المخطوطات الإسلامية والعربية في الغرب
ــــــــــــــــ
إسلام عبد الوهاب* ــــــــــــــــ
مَن يحاول أن ينفذ إلى
أعماق الشرق سيتّجه غرباً، وتحديداً إلى المخطوطات العربية الموزعة في مكتبات
العالم، والتي يبلغ عددها وفقاً لتقدير العلماء 3 ملايين مخطوط، بينها نسخ مكررة
وأخرى حديثة، في حين تقدّر النسخ القيمة والنادرة بحوالي نصف مليون مخطوط. نستعرض
في ما يلي أبرزها:
المكتبة
البريطانية: الاستعمار ينال من التراث قبل الأرض
يمكن القول إن
بريطانيا كانت المستعمر الأول للدول العربية، لذا تمكنت من أخذ الآلاف من المخطوطات
دون مجهود يذكر بدءاً من أواخر القرن السابع عشر، وبالأخص من مصر وفلسطين واليمن
والعراق والخليج، كما اعتمدت على عمليات الشراء، وعلى جهود قناصلها في الدول
العربية.
تقتني المكتبة
البريطانية وحدها قرابة 15 ألف مخطوط عربي، وتعدّ هذه المجموعة الأشهر في أوروبا
وأميركا الشمالية، نظراً لمحتوياتها وتنوّعها، إذ تغطي علوم القرآن والتفسير
والحديث وعلم الكلام والطوبوغرافيا والسِّير وغيرها من الفنون والعلوم.
أقدم مخطوطة عربية في
المكتبة البريطانية هي نسخة للمصحف الشريف مكتوب على الرق بخط مائل، يرجع إلى الثلث
الأول من القرن الثاني، كما تضم المكتبة نسخة من ديوان المتنبي يعود تاريخ كتابته
للعام 393 هجري.
فرنسا:
الشغف يجلب السرقة أحياناً
يعود اهتمام الفرنسيين
بالمخطوطات العربية إلى القرن السادس عشر الميلادي، وكان الاقتناء في البداية
يعتمد على الأفراد. ولكن ما لبث أن تحوّل إلى شغف، وتحوّل من الاهتمام بشراء
المخطوطات إلى البحث عن كيفية الاستيلاء عليها. الفترة التي قضاها نابليون في مصر
(1798 - 1801) شهدت سلب عدد لا بأس به من المخطوطات العربية من القاهرة.
أبرز ما تقتنيه
المكتبة الوطنية في باريس هو مخطوط مكوّن من خمسة آلاف ورقة مختلفة من مصاحف قديمة
جداً، تراوح أزمنة كتاباتها بين القرن الثاني والخامس للهجرة. وأغلبها مكتوب على
رقّ الغزال بالخط الكوفي، ونسخة من (العلل والأمراض) لجالينوس، والذي نقله إلى
العربية حنين بن إسحاق عام 232 هجري.
إسبانيا:
المخطوطات طفتْ هنا وحدها
الحظّ حالف إسبانيا
لتحصد المخطوطات العربية، فما تبقّى منها في المدن الإسلامية الأندلسية كغرناطة
وقرطبة وإشبيلية وبلنسية ومرسية وغيرها، ضُمّ إلي مكتبة دير الإسكوريال في مدريد،
من بينها (مختصر ابن سيناء في استعمال الترياق والسكنجبين)، وكُتب في عام 473 ه،
ونسخة من (نسب عدنان وقحطان) للمبرّد، وكُتب عام 450.
أميركا:
المال حلّ سريع لجلب المخطوطات النادرة
دخلت الولايات المتحدة
حقل المخطوطات العربية أخيراً، أي في أوائل القرن التاسع عشر. اعتمدت على شراء
المخطوطات ونجحت في اقتناء مجموعات نادرة يصعب حصر عددها. فجامعة برنستون تمتلك
أكبر عدد من المخطوطات العربية والإسلامية في أميركا، وفيها العديد من نوادر
المخطوطات من حيث القِدم والناحية الفنية، ومن ضمنها كتاب (النيازك) لأرسطوطاليس
نقله إلى العربية حنين بن إسحق. أما مكتبة الكونجرس الأميركي فتضم حوالي 1700 مخطوطة
عربية، منها نسخة من القرآن الكريم على رقّ غزال تعود إلى القرن الرابع أو الخامس
الهجري.
أيضاً هناك مخطوطات
متناثرة؛ فمتحف متروبوليتان للفن بنيويورك يقتني أوراقاً قديمة جدّاً متفرقة من
مصاحف ترجع إلى القرون الأولى للهجرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باحث مصري في شؤون
الكتب والمكتبات