أمورٌ من المعروف
من
وصايا المرجع السيّد محسن الحكيم قدّس سرّه
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــــــــ
من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
قال الله تعالى: ﴿ولْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ويَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، وقد
ورد عنهم عليهم السلام أنّ بالأمر بالمعروف تُقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المكاسب،
وتُمنع المظالم، وتعمر الأرض، ويُنتصَف للمظلوم من الظالم، ولا يزال الناس بخيٍر ما
أَمروا بالمعروف ونَهوا عن المنكر.
توصيات موجزة للمرجع الديني السيّد محسن الحكيم قدّس
سرّه، أوردها في آخر كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من رسالته العملية
(منهاج الصالحين: 1/ 491-496).
قال بعض الأكابر (الفقيه
الشيخ محمّد النجفي، صاحب الجواهر): إنّ من أعظم أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وأعلاها وأتقنها وأشدّها - خصوصاً بالنسبة إلى رؤساء الدين - أن يلبسَ رداء المعروف؛
واجبَه ومندوبَه، وينزع رداءَ المنكر محرّمَه ومكروهه، ويستكمل نفسه بالأخلاق الكريمة،
وينزّهها عن الأخلاق الذميمة، فإنّ ذلك منه سببٌ تامٌّ لفعل الناس المعروف، ونزْعهم
المنكر، خصوصاً إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغّبة والمرهّبة، فإنّ لكلّ مقامٍ
مقالاً، ولكلّ داءٍ دواءً، وطبّ النفوس والعقول أشدّ من طبّ الأبدان بمراتب كثيرة،
وحينئذٍ يكون قد جاء بأعلى أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
في
ذكر أمور هي من المعروف
1) منها:
الاعتصام بالله تعالى، قال
الله تعالى: ﴿..ومَنْ يَعْتَصِمْ بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «أَوحى
اللهُ عزَّ وجلَّ إلى داود: ما اعْتَصَمَ بِي عَبْدٌ من عِبادي دونَ أحدٍ من خَلقي،
عرفتُ ذلكَ مِن نِيّتِه، ثمّ تكيدُهُ السماواتُ والأرضُ ومَن فيهنَّ إلَّا جَعلْتُ
لهُ المَخرَجَ مِن بَينهنّ».
2) ومنها:
التوكّل على الله سبحانه، الرؤوف الرحيم بخَلقه،
العالم بمصالحهم، والقادر على قضاء حوائجهم. وإذا لم يتوكّل عليه تعالى فعلى مَن
يتوكّل؛ أَعَلى نفسه أم على غيره مع عجزه وجهله، قال الله تعالى: ﴿..ومَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُه..﴾، وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام:
«إنَّ الغِنَى والعِزَّ يَجولان، فَإذا ظَفَرا بِمَوضِعٍ من التّوَكُّلِ أَوْطنا».
3) ومنها:
حُسن الظنّ بالله تعالى، قال أمير المؤمنين عليه
السلام فيما قال: «والّذي لا إِلَهَ إلَّا هُوَ، لا يَحسُنُ ظَنُّ عَبدٍ مؤمنٍ
بِاللهِ إلَّا كانَ اللهُ عندَ ظَنِّ عَبدِهِ المُؤمن، لأنَّ اللهَ كريمٌ بِيَدِهِ
الخَيرُ، يَستَحيي أنْ يكونَ عَبدُهُ المُؤمن قد أَحسَنَ بهِ الظَّنَّ ثمَ يُخلِفُ
ظَنَّهُ ورجاءَهُ. فَأحسِنُوا بِالله الظَّنَّ وارغَبوا إليه».
4) ومنها:
الصبر عند البلاء، والصبر عن محارم الله تعالى، قال
الله تعالى: ﴿..إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾، وقال
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حديث: «فَاصْبِر، فَإنَّ في الصَّبرِ
على ما تَكْرَهُ خَيْراً كثيراً، واعلَمْ أنَّ النّصرَ مع الصَبرِ، وأنَّ الفَرَجَ
مع الكَرْبِ، ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾».
وقال أمير المؤمنين
عليه السلام: «لَا يُعْدَمُ الصَّبُورُ الظَّفَرَ وإِنْ طَالَ بِه الزَّمَانُ».
وقال عليه السلام: «الصَّبْرُ
صَبْرَانِ: صَبْرٌ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ جَمِيلٌ، وأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ
عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عَلَيْكَ».
5) ومنها
العفّة، قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: «مَا
مِنْ عِبَادَةٍ أَفْضَلَ عِنْدَ الله مِنْ عِفَّةِ بَطْنٍ وفَرْجٍ».
وقال أبو عبد الله
الصادق عليه السلام: «إنّما شِيعةُ جَعفر مَنْ عَفَّ بَطنَهُ وفَرْجَهُ، واشْتَدَّ
جهادُه، وعَمِلَ لِخالِقِه، ورَجا ثَوابَهُ، وخافَ عِقابَهُ، فَإذا رَأيْتَ أُولئِكَ
فَأولئِكَ شِيعةُ جَعفر».
6) ومنها:
الحِلم، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله
وسلّم: « مَا أَعَزَّ اللهُ بِجَهْلٍ قَطُّ، ولَا أَذَلَّ بِحِلْمٍ قَطُّ ».
وقال أمير المؤمنين عليه
السلام: «أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِه أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُه عَلَى
الْجَاهِلِ»، وقال الرضا عليه السلام: «لا يَكونُ الرّجُلُ عابِداً حتّى يَكونَ
حَليماً».
7) ومنها:
التواضع، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله
وسلّم: «مَنْ تَوَاضَعَ لله رَفَعَهُ اللهُ، ومَنْ تَكَبَّرَ خَفَضَه الله، ومَنِ
اقْتَصَدَ فِي مَعِيشَتِه رَزَقَهُ الله، ومَنْ بَذَّرَ حَرَمَه الله، ومَنْ أَكْثَرَ
ذِكْرَ الْمَوْتِ أَحَبَّه الله تعالى».
8) ومنها:
إنصافُ الناس، ولو من النفس، قال رسول صلّى الله
عليه وآله وسلّم: « سَيِّدُ الأَعْمَالِ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ، ومُوَاسَاةُ
الأَخِ فِي الله، وذِكْرُ الله عَزَّ وجَلَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ».
9) ومنها:
اشتغالُ الإنسان بعيبه عن عيوب الناس،
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «طُوبَى لِمَنْ شَغَلَه خَوْفُ اللهِ
عَزَّ وجَلَّ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ، طُوبَى لِمَنْ مَنَعَه عَيْبُه عَنْ عُيُوبِ الْمُؤْمِنِينَ».
وقال صلّى الله عليه
وآله وسلّم: «إِنَّ أَسْرَعَ الخَيْرِ ثَوَاباً البِرُّ، وإِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ
عِقاباً البَغْيُ، وكَفَى بِالمَرْءِ عَيْباً أَنْ يُبْصِرَ مِنَ النَّاسِ مَا يَعْمَى
عَنْه مِنْ نَفْسِه، وأنْ يُعَيِّرَ النَّاسَ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ تَرْكَه، وأن يُؤْذِيَ
جَلِيسَه بِمَا لَا يَعنِيه».
10) ومنها:
إصلاح النفس عند ميلها إلى الشرّ، قال أمير
المؤمنين عليه السلام: «مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَه أَصْلَحَ اللهُ عَلَانِيَتَه،
ومَنْ عَمِلَ لِدِينِه كَفَاه اللهُ أَمْرَ دُنْيَاه، ومَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَه
وبَيْنَ الله، أَحْسَنَ اللهُ مَا بَيْنَه وبَيْنَ النَّاسِ».
11) ومنها:
الزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها، قال أبو عبد
الله الصادق عليه السلام: «مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا أَثْبَتَ الله الْحِكْمَةَ
فِي قَلْبِه، وأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَه، وبَصَّرَه عُيُوبَ الدُّنْيَا؛ دَاءَهَا ودَوَاءَهَا،
وأَخْرَجَه مِنَ الدُّنْيَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ».
وقال رجل: «قلتُ لأبي عبد
الله الصادق عليه السلام: إِنِّي لَا أَكَادُ أَلْقَاكَ إِلَّا فِي السِّنِينَ فَأَوْصِنِي
بِشَيْءٍ آخُذُ بِه؟
فقال عليه السلام: أُوصِيكَ
بِتَقْوَى الله، وصِدْقِ الْحَدِيثِ، والْوَرَعِ والِاجْتِهَادِ، واعْلَمْ أَنَّه لَا
يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ مَعَه، وإِيَّاكَ أَنْ تُطْمِحَ نَفْسَكَ إِلَى مَنْ
فَوْقَكَ، وكَفَى بِمَا قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ لِرَسُولِه صلّى الله عليه وآله
وسلّم: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ
زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا..﴾، وقال تعالى: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ
ولا أَوْلادُهُمْ..﴾، فَإِنْ خِفْتَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فَاذْكُرْ عَيْشَ رَسُولِ
الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فَإِنَّمَا كَانَ قُوتُه الشَّعِيرَ
وحَلْوَاه التَّمْرَ ووَقُودُه السَّعَفَ إِذَا وَجَدَه، وإِذَا أُصِبْتَ
بِمُصِيبَةٍ في نفسِك أو مالِكَ أو ولدِكَ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ الله
صلّى الله عليه وآله وسلّم، فَإِنَّ الْخَلْقَ لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِه قَطُّ».