مجالسُ الذِّكر رِياضُ الجنّة

مجالسُ الذِّكر رِياضُ الجنّة

منذ 6 أيام

مجالسُ الذِّكر رِياضُ الجنّة

مجالسُ الذِّكر رِياضُ الجنّة
الذّاكر في الغافلين، كالمجاهد في الفارّين
ـــــ إعداد: عبد الله النابلسي ـــــ

«شيعتُنا الّذين إذا خلَوا ذَكروا الله كثيراً».     الإمام الصادق عليه السلام
مُقتطفات مِن كتابَي (عدّة الدّاعي) للشّيخ إبن فهد الحلّي و(محاسبة النّفس) للشّيخ الكفعمي رضوان الله عليهما تُبَيِّن أهميّة ذِكر الله تعالى، والحثِّ عليه، لا سيّما في الغافلين وفي الأسحار، وأنّه شِيمَة المؤمن ودعامَة إيمانه. 

قال الشّيخ إبن فهد الحلّي في (عدّة الدّاعي):
الذِّكر محثوث عليه ومرغوب فيه، ويدلُّ عليه العقل والنَّقل:
أمّا الأوّل: فَبِما دلَّ عليه مِن وجوب شُكر المُنعِم، والشُّكر قسمٌ مِن أقسام الذِّكر، ولأنَّه دافعٌ لِلضَّرَر المَظنون، وكلّ ضَرَر ظنّ حصوله وَجَب دفعه مع القدرة عليه.
وأمّا النَّقل: فَمِن الكتاب والسُّنّة. أمّا الكتاب فآيات منها قوله تعالى لِنَبيِّه: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة..﴾ الأعراف:205، وقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا﴾ الأحزاب:41-42.
وأمّا السُّنّة فنقتصر على روايات: «رُويَ أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله خرج على أصحابه، فقال: إرتَعوا في رِياض الجنَّة، قالوا: يا رسول الله، وما رِياض الجنَّة؟ قال: مجالسُ الذِّكر».
وعنه صلّى الله عليه وآله: «أربعٌ لا يُصيبهنَّ إلَّا مؤمن: الصَّمت وهو أوَّل العبادة، والتَّواضع لله سبحانه وتعالى، وذِكْر الله على كلِّ حال، وقلَّة الشيء [يعني قلّة المال]».
ولا يَنبغي أن يَخلو للإنسان مجلسٌ عن ذِكر الله، ويقوم منه بِغَير ذِكر. ويَتأكَّد استحباب الذِّكر إذا كان في الغافِلين تحصيناً مِن قارعةٍ تنزل بهم، فيَنجو بِذِكره ولعلَّهم يَنجون به.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ذاكِرُ الله في الغافلين كالمُقاتِل في الفارِّين، والمُقاتِل في الفارِّين له الجنَّة».
ويُستحبُّ الإسرار بالذِّكر لأنَّه أَقرَب إلى الإخلاص وأَبعد مِن الرِّياء. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لأبي ذرّ: «يا أبا ذرّ، أُذكُر الله ذِكراً خامِلاً، قلتُ: ما الخامِل؟ قال: الخَفِيّ».
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «مَنْ ذَكَر الله في السِّرِّ فقد ذَكَر الله كثيراً، إنَّ المُنافقين كانوا يَذكُرون الله علانية ولا يَذكرونه في السِّرّ، فقال الله ﴿..يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا﴾ النساء:142».

يرفعُ البلاءَ ويدفعُ السّوء

قال الشيخ الكفعمي في (محاسبة النفس):
يا نَفْس: وعليك بالذِّكر، والحمد والشُّكر، فإنّه يرفعُ البلاء الحاصِل، ويدفع السُّوء النَّازِل، وفي الحديث:
«ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا الله فيه، إلَّا كان عليهم حسرةً وندامةً، ووبالاً يوم القيامة»، وأنَّه مَن شغلَه ذكرُ الله عن مسألته [طلب حاجته]، أعطاه الله أفضلَ ما يُعطي السَّائلين، ولا يُصيبه سوءٌ في جميع أحواله، وأنَّه -الذِّكر- يُنير البَصائر، ويُؤنس الضَّمائر، وهو شيمةُ كلِّ مؤمن، ولذَّة كلِّ موقِن، ودعامة الإيمان، وعصمةٌ من الشَّيطان.

التّعَطُّر بالإستغفار

يا نَفْس: وعليك بالإستغفار خصوصاً في الأسحار، فقد رُوي: أنَّه «مَن أكثر الإستغفار رُفِعت صحيفته وهي تَتَلألأ بالأنوار، وجعل الله له من كلِّ همِّ فَرَجاً، ومن كلِّ ضيقٍ مَخرجاً»، فعوِّدي نفسك الإستغفار، تُمحى عنكِ الحَوبة، وتَعظم لك المَثوبة، فمَنْ تعطَّر بِأرياح استغفاره، لم يَنفضح من نتن إصراره على أوزاره، ومَنْ قَبَّل فَم الشَّهوات عضَّته أسنانُ النَّدامة، ومَن تلفَّع بأردية التَّقوى اعتَنَقَتْهُ أكنافُ السَّلامة، فانتهبي زمانَك قبل الزّمن، ولا تغترِّي بالدُّنيا فإنَّها خضراء الدِّمَن، واقعدي مقعد صِدْقٍ وانظري عند مَنْ، إنَّ الدُّنيا تعطي تفاريق وتسترجع جُملاً، وتُرضي أفاويق وتعظِّم عجلاً.

الغِيبة تنقضُ الذِّكر

يا نَفْس: لا تكوني كالّذي يُسبِّح الله ويُهلِّله مائة مرّة في أوّل تذكاره، ثمَّ يغتاب المسلمين ويمزِّق أعراضهم بسائر نهاره، فهو أبداً يتأمَّل في فضائل تسبيحاته وتهليلاته، ولا يَلتفت إلى ما وَرَد من عقوبة نميماته وغِيباتِه، ولعمري لوْ كان الكِرام الكاتبون يَطلبون منه أَجْر التّسبيح، وما يَكتبونه مِن هذيانه القبيح، لَزاد أَجْر هذيانه على ثوابه، ونَقصَت مدّة حسناته عن مدّة عقابه.


اخبار مرتبطة

  أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

  القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

  دورياات

دورياات

منذ 5 أيام

دورياات

نفحات