من وصايا السيّد إبن طاوس
أدبُ العلاقة بالمهديّ المنتظَر عجّل الله تعالى فرجه الشريف
ـــــ إعداد: علي حمّود ـــــ
«وقدِّم حوائجَه على حوائجك، والصدقة عنه قبل الصدقة عنك، والدعاء له قبل الدعاء لك، واعرض حاجتك عليه كلّ يوم اثنين ويوم الخميس من كلّ أسبوع، وقل عند خطابه: يا أيّها العزيز! مسّنا وأهلَنا الضرّ، وجئنا ببضاعةٍ مُزجاة».
وصيّة لسيد العلماء المراقبين السيّد إبن طاوس قدّس سرّه حول أدب العلاقة بالإمام صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه، وردت في كتابه (كشف المحجّة لثمرة المهجة) الذي كَتبه بعنوان الوصيّة لولده «صفيّ الدين» السيّد محمّد.
|
أُوصيك يا ولدي محمّد وأخاك، ومَن يقف على كتابي هذا، بالصّدق في معاملة الله جلّ جلالُه، ورسوله صلّى الله عليه وآله، وحفظ وصيّتهما بما بشّرا به من ظهور مولانا المهديّ عليه السلام، فإنّني وجدتُ القول والفعل من كثيرٍ من الناس في حديثه عليه السلام مخالفاً للعقيدة من وجوهٍ كثيرة:
1- منها: أنّني وجدتُ أنّه لو ذهب مِن الذي يعتقد إمامتَه عبدٌ أو فرس، أو درهمٌ أو دينار، تَعلَّق خاطرُه وظاهره بطلب ذلك الشيء المفقود، وبذَل في تحصيله غايةَ المجهود، وما رأيتُ لتأخّر هذا المحتشم عظيم الشأن عن إصلاح الإسلام والإيمان، وقطع دابر الكفّار وأهل العدوان، مثل تعلّق الخاطر بتلك الأشياء المحقّرات!! فكيف يعتقد مَن يكون بهذه الصفات أنّه عارفٌ بحقّ الله جلّ جلالُه، وحقِّ رسولِه صلّى الله عليه وآله، ومعتقدٌ إمامة (إمام زمانه) على الوجه الذي يدّعى المغالاة والموالاة لشريف معاليه.
2- ومنها: أنّني وجدتُ من يذكر أنّه يعتقد وجوب رياسته والضرورة إلى ظهوره وإنفاذ أحكام إمامته، لو واصلَه بعضُ من يدّعي أنّه عدوٌّ لإمامته من سلطان، وشملَه بإنعامه، لَتعلّق خاطرُه ببقاء هذا السلطان المشار إليه، وشغله ذلك عن طلب المهديّ عليه السلام، وعمّا يجبُ عليه من التمنّي لعزلِ الوالي المُنعِم عليه.
3- ومنها: أنّني وجدتُ من يدّعي وجوبَ السرور بسروره، والتكدّر بتكدّره صلوات الله عليه، يقول إنّه معتقد أن كلّ ما في الدنيا قد أُخذ من يد المهديّ عليه السلام، وغصبَه الناسُ والملوك من يدَيه، ومع هذا لا أراه يتأثّر بذلك النهب والسلب، كتأثّره لو أخذ ذلك السلطان منه درهماً، أو ديناراً، أو مِلْكاً، أو عقاراً، فأين هذا من الوفاء ومعرفة الله جلّ جلالُه، ورسوله صلّى الله عليه وآله، ومعرفة الأوصياء؟!
4- ومنها: أنّني قلتُ لبعض من يدّعي الحرصَ على ظهوره والوفاءَ له والتأسّفَ عليه، ما تقول لو أنفذ إليك المهديّ عليه السلام، وقال لك إنّي قد عرفتُ من جهة آبائي عليهم السلام عن رسول الله صلّى الله عليه وآله بطريقٍ مُحقّق اعتمدتُ عليه، أنّي متى ظهرتُ الآن فإنّ ساعة ما تقع عينُك عليَّ تموتُ في الحال، ومتّى تأخرتُ عن الظهور عشتَ عشرين سنةً ممتَّعاً، مسروراً بالأهل والولد والمال، أفليس كنتَ تختار تأخّر ظهوره لأجل حياتك الفانية؟!
5- ومنها: أنّني قلتُ لبعض من يدّعي، مغالٍ في موالاته عليه السلام: لو أنفذ إليك وقال لك إنّ سلطان بلادك يعطيك بعد هذا اليوم كلّ يوم ألف دينار، ثمّ أعطاك السلطانُ مستمرّاً على التكرار كلّ يوم جملة هذا المقدار، وقال عليه السلام: هو لك حلالٌ زمن الغَيبة، ثمّ أنفذ إليك عليه السلام وقال: أنا قد أُذِن لي في الظهور، وهذا العطاء ما كان بإذني ولا تستحقُّه إلّا مع غيبتي، فأيُّما أحبُّ إليك؟ أظهرُ وأقطعُ هذا العطاء، وأحاسبُك على كلّ ما فضُل عن مؤونتك، وأجعل هذا «الراتب» لبعضِ مَن بينك وبينه عداوةٌ دنيويّة، ممّن منزلتُه في الظاهر دون منزلتك، فأيُّما كان أحبّ إليك، أن تطول غيبتُه وتأخذ العطاء كلّ يومٍ ألف دينار؟ أو يتعجّل ظهورُه ويحاسبك عليها ويقطعها ويردّها إلى عدوّك؟! عرِّفنا ما يكون في قلبك من الإختيار؟
واعرف من الوجوه غير ما ذكرته الآن ".."
***
* وقلتُ لبعض الإخوان إنّ رجال المهديّ عليه السلام مَن يريده للوجه الذي أراده الله جلَّ جلالُه له، سواءً كان نفعاً لهذا المريد أم غير نافعٍ في العاجلة له ".."
* وقد كان سألني بعضُ مَن يذكر أنّه معتقدٌ لإمامته، فقال قد عرضت لي شبهةٌ في غيبته.
فقلت: ما هي؟
فقال: أما كان يُمكن أن يلقى أحداً من شيعته ويُزيل الخلاف ؟ ".." واشترط عليَّ أن لا أُجيبه بالأجوبة المسطورة في الكتب، وذكرَ أنّه ما أزال الشبهةَ منه، ما وقف عليه ولا ما سمعه من الأعذار المذكورة!
فقلت: أيُّهما أقدرُ على إزالة الخلاف بين العباد، وأيُّهما أعظم وأبلغ في الرحمة والعدل والإرفاد؟ أليس الله جلّ جلالُه؟
فقال: بلى.
فقلتُ له: فما منع الله جلّ جلالُه أن يزيل الخلاف بين الأمم أجمعين وهو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، وهو أقدر على تدبير ذلك بطُرقٍ لا يُحيط بها علم الآدميّين! أفليس أنّ ذلك لعذرٍ يقتضيه عدلُه وفضلُه على اليقين؟
فقال: بلى.
فقلت له: فعُذرُ نائبه عليه السلام هو عذره على التفصيل لأنّه ما فعل فعلاً، إلّا ما يوافق رضاه تعالى على التمام. فوافقَ وزالت الشبهة وعرفَ صدقَ ما أورده الله جلّ جلالُه على لساني من الكلام ".."
* فكن في موالاته عليه السلام والوفاء له وتعلّق الخاطر به:
على قدر مراد الله جلّ جلالُه، ومراد رسوله صلّى الله عليه وآله، ومراد آبائه عليهم السلام، ومراده عليه السلام منك.
1- وقدّم حوائجه على حوائجك عند صلاة الحاجات كما ذكرناه في كتاب (المهمات والتتمّات). [تتمّة على (مصباح المتهجّد) للشيخ الطوسي].
2- والصدقة عنه قبل الصدقة عنك وعمّن يعزّ عليك.
3- والدعاء له قبل الدعاء لك، وقدّمه في كلّ خيرٍ يكون وفاءً له ومقتضياً لإقباله عليك وإحسانه إليك.
4- فاعرض حاجتك عليه كلّ يوم اثنين ويوم الخميس من كلّ أسبوع، لما يجب له من أدب الخضوع.
5- وقل عند خطابه بعد السلام عليه بما ذكرناه في أواخر الأجزاء من كتاب (المهمّات) من الزيارة التي أوّلها: «سلام الله الكامل، يا أيّها العزيز مسّنا وأهلَنا الضرّ، وجئنا ببضاعةٍ مُزجاة، فأوفِ لنا الكيلَ وتصدّق علينا إنّ الله يجزي المتصدّقين، تاللهِ لقد آثرَك الله علينا وإن كنّا لَخاطئين، يا مولانا استغفر لنا ذنوبنا إنّا كنّا خاطئين..».
6- وقُل: يا مولانا هذه مقامات إخوة يوسف مع أخيهم وأبيهم وقد رحماهم بعد تلك الجنايات، فإنْ كنّا غير مرضيّين عند الله جلَّ جلالُه وعند رسوله صلّى الله عليه وآله وعند آبائك وعندك عليكم أفضل الصلاة، فأنت أحقُّ أن تسعنا من رحمتك وحلمك وكرمك وشريف شِيَمِك، بما وسع إخوةَ يوسف من تعطُّفه عليهم ورحمته لهم وإحسانه إليهم. ".."
7- وقل له غير ذلك ممّا يُجريه اللهُ جلّ جلاله على خاطرك، واذكر له أنّ أباك قد ذكر لك أنّه أوصى بك إليه، وجعلك بإذن الله جلّ جلالُه عبدَه، وإنّني علّقتُك عليه، فإنّه يأتيك جوابُه صلوات الله وسلامه عليه.
وممّا أقول لك يا ولدي محمّد، ملأَ اللهُ جلّ جلالُه عقلَك وقلبَك من التصديق لأهل الصدق والتوفيق في معرفة الحقّ، أنّ طريق تعريف الله جلّ جلالُه لك بجواب مولانا المهديّ صلوات الله وسلامه، على قدرته جلّ جلالُه ورحمتِه. فمن ذلك ما رواه محمد بن يعقوب الكليني في كتاب (الرسائل)، عمّن سمّاه قال: «كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام أنّ الرجل يحبُّ أن يُفضى إلى إمامه ما يحبُّ أن يُفضى به إلى ربّه، قال فكتب: إنْ كانت لك حاجة، فحرِّك شفتَيك، فإنّ الجوابَ يأتيك». ".." وقد اقتصرتُ لك على هذا التنبيه، والطريق مفتوحةٌ إلى إمامك عليه السلام، لمن يريدُ الله جلَّ جلالُه عنايتَه به، وتمامَ إحسانه إليه.
إجابة الدعاء ليلة المولد
|
ومن الليالي التي تؤمل فيها الإجابة ليلة مولد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ويومه، وليلة مبعثه الشريف ويومه، ويوم عرفة وليلة عرفة، -وخاصّةً إذا كان بالموقف، أو عند مشهد الإمام الحسين عليه السلام- وليلة عيد الغدير ويومه، وليلة النصف من رجب.
(المصادر الفقهية)
|