سورة الإسراء

سورة الإسراء

منذ يومين

سورة الإسراء

موجز في التَّفسير
سورة الإسراء

من دروس «المركز الإسلامي»

السُّورة السَّابعة عشرة في ترتيب سُوَر المصحف الشَّريف، آياتها مائة وإحدى عشرة، وهي مكِّيّة، سمّيت بسورة «بني إسرائيل» لأنّ قسماً مهمّاً في بدايتها ونهايتها يرتبط بالحديث عن بني إسرائيل، وسُمّيت بسورة «الإسراء» لأنّ الآية الأولى فيها تتحدّث عن إسراء ومعراج النّبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، وسمّيت بـ «سبحان» لأنّها تبدأ بهذه الكلمة المباركة ﴿سبحان الذي أسرى..﴾.

تَعكس السُّورة في مضمونها ومحتواها العقائدي والأخلاقي والإجتماعي، لوحة متكاملة ومتناسِقة لسموّ وتكامُل البَشَر في المجالات المختلفة. وهي تبدأ ب‍ـ «تسبيح الله» عزّ وجلّ وتنتهي ب‍ «الحمد والتّكبير». والتّسبيح هو تنزيه عن كلّ عَيْب ونَقْص، والحمد علامة على تحقُّق صفات الفضيلة وتمثُّلها في ذاته العليا المقدَّسة، بينما التَّكبير هو رمز الشَّرف والعَظَمة.

هدف السُّورة

«تفسير الميزان»: تتعرّض هذه السُّورة لأمر تنزيه الله تعالى عن الشَّريك مطلقاً، ".." ويغلبُ فيها جانب التَّسبيح على جانب التَّحميد كما بُدئت به فقيل: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده..﴾ الآية:1، وكُرِّر ذلك فيها مرّة بعد مرّة كقوله: ﴿سبحانه وتعالى عمّا يقولون..﴾ الآية:43، وقوله: ﴿..قل سبحان ربي..﴾ الآية:93، وقوله: ﴿ويقولون سبحان ربنا..﴾ الآية: 108، حتّى أنّ الآية الخاتمة للسُّورة: ﴿وقل الحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذلّ وكبّره تكبيراً﴾ الآية:111، تحمد الله على تنزّهه عن الشَّريك والوليّ واتّخاذ الولد. وقد افتُتحت السورة في ما ترومه من التَّسبيح، بالإشارة إلى معراج النبيّ صلّى الله عليه وآله، فذُكِر إسراؤه صلّى الله عليه وآله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.

ثواب قراءتها

«تفسير مجمع البيان»: عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأ سورة بني إسرائيل، فرَقَّ قلبُه عند ذكر الوالدين [إشارة إلى قوله تعالى فيها: ﴿وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا﴾ وما بعده]، أُعطي في الجنّة قِنطارَيْن من الأجر، والقنطار ألف أوقيّة ومائتا أوقيّة. والأوقيّة منها خير من الدُّنيا وما فيها».
* عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ قرأ سورة بني إسرائيل في كلّ ليلة جمعة لم يمُت حتّى يُدرك القائم ويكون من أصحابه».

خلاصة السُّورة

«تفسير الأمثل»: إنّ محتوى السُّورة يوافق خصوصيّات السُّوَر المكِّيّة، من قبيل تركيزها على قضيّة التَّوحيد والمعاد، ومواجهة إشكاليّات الشِّرك والظُّلم. وبالإمكان فرزُ المَحاوِر المهمّة الآتية التي يدور حولها مضمون السُّورة:

أوّلاً: الإشارة إلى أدلّة النُّبوَة الخاتمة وبراهينها، وفي مقدّمها معجزة القرآن وقضيّة المعراج.
ثانياً: ثمّة بُحوث في السُّورة ترتبط بقضيّة المعاد وما يرتبط به من حديث عن صحيفة الأعمال، وقضيّة الثَّواب والعقاب المترتِّب على نتيجة الجزاء.
ثالثاً: تَتحدَّث السُّورة في بدايتها ونهايتها عن قسم من تاريخ بني إسرائيل المليء بالأحداث.
رابعاً: تتعرّض السُّورة إلى حرّية الإختيار لدى الإنسان، وأنّ الإنسان غير مُجبر في أعماله، وبالتّالي فإنّ عليه أن يتحمّل مسؤوليّة تلك الحرّية من خلال تحمّله لمسؤوليّة أعماله، سواء كانت حسنة أم سيّئة.
خامساً: تُشير إلى الحقوق في المستويات المختلفة، خصوصاً في ما يتعلّق بحقوق الأقرباء، وبالأخصّ منهم الأمّ والأبّ.
سادساً: تتعرّض السُّورة إلى حُرمة الإسراف، والتَّبذير، والبخل، وقتل الأبناء، والزِّنا،  وأكل مال اليتيم، والبَخس في المكيال، والتَّكبُّر، وإراقة الدِّماء.
سابعاً: تُواجه السُّورة مواقف العناد والمكابَرة إزاء الحقّ، وأنّ الذُّنوب تتحوّل إلى حُجُب تمنع الإنسان من رؤية الحقّ.
ثامناً: تركّز السُّورة على أفضليّة الإنسان على سائر الموجودات.
تاسعاً: تؤكّد السُّورة على تأثير القرآن الكريم في مُعالجة الأشكال المختلفة من الأمراض الأخلاقيّة والإجتماعيّة، وعلى كَوْنه معجزة يَعجز الخصوم عن مُواجهتها.
عاشراً: تُحذّر السُّورة المؤمنين من وساوِس الشَّيطان وإغواءاته، وتُنبّههم إلى المسالك التي يَنفذ من خلالها إلى شخصيّة المؤمن.

تفسير آيات منها

«نور الثقلين»: قوله تعالى: ﴿إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم..﴾ الإسراء:9، الإمام الصادق عليه السلام: «يَهدي إلى الإمام».

* قوله تعالى: ﴿وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه..﴾ الإسراء:13، الإمام الباقر عليه السلام: «خيرُه وشرُّه معه حيث كان، لا يستطيع فراقه حتى يُعطى كتابه يوم القيامة بِما عَمل».

* قوله تعالى: ﴿..وبالوالدين احساناً..﴾ الإسراء:23، الإمام الصادق عليه السلام: «الإحسان أن تُحسن صُحبتَهما، وأن لا تكلّفهما أن يسألاك [ممّا يحتاجان إليه] وإنْ كانا مُستغنيَين، أليس يقول الله عزّ وجلّ: ﴿لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون..﴾ آل عمران:92».

* قوله تعالى: ﴿ولا تقربوا الزنى إنّه كان فاحشة وساء سبيلاً﴾ الإسراء:32، الإمام الرِّضا عليه السلام: «وحرّم الزِّنا لِما فيه من الفساد من قتل الأنفُس، وذهاب الأنساب، وترك التَّربية للأطفال، وفساد المواريث، وما أشبه ذلك من وجوه الفساد».

* قوله تعالى: ﴿..ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنّه كان منصوراً﴾ الإسراء:33، سُئل الإمام الكاظم عليه السلام: فما هذا الإسراف الذي نهى الله عنه؟ قال: «نهى أن يُقتل غير قاتلِه، أو يمثّل بالقاتل» قال الرّاوي: فما معنى قوله: ﴿إنّه كان منصوراً﴾؟ قال عليه السلام: «وأيّ نصرةٍ أعظم من أن يُدفع القاتل إلى أولياء المقتول، فيَقتله ولا تَبِعةَ تَلزمه مِن قتله في دينٍ ولا دنيا».

* قوله تعالى: ﴿..إنّ السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً﴾ الإسراء:36، الإمام الصادق عليه السلام: «يُسأل السَّمع عمّا سَمع، والبصر عمّا نَظر إليه، والفؤاد عمّا عُقد عليه».

* قوله تعالى: ﴿ولا تمشِ في الأرض مرَحاً..﴾ الإسراء:37، الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسَّمه عليها، وفرَّقه فيها، وفرض على الرِّجلَين أن لا يَمشي (يُمشى)  بهما إلى شيء من معاصي الله، وفَرَض عليهما المشي إلى ما يُرضي الله عزّ وجلّ، فقال: ﴿ولا تمشِ في الأرض مرحاً إنّك لن تخرقَ الأرض ولن تبلغَ الجبال طولاً﴾» الإسراء:37.

* قوله تعالى: ﴿..وإذا ذكرتَ ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً﴾ الإسراء:46، الإمام الصادق عليه السلام: «كَتَموا ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾، فَنِعمَ واللهِ الأسماء كَتَموها، كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا دَخل إلى منزله واجتمَعَت عليه قريش يَجهر ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم ويرفع بها صوته، فتُولّي قريش فراراً، فأَنزل الله عزَّ وجلَّ في ذلك ﴿..وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً﴾ الإسراء:46».

* قوله تعالى مخاطِباً إبليس: ﴿..وشاركْهم في الأموال والأولاد..﴾ الإسراء:64، رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إّن الله حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيّ قليل الحياء، لا يُبالي ما قال ولا ما قيل له، فإن فتّشتَه لم تجدْه إلّا لَغية أو شَرك شيطان». قيل: يا رسول الله وفي النّاس شرك شيطان؟ فقال صلّى الله عليه وآله: «أمَا تقرأ قَوْل الله عزّ وجلّ: ﴿..وشاركهم في الأموال والأولاد..﴾ الإسراء:64». وعن الصادق عليه السلام: «مَنْ لم يُبالِ ما قال ولا ما قيل فيه فهو شرك شيطان، ومَنْ لم يبالِ أن يراه النّاس مُسيئاً فهو شرك شيطان، ومَنِ اغتاب أخاه المؤمن من غير تِرة بينهما فهو شرك شيطان، ومن شُغف بمحبّة الحرام وشهوة الزِّنا فهو شرك شيطان».

*قوله تعالى: ﴿ولقد كرّمنا بني آدم.. وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا..﴾ الإسراء:70، الإمام الصادق عليه السلام: «ليس من دابّة ولا طاير إلّا تأكل وتشرب بفِيها، ولا ترفع بِيَدها إلى فيها طعاماً وشراباً غير ابن آدم، فإنّه يَرفع إلى فيه بيده طعامه، فهذا من التَّفضيل».

* قوله تعالى: ﴿ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى..﴾ الإسراء:72، الإمام الباقر عليه السلام: «مَنْ لم يدلّه خَلْق السَّماوات والأرض، واختلاف اللّيل والنّهار، ودَوَران الفَلك والشَّمس والقمر، والآيات العجيبات، على أنّ وراء ذلك أمراً أعظم منه، فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلاً».

* قوله تعالى: ﴿ومن الليل فتهجّد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً﴾ الإسراء:79، الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ الرَّجل ليَكذب الكذبة فيُحرَم بها صلاة اللّيل، فإذا حُرم صلاة اللّيل حُرم بها الرِّزق». وعنه عليه السلام: «عليكم بصلاة اللّيل فإنّها سنّة نبيّكم، ودَأْب الصَّالحين قبلكم، ومطردة الدَّاءِ عن أجسادكم».

* قوله تعالى: ﴿قل كلّ يعمل على شاكلته..﴾ الإسراء:84، الإمام الصادق عليه السلام: «النيّة أفضل من العمل، ألَا وإنّ النِّيّة هي العمل، ثم تلا قوله عزّ وجلّ: ﴿قل كلٌّ يعمل على شاكلته﴾ [قال] يعني على نِيَّته».

* قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الروح..﴾ الإسراء:85، الإمام الصادق عليه السلام: «[الرُّوح] خَلقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو مع الأئمّة، وهو من المَلَكوت».


 

اخبار مرتبطة

  الثورة والجمهورية الإسلاميّة

الثورة والجمهورية الإسلاميّة

  في صورة الذَّرّ، أوالشيطان

في صورة الذَّرّ، أوالشيطان

  دوريات

دوريات

منذ يوم

دوريات

نفحات