عَظَمةُ الإمام الخميني ظهرتْ في شخصيّة الإمام الخامنئي
حوار مع آية الله مصباح اليزدي
_____إعداد: أسرة التحرير_____
تقدّم «شعائر» أبرز ما ورد في الحوار الذي أجرته نشرة «پرتو» الفارسيّة بتاريخ 13/10/2010 م، مع آية الله الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي، حول سِمات شخصيّة قائد الثورة الإمام الخامنئي دام ظلّه الوارف.
جاءت هذه المقابلة قُبيل أيّامٍ من زيارة وليّ أمر المسلمين إلى مدينة قمّ المقدّسة، وتكتسب أهميّتها -فضلاً عن إلقائها الضوء على «الجوانب العلميّة والمعنويّة من شخصيّة السيّد القائد، التي ربّما تكون قد اختفت تحت شعاع شخصيّته السياسيّة»، كما تكتسب أهمّيتها من المحاوَر نفسه؛ الفقيه الذي تتلمذ على الإمام الخميني، وآية الله الشيخ بهجت، والعلّامة السيّد الطباطبائي رضوان الله تعالى عليهم، والمجاهد الذي واكب مختلف مراحل الثورة من بداياتها، ولا يزال يذود عنها بكلّ قوّة، لا سيّما في الميدان الفكري والثقافي، حيث قام بإنشاء عدّة مدارس ومؤسّسات، أهمّها قسم التعليم في «مؤسسة طريق الحق»، و«مؤسّسة باقر العلوم عليه السلام»، ويرأس حاليّاً «مؤسسة الإمام الخميني قدّس سرّه للتعليم والبحث العلمي» في قم المقدّسة. وله مؤلّفات عديدة في الفلسفة الإسلاميّة، والفقه، والإلهيّات، والأخلاق، والعقيدة الإسلاميّة.
يُشار إلى أنّ الترجمة العربيّة للمقابلة منقولة عن موقع «الولاية» الإلكتروني، كما أنّ ضرورات التحرير اقتضت تقسيم النصّ إلى محاور، وإدراج الإجابات دون بعض الأسئلة. |
نعمة النّظام الإسلامي
مِن النِّعم العظيمة، نعمة توطُّدُ النظام الإسلاميّ، وحاكميّة الوليّ الفقيه، وعلى وجه الخصوص وجود شخص كقائد الثورة المعظّم. إذ أنّ عمليّة إرساء الحكومة الإسلاميّة بالشكل الذي يحبُّه الله تعالى كانت مطمح جميع الأنبياء والأولياء والصالحين على مرّ التاريخ، ولم يخبرنا التاريخ -أللّهمّ إلّا في فترات خاصّة من الزمن، وبقع محدودة من الأرض- عن حصول نموذج بارز وواضح لهذه الحكومة كالذي نشهده اليوم.
فمن بين الأنبياء السابقين كانت حكومة نبيّ الله سليمان عليه السلام الذي قال: ﴿قال رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدي..﴾ ص:35، وفي آخر الزمان استطاع خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله أن يحكم لبضع سنوات في المدينة، تبعتها حكومة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ذات العهد القصير الذي انقضى معظمه في الحروب الداخليّة؛ وما عدا ذلك فإنّه يصعب العثور، إذا تفحّصنا التاريخ بدقّة، على نظام حكومي يكون الحاكم فيه المعصومُ أو مَن يليه. فهذه لَعمري نعمة عظيمة قد منّ الله بها على مجتمعنا وأمّتنا في هذا العصر، ألا وهي نعمة هذا النظام الذي غرسه وأسّس له الإمام الراحل رضوان الله تعالى عليه وسقاه ورعاه قائد الثورة الإمام الخامنئيّ دام ظلّه.
نعمة وجود الإمام الخميني
النعمة الأخرى التي ينبغي لنا شكرها هي نعمة وجود شخص كالإمام الخميني الراحل رحمة الله عليه. فخلال المدّة القصيرة التي أدركنا وجوده فيها اعترف جميعُ من يمتلكون صلاحيّة إبداء الرأي في هذا المجال أنّه -على الأقلّ في القرون القليلة الماضية- لا توجد في العالم شخصيّة توازيه في العظمة. طبعاً تقييم هؤلاء كان يستند إلى المعايير المادّية وأغلبهم لم يكن يدرك الأهمّية المعنويّة لوجوده رحمه الله؛ فالإنجاز الهائل الذي قام به الإمام الراحل والتحوُّل العظيم الذي أوجده في نفوس الناس، إنّما يتلخّص بما أَوصَل إليه الشباب المسلم من منازل العرفان الراقية وذُرى المعنويّات العالية بعدما كانوا عليه من البطالة والتسكّع في الطُّرُق والأزقّة. وعلى الرغم من أنّ مثل هذه الخصوصيّات للإمام لا يمكن تقييمها عبر الحسابات المادّية، فقد عَدُّوه أعظم شخصيّات زمانه.
ينبغي لنا أن نلتفت أكثر ونطيل النظر إلى هذه الجوانب من شخصيّة الإمام الخمينيّ قدّس سرّه، لندرك جيّداً ما قد انتُشلنا منه من مهاوي العجز والذلّ والحقارة، وما قد ارتقيناه من ذُرى العزّة والمجد والكرامة تحت لواء قيادته الحكيمة؛ سواء العزّة الدنيويّة في الأوساط الدوليّة، أم العزّة المعنويّة والسموّ الأخلاقيّ الذي دبّ في مجتمعنا وصار يسري -بشكل أو بآخر- إلى سائر المجتمعات.
بعد رحيل الإمام الخميني
الحقيقة أنّه في زمان حياة الإمام رحمة الله عليه كلّما كانت تراودني فكرة: ما الذي سيحصل بعد رحيل الإمام؟ ينتابني الإضطراب وأُحاول أن أصرف هذه الفكرة عن مخيّلتي ولا أعود إلى التفكير بها بتاتاً. إذ لم يكن يتبادر إلى ذهني أيّ جواب شافٍ أو خطّة مُقنِعة من شأنها أن تملأ الفراغ الذي سيولّده رحيل الإمام رحمة الله عليه. فهذه القضيّة تقلقني شديد القلق إلى درجة أنّني كنتُ أُحاول عدم التفكير فيها أساساً. لكنّه عندما تسلّم قائد الثورة المعظّم دامت بركاته مقاليد القيادة، شعرتُ كأنّ ماءً بارداً قد صُبّ على هذه النار الملتهبة. بالطبع أنا أعترف أنّني في بادئ الأمر لم أكن أُحيط علماً بمهاراته المختلفة؛ فجُلّ ما كنتُ أعرفه أنّه كان متقدّماً على أقرانه؛ أمّا فيما بعد -ذكرتُ ذلك مراراً وتكراراً- فقد بدا لنا وكأنّ روح الإمام قدّس سرّه قد حلّت في بدنه، حتّى أنّ عين تلك العظمة، وبخصوصيّات ممتازة أيضاً، قد ظهرت في شخصيّته.
في الحقيقة لا يسعني أن أُُقارن كلّ سمات الإمام بسمات شخصيّة قائد الثورة لأقول إنّهما متساويان في قسم منها، أو إنّ أحدهما يسمو على الآخر في قسمها الآخر؛ إذ أنّ إصدار حكم من هذا القبيل يحتاج إلى صلاحيّة على مستوىً عالٍ؛ لكنّني أعلم على نحو الإجمال أنّ هذا الاختيار كان الأفضل بعد الإمام رحمه الله وإنّ قناعتي بذلك تزداد يوماً بعد يوم. فكلّنا نلاحظ مدى ما أودعه الله في كيان هذا الرجل العظيم من استعدادات وكفاءات وقابليّات، ولا ريب في أنّ هذه الكفاءات والإستعدادات قد نَمَت أيضاً على مرّ الزمان.
بالطبع فإنّه مضافاً إلى ما يتمتّع به هذا الرجل من إخلاص وما قدّمه من تضحيات، فإنّ التسديدات الإلهيّة قد شملته وتشمله أيضاً؛ لكنّه لا بدّ من أن تتوفّر في المرء أرضيّة لظهور الكمالات فيه وعندئذٍ يُنزل الله تعالى عليه ألطافه.
نعمة وجود الإمام الخامنئي
خلاصة الأمر، فإنّ شخصيّته دام ظلّه تُعدّ -بالنسبة لكلّ مسلم، وأخصّ بالذِّكر المسلمين الإيرانيّين، وعلى وجه التحديد الشيعة منهم- نعمة هي على جانب من العَظَمة بحيث لا يمكن قياسها بباقي النِّعم؛ بمعنى أنّنا لو وضعنا كلّ الآلاء المادّية في كفّة ميزان وهذه النعمة لوحدها في الكفّة الأُخرى، فإنّ قيمة وفائدة وجود هذا الرجل بعنوان كونه نعمة لكلّ فرد منّا، وليس للمجتمع ككلّ، سترجح على مجموع النِّعم المادّية التي مَنَّ الله بها على كلّ فرد من أفراد مجتمعنا؛ بطبيعة الحال هذا مع الحفاظ على مكانة نعمة معرفة الله عزَّ وجلَّ وولاية أهل البيت عليهم السلام. وبناءً عليه، فإنّنا لو حاولنا حساب قيمة وجوده لكلّ فرد منّا بِلُغة الأعداد والأرقام لَمَا كان ذلك ممكناً.
المقارنة بين الإمام الخامنئي، وبين سائر قادة العالم
التصديق بهذا الإدّعاء [السّالف الذِّكر] ليس صعباً. فإنّنا لو تصفّحنا حياته الشخصيّة وطالعنا -على الأقلّ- عن فترتها الممتدّة من زمان تولّيه لمنصب رئاسة الجمهوريّة إلى الآن، أيّ سنوات تَصَدّيه للمناصب الرسميّة، واستعنّا بالمقارنة بينه وبين سائر رؤساء العالم وزعمائه، لوجدنا بَوْناً شاسعاً بينه وبينهم على صعيد إمكانيّة إدارة شؤون البلاد، وسعة الصدر، والشموليّة، والتقوى، والرأفة، والإخلاص، والشفقة، وغيرها المئات من الأصعدة.
فمن ناحية النزاهة الأخلاقيّة -على سبيل المثال- لو أنّك اطّلعت على سيرة أغلب رؤساء العالم في عصرنا الحاضر لوجدتَ أنّ سجلاّتهم مليئة بنقاط الضعف، والفساد، والإختلاس، وأكل الربا، وأمثال ذلك؛ لكنّه لا يمكنك أن تعثر، ولو على نقطة سوداء واحدة، في حياة قائد الثورة المعظّم على مدى تلك الثلاثين عاماً من حياته السياسيّة؛ فكيف يمكننا تقييم هذا الإختلاف والتباين؟ وأمّا القياس ببعض الشخصيّات الداخليّة فإنّنا نضعه جانباً، لئلّا تقع مصداقاً للقول: «الدَّهر أنزلني، ثمّ أنزلني»!
فلتقارِن هذه الشخصيّة الجليلة القدر برؤساء وزعماء الدول الأُخرى كي تنظر أيّ قائدٍ وهبَنا الله تعالى. فكم من حقوق تُضيّع في البلدان الأُخرى من أجل الوصول إلى السلطة، وكم من أموال تُهدر، وكم من دعايات سوء تُستخدم، ثمّ بعد جلوسهم على كراسيّهم کيف يستغلُّون مناصبهم أبشع استغلال. فلتنظر أيّ قائدٍ مَنّ الله تعالى علينا به، وأيّ محبوبيّة حَبَاه بحيث إنّه لم ينفق حتّى ريالاً واحداً لا على رئاسته للجمهوريّة، ولا على عضويّته للمجلس، ولا على قيادته للأُمّة؛ بل إنّ جميع تلك المناصب تقريباً قد فُرضت عليه فرضاً، وهو لم يقبلها إلَّا من باب أداء الواجب والتكليف.
يتّضح ممّا سبق إلى أيّ مدى أنا كافر بالنّعمة، والأكثر كفراناً منّي هم الذين يعلمون بكلّ هذه الأُمور وليس أنّهم لا يقرّون بكفرانهم للنعمة فحسب، بل إنّ لديهم إدّعاءات عريضة، ويتفوّهون أحياناً بكلام بعيد عن الصواب أيضاً! ولا ندري أيّ جواب سيُجيب هؤلاء ربّهم، هذا إذا كانوا يعتقدون بالله والقيامة أصلاً.
من أبعاد شخصيّة الإمام الخامنئي دام ظلّه
الشموليّة والعمق
أمّا أبعاد شخصيّة الإمام الخامنئي فهي -حقيقةً- بسعة تلك الروح العظيمة التي يمتلكها إنسان مُخلص وَرِع. وإنّ الجميع مطّلعون على هذا الأمر وليس هو بحاجة إلى تبيين وتوضيح. فهو لم يُجالس جماعةً ولم يتكلّم في موضوع إلّا وكان لديه كلام ذو قيمة في هذا المجال وذاك التخصّص.
ليس هذا فحسب، بل قد يفوق أحياناً المتخصّصين فيه؛ أللّهمّ إلّا في بعض المجالات الفنّية والتخصّصيّة البحتة كالطبّ والفيزياء ونظائرهما، مِمّا لا يُنتظر من عالم دين أن يلمَّ بها. لكنّه في المسائل الإجتماعيّة، والمعلومات العامّة المطروحة على الصعيد الإجتماعي، والأدب، والشعر، وعلم الموسيقى -وأقصد بالموسيقى القدرة على التمييز بين صحيحها وخطئها، وحقّها وباطلها- والرياضة، والخطّ، والفنّ، وأمور من هذا القبيل فهو في الصدارة.
الإدارة
أمّا في شؤون إدارة البلاد فإنّ نبوغه بارزٌ جدّاً؛ هذا على الرغم من أنّ الأبعاد الأساسيّة لشخصيّته والمرتبطة بقيادته وولايته لا تحظى -مع بالغ الأسف- باهتمام كبير.
فقاهتُه
أوّل خصيصة من هذا القبيل هي فقاهته. فالذين يُشهَد لهم في عالم الفقاهة بالإنصاف والتقوى يشهدون بأنّ قائد الثورة المعظّم ليس دون أقرانه من الناحية الفقهيّة فحسب، بل لقد ثبت لدينا أنّ سماحته يتفوّق عليهم في بعض الموارد.
علم الرجال
فمن العلوم المهمّة في مجال الفقاهة والتي لا يتوفر فيها كثير من المحقّقين البارزين هو «عِلم الرجال». فإذا لم يكن في عالم التشيّع غير ثلاثة من الضالعين في علم الرجال فهو أحدهم لا محالة. وللأسف فإنّ سماحته غيرُ معرَّفٍ به كما ينبغي على مستوى العديد من الفروع العلميّة الأُخرى.
قوّة الذاكرة
أمّا في ما يتّصل بالقضايا المرتبطة بالذاكرة؛ مثل سيرة الأشخاص، وقضايا التاريخ، والتحليلات التاريخيّة، وما إلى ذلك فهو في حدّ الإعجاز.
رأفتُه، وعطفُه، وشفقتُه
ومن خصائصه الأخرى أيضاً رأفته، وعطفه، وشفقته تجاه أفراد الشعب. إذ يلاحَظ أحياناً في سلوكه مع بعض عوائل الشهداء أو الأفراد ما ينمّ عن عاطفة موغلة في العمق واللُّطف.
تقواه وزهده
ومن جانب آخر فإنّ تقواه وزهده اللّذَين يُعدّان من جملة النماذج التاريخيّة الخالدة، بل وبمثابة الأُسطورة لِمَن لم يشاهدوا مثل هذه الصُّور؛ فمن العجيب أنّ شخصاً مثله في هذا المنصب الحسّاس وبكلّ هذه الإمكانيّات المتوفّرة لديه، يعيش في هذا المستوى من الزهد وبساطة العيش.
كلّ تلك الخصوصيّات، مضافاً إلى عشرات غيرها يشقّ على المرء -حقيقةً- بيانها وإحصاؤها جميعاً، هي ممّا لو توفّرت واحدة منها في أحدِهم فستجعل منه شخصيّة إجتماعيّة مميّزة ومرموقة إلى أبعد الحدود. فإذا كان الله تعالى قد جمع كلّ تلك الامتيازات في شخص واحد وجعله قائداً لهذه الأمّة، فكَم يتعيَّن علينا أن نقدِّر هذه النِّعمة؟ فإذا مُسَّت منه يوماً -لا قدّر الله- ولو شعرة واحدة؛ فسنعلم حينها أيّ جوهرة ثمينة نادرةٍ بين أيدينا يستحيل العثور على نظير لها.
بين القائد وأقرانه
أولئك الذين يرون القائد عن كثب ويستطيعون مقارنته بأقرانه، يدركون أنّ الإختلاف هو كالإختلاف بين السماء والأرض؛ فمَن هم من أمثالي لا يعلمون سوى هذا المقدار وهو أنّه أفضل من الآخرين بكثير؛ لكن إلى أيّ مدى هو أفضل؟ لا نستطيع تقييم ذلك. قد تبرز أحياناً عيّنات من هذا الإختلاف وهذه الأفضليّة، وعندما يُمعن الإنسان النظر في هذه الأُمور يلاحظ مدى الإختلاف الكبير.
عبقريّته
فمن أبرز معالم عبقريّته ونموذجيّته هو ما ظهر في أحداث الفتنة الأخيرة [فتنة 2009 م]؛ ومع أنّنا إلى الآن لم نُدرك أبعاد وعمق هذه الفتنة كما ينبغي، وأنّ المقدار الذي أدركناه منها لا نستطيع بيانه، وإذا بينّاه فما زال الكثير من الناس لا يصدّقونه، لكنّ سماحته تعامل مع جميع تلك المشاكل والمعضلات وأوجد لها الحلول بتدبير هو في منتهى الحكمة بل ويقترب –حقيقةً- من تدبير المعصوم عليه السلام، وبسعة صدر تبلغ حدّ الإعجاز يصعب العثور على نظير لها عند غير المعصوم عليه السلام. فإنّ أناته وصبره وسعة صدره في بعض المواقف وتجاه بعض الأشخاص، هي ممّا يَستعصي على الوصف.
الإمام الخامنئي عند شخصيّات العالم
لقد أسبغ الباري عزّ وجلّ كلّ تلك النعم في آنٍ واحدٍ على شخص واحد ووضع هذا الشخص بين يدَي الشعب الإيرانيّ. نحن ننصح أُولئك؛ غير المطّلعين على هذه القضايا أن يطالعوا أقوال شخصيّات العالم في حقّه. فلقد أبدى رؤساء بعض دول العالم إعجابهم بشخصيّته، فقالوا: ما دام للشعب الإيرانيّ قائد كهذا، فإنّه لن يذوق طعم الهزيمة أبداً؛ هذا الكلام قاله «بوتين» [ رئيس الوزراء الروسي] وهو واحد من أبرز رجالات السياسة في عصرنا هذا. فإبداء رأي كهذا من شخص مثل «بوتين» في حقّ شخصيّة كهذه ليدعو إلى العجب الشديد. أنَّى لنا أن نعثر على مثل هذه المواقف وهو أن يبادر رئيس جمهوريّة بلدٍ ما إلى إصدار مثل هذا الحكم على قائد بلد آخر؟ فهو من شدّة انبهاره وإحساسه بالضآلة أمام هذه الشخصيّة لم يستطع إلاّ أن يبوح بمشاعره؛ فأيّ دافع غير هذا يمكن أن يدفع أمثال هؤلاء إلى إظهار أحاسيسهم؟ خصوصاً وإنّها قد تكون ضدّ مصالحهم أحياناً.
على أيّ حال، يتحتّم علينا أن نعرف الواجب الذي في أعناقنا لشكر هذه النعمة الجسيمة، وأن نُبيِّنها للناس بما تتيحه لنا إمكاناتنا الفكريّة والعلميّة كي يفهموا أيّ نعمة أسبغها الله عليهم، وعندها سيتضاعف الدافع إلى شكرها، ويقدِّرونها حقَّ قدرها، ويهون عليهم تحمّل الصعاب والمِحَن مع وجود نعمة نفيسة كهذه.