البكاء على الحسين عليه السلام يحطّ الذنوب العظام
_____ إعداد: «شعائر» _____
* في أول يوم من شهر محرّم الحرام استجاب الله تعالى دعوة زكريا عليه السلام.
* وفي اليوم الثاني منه وصل سيّد الشهداء عليه السلام إلى كربلاء سنة 61 للهجرة.
* وفي اليوم الثالث كان خلاص يوسف عليه السلام من الجب ويستحبّ صومه.
* وفي اليوم السابع مُنع الماء عن أهل البيت عليهم السلام في كربلاء.
* وفي اليوم التاسع منه كان مجيء شمر بن ذي الجوشن بكتاب من ابن زياد لعنهما الله، بقتل الحسين عليه السلام.
* وفي اليوم العاشر منه استُشهد أبو عبد الله الحسين عليه السلام، وأهل بيته وأصحابه، و هو يوم تتجدّد فيه أحزان آل محمّد عليه السلام و شيعتهم.
* وفي اليوم الحادي عشر كان سبي العترة الطاهرة إلى الكوفة بعد واقعة الطفّ في كربلاء.
* وفي اليوم الثالث عشر كان دفن سيّد الشهداء عليه السلام وشهداء الطفّ.
* وفي اليوم التاسع عشر تحرّكت قافلة السبايا من أهل البيت عليهم السلام من الكوفة إلى الشام.
* وفي الخامس والعشرين منه سنة أربع و تسعين كانت شهادة الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام.
(الشيخ المفيد، مسارّ الشيعة: ص 24- بتصرف)
هكذا كان دأب أهل البيت عليهم السلام
قال الشيخ جعفر التستري في مقدّمة كتابه النوعي (الخصائص الحسينية): «إنّي وجدت أنّه إذا دخل شهر المحرّم عرضت لي الكربة والحزن والتأثّر، فاستدللت بذلك على أثرٍ من ولاية الأئمّة عليهم السلام، فإنّهم قالوا: (شيعتُنا خُلقوا مِن فاضلِ طِينَتِنا وعُجِنوا بِنورِ ولايَتِنا، يُصيبُهم ما أصابَنا).
وقد دلّت الأخبار على ظهور الكآبة والحزن على أئمّتنا مع دخول شهر المحرّم؛ فكان الإمام الصادق عليه السلام لا يُرى ضاحكاً في أيامه أبداً، وكان الإمام الرضا عليه السلام كئيباً حزيناً كاسف اللون في العشر الأوائل يعقد مجلساً للعزاء، فإذا دخل عليه أحدٌ أمره بالإنشاد في الإمام الحسين عليه السلام إن كان منشداً، كما في قضية دعبل الخزاعي. وإلّا ذكر بنفسه من مصائب الحسين عليه السلام، كما في رواية الريان بن شبيب حين دخل عليه أول يوّم من المحرم، فقال: (يا ابنَ شَبيب إن كنتَ باكياً لشيءٍ فابكِ الحسينَ عليه السلام، فإنّه ذُبح كما يُذبح الكَبش، وقُتلَ معه ثمانية عشر رجلاً من أهل بيته..)، وهكذا كان دأب سائر الأئمّة المعصومين ورسول الله صلّى الله عليه وآله سيّدهم وأوّلهم، وأكثر مَن عقد تلك المجالس..
فبعروض الانكسار للقلب عند هلال المحرّم يُستدلّ على ثبوت العلاقة بهم عليهم السلام، وبتفاوت التأثّر تتفاوت درجات الإيمان، وعدم عروض ذلك أو عروض خلافه - كجعل هذه الأيام أعياداً دليل على سلب الإيمان، والعياذ بالله تعالى».
وحول استحباب الصوم في شهر محرّم:
* عن الإمام الرِّضا عليه السلام: «.. وفي أوّل يوم من المحرّم دعا زكريّا عليه السلام ربّه عزَّ وجلَّ، فمَن صام ذلك اليوم استجاب الله عزَّ وجلَّ منه كما استجاب لزكريّا عليه السلام».
* وقال الشّيخ الطوسي: «يُستحبّ صيام الأيام التسعة من أوّل محرّم، وفي اليوم العاشر يُمسِك عن الطعام والشراب إلى بعد العصر، ثمّ يفطر بقليلٍ من تربة الحسين عليه السلام».
اليوم التّاسع: يوم حُوصِر الحسين عليه السلام
عن الإمام الصّادق عليه السلام: «تاسوعاء يوم حُوصر فيه الحسين عليه السلام وأصحابه بكربَلاء، واجتمع عليه خَيلُ أهل الشّام وأناخوا عليه، وفَرِحَ ابنُ مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخَيل وكَثرتها، واستَضْعفوا فيه الحسين عليه السلام وأصحابه، وأيقنوا أنّه لا يأتي الحسينَ عليه السلام ناصرٌ ولا يمدُّه أهل العراق، ثمّ قال: بأبي المُستضعَفُ الغريب».
ليلة العاشر من المحرّم: صلاة ودعاء وتلاوة القرآن
ليلة العاشر من المحرّم، وهي الليلة التي طلب فيها الإمام الحسين عليه السلام من أعدائه تأجيل القتال إلى صبيحة يوم العاشر، وقال عليه السلام : «إنّي أُحبّ القرآن وتلاوته»، ولذا قيل إنّ ليلة العاشر أحياها الحسين عليه السلام وأصحابه «بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، باتوا ولهم دويٌّ كدويِّ النحل، ما بين قائمٍ وقاعدٍ وراكعٍ وساجدٍ..» كما ورد في (اللهوف) للسيّد ابن طاوس.
عاشوراء.. يوم المصيبة الراتبة
قال الشيخ الملكي التبريزي في (المراقبات: ص 27): «فليُظهِر مَن كان مِن أولياء الإمام الحسين عليه السلام -من المواساة بسيّد السَّادات- من الحزن والفجيعة ما يناسب هذه المصيبة الجليلة، فكأنّها وَرَدت على نفسِه، وعلى أعزّته، أولاده وأهله؛ فإنّه عليه السّلام أَوْلى به من نفسه بنصّ جدِّه صلوات الله عليه وآله، وإنّه صلوات الله عليه قَبِل هذه المصيبات، وفدى بِنَفسِه الشّريفة شيعتَه لِيُنجيهم من العذاب الأليم، وأَيْتَم أولاده وأعزّته ".." فيجب بِحُكم كرائم الصّفات في الوفاء والمواساة، أن يبذلَ شيعتُه أيضاً له ما بَذَلَه صلوات الله عليه لهم، ويفدوه بأنفسهم كما فَدَاهم بنَفسِه، وإنْ فعلوا ذلك لَمَا أدَّوا حقَّ المواساة، لأنّ نَفْسَه الشّريفة لا تُقاس بالنُّفوس، فهي بمنزلة نفس النّبيّ الكريم وهي علّة إيجاد العالمين، وهو سيّد الخلائق أجمعين من الأنبياء والمُرسَلين والملائكة المقرّبين، وهو [سيّد الشّهداء عليه السلام] حبيبُ الله وحبيبُ حبيبِ الله».
* قال المحدّث القمّي في (مفاتيح الجنان): «دعاء رسول الله صلّى الله عليه وآله في يوم بدر، ويوم الأحزاب، وهو أيضاً دعاء دعا به سيّد الشهداء صلوات الله عليه يوم عاشوراء بكربلاء.
أنْتَ ثِقَتي في كُلِّ كُرْبَةٍ، وأنْتَ رَجائي في كُلِّ شِدَّةٍ، وَأنْتَ لي في كُلِّ أمْرٍ نَزَلَ بي ثقةٌ وَعِدَّةٌ، كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الفؤادُ، وتَقِلُّ فيهِ الحيلَةُ، وَيَخْذُلُ عَنْهُ القَريبُ وَالبَعيدُ، وَيَشْمَتُ بِهِ العَدُوُّ، وَتُعْييني فيهِ الأمورُ، أنْزَلْتُهُ بِكَ وشَكَوْتُهُ إلَيْكَ راغباً إليك فيهِ عَمّنْ سِواكَ فَفَرَّجْتَهُ وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَنيهِ، فَأنْتَ وَليُّ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَصاحِبُ كُلِّ حاجَةٍ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ، فَلَكَ الحَمْدُ كَثِيراً وَلَكَ المَنُّ فاضِلاً».
زيارته عليه السلام أداءٌ لحقّ رسول الله
حول آداب هذا اليوم قال الشيخ المفيد في (مسارّ الشيعة): «جاءت الرواية عن الصادقين عليهم السلام باجتناب الملاذّ، وإقامة سُنن المصائب، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس، والتغذّي بعد ذلك بما يتغذّى به أصحاب أهل المصائب، كالألبان وما أشبهها دون اللذيذ من الطعام والشراب.
ويستحبّ فيه زيارة المشاهد، والإكثار فيها من الصلاة على محمّد وآله عليهم السلام، والابتهال إلى الله تعالى باللعنة على أعدائهم.
وروي أنّ مَن زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء فكأنّما زار الله تعالى في عرشه. ".." وروي أنّ من زاره في هذا اليوم غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. وروي من أراد أن يقضي حقّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وحقّ أمير المؤمنين وفاطمة والحسن عليهم السلام، فليزر الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء».
اليوم الخامس والعشرون: شهادة الإمام زين العابدين عليه السلام
في مثل هذا اليوم، كان استشهاد الإمام زين العابدين، عليّ بن الحسين عليه السلام في السنة الرابعة والتسعين للهجرة، على يد الوليد بن عبد الملك عليه اللعنة، ودُفن في البقيع عند عمّه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وقد بلغ من العمر سبعاً وخمسين عاماً، وبقيَ بعد واقعة كربلاء خمسة وثلاثين عاماً. وينبغي في هذا اليوم زيارته عليه السلام بقراءة «الزّيارة الجامعة»، أو زيارة «أمين الله»، وغيرهما من زيارات المعصومين عليهم السلام.
* قال الإمام زين العابدين عليه السلام: «ضَمَّني والدي عليهِ السَّلام الى صَدْرِهِ يوْمَ قُتل والدِّماءُ تغلي، وهو يقول: يا بُنيّ، احفَظْ عنِّي دُعَاءً عَلَّمتْنيه فاطِمة صَلواتُ اللهِ عليها، وعلَّمَها رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليهِ وآلِهِ، وعَلَّمَه جَبْرَئيل في الحَاجَةِ والمُهِمِّ والغَمِّ والنَّازِلةِ إذا نَزَلَتْ، والأَمْرِ العَظيمِ الفادِحِ، قالَ اُدْعُ:
بِحَقِّ يسَّ وَالقُرآنِ الَعَظيمِ، يا مَنْ يَقْدِرُ عَلى حَوائِجِ السّائِلينَ، يا مَنْ يَعْلَمُ ما في الضَّميرِ، يا مُنَفِّساً عَنْ المَكْروبينَ، يا مُفَرَجاً عَنْ المَغْمومينَ، يا راحِمَ الشَيْخِ الكَبيرِ، يا رازِقَ الطّفْلِ الصّغيرِ، يا مَنْ لا يَحْتاجُ إِلى التَّفْسيرِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بي كَذا وَكَذا».
(قطب الدين الراوندي، الدعوات)
صلوات الليلة الأولى
ثلاث صلواتٍ مرويّة عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله:
1- «إنَّ في المحرّم ليلة شريفة، وهي أوّل ليلة منه، مَن صلّى فيها مائة ركعة، يقرأ في كلّ ركعة الحمد و(قل هو الله أحد)، ويُسلِّم في آخر كلّ تشهُّد، وصام صبيحةَ اليوم، وهو أوّل يوم من المحرّم، كان مِمَّن يدوم عليه الخيرُ سَنَتَه، ولا يزال محفوظاً من الفتنة إلى القابل، وإنْ مات قبل ذلك صار إلى الجنّة إنْ شاء الله تعالى».
2- «تُصلّي أوّل ليلة من المحرّم رَكعتين، تقرأ في الأولى (فاتحة) الكتاب وسورة (الأنعام)، وفي الثانية (فاتحة) الكتاب وسورة (يس)».
3- «إنَّ في المحرّم ليلة، وهي أوّل ليلة منه، مَن صلّى فيها ركعتين يقرأ فيها سورة الحمد و(قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرّة، وصام صبيحتَها، وهو أوّل يوم من السَّنة، فهو كَمَن يدوم على الخير سنتَه، ولا يزال محفوظاً من السَّنة إلى قابل، فإن مات قبل ذلك صار إلى الجنّة».
(السيّد ابن طاوس، إقبال الأعمال: 3/41)
من أعمال ليلة عاشوراء
1- الإحياء: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن أحيا ليلة عاشوراء فكأنّما عَبَدَ الله عبادةَ جميع الملائكة، وأَجرُ العامل فيها كأجرِ سبعين سنة».
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: «مَن بات عند قبر الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء، لقيَ اللهَ يوم القيامة ملطَّخاً بدمه، وكأنّما قُتِل معه في عرصة كربلاء».
2- الصّلاة: ثلاثُ صلواتٍ مرويّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في ليلة العاشر:
أ- «.. أربع ركعات من آخر اللّيل، يقرأ في كلّ ركعة بـ (فاتحة الكتاب) مرّة، وآية (الكرسيّ) عشر مرّات، و(قل هو الله أحد) عشر مرّات، و(المعوّذتين) عشراً عشراً، فإذا سلّم قرأ (قل هو الله أحد) مائة مرّة..».
ب- «.. مائة ركعة بـ (الحمد) مرّة و(قل هو الله أحد) ثلاث مرّات، ويُسلّم بين كلّ ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال: سبحانَ الله والحمدُ لله ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبر، ولا حَوْلَ ولا قوّة إلَّا بالله العليِّ العظيم - سبعين مرّة..».
ج- «أربع ركعات، في كلّ ركعة (الحمد) مرّة، و(قل هو الله أحد) خمسين مرّة، فإذا سلّمتَ من الرّابعة، فَأَكْثِر ذكرَ الله تعالى، والصَّلاة على رسوله، واللّعن لِأعدائهم ما استطعت».
أعمال يوم عاشوراء
1- زيارة الحسين عليه السّلام: «..عن أبي جعفر [الإمام الباقر] عليه السّلام، قال: مَنْ زَارَ الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِما السَّلامُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنَ المُحَرَّمِ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ بَاكِياً، لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ يَلْقَاهُ بِثَوَابِ ألْفَيْ حِجَّةٍ وألفَيْ عُمَرْةٍ وَأَلْفَيْ غَزْوَةٍ..».
2- زيارة عاشوراء: قال الإمام الباقر عليه السّلام: «إنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَزُورَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِهَذِهِ الزِّيارَةِ مِنْ دارِكَ فَافْعَلْ..»
3- قراءة التَّوحيد ألف مرّة في هذا اليوم، ورُوي أنَّ الله تعالى ينظر إلى مَن قَرَأها نَظَر الرّحمة.
4- أن يقول ألف مرّة: أللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَة الحسين عليه السلام.
5- قراءة زيارة وارث [انظر: مفاتيح الجنان، أعمال اليوم العاشر من محرّم]
6- صلاة بكيفيّةٍ خاصّة، يليها دعاءٌ، أوردها الشّيخ الطّوسيّ في (مصباح المتهجّد) برواية عبد الله بن سنان عن الإمام الصّادق عليه السلام، وهي صلاة أربع ركعات بصفةٍ خاصّة يليها دعاءٌ جليل، ذاكراً في آخرها جزيلَ ثوابها ومنه أنّ: «الله لا يَجْعَلُ للشَّيْطانِ وَلِأَوْلِيائِهِ عَلَيْهِ وَلا عَلى نَسْلِهِ إِلى أَرْبَعَةِ أَعْقابٍ سَبيلاً» كما جاء في الرواية.
.