مراقبات شهر ذي الحجّة
أبرزها: العَشْر الأوائل، دعاء سيّد الشُّهداء عليه السلام يوم عَرَفة، وأعمال يوم الغدير
ـــــــــــــــإعداد: «شعائر»ـــــــــــــــ
ذو الحجَّة آخر أشهُر السَّنة الهجريّة، وثاني أشهُر الحُرُم، سُمِّي بذلك لأنّه الشَّهر الذي تُؤدَّى فيه مناسِك الحجّ. قال الشيخ المفيد قدّس سرّه: «ذو الحجَّة وهو أكبر أشهر الحُرُم وأعظمها، وفيه الإحرام بالحجِّ وإقامة فَرْضه، ويوم عرفة، ويوم النَّحر».
المراقبات: «من جملة المواقف العشر الأوّل منه، وهي المُراد من الأيّام المعدودات في قوله تعالى: ﴿واذكروا الله في أيّامٍ معدوداتٍ﴾ البقرة:203.
والذِّكر لا يَجتمع مع الغفلة، فاحذَر من أن تُدنِّس قلبك بالفَضَلات في هذا الشَّهر، لا سيّما بالمعصية. [مِن] تمام الذِّكر أن تكون بعقلك وروحك وقلبك وقالبك ذاكراً الله جلَّ جلاله، إنّ لِكلٍّ منها ذِكراً خاصّاً.
وتفكّر فيما ورد في فضيلة هذه الأيّام عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله من قوله: «ما مِن أيّامٍ أزكى عند الله تعالى ولا أَعظم أجْراً مِن عَشْرِ الأضحى، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلَّا رجلٌ خَرَج بنَفْسه ومالِه ثمّ لم يَرجع من ذلك بشيء» .
أعمال العشر الأوائل
الدُّعاء:
1- مِن عمل أوّل يوم من ذي الحجَّة إلى آخر العَشْر: عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «مَن قال كلّ يوم من أيام العشر هذا التهليل عشر مرّات:
لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ عَدَدَ اللَّيَالِي والدُّهُورِ، لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ عَدَدَ أَمْوَاجِ البُحُورِ، لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَرَحْمَتُهُ خَيْرُ مِمَّا يَجْمَعُونَ، لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ عَدَدَ الشَّوْكِ والشَّجَرِ، لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ عَدَدَ الشَّعْرِ وَالوَبَرِ، لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ عَدَدَ الحَجَرِ والمَدَرِ، لا إِلَهَ إلَّا اللهُ عَدَدَ لَمْحِ العُيُونِ، لا إلهَ إلَّا اللهُ في اللَّيْلِ إذَا عَسْعَسَ والصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ، لا إِلَهَ إلَّا اللهُ عَدَدَ الرِّيَاحِ فِي البَرَارِي والصُّخُورِ، لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ مِنَ اليَوْمِ إلىَ يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، أعطاه الله عزَّ وجلَّ بكلِّ تهليلة درجة في الجنّة من الدرِّ والياقوت، ".." فإذا خرج من قبره أضاءت له كلّ شعرة منه نوراً وابْتَدَرَهُ سبعون ألف مَلَك يحفُّونه إلى باب الجنّة».
2- ويُستحبّ في هذه الأيّام -بعد صلاة الصّبح وقبل المغرب- قراءة الدعاء الذي أوّله: «أللّهمّ إنّ هذه الأيّام التي فضّلتها على غيرها..» [أنظر: مفاتيح الجنان أو الإقبال].
3- قراءة الدَّعوات التي جاء بهنّ جبرئيل إلى النّبيّ عيسى عليهما السلام. [أنظر: «يذكرون»]
الصَّوم: من المستحبّ صومُ الأيّام التّسعة الأُوَل، لا سيّما اليوم الأَوّل، فقد رُوي أنّ صومه يُكتَب ثمانين شهراً، وصَوْم التّسعة صَوْم الدَّهر.
صلاة اللّيالي العشر: صلاة ركعتين بين المغرب والعشاء، تقرأ في كلّ ركعة منهما فاتحة الكتاب والتَّوحيد، وقوله تعالى: ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلةً وأتممناها بعشرٍ فَتمَّ ميقاتُ ربّهِ أربعينَ ليلةً وقال موسى لأخيهِ هارونَ أخلُفني في قَومي وأصلِح ولا تَتَّبِع سبيلَ المُفسِدينَ﴾ الأعراف:142، وإذا فعلتَ هذا شاركتَ الحاجّ في ثوابهم وإن لم تحجّ، كما في الرواية عن الإمام الصَّادق عليه السلام.
أعمال اليوم الأوّل
1- الصِّيام: يعدل صوم ثمانين شهراً.
2- صلاة فاطمة الزهراء عليها السلام، وهي أربع ركعات بالحمد مرّة وخمسين مرّة (قل هو الله أحد)، ويسبّح عقيبها بتسبيح الزَّهراء عليها السلام، ويقول: «سبحانَ اللهِ ذي العزِّ الشَّامِخِ المُنيفِ، سُبحانَ اللهِ ذي الجلالِ الباذِخِ العظيمِ، سبحانَ اللهِ ذي المُلْكِ الفاخرِ القديمِ، سُبحانَ مَنْ يَرَى أَثَرَ النَّملةِ في الصَّفا، سبحانَ مَنْ يَرَى وَقْعَ الطَّيْرِ في الهَواءِ، سُبحانَ مَنْ هُوَ هكذا وَلا هكذا غَيْرُهُ».
3- صلاة ركعتين قبل الزّوال بنصف السّاعة، في كلّ ركعة الحمد مرّة، و(قل هو الله أحد) وآية الكرسي و(إنّا أنزلناه) كلٌّ منها عشر مرّات.
4- مَن خاف ظالماً وأراد أن يُكفَى شرّه، فليقُل في هذا اليوم: حَسْبي حَسْبي حَسْبي مِنْ سُؤالي عِلْمُكَ بِحالي، فإنّ الله تعالى يكفيه شرّه.
اليوم الثَّامن
الإقبال: وهو يوم التَّروية [سُمّي بذلك لتزوّد الحُجّاج فيه بالماء استعداداً للخروج إلى عرفات]، عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «صَوْم يوم التَّروية كفّارة ستّين سنة».
اللّيلة التّاسعة، ليلة عرفة
من أعمال هذه اللّيلة الشّريفة:
1- الدُّعاء: أللّهمّ يا شاهد كلّ نجوى، ومَوْضِعَ كلّ شكوى... عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن دعا به في ليلة عرفة أو ليالي الجُمَع غَفَر الله له»، [أنظر: مفاتيح الجنان أو الإقبال].
2- دعاء آخر، وأوّله: أللّهمّ مَنْ تعبَّأَ وتَهيَّأ..، المسنون قراءته في يوم عرفة وليلة الجمعة ونهارها. [مفاتيح الجنان، أعمال ليلة الجمعة]
3- زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
4- التّسبيح. [أنظر: «يذكرون»]
التّاسع، يوم عَرَفة
إقبال الأعمال: يوم عرفة مِنْ أفضل أيّام أعياد العباد، فقد ظَهر أنّه يوم سعيد، دعا اللهُ جلَّ جلاله عبادَه فيه إلى تحميده وتمجيده، ووَعَدَهُم بإطلاقٍ عامٍّ لِجُوده وإنجاز وُعوده، ووَعَدَ فيه بِغفران الذُّنوب وسَتْرِ العُيوب وتَفْريج الكُروب، وأَذِنَ للمُقْبِل عليه والمُعْرِض عنه في الطَّلَب منه.
أعمال يوم عرفة
1- الغسل قبل الزّوال.
2- الصِّيام لِمَن لا يَضعف عن الدُّعاء.
3- زيارة الإمام الحسين عليه السلام فإنّها تعدل ألف حجّة، [أنظر: «وقال الرسول»].
4- دعاء الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة، وهو من أجلّ أدعية أهل البيت عليهم السلام، ومن أكثرها استيعاباً للمضامين التَّوحيديّة.
5- الدُّعاء السَّابع والأربعين من الصّحيفة السّجّاديّة، وهو دعاؤه عليه السلام يوم عرفة، وأوّله: «الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أللَّهُمَّ لَـكَ الْحَمْدُ بَدِيْعَ السَّموَاتِ وَالأرْضِ..».
6- صلاة ركعتين بعد صلاة العصر وقبل الشروع بتلاوة الأدعية، في الأولى بعد الحمد التّوحيد، وفي الثانية بعد الحمد الكافرون: رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن صلّى يوم عرفة قبل أن يَخرج إلى الدُّعاء ".." ويكون بارزاً تحت السَّماء ركعتين، واعترف لله عزَّ وجلَّ بذنوبه وأقرَّ له بخطاياه، نال ما نال الواقفون بعرفة من الفوز، وغفر له ما تَقدَّم من ذنبه وما تأخّر».
7- قراءة دعاء أم داود، الذي يُقرأ ضمن عمل الإستفتاح في النّصف من رجب.
8- أنْ يَختم بدعاء العشرات المسنون قراءته في الصَّباح والمساء.
9- تسبيح، وتهليل، وصلوات على محمّد وآل محمّد. [أنظر: «يذكرون»]
10- قال الشيخ المفيد قدّس سرّه: «ومن السُّنّة فيه [يوم عرفة] لأهل سائر الأمصار [غير الذين في عرفات أو كربلاء أو عند مشاهد المعصومين عليهم السلام] أن يخرجوا إلى الجبّانة، والاجتماع فيه إلى الدّعاء.
اللّيلة العاشرة، ليلة عيد الأضحى
ليلة مباركة، وهي إحدى اللّيالي الأربع التي يُستحبّ إحياؤها، ومن المسنون فيها زيارة الإمام الحسين عليه السلام، وقراءة دعاء «يا دائمَ الفضل على البريّة..». [مفاتيح الجنان، أعمال ليلة الجمعة]
العاشر، يوم العيد
1- الغسل، وقد قال بعض العلماء المتقدّمين بوجوبه.
2- أداء صلاة العيد.
3- قراءة الدَّعوات، ومنها الدعاء الثامن والأَرْبعون من الصحيفة الكاملة، وأوّلُه: أللّهُمَّ هذا يَوْمٌ مُبارَكٌ...، فادع به وادع أيضاً بالدعاء السادس والأَرْبعين: يا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لا يَرْحَمَهُ العِبادُ….
4- قراءة دعاء النُّدبة.
5- التّضحية وهي من السُّنَن المهجورة التي ورد الحثُّ عليها.
6- التّكبيرات. [أنظر: «يذكرون»]
اللّيلة الثامنة عشرة، ليلة الغدير
ليلة عيد الغدير وهي ليلة شريفة، روى السّيِّد ابن طاوس في (الإقبال) لهذه اللّيلة صلاة ذات صفة خاصّة ودعاء، وهي اثنتا عشرة ركعة بسلام واحد.
الثَّامن عشر، يوم الغدير
المراقبات: ويوم الغدير من يوم المَبعث بمنزلة الجزء الأخير من العلّة التامّة، بل بمنزلة الباطن من الشَّيء الظَّاهر، وبمنزلة الرُّوح من الإنسان.
أعمال يوم الغدير:
1- الصَّوم وهو كفارة ذنوب ستِّين سنة. وقد رُوِيَ أنَّ صيامه يعدل صيام الدَّهر، ويعدل مائة حجّة وعمرة.
2- الغسل.
3- زيارة أمير المؤمنين عليه السلام، لا سيّما بزيارة «أمين الله» المعروفة.
4- أن يصلّي ركعتين (الأفضل أن تكون قبيل الزوال، وأن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى القدر وفي الثّانية التّوحيد) ثمّ يسجد ويشكر الله عزَّ وجلَّ مائة مرّة، ثمّ يرفع رأسه من السجود، ويقول: «أللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمْدَ..» [أنظر: مفاتيح الجنان أو الإقبال]، ثمّ يسجد ثانياً ويحمد الله تعالى ويشكره مائة مائة، وفي الخبر أنَّ مَنْ فعل ذلك كان كَمَن حَضَرَ يوم الغدير وبايع رسول الله صلى الهم عليه وآله على الولاية.
5- أن يغتسل ويُصلّي ركعتين من قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة، يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد مرّة، والتوحيد عشر مرّات، وآية الكرسي عشر مرّات، والقدر عشرّاً، فهذا العمل يعدل عند الله عزَّ وجلَّ مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة، ويوجب أنْ يَقضي الله الكريم حوائج دنياه وآخرته في يُسْرٍ وعافية، والأفضل أن يدعو بعد هذه الصَّلاة بهذا الدُّعاء: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً... [أنظر: مصباح المتهجّد أو الإقبال]
6- دعاء النُّدبة.
7- أن يدعو بهذا الدعاء: أللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَعَلِيٍّ وَلِيِّكَ... [أنظر: مفاتيح الجنان]
8- تهنئة الإخوان المؤمنين والمؤاخاة، فينبغي عقد الأخوّة في هذا اليوم مع الإخوان بأن يضع يده اليمنى على يمنى أخيه المؤمن، ويقول: واخيتُك في الله، وصافيتُك في الله، وصافحتُك في الله، وعاهدتُ الله وملائكته وكتبه ورسله وأنبيائه والأئمّة المعصومين عليهم السلام على أنّي إن كنتُ مِن أهل الجنّة والشّفاعة، وأُذِن لي بأن أدخل الجنّة لا أدخلها إلّا وأنت معي، فيقول الأخ المؤمن قبلت، فيقول: أسقطتُ عنك جميع حقوق الأخوّة ما خلا الشّفاعة والدُّعاء والزِّيارة. (جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي)
الخامس والعشرون يوم المباهلة
الأعمال:
1- الغسل.
2- الصّوم. قال المحقّق الحلّي في (المعتبر): «ويُستحَبُّ صومُ يوم المباهلة، يُصام شكراً على ظهور نبيّنا صلّى الله عليه وآله على الخصم، وما حصل فيه من التنبيه على فضل عليٍّ عليه السلام، واختصاصه بما لم يحصل لغيره من الكرامة الموجبة، لإخبار الله أنّ نفْسه نفْسُ رسول الله صلّى الله عليه وآله».
3- قراءة دعاء يوم المباهلة. [أنظر: «لولا دعاؤكم»]
4- صلاة كصلاة يوم الغدير وقتاً وصفةً وأجَراً، ولكن فيها تقرأ (آية الكرسي) إلى: هم فيها خالدون.
وفي هذا اليوم أيضاً [وقيل في اليوم الرابع والعشرين] تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه وهو راكع للصّلاة، ومن أعماله:
1- التّصدّق على الفقراء تأسِّياً بمولى كلّ مؤمن ومؤمنة أمير المؤمنين عليه السلام.
2- زيارته عليه السلام، والأنسب قراءة الزيارة الجامعة.
3- الصّوم.
4- الغُسل.
5- ذِكرُ الله تعالى.
اليوم الأخير من السّنة، صلاة تختُمها بخير
يوم الختام للسَّنة الهجريّة، فيه ركعتان بفاتحة الكتاب، ثمّ التوحيد 10 مرات وآية الكرسي 10 مرات، ثمَّ يقول بعد الصّلاة:
أللّهُمَّ ما عَمِلْتُ فِي هذِهِ السَّنَةِ مِنْ عَمَلٍ نَهَيْتَنِي عَنْهُ وَلَمْ تَرْضَهُ، وَنَسَيْتُهُ وَلَمْ تَنْسَهُ، وَدَعَوْتَنِي إِلى التَّوْبَةِ بَعْدَ اجْتِرائِي عَلَيْكَ، أللّهُمَّ فَإِنِّي أسْتَغْفِرُكَ مِنْهُ فَاغْفِرْ لِي، وَما عَمِلْتُ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ فَاقْبَلْهُ مِنِّي وَلا تَقْطَعْ رَجائِي مِنْكَ يا كَرِيمُ، فإذا قال العبدُ ذلك، قال الشِّيطان: يا ويلي ما تعبتُ فيه هذه السَّنة هَدَمَه أجمع بهذه الكلمات، وشهدتْ له السَّنة الماضية أنَّه قد خَتَمها بِخَير.