ثمرة العلم التواضع، وثمرة الجهل التكبّر
أيّها العزيز، إذا كان التكبّر بالكمال المعنوي، فقد كان
الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم والإمام عليّ عليه السلام أرفع شأناً، وإذا
كان بالرئاسة والسلطان، فقد كانت لهما الرئاسة الحقّة. ومع ذلك، كانا أشدّ الناس تواضعاً.
***
اِعلم أنّ التواضع وليد العلم والمعرفة، والكبر وليد الجهل
وانعدام المعرفة، فامسح عن نفسك عار الجهل والانحطاط، واتّصف بصفات الأنبياء، واترك
صفات الشيطان، ولا تنازع الله في ردائه - الكبرياء - فمَن ينازع الحقّ في ردائه فهو
مغلوب ومقهور بغضبه، ويُكَبُّ على وجهه في النار.
وإذا عزمتَ على إصلاح نفسك، فطريقه العملي، أمر يسير مع شيء
من المثابرة، وإنّه طريق لو اتّصفتَ بهمّة الرجال وحرية الفكر وعلوّ النظر، فلن تصادفك
أية مخاطر. فإنّ الأسلوب الوحيد للتغلّب على النفس الأمّارة، وقهر الشيطان، واتّباع
طريق النجاة، هو العمل بخلاف رغباتهما.
لا يوجد سبيل أفضل لقمع النفس من الاتّصاف بصفة التواضع،
ومن السَّير وفق مسيرة المتواضعين؛ فمهما كانت درجة التكبّر عندك، ومهما تكن طريقتك في العلم والعمل،
اعمل قليلاً بخلاف هوى نفسك، مع الالتفات إلى الملاحظات العلمية تجاه التكبّر، والانتباه
إلى النتائج المطلوبة. ".." فإذا كانت نفسك تأنف من مجالسة الفقراء والمساكين،
مرِّغ أنفها في التراب وجالسهم، وكلْ معهم، ورافقهم في السفر، ومازحهم. وقد تجادلك
نفسك فتقول لك: إنّ لك مقاماً ومنزلة، وعليك أن تحافظ على مقامك. ".." اعلم،
أنّ هذه كلّها من مكائد الشيطان والنفس الأمّارة.
لقد كان مقام رسول الله صلّى عليه وآله وسلّم في الدنيا من
حيث الرئاسة والمركز أرفع من مقامك (بما لا يقاس)، ومع ذلك كانت سيرته هي التي قرأت عنها وسمعت بها.