (مستدرك الوسائل)، للمحدّث النوري
الطبرسي، ونُشر البعض منها بطبعة حديثة ومستقلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نقلاً عن الموسوعة
الإلكترونية لـ«المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام»