**
مع الرسالة الخاتمة كانت بداية المستقبل الواعد لجميع الناس. هي ختمٌ بمعنى اكتمال حاجة البشريَّة من القانون الإلهي، وهي بدايةٌ لمسارٍ طويل ينتهي بتحقيق وعد الله تعالى ببلوغ البشريّة كمال الرُّشد، وغلبة العقل على الهوى ﴿..ليقوم الناس بالقسط..﴾ الحديد:25، ﴿..ليظهره على الدين كلّه..﴾ التوبة:33، وتتحقَّق كلُّ القِيَم الفاضلة التي عجزت البشرية عن تحقيقها في أجواء غَلَبة الهوى على العقل.
لا ينفصل هذا المسار الطّويل عن المواكبة المعصومة من جوْر الهوى التي هي تجلّي العقل الأتمّ.
كما كان لكلّ نبيٍّ أوصياء يقودون مسيرة النبوّة الماضية إلى أن يبلغ تطوُّر التَّجربة البشرية مشارف نبوّةٍ لاحقة، كان للنبيّ الخاتم أوصياء بهم يستمر الهدى الإلهي بنسخته الخاتمة، وحيث لا نبيَّ بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله، كان لابدّ من استمرار نهج الأوصياء المؤتمَنين على الرسالة وحسن اتِّباع الأجيال للرسول صلّى الله عليه وآله، إلى يوم القيامة. «لا يزال الدِّين ظاهراً حتّى تقوم السّاعة، ويكونُ عليهم اثنا عشر خليفة كلُّهم من قريش».
ليستمرَّ حسن اتِّباع الأجيال لرسول الله صلّى الله عليه وآله، ولا تَفَرَّق بالأمّة السُّبل، يجبُ على أهل كلّ زمان بيعة من يكون إمام زمانهم من هؤلاء الإثني عشر إماماً.
«من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهليّة».
مفهوم «الأئمّة الإثنا عشر» إجماعيٌّ عند علماء الأمّة، ومثلُه مفهوم «بيعة إمام الزّمان»، ومفهوم «التَّمسُّك بالكتاب والعترة في كل عصر»، هو بدوره كذلك إجماعيّ. لا يكاد ينقضي العجب ممّن لا يُوقن بوحدة الأمّة الإسلامية الحقيقية عقيدةً وعلى مستوى النّظريّة.
عندما يكشف الغطاء عن زَيف «النَّواصب» و«البترو دولار» سنكتشف أننا جميعاً محمَّديّون وشيعةُ أهل البيت، نبحث عن «إمام الزّمان» منهم ومعهم لضمان سلامة «المحمّديّة البيضاء» وحُسْنِ الإسلام والتّوحيد.
**
أبرز خصائص هذا العصر، عودة البشريّة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله. إلى الدِّين والرّشد وحكومة العقل.
سيكون المخاض عسيراً، إلّا أنّ مستقبل البشريَة مشْرق. لسنا في مرحلة «نهاية التاريخ» بل في «بداية المستقبل الواعد».
الوجه الآخر للحملات المسيئة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله - بالكتابات والرسوم ومحاولات إحراق القرآن الكريم- أنَّ دوائر الإستكبار العالمي المُتصهْيِن ترصدُ انفتاحاً كونيّاً على الدَّين وتميّزاً في الحنين العالمي إلى خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله.
كانت الثورة الإسلاميّة في إيران، وما تزال بداية نهاية الإستعمار والإحتلال، وكان زمن التحوّل التاريخي العظيم حربا «تمُّوز» و«غزَّة» كأبرز نصرين، وأنضج ثمرتين في شجرة تحقيق وعد الله تعالى بالحكومة العالميَّة الواحدة والعادلة.
قال أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام : «لَتَعْطِفَنَّ الدُّنيا علينا بعد شِماسِها، عَطْفَ الضَّرُوسِ على وَلدها. وتلا عقيب ذلك: ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين﴾ القصص:5».