ولادةُ
المبعوث رحمةً للعالَمين
أعمال ومراقبات شهر ربيع الأوّل
ـــــــــــــــــــ
إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــ
شهرُ ربيع الأوّل: الشهر الثالث من أشهر السنة
الهجريّة، يلي صفراً ويسبق شهر ربيع الآخر. قِيل إنّ العرب تذكر جميع الشهور
مجرّدة ما خلا شهر رمضان والرّبيعين.
* في اليوم السابع عشر من هذا الشهر، من عام الفيل،
كانت ولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
* وفي مثله من سنة 83 للهجرة وُلد الإمام جعفر الصادق
عليه السلام.
* وفي الثامن منه سنة 260 للهجرة كانت
شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام، لتبدأ الغَيبة الصغرى وعهدُ إمامة صاحب
العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
مراقبات الليلة الأولى
واليوم الأوّل
في (إقبال الأعمال:
3/105-109) لسيد العلماء المراقبين، السيد ابن طاوس، قال:
«الليلة الأولى – من ربيع الأول - هي ليلة مبيت أمير المؤمنين عليه السلام في فراش
الرسول صلّى الله عليه وآله. وكانت سلامة صاحب الرسالة صادرةً عن تدبير الله جلّ
جلالُه بمبيت مولانا عليٍّ عليه السلام مكانه، وآيةً باهرةً لمولانا عليٍّ عليه
السلام، شاهدةً بتعظيم شأنه. وأنزل اللهُ جلّ جلاله في مقدّس قرآنه: ﴿وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ
بِالْعِبَادِ﴾، فأخبر أنّ سريرة مولانا عليٍّ عليه السلام كانت بيعاً لنفسه
الشريفة، وطلباً لمرضاة الله جلّ جلاله دون كلّ مراد».
* أضاف رضوان الله عليه:
«.. وأوّل يومٍ منه هاجر النبيّ صلّى الله عليه وآله من مكّة إلى المدينة سنة ثلاث
عشرة من مبعثه، وكان ذلك يوم الخميس، يُستحبُّ صيامه لما أظهر الله فيه من أمر
نبيّه والنجاة من عدوّه. فهو يومٌ صومُه منقول وفضلُه مقبول، فصُمْه بالشكر
على سلامة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وما فتح بالمهاجرة من سعادة الدنيا
والمعاد. ويحسُن أن تصلّي صلاة الشكر، فإنّه يومٌ عظيمُ السعادة، فما أحقّه بالشكر
والصدقات والمبرّات..».
* وفي (الأمان من أخطار
الأسفار والأزمان، ص 49 – 50) للسيد ابن طاوس، قال:
«دعاءُ مولانا عليٍّ عليه السلام حين بات على فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا
هاجر من مكّة إلى المدينة. وهذا لفظُ الدعاء... أَصْبَحْتُ اللّهُمَّ
مُعْتَصِماً بِذِمامِكَ وَجِوارِكَ المَنِيعِ الَّذِي لا يُطاوَلُ وَلا يُحاوَلُ،
مِنْ شَرِّ كُلِّ غاشِمٍ وَطارِقٍ مِنْ سائِرِ خَلْقِكَ، وَما خَلَقْتَ مِنْ
خَلْقِكَ الصَّامِتِ وَالنَّاطِقِ، فِي جُنَّةٍ مِنْ كُلِّ مَخُوفٍ، بِلِباسٍ
سابِغَةٍ حَصِينَةٍ، وَهِيَ وَلاءُ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله
عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمّ، مُحْتَجِزاً (مُحْتَجِبَاً) مِنْ كُلِّ قاصِدٍ لِي
إِلى أَذِيَّةٍ بِجِدارٍ حَصِينٍ، الإخْلاصِ فِي الاعْتِرافِ بِحَقِّهِمْ وَالتَّمسُّكِ
بِحَبْلِهِمْ جَميعاً، مُوقِنَاً أَنَّ الحَقَّ لَهُمْ وَمَعَهُمْ وَمِنْهُمْ
وَفِيهِمْ وَبِهِمْ، أُوالِي مَنْ وَالَوا وَأُعادِي مَنْ عادَوا وَأُجانِبُ مَنْ
جانَبُوا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِذْنِي اللَّهُمَّ بِهِمْ
مِنْ شَرِّ كُلِّ ما أَتَّقِيهِ. يا عَظِيمُ، حَجَزْتُ الأعادِي عَنِّي بِبِدِيعِ
السَّماواتِ وَالأرْضِ، إِنّا (و) جَعَلْنا مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ
خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ».
* وفي (مفاتيح الجنان)
للمحدّث الشيخ عباس القمّي، قال: «في الحديث
المعتبَر أنّ الصادق صلوات الله عليه لما قدِم العراقَ أتاه قومٌ فسألوه: عرفنا أنّ
تربة الحسين عليه السلام شفاءٌ من كلّ داءٍ، فهل هي أمانٌ أيضاً من كلِّ خوف؟
قال عليه السلام: بلى،
مَن أراد أن تكونَ التربةُ أماناً من كلِّ خوف، فليَأخذ السّبحة منها بيده ويقول ثلاثاً:
أصبحتُ اللَّهمَّ مُعْتَصِماً بِذِمامِكَ وَجِوارِكَ الْمَنِيعِ ... [الدعاء
المتقدّم]... ثمّ يُقبّل
السّبحة ويَمسحُ بها عينَه، ويقول: اللّهمّ إنِّي أسألُكَ بِحَقِّ هذِهِ
التُّرْبَةِ المُباركةِ، وَبحَقِّ صاحِبِها، وبِحَقِّ جَدِّهِ، وَبِحَقِّ أبيهِ، وَبِحَقِّ
أُمِّهِ، وبِحَقِّ أخِيهِ، وَبِحَقِّ وُلْدِهِ الطَّاهِرِينَ، اجْعَلْها شِفاءً
مِنْ كُلِّ داءٍ وَأماناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَحِفْظَاً مِنْ كُلِّ سُوءٍ».
اليوم
السابع عشر: ميلاد النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله والإمام الصادق عليه
السلام
*
قال الشيخ المفيد رضوان الله عليه في (مسارّ الشيعة، ص 50):
«.. وفي السابع عشر من شهر ربيع الأوّل مولدُ سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه
وآله عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل، وهو يومٌ شريف، عظيمُ البركة،
ولم يزل الصالحون من آل محمّدٍ عليهم السلام على قديم الأوقات يُعظِّمونه ويعرفون حقّه،
ويرعون حُرمتَه، ويتطوَّعون بصيامه».
* (إقبال الأعمال: 3/142-143): «.. المسلمون
مُطبقون ومتّفقون على أنَّ محمّداً صلّى الله عليه وآله أعظمُ مولود، بل أعظمُ
موجودٍ من البشر في الدنيا، وأرفع وأنفع مِن كلّ مَن انتُفِع من الخلائق بفِعاله
ومقاله، فينبغي أن يكون تعظيمُ يوم ولادته على قدر شرف نبوّته ومنفعته وفائدته.
فاللهَ اللهَ أيّها العارفُ بالصواب، المحافظُ على الآداب، المراقبُ لمالك يوم
الحساب، أن يكون يوم مولد خاتَم الأنبياء عندك دون مولد أحدٍ أبداً في دار الفناء.
وتقرّب إلى الله جلّ جلالُه بالصّدقات المبرورة وصلوات الشكر المذكورة، والتهاني
في ما بين أهل الاسلام، وإظهار فضل هذا اليوم على الأيام، حتى تعرفَه قلوبُ
الأطفال والنساء، ويصير طبيعةً لها...».
* وقال الفقيه الملَكي
التبريزي في (المراقبات، ص 43-44): «هذا
الشهر، كاسمه ربيعُ الشهور، لِما ظهر فيه من آثار رحمة الله جلّت آلاؤه، حيث اتّفق
فيه ولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. فعلى المسلِم أن يعظُم هذا اليومُ
عنده بما لا يبلغه وصف الواصفين، لأنّ في مثل هذا اليوم نزل أصلُ سائر الفضائل
والتشريفات لهذه الأمّة، فجميعُ بركات النبوّة والإمامة والكتاب والشريعة إنّما
ظهرت بوجود رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم..».
***
* وممّا زاد يوم السّابع
عشر من ربيع الأوّل فضلاً وشرفاً، أنّ فيه من سنة 83 للهجرة كانت ولادة الإمام أبي
عبد الله، جعفر بن محمّد الصادق، عليه السلام، في المدينة المنوّرة. قال الشيخ
المفيد في (الإرشاد: 2/180): «كانت إمامتُه عليه السلام أربعاً وثلاثين
سنة. ووصّى إليه أبوه، أبو جعفر الباقر عليه السلام، وصيّةً ظاهرة، ونَصّ عليه
بالإمامة نصّاً جليّاً..».
* وفي الصّلوات على
المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام، والتي أملاها الإمام العسكريّ عليه السلام
على بعض أصحابه، وردت هذه الصّلاة على الإمام الصّادق عليه السلام: «اللّهُمَّ
صَلِّ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ خازِنِ العِلْمِ الدَّاعي إِلَيْكَ
بِالحَقِّ، النُّورِ المُبِينِ، اللّهُمَّ وَكَما جَعَلْتَهُ مَعْدِنَ كَلامِكَ
وَوَحْيِكَ وَخازِنَ عِلْمِكَ وَلِسانَ تَوْحِيدِكَ وَوَلِيَّ أَمْرِكَ
وَمُسْتَحْفِظَ (مستحفَظ) دِينِكَ؛ فَصَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى
أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَحُجَجِكَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
وفي (أمالي، ص 413)
الشّيخ الطّوسي: «..عن داود بن كثير الرقّي، قال: كنتُ جالساً عند أبي عبد الله
الصّادق عليه السّلام، إذ قال مبتدئاً من قِبل نفسه: يا داوودُ، لَقَدْ
عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمالُكُمْ يَوْمَ الخَميسِ، فَرَأَيْتُ، في ما عُرِضَ عَلَيَّ
مِنْ عَمَلِكَ، صِلَتَكَ لابْنِ عَمِّكَ فُلانٍ، فَسَرَّني ذَلِكَ..».
ويُزار الأئمّة عليهم
السّلام في جميع الأوقات بالزيارات المعتبرة، وفي طليعتها الزّيارة الجامعة،
وزيارة «أمين الله».
اليوم
الثامن: ذكرى شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام
(المراقبات،
ص 46): «يوم شهادة الإمام أبي محمّدٍ
الحسن الزكيّ العسكريّ عليه السلام، فلِلمراقب أن يحزن فيه، لا سيّما بلحاظ أنّ
صاحب المصيبة فيه حجّةُ عصره وإمامُ زمانه أرواح العالمين فداه، عليه وعلى آبائه
صلواتُ الله، يزوره بما يبدو له، ويعزّي الإمامَ عليه السلام بما يناسبه. ثمّ يشكر
الله تعالى لخلافة إمامه عليه السلام، ويتأثّر من غَيبتِه وفقدِه، ويتذكّر زمنَ
ظهوره وفوائدَ أنواره، وخيرَه وبركته».
وفي
(مفاتيح الجنان) للمحدّث القمّي: «ومن المناسب زيارتهما
عليهما السلام في هذا اليوم. فهذا اليوم يكون أوَّل يومٍ من عصر إمامة صاحب العصر
أرواح العالمين له الفداء، وهذا ممَّا يزيده شرفاً وفضلاً».
عمود
أعمالُ
يومِ المولد الشريف
الأول:
الغسل.
الثاني:
الصَّوم، وله فضلٌ كثير، ورُوي أنَّ مَن صامه كُتب له صيام سنة. وهذا اليوم هو أحد
الأيام الأَربعة التي خُصّت بالصيام من بين أيّام السّنة.
الثالث:
يُستحبّ فيه الصدقة والاهتمام بزيارة المشاهد المشرّفة، والتطوّع بالخيرات وإدخال
المسرّة على أهل الإيمان.
الرابع:
زيارة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن قُرب أو عن بُعد.
الخامس:
زيارة أمير المؤمنين عليه السلام، فقد روى الشهيد الأوّل والشيخ المفيد والسيد ابن
طاوس أنَّ الإمام الصادق عليه السلام زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه في اليوم
السابع عشر من ربيع الأوّل بهذه الزيارة، وعلَّمها الثقة الجليل محمّد بن مسلم
الثّقَفي... [مفاتيح الجنان، الباب الثالث، الفصل الرابع، الثانية من
الزيارات المخصوصة]
ويُزار
الأمير صلوات الله عليه بهذه الزيارة في اليوم السابع عشر عند طلوع الشمس، وهي من
أحسن الزيارات، ومرويّة بالأسناد المعتبرة.
وَلو سأل سائلٌ فقال: قد
رُويت زيارات مخصوصة في يوم الميلاد ويوم المبعث لأمير المؤمنين صلوات الله عليه
دون النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان ينبغي أن ترِد فيها زيارة مخصوصة لرسول الله
صلّى الله عليه وآله، فكيف ذلك؟
أجبناه:
إنّما ذلك لِما بين هاتين القدوتين العظيمتين من شدّة الإتصال، ولِما بين هذين
النورَين الطاهرَين من كمال الاتحاد، بحيث كان مَن زار أمير المؤمنين عليه السلام
كَمَن زار رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويشهد على ذلك الكتاب المجيد، كما يشهد
عليه من الأخبار روايات عديدة...
السادس:
أن يصلّي عند ارتفاع النهار ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة بعد (الحمد) سورة (إنّا
أنزلناه) عشر مرّات، و(التوحيد) عشر مرّات، ثمّ يجلس في مصلّاه ويدعو بالدعاء الذي
أوّله: اللّهُمّ أنتَ حيٌّ لا تَموت...». أورده في (إقبال الأعمال:
3/137-142)
(المحدّث القمّي، مفاتيح الجنان، أعمال ربيع الأول، مختصَر)