في ليلة العيد ويومه، اُرْجُ عظيم مِنَحه تعالى
أعمال ومراقبات شهر شوّال
_____ إعداد: «شعائر» _____
*قال الشيخ المفيد في (مسارّ
الشيعة): «أوّل يوم من شوال وهو يوم عيد الفطر، وإنّما كان عيد
المؤمنين بمسّرتهم
بقبول أعمالهم، وتكفير سيئاتهم، ومغفرة ذنوبهم، وما جاءتهم من البشارة من عند ربّهم جلّ اسمه، من عظيم الثواب لهم على
صيامهم، وقُرَبهم،
واجتهادهم. وفي
هذا اليوم فريضة إخراج الفطرة، ووقتها من طلوع الشمس إلى الفراغ من صلاة العيد، فمن لم يخرجها من ماله وهو متمكن
من ذلك قبل مضيّ
وقت الصلاة فقد ضيّع فرضاً، واحتقب مأثماً».
* وفي اليوم الخامس والعشرين من شوّال كانت شهادة الإمام
جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام في المدينة مسموماً بمكيدة من الحاكم العبّاسي
منصور الدوانيقي.
اليوم الأوّل: عيد الفطر السعيد
قال الشيخ الملكي
التبريزي في (المراقبات: ص
296) حول
ضرورة حسن الظنّ بالله في يوم العيد: «ويحسن في هذا الموقف إحسان
الظنّ بالله، والرجاء لعظيم منح الله، وكريم عطاياه، فبقدر حسن الظنّ بالله،
واللطف في الاستعطاف، والتأدّب بأدب الله، والثقة بمواعيده تعالى، يزاد فيه
الجوائز، ويستمطر سحائب الجود، ويظهر اسم السعود.
وليس في أمثال المقام للعبد
مظنّة خوف إلّا لمن أساء ظنّه بمواعيد الله ولم يقوّ رجاءه بفضل الله.
فيجب بحكم العقل والأدب
والإيمان، أن يكون رجاء العبد إلى الصفح والعفو والإفضال، وبلوغ الأمانيّ والآمال،
أقوى من خوف الأخذ والخزي والنكال، فليخلط نفسه في عباد الله الصالحين، وإن لم يكن منهم،
ويتوجّه إلى حضرة القدس بوجوه أوليائه المتشرّفة عنده وإن كان وجهه خلِقاً مظلماً
من ظلم المعاصي، فإنّه تعالى لا يناقش في هذا اليوم في ذلك، لأنّ تعميم الإحسان في
أمثال المقام لا يخالف الحكمة، فلا مانع من شمول النوال، وبسط الجود والإفضال».
الإفطار على التربة
الحسينية الشريفة
يستحبّ الإفطار أول النهار قبل
صلاة العيد على التمر أو على شيءٍ من الحلوى . وقال الشيخ المفيد يُستحب أن
يبتلع شيئاً مِن تربة الحسين عليه السلام فإنّها شفاء من كلّ داء. ويؤكّد
هذا المستحب السيّد ابن طاوس في (إقبال الأعمال: 1/483)، فيقول: «مقتضى
المعقول وظواهر المنقول يقتضي أن يكون أخذ التربة للشفاء والدواء ودفع أنواع البلاء في
وقت إطلاق الجوائز للأنام، وهو يوم جوائز شهر الصيام، فيسأل العبد يوم العيد أن يكون
من جملة جوائزه التي ينعم الله جلّ جلاله بها عليه الإذن في أخذ تربة الحسين عليه
السلام، فيأتي أخذها في وقت إطلاق العطايا والمواهب الجزيلة، مناسباً لإطلاق
التربة المقدسة الجليلة».
آداب صلاة العيد
قال الشيخ النراقي في (جامع
السعادات، 3/289): «ينبغي
للحاضر إلى صلاة الجمعة والعيدين: أن يستحضر أنّ هذه الأيام أيام شريفة عظيمة، وأعياد
مباركة كريمة، قد خص الله بها هذه الأمة، وجعلها أوقاتاً شريفة لعباده
ليقرّبهم من جواره، ويبعدهم من عذابه وناره وحثّهم فيها على الإقبال بصالح
الأعمال، وتلافي ما فرط منهم في بقية الأيام والشهور من الإهمال.
فلا جرم وجب الاهتمام بصلاتها زيادة على سائر الصلوات من التهيّؤ والاستعداد
للقاء الله، والوقوف بين يديه، والمثول في حضرته، والفوز بمخاطبته.
فليجتهد بعد الإتيان بالوظائف الظاهرة، من التنظيف والتطييب، والتعمم
وحلق الرأس، وقص الشارب والأظفار وغير ذلك من السنن في تخليص النية، وإحضار القلب،
وإكثار الخشوع والابتهال
إلى الله تعالى في صلاته، وينبغي أن يحضر قلبه في العيدين من قسمة
الجوائز وتفرقة الرحمة، وإضافة المواهب فيها على مَن قُبل صومه وقربانه
وقام بوظائفهما، فليكبّر في صلاتهما وقبلها وبعدها في قبول أعماله والعفو
عن تقصيراته، وليستشعر الخجلة والحياء من خسران الرد، وخذلان الطرد،
فتخسر صفقته، وتظهر بعد ذلك حسرته، فيفوز الفائزون، ويسبق السابقون، وينجو المخلصون،
ويكون هو من
الخائبين الخاسرين».
*
كيفيّة صلاة العيد:
وهي ركعتان، تقرأ في الأولى (الحمد) وسورة (الأعلى)، وتكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات، وتقنت بعد كلّ تكبيرة، فتقول:
اللهمَّ أَهلَ الكَبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهلَ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَهلَ التَّقوى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً، وَلِمُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْراً وَمَزِيداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ. اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمّا اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ.
ثمّ تكبّر السّادِسَة وتركع وتسجد، ثمّ تنهض للرّكعة الثّانِيَة فتقرأ فيها بَعد (الحَمد) سورةَ (الشَّمس)، ثمّ تكبّر أربع تكبيرات، تقنت بَعد كُلّ تكبيرة، وتقرأ في القنوت ما مرّ، فإذا فرغت كبّرت الخامِسَة فركعتَ وأتممتَ الصَّلاة، وسبّحت بَعد الصلاة تسبيح الزهراء عليها السلام.
اليوم الخامس
والعشرون: شهادة الإمام
الصادق عليه السلام
قال الشيخ المفيد في (المقنعة: ص
473): «جعفر
بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، الصادق
الإمام العادل، كنيته أبو عبد الله .
ولد بالمدينة سنة ثلاث وثمانين
من الهجرة. وقبض بالمدينة في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة، وله
يومئذٍ خمس وستون سنة .
وقبره بالبقيع أيضاً مع أبيه
وجده وعمّه الحسن عليهم السلام أجمعين، وقد جاء في الأخبار:
أنّهم أنزلوا على جدتهم فاطمة بنت أسد بن هاشم نترضوان الله عليها».
وحول زيارة أئمّة البقيع عليهم
السلام، قال الشيخ الجواهري صاحب (الجواهر: 20/87): «..وكذا تُستَحبّ زيارة الأئمّة
عليهم السلام بالبقيع إجماعاً أو ضرورةً من المذهب أو الدّين، مضافاً إلى النّصوص
المتواترة ".."
عن العسكري عليه السلام: (مَن زار جعفراً وأباه، لم يَشْتَكِ عينَه، ولم يُصِبْه سقمٌ، ولم يَمُت مُبتَلى).. وعن الإمام الصّادق
عليه السلام: (مَن زارَني غُفِرَتْ
لَه ذنوبُه، ولم يَمُت فقيراً)».
ويُمكن أن يزار الإمام الصّادق
عليه السلام في هذا اليوم بالزّيارة الجامعة، أو بزيارة أمين الله المعروفة.
من أعمال ليلة
الفطر
1) الإحياء: عن
رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ العِيْدِ، لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَومَ تَمُوتُ القُلوبُ».
2) الغسل في أوّل
اللّيل وآخره.
3) أذكار السّجود: يرفع يدَيه إلى السّماء إذا
فرغ من فريضة المغرب ونافلته، ويقول: «يَا ذَا المَنِّ وَالطَّوْلِ، يَا ذَا الجُودِ، يَا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَنَاصِرَهُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَحْصَيْتَهُ وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ».
ثمّ يسجد ويَقول في سجوده مائةَ مرّة: «أتُوبُ إِلى الله». ثمّ يسأل الله تَعالى ما يشاء.
4) التّكبير: عقيب أربع صلوات: المغرب، والعشاء الآخرة، وصلاة الفجر، وصلاة العيد، يقول: «الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا الله، وَالله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ، الحَمْدُ للهِ عَلى ما هَدانا، وَلهُ الشُّكْرُ عَلى ما أَوْلانا».
5) زيارة الإمام الحسين
عليه السّلام، ولزيارته صلوات
الله عليه في
هذه اللّيلة فضلٌ عظيم.
(مفاتيح
الجنان، أعمال شهر شوّال)
أعمال يوم الفطر
1- التَّكبير: بَعد صلاة الصّبح وبَعد صلاة العيد
بالتّكبيرات الّتي وردت في ليلة العيد بعد الفريضة.
2- زكاة الفطرة: إخراج زكاة الفطرة،
وهي مِن الواجبات المؤكَّدة، وهِيَ شرطٌ في قَبول صيام شَهر رَمَضان، وأمانٌ من الموت إلى السَّنة القابلة.
3- الغُسل: ووقته مِن الفَجر إلى حين أداء صلاة العيد، فإذا هممْتَ بذلِكَ فقل: «اللهمَّ إِيْماناً بِكَ وَتَصْدِيقاً بِكِتابِكَ وَاتِّباعَ سُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ».
ثمّ سَمِّ باسم الله واغتسل، فإذا فرغتَ مِن الغسل، فقل: «اللهمَّ اجْعَلْهُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِي، وَطَهِّرْ دِيْنِي. اللهمَّ أذْهِبْ عَنِّيَ الدَّنَسَ».
4- الإفطار: قال أحدهم للإمام الكاظم عليه
السلام: إنّي
أفطرتُ يوم الفطر على طِينٍ [تربة الإمام الحسين عليه السلام]
وتَمْر، فقال له الإمام عليه السلام: «جَمَعْتَ بَركةً وسُنَّة».
5- دعاء وصلاة العيد: رواه أبو حمزة الثُّمالي عَن الإمام
الباقر عليه السلام، قالَ: «اُدعُ في العيدَين والجمعة إذا تهيَّأت للخروج بهذا الدُّعاء: اللهمَّ مَنْ تَهيَّأَ فِي هذا اليَوْمِ أَوْ تَعَبَّأَ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ..».
(مفاتيح
الجنان، أعمال شهر شوّال)