موجز في التَّفسير: سورة الكهف

موجز في التَّفسير: سورة الكهف

23/10/2011

موجز في التَّفسير: سورة الكهف

موجز في التَّفسير
سورة الكهف

    

ـــــــــــــــ من دروس «المركز الإسلامي»ـــــــــــــــ 


السُّورة الثّامنة عشرة في ترتيب سُوَر المصحف الشّريف، آياتها مائة وعشرة، وهي مكيّة نزلت في حَمْأة الصِّراع بين مُشركي مكّة ومُستكبريها من جهة، والنّبيّ صلّى الله عليه وآله والخُلّص من أتباعه من جهة أخرى، وسُمّيت بالكهف لورود قصّة أصحاب الكهف في بدايتها.

ورد تسميتها في بعض الرِّوايات بسورة «أصحاب الكهف». وقصّتُهم، إضافةً إلى قصّة موسى عليه السلام والعبد الصّالح، وقصّة ذي القرنين، ممّا انفردت السُّورة بذكرها فلم ترِد في سائر القرآن الكريم، وهي بالإضافة إلى مَثَل الرجل صاحب الجنّتين وصاحبه الفقير، أمثلةٌ واقعيّة وحَيَّة على سوء عاقبة الشِّرك، وحتميّة غلَبة التَّوحيد وارتفاع رايته.

 هدف السُّورة

«تفسير الميزان»: تتضمّن السُّورة الدَّعوة إلى الإعتقاد الحقّ والعمل الصالح بالإنذار والتَّبشير، كما يُلوّح إليه ما افتُتحت به من الآيتين وما اختُتمت به من قوله تعالى: ﴿..فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً ﴾ الكهف:110، وفيها مع ذلك عنايةٌ بالغة بنَفْي الولد، كما يدلّ على ذلك تخصيص إنذار القائلين بالولد بالذِّكر ثانياً، بعد ذِكر مُطلَق الإنذار أوّلاً، أعني وقوعَ قوله: ﴿وينذر الذين قالوا اتّخذ الله ولداً﴾ الكهف:4، بعد قوله: ﴿..لينذر بأساً شديداً من لدنه..﴾ الكهف:2. فوجّه الكلام فيها إلى الوَثنيّين القائلين ببنوّة الملائكة والجنّ والمُصلِحين من البشر، والنّصارى القائلين ببنوّة المسيح عليه السلام، ولعلّ اليهود يشاركونهم فيه، حيث يذكر القرآن عنهم أنّهم قالوا: ﴿..عُزير ابن الله..﴾ التوبة:30.
 

ثوابُ قراءتها

«تفسير الأمثل»: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «ألَا أدلّكم على سورة شيَّعها سبعون ألف ملَك، حين نزلت مَلَأت عظمتها ما بين السَّماء والأرض؟» قالوا: بلى. قال صلّى الله عليه وآله: «سورة أصحاب الكهف، مَن قرأها يوم الجمعة غَفَر الله له إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثةَ أيّام، وأُعطي نوراً يبلغ السَّماء، ووُقي فتنةَ الدَّجّال».
* عنه صلّى الله عليه وآله: «مَن حفظ عشر آيات من أوّل سورة الكهف، ثمّ أدرك الدَّجّال لم يضرّه، ومَن حفظ خواتيم سورة الكهف كانت له نوراً يوم القيامة».
* الإمام الصادق عليه السلام: «مَن قرأ سورة الكهف في كلّ ليلة جمعة، لم يمت إلّا شهيداً، وبعثه الله مع الشُّهداء، ووقف يوم القيامة مع الشُّهداء».


محتوى السُّورة

«تفسير الأمثل»: يُشير محتوى السُّورة -كما في أغلب السُّوَر المكّيّة- إلى قضيّة المبدأ والمعاد، والتّرغيب والإنذار. وتشير أيضاً إلى قضيّة مهمّة كان المسلمون يحتاجونها في تلك الأيام بشدّة، وهي عدم استسلام الأقلّية -مهما كانت صغيرة- إلى الأكثريّة مهما كانت قويّة في المقاييس الظاهريّة، بل عليهم أن يفعلوا كما فَعَلَت المجموعة الصغيرة القليلة من أصحاب الكهف؛ أنْ يَبتعدوا عن المُحيط الفاسد ويَتحرّكوا ضدّه. فإذا كانت لديهم القدرة على المواجهة، فعليهم خَوْض الجهاد والصِّراع، وإن عجزوا عن المواجهة فعليهم بالهجرة.
مِن قصص هذه السُّورة أيضاً قصّة شخصَين، أحدهما غنيّ مرفّه إلّا أنّه غير مؤمن، والآخر فقير مستضعَف ولكنّه مؤمن. وقد صَمَد الفقير المُستضعَف المؤمن ولم يفقد شرفه وعزّته وإيمانه أمام الغني، بل قام بنصيحته وإرشاده، ولمّا لم ينفع معه تَبَرّأ منه، وقد انتهت المواجهة إلى انتصاره.
كما يُشير جانب آخر من هذه السُّورة إلى قصّة موسى والخضر عليهما السلام، وأنّ موسى لم يستطع الصَّبر في مقابل أعمالٍ كان ظاهرها يبدو مُضِرّاً، ولكنّها في الواقع كانت مليئة بالأهداف والمصالح، وفي هذا درس للجميع أنْ لا يَنظروا إلى ظاهر الحوادث والأمور، وليتبصّروا بما يَكمن خلْف هذه الظَّواهر من بواطن عميقة وذات معنى.
قسم آخر من السُّورة يشرح أحوال «ذي القرنَين»، وكيف استطاع أن يَطوي العالم شرقَه وغربَه، لِيُواجه أقواماً مختلفة بآدابٍ وسُنَن مختلفة، وأخيراً استطاع بمساعدة بعض النّاس أن يقف بوجه مؤامرة «يأجوج» و«مأجوج»، وأقام سدّاً حديديّاً في طريقهم ليقطع دابرهم حتى تكون دلالة هذه القصّة بالنسبة للمسلمين، هو أن يُهيّئوا أنفسهم -بأُفُقٍ أوسع- للنُّفوذ إلى الشّرق والغرب بعد أن يَتّحدوا ويَتحصَّنوا ضدّ أمثال يأجوج ومأجوج.

تفسيرُ آياتٍ منها

«تفسير نور الثقلين»: قوله تعالى: ﴿إنّا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيّهم أحسن عملا﴾ الكهف:7، الإمام السجّاد عليه السلام: «واعلموا أنّ الله لم يحبّ زهرة الدُّنيا وعاجلها لِأحدٍ من أوليائه، ولم يُرغّبْهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وإنّما خَلَق الدُّنيا وخَلَق أهلها ليبلوهم فيها أيُّهم أحسنُ عملاً لآخرته».

* قوله تعالى: ﴿إذ أوى الفتية إلى الكهف..﴾ الكهف:10، سأل الإمام الصادق عليه السلام سليمان بن جعفر النهدي: يا سليمان مَن الفتى؟ قال: جُعلت فداك، الفتى عندنا الشَّاب، قال عليه السلام: «أما عَلِمتَ أنّ أصحاب الكهف كانوا كلّهم كهولاً فسمّاهم الله فتيةً بإيمانهم، يا سليمان، مَن آمن بالله واتّقى هو الفتى».

* قوله تعالى: ﴿..إنّهم فتية آمنوا بربّهم وزدناهم هدى﴾ الكهف:13، عنه عليه السلام: «..بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنّة، وبالزِّيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدَّرجات عند الله، وبالنُّقصان دخل المفرّطون النَّار».

* قوله تعالى:﴿..لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذاً شططاً﴾ الكهف:14، الإمام الباقر عليه السلام: «يعني جوراً على الله تعالى إنْ قلنا إنّ له شريكاً».

* قوله تعالى: ﴿..فلينظر أيّها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه..﴾ الكهف:19، عنه عليه السلام: «أزكى طعاماً التَّمر».

* قوله تعالى: ﴿..واذكر ربّك إذا نسيت..﴾ الكهف:24، الإمام الصادق عليه السلام: «ذلك في اليمين، إذا قلت: والله لا أفعل كذا وكذا، فإذا ذكرتَ أنّك لم تَستثنِ فَقُل: إن شاء الله».

* قوله تعالى: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعاً﴾ الكهف:25، سأل يهوديّ أمير المؤمنين عليه السلام عن مدّة لبث أصحاب الكهف، فأخبره بما في القرآن، فقال: إنّا نجد في كتابنا ثلاثمائة. فقال عليه السلام: «ذاك بِسِنيّ الشّمس، وهذا بِسِنيّ القمر».

* قوله تعالى: ﴿ولولا إذ دخلت جنّتك قلت ما شاء الله لا قوّة إلا بالله..﴾ الكهف:39، الإمام الصادق عليه السلام: «ما مِن رجلٍ دعا فختمَ بقول: ما شاء الله لا حول ولا قوّة إلّا بالله، إلّا أُجيبت حاجتُه».

* قوله تعالى: ﴿المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير..﴾ الكهف:46، عنه عليه السلام: «المال والبنون زينة الحياة الدًّنيا، وثمان ركعات آخر اللّيل والوتر زينةُ الآخرة، وقد يجمعهما الله عزَّ وجلَّ لِأقوام». وقال عليه السلام للحصين بن عبد الرحمن: «يا حصين، لا تَستصغِر مَوَدّتنا، فإنّها من الباقيات الصَّالحات».

* قوله تعالى:﴿..ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة أو كبيرة إلّا أحصاها..﴾ الكهف:49، عنه عليه السلام: «يَذكر العبد جميع ما عمل وما كُتِب عليه كأنّه فعله تلك السَّاعة».

* قوله تعالى:﴿ ورأى المجرمون النار فظنّوا أنّهم مواقعوها..﴾ الكهف:53، أمير المؤمنين عليه السلام: «يعني أيْقَنوا أنّهم داخلوها».

* قوله تعالى: ﴿ وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنَين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً﴾ الكهف:80، الإمام الصادق عليه السلام: «خَشيَ [العبدُ الصالح] إنْ أدرك الغلام أن يدعو أبوَيْه إلى الكفر فيُجيبانه». * قوله تعالى:﴿.. وكان تحته كنز لهما..﴾ الكهف:82، عنه عليه السلام: «كان ذلك الكنز لوحٌ من ذهب مكتوب [فيه]: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلّا الله محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله، عجبتُ لِمَن يعلم أنّ الموت حقٌّ كيف يفرح، وعجبتُ لِمَن يؤمن بالقدَر كيف يفرق [يخاف]، وعجبتُ لِمَن يَذكر النّار كيف يضحك، وعجبتُ لِمَن يرى الدُّنيا وتصرُّفَ أهلِها حالاً بعد حال كيف يَطمئنّ إليها».

* قوله تعالى: ﴿..وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً﴾ الكهف:90، الإمام الباقر عليه السلام: «لم يعلَموا صنعة البيوت». وفي تفسير القمّي: «لم يعلموا صنعة الثّياب».

* قوله تعالى: ﴿..الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى..﴾ الكهف:101، الإمام الصادق عليه السلام: «يعني بالذِّكر ولاية أمير المؤمنين عليه السلام».

* قوله تعالى: ﴿قل هل ننبّئكم بالأخسرين أعمالاً﴾ الكهف:103، الإمام الكاظم عليه السلام:«..هم الذين يتمادَون بحجّ الإسلام ويُسوِّفونه».

* قوله تعالى: ﴿..فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحدا﴾ الكهف:110، الإمام الباقر عليه السلام: «سُئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن تفسير قوله عزّ وجلّ: ﴿..فمن كان يرجو لقاء ربّه..﴾ فقال: مَن صلّى مراياة [أي مراءاة] النّاس فهو مُشرِك، ومَن زكّى مراياة النّاس فهو مُشرِك، ومَن صام مراياة النّاس فهو مُشرِك، ومَن حجّ مراياة النّاس فهو مُشرِك، ومَن عمل عملاً بما أمره الله عزّ وجلّ مراياة النّاس فهو مُشرِك، ولا يَقبل الله عزَّ وجلَّ عمل مُراءٍ». وعنه صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأ هذه الآية عند منامه ﴿قل إنّما أنا بشر مثلكم..﴾ إلى آخرها، سَطَع له نور من المسجد الحرام، حَشْو ذلك النُّور ملائكةٌ يستغفرون له حتى يُصبِح». وعن الإمام الصادق عليه السلام: «ما مِن عبد يقرأ آخر الكهف إلَّا تيقّظ في السَّاعة التي يُريد».

اخبار مرتبطة

  في توجيهات وليّ الأمر

في توجيهات وليّ الأمر

  دوريات

دوريات

23/10/2011

دوريات

  إصدارات اجنبية

إصدارات اجنبية

نفحات