﴿..اتَّقُوا
اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ..﴾
أعمال
ومراقبات شهر ربيع الآخر
ــــــــــــــــ
إعداد: «شعائر» ــــــــــــــــ
من لوازم الإيمان اليقظة؛
وعلامتُها المراقبة، وهي «قرارٌ بالتزام قانونِ الله تعالى: الشِّرعة والمنهاج»
تماهياً مع اليقين والحبّ: اليقين به تعالى، وحبّه سبحانه.
في
المناجاة الشعبانيّة: «وأن تجعلَني ممّن يُدِيمُ ذِكرَك، ولا ينقضُ عهدَك، ولا
يَغفلُ عن شكرِك، ولا يستخفُّ بأمرِك. إلهي وألحِقني بنورِ عزِّك الأبهج، فأكونَ
لك عارفاً، وعن سواك منحرفاً، ومنك خائفاً مراقباً، يا ذا الجلال والإكرام».
وأبرز
كُتب المراقبات: كتاب (إقبال الأعمال) لسيِّد العلماء المراقبين، السيّد ابن طاوس،
و(المراقبات) للفقيه الكبير الشيخ الملَكي التبريزي، وفي هَديهما هذا الباب:
«مراقبات».
*
ربيعُ الآخر، وقد يُقال: ربيع الثاني، رابعُ أشهر السنة الهجرية. قال الشيخ المفيد
في (مسارّ الشيعة، ص 30) مبيّناً تواريخه الشرعية:
«اليوم
العاشر منه سنه اثنتين وثلاثين ومائتين (232) كان مولد سيّدنا أبي محمّد،
الحسنِ بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام، وهو يوم شريف عظيم البركة. وفي
اليوم الثاني عشر منه، سنة أول من الهجرة استقرّ فرضُ صلاة الحضَر والسفر».
*
ومن أبرز أعمال شهر ربيع الآخر: صيام اليوم
العاشر، والدعاء في أوّله بما رواه السيد ابن طاوس في (الإقبال).
حول فضيلة اليوم العاشر،
يومِ ميلاد الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام، قال المحدّث الشيخ عباس القمّي في (مفاتيح
الجنان): «..وهو يوم شريف جداً، ويستحبّ فيه الصيام شكراً لله على هذه النعمة
العظمى».
وعن استقرار فرض الصلاة،
روى الكلينيّ في (الكافي: 1/266) عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال من ضمن
حديثٍ طويل:
«..ثُمّ إِنّ الله عَزّ
وجَلّ فَرَضَ الصّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ، فَأَضَافَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرّكْعَتَيْنِ
رَكْعَتَيْنِ، وإِلَى الْمَغْرِبِ رَكْعَةً، فَصَارَتْ عَدِيلَ الفَرِيضَةِ؛ لَا
يَجُوزُ تَرْكُهُنّ إِلّا فِي سَفَرٍ. وأَفْرَدَ الرّكْعَةَ فِي المَغْرِبِ
فَتَرَكَهَا قَائِمَةً فِي السّفَرِ والحَضَرِ، فَأَجَازَ اللهُ عَزّ وجَلّ لَه
ذَلِكَ كُلّه، فَصَارَتِ الْفَرِيضَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً».
* ومن سائر مناسبات هذا
الشهر:
- الثامن منه سنة 11:
يومُ أربعين وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويوم شهادة الصديقة الكبرى السيّدة
فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، استناداً إلى رواية غير راجحة.
- اليوم العاشر:
وفاة السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام الكاظم عليه السلام في مدينة قم، سنة 201
للهجرة. وفي الحديث عن الإمام الرضا عليه السلام: «مَن زارها عارفاً بحقِّها فلَهُ
الجنّة».
- اليوم الثاني والعشرون
سنة 296: وفاة السيّد موسى بن الإمام الجواد عليه
السلام في مدينة قمّ.
* وأما
أهمّ أعمال شهر ربيع الآخر:
- صيام اليوم العاشر،
كما تقدّم.
- الدعاء في أوّله بما
رواه السيد ابن طاوس في (إقبال الأعمال: ج 3، ص 145 – 149، الفصل الأول من الباب
الخامس). وهو «دعاء جليل فاخر»، كما في (المراقبات) للميرزا الملَكي التبريزي،
وعدّه رضوان الله عليه: «من مهمّات الأعمال في هذا الشهر».
- الأعمال المشتركة في بدايات
الأشهر الهجرية، ومنها الدعاء بالمرويّ عند رؤية الهلال، وصلاة من ركعتين مروية عن
الإمام الجواد عليه السلام، يقرأ في الأولى سورة (التوحيد) ثلاثين مرة بعد
(الفاتحة)، وفي الركعة الثانية يقرأ بعدها سورة (القدر) ثلاثين مرة أيضاً. ثمّ
يتصدّق بما تيسّر، «يشتري به سلامةَ ذلك الشّهر كلّه».
مراقبات
اليوم العاشر
* (المراقبات، ص 57 – 59):
قال الفقيه الجليل الميرزا جواد الملَكي
التبريزي حول مراقبات اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني ما ملخّصه:
«.. اليوم العاشر منه، رُوي
أنّه يوم ولادة مولانا وإمامنا أبي محمّد الحسن الزكيّ العسكريّ عليه الصّلاة
والسلام. وأيّام ولادة خلفاء النبيّ المعصومين شريكةٌ مع يوم ولادته في مراسم
الشكر والفرح والتعظيم بالأعمال القلبيّة والجسدية، وإنْ كان ليوم ولادته صلّى
الله عليه وآله وسلّم حقّاً خاصّاً به.
ولهذا اليوم خصوصيّة من
جهة أنّه عليه الصّلاة والسلام والد إمامنا أرواحنا وأرواح العالمين فداه بلا
واسطة، فينبغي للموالي تهنئته بما يليق بجنابه الأقدس وحضرته القدسيّة، وأن يزيد
في حوائجه التي يعرضها لصاحب الولادة بالتضرّع والسؤال في أن يُوصي به عند صاحب
العصر عليه السّلام لكي يُدخله في همّه ونَظَرِ لُطفه، ويخصّه من بين رعيّته
بمكارمه، فإنّ لوصيّة الوالد خصوصيّةً في تأثير القبول.
ثمّ ليعلم السالك أنّ
لصاحب الولادة عليه السّلام خصوصيّة في الحوائج الأخرويّة؛ فإنّ المعصومين عليهم
السّلام، وإنْ كان كلّ واحدٍ منهم وسيلةً للعباد في جميع حوائجهم، إلّا أنّ لكلّ
واحدٍ منهم خصوصيّة لبعض الحوائج أيضاً، كما يشهد عليه دعاء التوسّل، فإنّ لرسول الله
صلّى الله عليه وآله وكريمته صلوات الله عليها وسبطَيه عليهما السّلام خصوصيّة في
الحوائج المتعلّقة بتحصيل طاعة الله جلّ جلاله ورضوانه.
ولأمير المؤمنين عليه
السّلام في الانتقام من الأعداء وكفاية مؤونة الظّالمين.
وللإمام السجّاد عليه
السّلام في دفع جور السلاطين، ونفث الشّياطين.
وللإمام الباقر والصادق
عليهما السّلام في الإغاثة على أمر الآخرة.
وللإمام الكاظم عليه
السّلام في العافية من المحذورات؛ من العِلل، والأسقام والأوجاع.
وللإمام الرّضا عليه
السّلام في النّجاة من مخاوف الأسفار في البحار، والبراري، والقفار.
وللإمام الجواد عليه
السّلام في الوسعة والاستغناء عمّا في أيدي الناس.
وللإمام الهادي عليه
السّلام في قضاء النوافل، وبرّ الإخوان، وكمال الطّاعات.
وللإمام الزّكي العسكري
عليه السّلام في الإعانة على أمر الآخرة.
ولإمام عصرنا، وملاذنا
ومعاذنا، رجائنا وعصمتنا، ونورنا وحياتنا، الإمام المهديّ عليه السّلام في جملة
هذه الحوائج وغيرها ممّا تسمّى حاجة».
* وفي (إقبال الأعمال: ج
3، ص 150) لسيّد العلماء المراقبين:
«إنّ كلّ يومٍ وُلد فيه إمامٌ
من أئمّة الاسلام فهو يومٌ عظيم الإنعام، ينبغي أن يُتلقّى بما يستحقّه من الشكر
لله جلّ جلاله، والثناء على مقدّس مجده والزيادة في مهمّات حمده، وأن يعترف لله جلّ
جلاله بما فتح الله فيه من الأبواب إلى سعادة الدنيا ويوم الحساب، ويعترف للإمام
صلوات الله عليه بحقّه الذي أوجبه الله جلّ جلاله برئاسته وسياسته وشفقته وعظمته،
ويختمه بما يليق به من خاتمته».
اختصاص يوم الخميس بالإمام
العسكريّ عليه السلام
في (جمال
الأسبوع، ص 41) للسيّد ابن طاوس: «يومُ الخميس، وهو يومُ
الحسنِ بن عليَّ صاحب العسكر صلوات الله عليه. زيارته:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله، السَّلامُ
عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله وَخالِصَتَهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ المُؤْمِنِينَ،
وَوارِثَ المُرْسَلِينَ، وَحُجَّةَ رَبِّ العالَمِينَ. صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى
آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، يا مَوْلايَ يا أَبا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ
بْنَ عَلِيٍّ، أَنا مَولًى لَكَ وَلآلِ بَيْتِكَ، وَهذا يَوْمُكَ وَهُوَ يَوْمُ الخَمِيسِ،
وَأَنا ضَيْفُكَ فِيهِ وَمُسْتَجِيرٌ بِكَ فِيهِ، فَأَحْسِنْ ضِيافَتِي وَإِجارَتِي
بِحَقِّ آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ».
..والساعة
الحادية عشرة من كلّ يوم
في (المصباح،
ص 145) للشيخ الكفعمي: «الساعة الحادية عشرة من كلّ يوم، قبل اصفرار
الشّمس إلى اصفرارها، للعسكريّ عليه السلام، ودعاءُ هذه السّاعة للتّوسُّل به عليه
السلام:
يا أوّلُ بلا أوّليّة، ويا آخرُ بلا آخريّة،
ويا قيّوماً لا منتهى لِقِدَمِه، ويا عزيزاً بلا انقطاعٍ لعزّته، يا مُتسلِّطاً بلا
ضعفٍ من سُلطانِه، يا كريماً بدَوامِ نعمته، يا جبّاراً لِأعدائِه ومُعزّاً لِأوليائِه،
يا خبيراً بِعلمِه، يا عليماً بِقدرتِه، يا قديراً بِذاتِه.
أسألُكَ بحقِّ وليِّك، الأمينِ المؤدّي الكريمِ
النّاصحِ العليمِ الحسنِ بن عليٍّ عليهما السلام، عليك، وأُقدِّمُه بين
يدَي حوائجي ورغبتي إليك، أنْ تُصلّيَ على محمّدٍ وآلِ محمّد، وأن تُعينَني على آخرتي،
وتَختِمَ لي بخيرٍ حتّى تتوفّاني وأنتَ عنّي راضٍ، وتنقلَني إلى رحمتِكَ ورضوانِكَ،
إنّك ذو الفضلِ العظيمِ، والمَنِّ القديمِ». (ثمّ تسأل
حاجتك)
حرز
الإمام العسكريّ عليه السلام
أورد السيد ابن طاوس في
(مهج الدعوات، ص 296 - 302) مجموعة من الأحراز و«الحجب
المروية عن النبيّ والأئمّة عليهم السلام، التي احتجبوا بها ممّن أراد الإساءة إليهم»،
ومنها هذا الحرز للإمام الحسن العسكريّ عليه السلام:
«اللّهمّ إنّي أَشهدُ بحقيقةِ
إيماني وعَقْدِ عَزَماتِ يقيني، وخالِصِ صَريحِ تَوحيدي، وخفِيِّ سَطَواتِ سِرّي وشَعري
وبَشَري ولَحْمِي ودَمِي، وصَميمِ قلبي وجَوارحي ولُبّي، بأنّك أنتَ اللهُ لا إلهَ
إلّا أنتَ مالِكُ المُلكِ، وجَبّارُ الجَبابِرَةِ، ومَلِكُ الدُّنيا والآخِرَةِ، ﴿..تُعِزُّ
مَن تَشاءُ وتُذِلُّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إنَّكَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ﴾،
فأَعِزَّني بِعزّتِك واقهَرْ لي مَن أَرادَني بِسَطْوَتِكَ، واخْبَأْنِي مِن أعدائي
في سِتْرِكَ. ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُم لا يَرجِعُونَ﴾، ﴿وجَعَلْنا مِن
بَينِ أَيديهِم سَدّاً ومِن خَلفِهِم سَدّاً فَأَغشَيناهُم فَهُم لا يُبْصِرونَ﴾.
بِعزَّةِ الله استَجَرْنا، وبِأَسماءِ اللهِ إِيّاكُم طَرَدْنا، وعليهِ تَوَكّلنَا
وهُوَ حَسْبُنا ونِعْمَ الوَكيلُ، ولا حَوْلَ ولا قُوّةَ إلّا بِاللهِ العَليِّ العَظيمِ،
والحَمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ وصلّى الله على سيِّدنا محمّدٍ النبيِّ وآلِهِ الطّيّبينَ
الطّاهرينَ، وحَسْبُنا الله ونِعْمَ الوَكيلُ، وهو نِعْمَ المَوْلى ونِعْمَ النّصيرِ،
﴿ومَا لنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ على اللهِ وقَد هَدانا سُبُلَنا، ولَنَصْبِرَنَّ
على ما آذَيْتُمونا، وعَلى اللهِ فَلْيَتَوَكّلِ المُتَوَكِّلونَ﴾، ﴿.. ومَنْ
يَتَوَكَّلْ على اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إنَّ اللهَ بالِغُ أمْرِهِ، قد جَعَلَ اللهُ
لِكُلِّ شَيءٍ قَدْراً﴾».