إعداد: الشيخ عليّ المسترشد
يقول إبن الإمام السيّد أحمد الخميني رضوان الله عليه: «لم يَترك الإمام صلاة اللّيل حتّى في اللّيلة التي اعتقلوه فيها، فقد أقامها وهو في السيّارة التي نقلوه بها من قُم إلى طهران ".."».
كيفيّة أداء صلاة الليل، ونماذج ممّن أقاموها في أوقات البلاء والمرض، تقدّمها «شعائر» لقرّائها تبصُّراً بأهمّيتها، وتجنُّباً لإهمالها.
ذكرت الروايات فضلاً كثيراً حول صلاة اللّيل وبركاتها، إلَّا أنَّ ثوابها العظيم لا يُدرَك.
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، أنَّهُ قال: «قيامُ اللّيل مَصحَّةٌ للبَدَن، ومرضاةٌ للرّب عزَّ وجلَّ، وتعرُّضٌ للرّحمة، وتمسُّكٌ بأخلاق النّبيّين».
وعن الإِمام الصادق عليه السلام: «ما مِِن عمل حسنٍ يعملهُ العبد إِلاََّ ولهُ ثوابٌ في القرآن إِلاََّ صلاة اللّيل، فإِنَّ الله لم يبيّن ثوابها لِعَظيم خطرِها عنده فقال: ﴿تتجافى جنوبُهم عن المضاجع يدعون ربِّهم خوفاً وطمعاً وممّا رزقناهم يُنفقون * فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم مِن قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون﴾ السجدة: 16-17».
وعن الإمام العسكري عليه السلام: «ليس منّا مَن لم يُصَلِّ صلاةَ الليل».
وعنه عليه السلام: «إنَّ الوُصولَ إلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ سَفَرٌ لا يُدرَكُ إلّا بِامتِطاءِ اللَّيلِ».
من فوائد صلاة الليل
1. مَطردةُ الدّاء من الأجساد.
2. صحّة للبدن.
3. تُبيّض الوجه وتُحسِّنه.
4. تُحسِّن الخُلُق.
5. تُطيِّب الرِّيح.
6. تَجلب الرزق وتُدرُّه.
7. تَقضي الدَّيْن.
8. تذهب بالهمّ.
9. تَجلو البصر.
10. تمنع من نزول العذاب.
11. تَجلب رضا الرَّب.
12. تمسّكٌ بأخلاق النبيّين.
13. تعرُّضٌ لرحمة ربّ العالمين.
14. تمحو السيّئات.
15. تَذهب بما عُمل من ذنبٍ بالنهار.
16. شرفُ الرَّجل.
17. سببُ قبولِ التّوبة.
18. تُسِرُّ القلب.
19. تُزَيِّن الآخرة.
20. تُنَوِّر البيت وتَجلب إليه البركة.
21. تُطيل العمر.
كيفيّة صلاة اللّيل بإيجاز
يقول سماحة الإمام القائد السيّد الخامنئي دام ظلّه: «صلاة اللّيل مجموعها إحدى عشرة ركعة، تُسمَّى ثمان ركعات منها التي تُصلّى ركعتين ركعتين بعنوان صلاة اللّيل، وركعتان بعدها بإسم صلاة الشَّفع، وهي تُصلّى كصلاة الصبح، والركعة الأخيرة منها بركعة الوتر، ويُستحبّ في قنوتها الإستغفار والدّعاء للمؤمنين، وطلب الحاجات من اللَّه المنّان، بالترتيب المذكور في كُتُب الأدعية».
توضيح الصلاة
وقتها: من منتصف اللّيل إلى ما قبل صلاة الصبح، لكنْ يُمكن تقديمُها على نصف اللّيل لكلِّ مَن يخاف فَوْتها في وقتها لِمانع. كما أن قضاءَ صلاة اللّيل بالنهار لِذَوي الأعذار أفضلُ من تقديمها على وقتها، إذا دار الأمر بين القضاء والتّقديم.
النيّة: أُصلّي نافلة اللّيل قربةً إلى الله تعالى.
الرّكعات: صلاة اللّيل 11 ركعة، وهي مقسّمة إِلى ثلاثة أقسام:
1- أربع صلوات، كلّ صلاة من رَكعتين (مثل صلاة الفجر)، يكون مجموعها 8 ركعات وتسمّى بـ «نافلة الليل».
2- صلاة واحدة من ركعتين -مثل صلاة الفجر-، وتسمّى بـ «الشفع».
3- صلاة واحدة من ركعة واحدة، وتسمّى بـ «الوتر».
يُستحبّ أن يقرأ فيها الحمد مرّة واحدة، والتوحيد (قل هو الله أحد) 3 مرّات، والمعوّذتين (الفلق والناس) مرّة واحدة، ثمّ يقنت فيها. ويستحبّ في القنوت:
* الإستغفار لـ 40 مؤمن ومؤمنة أحياءً أو أمواتاً.
* الإستغفار 70 مرّة.
* قول (العفو- العفو..) 300 مرّة.
صلاة اللّيل بالتّفصيل
* الركعة الأولى: بعد النيّة يقرأ الحمد وسورة الإخلاص (قل هو الله أحد).
* الركعة الثانية: يقرأ الحمد و(قل يا أيّها الكافرون) ثمّ يقنت، ويستطيع الدعاء -في السجدة الأخيرة من الركعتين الأُوليَين- على مَن ظَلَمه بأنْ يُجازيه الله بما يستحقُّه، وبعد السجدتين يتشهّد ويسلِّم، ثمَّ ينتصب واقفاً.
* الركعة الثّالثة إلى الركعة الثّامنة: يقرأ الحمد وما يشاء بعدها في كلّ ركعة، وبعد كّل ركعتين يتشهّد ويسلِّم ومن ثمَّ يقف، وفي الركعة الثّامنة بعد السجدتين يتشهّد ويسلِّم ويسبِّح تسبيح الزهراء عليها السلام.
* ركعتَي الشفع: بعد النيّة (أُصلّي ركعتَي الشفع قربةً إلى الله تعالى).
الركعة الأولى: يقرأ الحمد وسورة النّاس.
الركعة الثانية: يقرأ الحمد وسورة الفلق، وتكون من غير قنوت، وبعد السجود يتشهّد ويسلّم.
* ركعة الوتر: بعد النيّة (أُصلّي ركعة الوتر قربةً إلى الله تعالى) يقرأ بعد الحمد سورة الإخلاص ثلاث مرّات والمعوّذتين مرّة واحدة، ثمّ يقنت، ثمّ يستغفر لأربعين مؤمناً بقوله (أللّهمّ اغفر لفلان، أللّهمّ اغفر لفلان … إلخ)، ثمّ يستغفر الله سبعين مرّة (أستغفر الله وأتوب إليه)، ثمّ يقول سبع مرّات (هذا مقامُ العائذِ بك من النّار)، ثمّ يقول: (العفو، العفو) ثلاثمائة مرّة، ثمّ يكبِّر، ويركع ويسجد، ثمّ يتشهّد ويسلِّم.
مسائل
* مَن قام من النوم قُبيل طلوع الفجر، وليس له وقت إلَّا بمقدار يَفي بركعة الوتر، فحينئذ يُصِّلي ركعة الوتر ويُصلِّي نافلة الفجر، فيُكتب له ثواب نافلة اللّيل إنْ شاء الله تعالى. فعن الصادق عليه السلام: «أما يَرضى أحدُكم أن يقوم قُبيل الصبح ويُوتِر ويُصلِّي ركعتَي الفجر، وتُكتب له صلاة اللّيل».
* من صلّى من صلاة اللّيل أربع ركعات فأدركَه الفجر، جاز له إتمامُها رجاءً، وجاز له أن يأتي بالوتر، ويؤخِّر الركعات حتى يقضيها في صدر النّهار.
* يُمكن تقديم الصلاة قبل النّوم، ولكن أفضل أوقاتها قبل الفجر.
ملاحظة: لا يُعتبر في صلاة الّليل شيء من السورة، والإستغفار، والدعاء، بل يكفي في كلّ ركعة بعد النيّة وتكبير الإحرام قراءة سورة الحمد، والركوع، والسّجود، والتشهُّد، والتسليم.
يا طويل الرّقاد والغَفلاتِ كثرةُ النوم تُورِث الحَسَراتِ
إنَّ في القبر إنْ نزلتَ إليه لَرُقاداً يَطول بعد المماتِ
ومهاداً مُمهّداً لكَ فيه بذنوبٍ عملتَ أو حسناتِ.
(المحجة البيضاء: /2/397)
الإمام الخميني وصلاة اللّيل
يُقيم نافلة الليل ليلة اعتقاله وهو في السيارة
يقول إبن الإمام السيّد أحمد الخميني رضوان الله عليه: لم يترك الإمام صلاة اللّيل حتى في اللّيلة التي اعتقلوه فيها، فقد أقامها وهو في السيّارة التي نقلوه بها من قُم إلى طهران. وقد قال لي أحد الشرطة الذين رافقوا الإمام ولعلّ اسمه الرائد «عصار»: «لقد أَثَّرت فينا صلاة الإمام بقوّة جعلت أحدنا يجهش بالبكاء بصورة متّصلة إلى أن وصلنا إلى طهران» .
لم يمُت أحد، إنّه بكاء السيّد في تضرُّعه
رَوى أحد علماء طهران: «حللتُ ضيفاً على المرحوم الشهيد السيّد مصطفى (إبن الإمام الخميني) في إحدى اللّيالي، وقد قَضينا شطراً طويلاً من اللّيل في البحث والأحاديث العلميّة، ثمّ نِمنا. ولكن بعد فترة قصيرة من نومنا استيقظتُ على صوت بكاء ونَحيب، فأيقظتُ السيّد مصطفى، وقلت: يبدو أنَّ أحد جيرانكم قد توفّي وأهلُه يبكون لأجله، فأصغى السيِّد مصطفى للصوت ثمّ قال: كلا، إنَّه صوت بكاء سماحة السيِّد (أي الإمام الخميني)، فهذا وقتُ إقامتِه لصلاة اللّيل والتهجُّد والتضرُّع لله».
بالمحافظة على صلاة اللّيل يبقى الإنتصار
سأل أحد الصحافيين الإمام الخميني قدّس سرّه بعد انتصار الثورة، عن الخطّة الدفاعيّة التي سَتَستند عليها الجمهوريّة الإسلاميّة للحفاظ على هذا الإنتصار، فأجاب الإمام إجابة حيَّرت ذاك الصحافي الذي تَوَقَّع أن يكون الحديث عن ترسانة صواريخ، أو جيش كبير، إذ قال له: «بالمحافظة على صلاة اللّيل يبقى الإنتصار».
نصيحة من سماحة الإمام القائد الخامنئي دام ظلّه للشباب
«الآن وقت جمعِ النِّعَم، اقرأوا، إعملوا جيّداً، أُتلوا الدُّعاء، إلتزموا الرياضة، والتزموا برياضة الرُّوح أكثر، أي العبادة، لأنَّ ثمرتَها أكبر. صلُّوا صلاة اللّيل، صلُّوها بتوجُّه، لِتَكُن صلاةَ ليلٍ تَعلمون فيها ما تَفعلون، لا صلاةً دون توجُّه، لأنّها تتطلَّب العناية والتوجُّه. وبذلك يكون تأثيرها فيكم أيّها الشباب أكبر من تأثير صلاة اللّيل التي أُصلِّيها أنا. حافِظوا على هذه التأثيرات وتعلّموا كلّ ما ينفع لغايتكم وكمالكم. إغتنموا الفرص والأيّام فإنّها لن تعود».