لم
نعد نسمع عبارة «العدوان الإسرائيلي»!
التحالف بين العدو الصهيوني ودول الخليج، قائمٌ ووثيق
ــــــــــــــــــــــ
إعداد: «شعائر» ــــــــــــــــــــــ
نشرت
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في الخامس من أيار الماضي تقريراً تحت عنوان:
«بروز إسرائيل كحليف لدول الخليج - تقودها السعودية، الملَكيات السنيّة ترى إلى
الدولة اليهودية كشريك في الصراع المشترك ضدّ إيران الشيعية».
ما
يلي، أبرز ما ورد في هذا التقرير الذي أعدّه ياروسلاف تروفيموف، أحد كبار مراسلي الصحيفة في المنطقة العربية
وإفريقيا.
على مدى عقود، كان رفض «إسرائيل»
ورفض الاعتراف بها، أساساً للسياسة العربية، وتوحيد البلدان المتصارعة ضد عدوّ
مشترك. لكنّ المواقف بدأت تتغير في بعض أجزاء العالم العربي. مؤخّراً، أشار محمد
بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لـ«رابطة العالم الإسلامي»، وهي منظمة عالمية
مقرّها السعودية واتُهمت سابقاً بنشر التطرّف، إلى درسٍ للتعايش من الماضي
الإسلامي.
قال العيسى، وهو أيضاً
وزير العدل السعودي السابق: «كان جار النبيّ محمّد [صلّى الله عليه وآله وسلّم]
يهودياً، وعندما مرض اليهودي، زاره النبيّ وواساه بكلماتٍ طيبة»!
أصبحت هذه النبرة
الجديدة تجاه اليهود، وبدرجة أقلّ تجاه «إسرائيل»، بارزة بشكلٍ خاصّ في دول
الخليج، بقيادة المملكة العربية السعودية. وبالنسبة لهذه الملَكيات السنية الغنية،
فإنّ إيران الشيعية الفارسية هي التي تشكّل التهديد الأكبر لمصالحها حالياً.
وبالتالي فإنهم ينظرون إلى الدولة اليهودية - وهي عدوّ للنظام في طهران ولحلفائه
الإقليميين، بما في ذلك منظمة حزب الله اللبنانية - كحليفٍ بحكم الأمر الواقع.
وقد بدأت هذه الشراكة بين
السعودية و«إسرائيل» مع صعود وليّ وليّ العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان، مهندس
الحرب اليمنية، الذي يرغب في ردٍ أشدّ قوّة على إيران. وقد تلقّت زخماً جديداً منذ
انتخاب دونالد ترامب، المرشّح المفضّل لـ«إسرائيل» ودول الخليج كذلك.
وأعلن البيت الأبيض قبل
أيام أنّ زيارة ترامب الخارجية الأولى كرئيس ستشهد توقّفاً في كلٍّ من «إسرائيل»
والسعودية. (هذه إشارة إلى وجود ارتباط خفيّ بين الزيارتين).
وقال اللواء أحمد عسيري،
مستشار وزير الدفاع السعودي في فبراير/ شباط الماضي: «لدينا نفس العدو ونفس
التهديد... ويعدّ كلانا – السعودية وإسرائيل - حليفاً وثيقاً للأمريكيين».
وثيقة
«حماس»
لعبت الضغوط من قبل دول الخليج،
وخاصة من قبل قطر الحليف الأوثق لدى حركة حماس، دوراً رئيسياً في قرار الحركة
الفلسطينية، في الأول من أيار، برفع خطابها «المعادي لليهود» من ميثاقها المعدّل...
وقد أشاد بعض المسؤولين «الإسرائيليين» بتحوّل دول الخليج مع حماس. وقال الوزير أيوب
كارا، وهو عضو في «حزب الليكود» الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء «الإسرائيلي»:
«.. يتفهّم التحالف السعودي العربي أكثر فأكثر أنّ حماس منظمة متطرفة، وأنّ التطرف
والإرهاب يهدّده أيضاً ولا يهدد إسرائيل وحدها».
وتشكّل دول الخليج أيضاً
الرأي العام في جميع أنحاء العالم العربي، حيث أنّ معظم القنوات التلفزيونية
المؤثرة والصحف العربية مملوكة من قبل السعوديين أو القطريين أو الإماراتيين. وقال
أحمد الإبراهيم، رجل الأعمال السعودي والمحلل السياسي: «في التلفزيون، لم نعد نسمع
العبارات المعتادة، مثل (العدوان الإسرائيلي)، يتعلّق الأمر الآن بالعدوان
الفارسي»!
التحالف
قائم ووثيق.. لكنه سرّي
في المقابل، لا يزال
التعاطف مع القضية الفلسطينية ورفض «إسرائيل» عميقاً في المنطقة، لا سيما في
البلدان غير الخليجية... وتنتشر هذه المشاعر على نطاقٍ واسعٍ بين شعوب دول الخليج
أيضاً، لذلك فإنّ معظم التعاون الأخير مع «إسرائيل»، والذي يركّز على الاستخبارات
والمسائل الأمنية، قد حدث سرّاً.
ولكن، رغم ذلك، فإنّ بعض
الخطوات الصغيرة كانت علنية. وقام وفد سعودي غير رسمي، برئاسة جنرال متقاعد بزيارة
القدس العام الماضي، والتقى مسؤولين «إسرائيليين». وقد سمحت الإمارات ببعثة «إسرائيلية»
صغيرة إلى «وكالة الطاقة المتجددة» التابعة للأمم المتحدة ومقرّها أبو ظبي، ويدرس
المسؤولون الإماراتيون ما إذا كانوا سيسمحون بمشاركة «إسرائيلية» منخفضة المستوى
فى «معرض إكسبو العالمي» عام 2020.
ويهزّ هذا التآكل في
العداء العربي لـ«إسرائيل» العديد من الفلسطينيين. وقال أمين الكتلة العربية في
البرلمان «الإسرائيلي»، أيمن عودة: «الاتفاقات بين إسرائيل والدول العربية قبل حلّ
مسألة فلسطين ستُضعف القضية الفلسطينية».
ويتغاضى الكثيرون في
الخليج عن مثل هذه الاعتراضات. وقال أحمد الإبراهيم: «تريد السعودية دائماً دعم
القضية الفلسطينية. وقد تفاوضت نيابةً عنهم، وأنفقت الكثير من المال نيابةً عنهم.
لكن للأسف، لا يريد الزعماء الفلسطينيون التوافق ولا يعملون لصالح شعبهم. لا يمكنك
فقط أن تقول لا لكل شيء».
***
ختاما وتعليقا على ما
ورد: هذه التقارير باتت تؤكّد المؤكّد؛ فمعظم الدول العربية، وعلى رأسها الخليجية،
ارتمت في حضن الشيطان منذ زمن بعيد، وباتت قاب قوسين أو أدنى من إعلان هذا الأمر
على الملأ، ومن دون أيّ خجل وريبة. ويبقى الأمل والتعويل على الشعوب الأبية
الرافضة لهذا الخنوع جملة وتفصيلاً.