مراقبات شهر ربيع الأوّل

مراقبات شهر ربيع الأوّل

23/01/2012

مراقبات شهر ربيع الأوّل


من لوازم الإيمان اليقظة وعلامتها المراقبة، وهي «قرار بالتزام قانون الله تعالى: الشّرعة والمنهاج» تماهياً مع اليقين والحب: اليقين به تعالى، وحبّه سبحانه.
في المناجاة الشعبانيّة: «وأن تجعلني ممّن يُديم ذكرك، ولا ينقضُ عهدك، ولا يغفل عن شكرك، ولا يستخفّ بأمرك. إلهي وألحقني بنور عزّك الأبهج، فأكون لك عارفاً، وعن سواك منحرفاً، ومنك خائفاً مراقباً، يا ذا الجلال والإكرام».
وأبرز كتب المراقبات: كتاب «إقبال الأعمال» لسيِّد العلماء المراقبين، السيّد إبن طاوس، و«المراقبات» للفقيه الكبير الشيخ الملكي التبريزي، وفي هديهما: هذا الباب (مراقبات).

مراقبات شهر ربيع الأوّل
مولد سيِّد النبيين صلّى الله عليه وآله
_______إعداد: «شعائر»_______


شهرُ ربيع الأوّل: الشهر الثالث من أشهر السنة الهجريّة، يلي صفراً ويسبق شهر ربيع الآخر. قِيل إنّ العرب تذكر جميع الشهور مجرّدة ما خلا شهر رمضان والرّبيعين.
في اليوم السابع عشر من هذا الشهر، من عام الفيل، كانت ولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وفي مثله من سنة 83 للهجرة وُلد الإمام جعفر الصادق عليه السلام، وفي الثامن منه سنة 260 للهجرة كانت شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، لتبدأ الغيبة الصغرى وعهدُ إمامة صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
  

الشيخ المفيد: وفي السابع عشر منه [شهر ربيع الأوّل] مولدُ سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل، وهو يوم شريف، عظيم البركة، ولم يزل الصالحون من آل محمّد عليهم السلام على قديم الأوقات يُعظِّمونه ويعرفون حقّه، ويرعون حُرمتَه، ويتطوَّعون بصيامه.

إقبال الأعمال: إنَّ تعظيم كلّ زمان ينبغي أن يكون على قدر ما جُعل فيه من الفوائد والإحسان، والمسلمون مُطبقون ومتّفقون على أنَّ محمّداً صلّى الله عليه وآله أعظمُ مولود، بل أعظمُ موجود من البشر في الدنيا، وأرفع وأنفع مِن كلّ مَن انتُفِع من الخلائق بفعاله ومقاله، فينبغي أن يكون تعظيمُ يوم ولادته على قدر شرف نبوّته ومنفعته وفائدته.
وقد وجدتُ النصارى وجماعةً من المسلمين يُعظّمون مولد عيسى عليه السلام تعظيماً لا يعظِّمون فيه أحداً من العالمين، وتعجَّبت كيف قنع مَن يعظِّم ذلك المولد من أهل الإسلام، كيف يقنعون أن يكون مولد نبيّهم الذي هو أعظم من كلّ نبيّ دون مولد واحدٍ من الأنبياء. إنّ هذا خلاف صواب الآراء ".." فاللهَ اللهَ أيّها العارف بالصواب، المحافظ على الآداب، المراقب لمالك يوم الحساب، أن يكون يوم مولد خاتم الأنبياء عندك دون مولد أحدٍ أبداً في دار الفناء. وكُن ذلك اليوم عارفاً ومعترفاً بفضل الله جلَّ جلالُه عليك وعلى سائر عباده وبلاده بالنعمة العظيمة بإنشاء هذا المولود المقدّس وتعظيم ميلاده، وتقرّب إلى الله جلّ جلالُه بالصّدقات المبرورة وصلوات الشكر المذكورة، والتهاني في ما بين أهل الاسلام، وإظهار فضل هذا اليوم على الأيام، حتى تعرفَه قلوبُ الأطفال والنساء، ويصير طبيعةً لها، نافعةً ورافعةً في دار الإبتلاء، ودار دوام البقاء. وفي هذا اليوم الشريف أيضاً في سنة ثلاث وثمانين وُلد الإمام جعفر الصادق عليه السلام فزاده فضلاً وشرفاً.

أعمالُ يومِ المولد 
الأول: الغسل.
الثاني: الصَّوم، وله فضلٌ كثير، ورُوي أنَّ مَن صامه كُتب له صيام سنة. وهذا اليوم هو أحد الأيام الأَربعة التي خُصّت بالصيام من بين أيّام السّنة.
الثالث: يُستحبّ فيه الصدقة والإهتمام بزيارة المشاهد، والتطوّع بالخيرات وإدخال المسرّة على أهل الإيمان.
الرابع: زيارة النبي صلّى الله عليه وآله عن قُرب أو عن بُعد.
الخامس: زيارة أمير المؤمنين عليه السلام بما زاره به الصادق عليه السلام وعلّمَه محمدَ بن مسلم من ألفاظ الزيارة: روى الشهيد الأوّل والشيخ المفيد والسيد ابن طاوس أنَّ الإمام الصادق عليه السلام زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه في اليوم السابع عشر من ربيع الأوّل بهذه الزيارة، وعلَّمها الثقة الجليل محمد بن مسلم الثّقَفي، فقال: «إذا أتيتَ مشهد أمير المؤمنين عليه السلام فاغتسِل للزيارة، والبس أنظفَ ثيابك، واستعمل شيئاً من الطِّيب، وسِِر وعليك السكينة والوقار، فاذا وصلتَ إلى باب السَّلام [أي بابَ الحرم الطاهر] فاستقبِل القبلة وقُل: أللهُ أكبر ثلاث مرّات، ثمّ قُل: السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلى خِيَرَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى البَشِيرِ النَّذِيرِ السِّراجِ المُنِيرِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلى الطُّهْرِ الطَّاهِرِ، السَّلامُ عَلى العَلَمِ الزَّاهِرِ، السَّلامُ عَلى المَنْصُورِ المُؤَيَّدِ، السَّلامُ عَلى أَبِي القاسِمِ مُحَمَّدٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُه، السَّلامُ عَلى أَنْبِياءِ الله المُرْسَلِينَ وَعِبادِ الله الصَّالِحِينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ الله الحافِّينَ بِهذا الحَرَمِ وَبِهذا الضَّرِيحِ اللّآئِذِينَ بِهِ ".." [تتمّة الزيارة: مفاتيح الجنان، الباب الثالث، الفصل الرابع؛ و (إقبال الأعمال) للسيّد إبن طاوس]
ثمّ صلِّ ستّ ركعات للزيارة؛ ركعتين للأمير عليه السلام، وركعتين لآدم عليه السلام، وركعتين لنوح عليه السلام، وَادْعُ الله كَثِيراً تُجابُ إن شاء الله تعالى».

رَوى المحدِّث الشيخ عبّاس القمِّي أنّ الأمير صلوات الله عليه يُزار بهذه الزيارة في اليوم السابع عشر عند طلوع الشمس، وأنّها من أحسن الزيارات، وهي مرويّة بالأسناد المعتبرة في الكُتب المعتبرة، وظاهرُ بعض رواياتها أنّها لا تخصّ هذا اليوم، فمن المُستحسن زيارته عليه السلام بهذه الزيارة في جميع الأوقات.
أضاف المحدّث القمّي: «لو سأل سائلٌ فقال: قد رُويت زيارات مخصوصة في يوم الميلاد ويوم المبعث لأمير المؤمنين صلوات الله عليه دون النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان ينبغي أن ترِد فيها زيارة مخصوصة لرسول الله صلّى الله عليه وآله، فكيف ذلك؟
أجبناه: إنّما ذلك لِما بين هاتين القدوتين العظيمتين من شدّة الإتصال، ولِما بين هذين النورَين الطاهرَين من كمال الإتّحاد، بحيث كان مَن زار أمير المؤمنين عليه السلام كَمَن زار رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويشهد على ذلك الكتاب المجيد -آية ﴿وَأَنْفُسَنا﴾- وهو في آية التّباهل [آل عمران:61] نفْسُ المصطفى، ليس غيرُه إيّاها.
كما يشهد عليه من الأخبار روايات عديدة، منها ما رواه الشيخ محمّد بن المشهدي عن الصادق عليه السلام، قال: إنّ رجلاً من الأعراب أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله، إنّ داري بعيد من دارك، وإنّني أشتاق إلى زيارتك ورؤيتك فأقدم إليك زائراً فلا يتيسَّر رؤيتك، فأزور عليّ بن أبي طالب عليه السلام فيُؤنسُني بحديثه ومواعظه، ثمّ أعود مغتمّاً محزوناً لمّا أَيِستُ من زيارتك، فقال صلّى الله عليه وآله: مَن زار علياً عليه السلام فقد زارني، ومَن أحبّه فقد أحبنّي، ومَن عاداه فقد عاداني، بلِّغه عنّي إلى قومك، ومَن أتاه زائراً فقد أتاني، وإنّي مجزيه يوم القيامة وجبريلُ وصالحُ المؤمنين.

وفي الحديث المعتبر عن الصادق عليه السلام قال: إذا زرتَ جانب النجف، فَزُر عظام آدم عليه السلام، وبدن نوح عليه السلام، وجسد عليّ بن أبي طالب عليه السلام، تزور بذلك الآباء الماضين، ومحمداً صلّى الله عليه وآله خاتم النبيّين، وعليّاً أفضل الأوصياء».

السادس: أن يصلّي عند ارتفاع النهار ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد سورة (إنا أنزلناه) عشر مرّات، والتوحيد عشر مرّات، ثمّ يجلس في مصلّاه ويدعو بالدعاء: أللّهُمَّ أَنْتَ حَيُّ لا تَمُوتُ ".." [إقبال الأعمال: أعمال ربيع الأول] 

اللّيلة الأولى

الشيخ المفيد: وفي أوّل ليلة منه هاجر رسول الله من مكّة إلى المدينة سنه ثلاث عشر من مبعثِه صلّى الله عليه وآله، وكانت ليلة الخميس، وفيها كان مَبيتُ أمير المؤمنين عليه السلام على فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله ومواساته له صلّى الله عليه وآله بنفسه حتى نجا صلّى الله عليه وآله من عدوّه، فحاز بذلك أميرُ المؤمنين عليه السلام شرف الدّنيا والدّين، وأنزل الله تعالى لذلك في القرآن المبين، وهي ليلةٌ الفخرُ فيها لمولانا أمير المؤمنين، ويجب فيها مسرّة أوليائه المخلصين.

* دعاء الإمام عليّ عليه السلام ليلةَ المَبيت: «أَصْبَحْتُ اللّهُمَّ مُعْتَصِماً بِذِمامِكَ وَجِوارِكَ المَنِيعِ الَّذِي لا يُطاوَلُ وَلا يُحاوَلُ، مِنْ شَرِّ كُلِّ غاشِمٍ وَطارِقٍ مِنْ سائِرِ خَلْقِكَ، وَما خَلَقْتَ مِنْ خَلْقِكَ الصَّامِتِ وَالنَّاطِقِ، فِي جُنَّةٍ مِنْ كُلِّ مَخُوفٍ، بِلِباسٍ سابِغَةٍ حَصِينَةٍ، وَهِيَ وَلاء أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، مُحْتَجِزاً مِنْ كُلِّ قاصِدٍ لِي إِلى أَذِيَّةٍ بِجِدارٍ حَصِينِ، الإخْلاصِ فِي الإعْتِرافِ بِحَقِّهِمْ وَالتَّمسُّكِ بِحَبْلِهِمْ جَميعاً، مُوِقناً أَنَّ الحَقَّ لَهُمْ وَمَعَهُمْ وَمِنْهُمْ وَفِيهِمْ وَبِهِمْ، أُوالِي مَنْ وَالوا وَأُعادِي مَنْ عادَوا وَأُجانِبُ مَنْ جانَبُوا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِذْنِي اللّهُمَّ بِهِمْ مِنْ شَرِّ كُلِّ ما أَتَّقِيهِ. يا عَظِيم، حَجَزْتُ الأعادِي عَنِّي بِبِدِيعِ السَّماواتِ وَالأرْضِ، إِنّا (و) جَعَلْنا مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ سَداً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداً فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ».

تُستبدَل عبارة «أصبحتُ» بـ «أمسيتُ» إذا قُرىء الدّعاء مساءً.

اليوم الأول


قال العلماء: يُستحَبُّ فيه الصيام شكراً لله على ما أنعم من سلامة النبيّ وأمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِما. ومن المناسب زيارتهما عليهما السلام في هذا اليوم. وقد روى السيّد في (الإقبال) دعاءً لهذا اليوم.
وفيه كانت شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام على رواية، والمشهور على أنّها في اليوم الثامن، ولعلّ في هذا اليوم كان بدءُ مرضه عليه السلام.

اليوم الثامن


المراقبات: شهادة الإمام أبي محمد الحسن الزكيّ العسكريّ عليه السلام، فللمراقب أن يحزن فيه، لا سيّما بلحاظ أنّ صاحب المصيبة فيه حجّةُ عصره وإمامُ زمانه أرواح العالمين فداه، عليه وعلى آبائه صلوات الله، يزوره بما يبدو له، ويعزّي الإمام عليه السلام بما يناسبه. ثمّ يشكر الله لخلافة إمامه عليه السلام، ويتأثّر من غيبتِه وفقدِه، ويتذكّر زمنَ ظهوره وفوائدَ أنواره، وخيرَه وبركته.

اليوم الثاني عشر


ميلاد النبي صلّى الله عليه وآله على رأي الشيخ الكليني ".." ويُستحبّ فيه الصلاة ركعتان؛ في الأولى بعد الحمد، (قل يا أَيُّها الكافرون) ثلاثاً، وفي الثانية التوحيد ثلاثاً.
وفي هذا اليوم دخل صلّى الله عليه وآله المدينة مهاجراً من مكّة.

اخبار مرتبطة

  بين الحسين عليه السلام ويزيد

بين الحسين عليه السلام ويزيد

  الغنيّ، هو المتَّصل بالله تعالى المنقطعُ إليه

الغنيّ، هو المتَّصل بالله تعالى المنقطعُ إليه

  دوريات

دوريات

24/01/2012

دوريات

نفحات