أحسن الحديث

أحسن الحديث

منذ 5 أيام

موجز في تفسير سورة الشمس

   

﴿قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّاها﴾

موجز في تفسير سورة الشمس

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ

* السورة الحادية والتسعون في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، نزلت بعد سورة «القدر».

* سُمّيت بـ«الشمس» لابتدائها بعد البسملة بقوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾.

* آياتها خمس عشرة، وهي مكيّة، وفي الحديث النبويّ الشريف أنّ «مَن قرأها فكأنّما تصدّق بكلّ شيءٍ طلعتْ عليه الشمسُ والقمر».

* ما يلي موجز في التعريف بهذه السورة المباركة اخترناه من تفاسير: (نور الثّقلين)، و(الميزان)، و(الأمثل).

 

تتضمّن هذه السورة أكبر عدد من «الأقسام»، والقسَم في القرآن الكريم يستهدف مقصدين:

الأوّل: بيان أهمّية ما جاء القسم من أجله.

الثاني: أهمّية ما أقسمَ به القرآن، لأنّ القَسم عادةً يكون بالمهمّ من الأمور.

من هنا تعمل هذه الأقسام على تحريك الفكر في الإنسان كي يُمعنَ النظر في هذه الموضوعات الهامّة من عالم الخليقة، وليتّخذ منها سبيلاً إلى الله سبحانه وتعالى.

محتوى السورة

(تفسير الميزان): تذكر السورة أنّ فلاح الإنسان - وهو يعرف التقوى والفجور بتعريفٍ إلهيّ وإلهام باطنيّ – في أن يزكّيَ نفسه وينمّيها إنماءً صالحاً بتحليتها بالتقوى وتطهيرها من الفجور، وأنّ الخيبةَ والحرمان من السعادة لمن يُدسّيها - أي لوّثها - ويستشهد لذلك بما جرى على «ثمود» من عذاب الاستئصال لمّا كذّبوا رسولَهم صالحاً النبيّ عليه السلام، وعقروا الناقة، وفي ذلك تعريضٌ بأهل مكّة، والسورة مكّية بشهادة من سياقها.

(تفسير الأمثل): هذه السورة هي في الواقع سورة تهذيب النفس، وتطهير القلوب من الأدران، ومعانيها تدور حول هذا الهدف، وفي مقدّمتها قَسَمٌ بأحد عشر مظهراً من مظاهر الخليقة، وبذات الباري سبحانه من أجل تأكيد أنّ فلاح الإنسان يتوقّف على تزكية نفسه.

والسورة فيها من القَسَم ما لم يجتمع في سورة أخرى. وفي المقطع الأخير من السورة ذكرٌ لقوم ثمود باعتبارهم نموذجاً من أقوامٍ طغتْ وتمرّدتْ وانحدرت - بسبب ترك تزكية نفسها - إلى هاوية الشقاء الأبديّ والعقاب الإلهيّ الشديد. وهذه السورة القصيرة تكشف - في الواقع - عن مسألة مصيرية هامّة من مسائل البشرية، وتبيّن نظام القِيم في الإسلام بالنسبة إلى أفراد البشر.

فضيلة تلاوة السورة

* عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مَن قرأها فكأنّما تصدّق بكلّ شيءٍ طلعتْ عليه الشمسُ والقمر».

* وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «مَن أكثرَ قراءةَ (والشمس) ".." في يومٍ أو ليلة، لم يبقَ شيءٌ بحضرته إلّا شهدَ له يومَ القيامة..».

تفسير آياتٍ من سورة الشمس

قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ الآيات:1-4.

سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن تفسير هذه الآيات، فقال: «الشمس: رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، به أوضحَ اللهُ عزّ وجلّ للناس دينَهم.

والقمر: أميرُ المؤمنين عليه السلام، تلا رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ونفَثَه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالعلم نفثاً.

واللّيل: أئمّةُ الجَور الذين استبدّوا بالأمر دون آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وجلسوا مجلساً كان آل الرسول أولى به منهم، فغشَوا دين الله بالظلم والجَور.

والنهار: الإمام من ذرّية فاطمة صلوات الله عليها يُسأل عن دين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيجلّيه لمَن سأله..».

قوله تعالى: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ الآية:8.

الإمام الصادق عليه السلام: «بيّنَ لها ما تأتي وما تترُك».

قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾ الآية:11.

الإمام الباقر عليه السلام: «الطغيانُ حمَلَها على التكذيب».

قوله تعالى: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾ الآية:12.

* قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ عليه السلام: «مَنْ أشقى الأوّلين؟

قال: عاقرُ الناقة.

قال: صدقتَ، فمَنْ أشقى الآخِرين؟

قال: لا أعلمُ يا رسول الله.

قال صلّى الله عليه وآله: الذي يضربُك على هذه. وأشار إلى أمّ رأسه الشريف».

** وعنه صلّى الله عليه وآله يخاطب أميرَ المؤمنين عليه السلام وعمّار بن ياسر: «ألا أحدّثكما بأشقى الناس رَجُلَين؟

قال عمّار: قلنا: بلى يا رسولَ الله.

قال: أُحَيمِرُ ثمودَ الذي عقرَ الناقة، والذي يَضرِبُك يا عليُّ على هذا - ووضع يده على رأسه - حتّى تُبلَّ منه هذه. وأخذَ بلحيته».

أهمية تهذيب النفس

ورد التركيز في سورة (الشمس) المباركة على أن النجاح والفلاح في تزكية النفس، وأن الخيبة والخسران في تركها.

وهذه في الواقع أهم مسألة في حياة الإنسان، والقرآنُ الكريم إذ يطرح هذه الحقيقة إنما يؤكّد أن فلاح الإنسان لا يتوقف على الأوهام ولا على جمع المال والمتاع ونيل المنصب والمقام، ولا على أعمال أشخاص آخرين (كما هو معروف في المسيحية بشأن ارتباط فلاح الإنسان بتضحية السيد المسيح)... بل الفلاح يرتبط بتزكية النفس وتطهيرها وسموّها في ظلّ الإيمان والعمل الصالح.

وشقاء الإنسان ليس أيضاً وليدَ قضاء وقدر وبالإجبار، ولا نتيجة مصيرٍ مرسوم، ولا بسبب فعل هذا وذاك، بل هو فقط بسبب التلوّث بالذنوب والانحراف عن مسير التقوى.

وفي الأثر أن زوج العزيز «زليخا» قالت لما رأتْ موكب النبيّ يوسف عليه السلام مارّاً من أمامها: «الحمدُ للهِ الذي جعلَ الملوكَ بمعصيتهم عبيداً، وجعلَ العبيدَ بطاعتهم ملوكاً».

نعم، عبادةُ النفس تؤدّي إلى وقوع الإنسان في أغلال الرِّقّ، بينما تزكية النفس توفّر أسباب التحكّم في الكون. فما أكثر الذين وصلوا بعبوديّتهم لله تعالى درجةً جعلتهم أصحاب ولاية تكوينية، ومكّنتهم بإذن الله تعالى أن يؤثّروا في حوادث هذا العالم وأن تصدر منهم الكرامات وخوارق العادات!

إلهي! أعِنّا على أنفسنا وعلى كبْح جماح أهوائنا.

(التفسير الأمثل)

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 5 أيام

أرشيفو

نفحات