قرن الإسلام، وعصرُ الشعوب

قرن الإسلام، وعصرُ الشعوب

منذ أسبوع

قرن الإسلام، وعصرُ الشعوب


  * قرن الإسلام، وعصرُ الشعوب
* «ليلةُ القدر» في تاريخ المنطقة

* النَّصّ الكامل للخطبة العربيّة التي ألقاها سماحته في صلاة الجمعة في طهران، بتاريخ 10 ربيع الأوّل 1433.


إصدار المركز الإسلامي
لبنان - بيروت




* حذارِ العودة إلى الشّعور بالخوف، فالصَّنَم الغربي قد هُزِمَ، كالصَّنَم الشيوعي.
الإمام الخامنئي دام ظلُّه


تقديم


تواجه البشريّة  في هذا العصر منعطفاً تاريخيّاً عالميّاً، سوف تحكم نتائجُه مستقبل الكرة الأرضية كلّها.
محور هذا المنعطف هو الصراع بين إنسانيّة الإنسان وبين تشيئة الإنسان.
بلغ الرُّشد البشريّ إلى حيث لم تعد الشعارات المبرقعة بالقيم وحقوق الإنسان تنطلي على الناس.
لم يعد يروي ظمأ الروح والإنسانيّة كلُّ ضجيج حاجات الجسد، بالإضافة إلى أنّ الناس ضاقوا ذرعاً بالأنانيّين المستأثرين بالمُتاح من تلبية حاجات الجسد، الذين يسرقون قوت الشعوب لصالح مصّاصي دمائها.
بدأت البشريّة تدرك أنّ السبب في حَجب ثقافة القِيم والروح هو الجشع إلى المردود الرِّبحي ، فلا حلّ للمشكلة الإجتماعيَّة إلّا بالعودة إلى القيم، ولا «قِيَمَ» حقيقيّة إلّا في الدين ومعه وفي هَدْيه.
كانت بداية هذه العودة العالمية إلى الدين «خمينيّة».
وكانت مواصلة المسيرة ونقلتها النوعية وعالميّتها، وما تزال «خامنئيّة».
ربما لم يتنبّه الكثيرون حين قال الإمام الراحل:

 «القرن الخامس عشر الهجري، قرنُ تحطيم الأصنام الكبيرة».


وربما لا يتنبّه الكثيرون الآن إلى إصرار الإمام الخامنئي على عالميّة حركة الشعوب، والآفاق المستقبليّة لهذه الحركة.
يرحم نفسه من يتنبَّه ليكون ممّن يعيشون في عصرهم، وعياً للمسار والمصير، ومن المنتظِرين.
سيجد القارىء في خطبة الجمعة التاريخيّة والعالميّة هذه ما يبحث عنه كلُّ من يعيش الأمل الباسم بالمستقبل الواعد، كما سيجد نفسه متمتماً: لم نعرف الإمام الخميني حقّ معرفته، فَلْنَعرف وليَّ أمر المسلمين بما يتناسب مع أدنى حقوقه على الأمّة والبشريّة بتوفيق الله تعالى له لقيادةٍ مسدّدة، في أحلكِ الظروف.

«شعائر»


* النَّصّ الكامل للخطبة العربيّة التي ألقاها وليّ أمر المسلمين سماحة الإمام السيّد على الخامنئي دام ظلّه في صلاة الجمعة في طهران، بتاريخ 10 ربيع الأوّل 1433. الموافق للثالث من شباط 2012 م.
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیِّدنا ونبیّنا محمّدٍ وعلی آله الطاهرین، وصحبه المنتَجَبین، ومَن تبعهم بإحسانٍٍ إلی یوم الدّین.
         يا أبناء أمَّتنا الإسلاميّة في كلّ مكان.
                السلام عليكم جميعاً ورحمة الله.

أغتنمُ فرصة شهر ربيع الأوّل، واقتراب أسبوع المولد النبوي، والذكرى الأولى لربيع الصحوة الإسلاميّة، ونهضة إخوتنا العرب رجالاً ونساءً من مصر وتونس وليبيا حتّى البحرين واليمن والأردن وبعض البقاع الإسلاميّة الأخری، لأتقدَّم باسم الشعب الإيراني وجميع المسلمين في العالم بأحرّ التهاني وأطيب التبريك.

***


مرّ عامٌ مُفعَمٌ بالحوادث، فَلِأوّل مرّة في تونس ومصر رُوعِيَت حرمةُ رأي الشعب، وأَدْلت الجماهير بصوتها للتيّار الإسلامي. وسيكون الأمر في ليبيا على هذا النحو أيضاً.
وهذا التوجُّه الإسلامي المتَّصف برفض الصهيونيّة والدكتاتوريّة، وبطلب الإستقلال والحريّة والتقدُّم تحت راية القرآن، سيكون المسير الحتمي والإرادة الحاسمة لجميع الشعوب الإسلاميّة.

هذه الموجة التي فتحت صفحةً جديدةً في تاريخ إيران الإسلام أيضاً قبل ثلاثة عقود في مثل هذه الأيام (الثاني والعشرين من شهر بهمن المصادف  للحادي عشر من شباط)، وأنزلت أوّل ضربة بجبهة أمريكا والناتو والصهيونيّة، وأطاحت بأكبر دكتاتور علماني عميل في المنطقة، أصبحت في الأيام نفسها وبالطريقة ذاتها وبالمطالب عينها تعمّ الشرق الأوسط الإسلامي والعربي بأجمعه، والحمدُ لله.

إنّ إرادة الله سبحانه شاءت لهذه الشعوب أن تستيقظ. فقد حلّ قرن الإسلام وعصر الشعوب، وسيكون له التأثير على مصير كلّ البشريّة. أَمَا كان تدفُّق الشباب والمثقَّفين في واشنطن ولندن ومدريد وروما وأثِينا بإلهامٍ من ميدان التحرير؟!

لقد عمّت نهضة العودة إلى الإسلام واستعادة العزّة والهويّة والإنعتاق أكثر مناطق العالم الإسلامي حساسيّة، وفي كلّ مكان يرتفع شعار «الله أكبر». الشعوب العربيّة لم تعد تتحمَّل الحاكم الدكتاتور وسيطرة العملاء والطواغيت.

إنتخابات تونس ومصر وشعارات وتوجّهات الشعوب في اليمن والبحرين وسائر البلدان العربية تدلّ بوضوح أنّهم يريدون أن يكونوا مسلمين معاصرين دونما إفراط متعجرِف أو تفريطٍ متغرّب 

 لقد ضاقت ذرعاً بما تعانيه من فقر وتخلُّف وتحقير وعمالة. وجرّبت العلمانيّة في ظلِّ الإشتراكيّة والليبراليّة والقوميّة، ورأت أنّها جميعاً وصلت إلى طريق مسدود. الشعوب العربية طبعاً ترفض أيضاً التطرُّف والعنف الطائفي والعودة إلى الوراء، والنّعرات المذهبيّة والسطحيّة الساذجة المغلَّفة بالإسلام.

إنتخابات تونس ومصر وشعارات وتوجّهات الشعوب في اليمن والبحرين وسائر البلدان العربية تدلّ بوضوح أنّهم يريدون أن يكونوا مسلمين معاصرين دونما إفراط متعجرف أو تفريط متغرّب، وبشعار «الله أكبر» يريدون ضمن مشروع إسلامي، وبالتأليف بين المعنوية والعدالة والتعقّل وبأسلوب السيادة الشعبيّة الدينيّة، أن يتحرّروا من قرنٍ من التحقير والاستبداد والتخلّف والإستعمار والفساد والفقر والتمييز. وهذا هو الطريق الصحيح.


ما هي خصائص الأنظمة العربيّة التي تعرَّضت لغضب شعوبها؟

إنّها:
1- معارضة التوجُّه الدِّيني، والخضوع، والإستسلام والعمالة للغرب، أي أمريكا وبريطانيا ونظائرهما.
2-  والتعاون مع الصهاينة وخيانة القضيّة الفلسطينيّة.
3-  والتسلُّط الدكتاتوري الأسَري والوراثي.
4-  وفقر العباد وتخلّف البلاد، إلى جانب الثروات الطائلة للعوائل الحاكمة.
5-  والتمييز وانعدام العدالة، وفقدان الحريّة القانونيّة والمساءلة القانونيّة.

 كلّ هذه من الخصائص المشتركة لتلك الأنظمة.
حتّى التظاهر بالإسلام أو الجمهوريّة في بعض المواضع لم يستطع أن يخدع الجماهير.
هذه أوضح العلامات لمعرفة طبيعة نهضة الشعوب العربيّة، سواء تلك التي حقَّقت إنتصارات كبيرة، أم التي ستحقِّق ذلك بإذن الله تعالى.
كلّ إدّعاءٍ آخر بشأن طبيعة هذه الثورات التي انطلقت بشعار «الله أكبر»، إنّما هو تجاهلٌ للواقع من أجل أهداف مبطَّنة، وبالتالي لدفع هذه الثورات نحو الإنحراف.
هذه الأصول ستكون معياراً لمستقبل هذه الثورات وميزاناً لمدى أصالتها أو انحرافها، فإنَّ الأشياء تُعرف بأضدادها، وتُعرَف الثورات بضدّيتها للأنظمة التي تزلزلت بفعلها. الثوريّون يجب أن يواصلوا حذرهم من افتعال الأهداف الموهومة ومن محاولات تغيير الشعارات.

كلّ إدّعاء آخر بشأن طبيعة هذه الثورات التي انطلقت بشعار «الله أكبر»، إنّما هو تجاهلٌ للواقع من أجل أهداف مبطَّنة، وبالتالي لدفع هذه الثورات نحو الإنحراف.

إنّ الغرب يسعى دون شكّ إلى أن يبدّل الثورات إلى ثورات مضادّة، ويحاول في النهاية أن يرمّم النُّظم القديمة بأسلوب جديد، ليُبقي سيطرته على العالم العربي لعشرات أخرى من السنين، وذلك بتفريغ مشاعر الجماهير، وبالتقديم والتأخير بين الأصول والفروع، وتغيير صنائعه وإجراء إصلاحات شكليّة متصنّعة، والتظاهر بالديمقراطيّة.
إنّ الغرب خلال عقود اليقظة الإسلاميّة وخاصة في السنوات الأخيرة، بعد أن مُني بهزائم متلاحقة من إيران وأفغانستان حتّى العراق ولبنان وفلسطين، والآن من مصر وتونس وغيرها...

إنّ الغرب يسعى دون شكّ إلى أن يبدّل الثورات إلى ثورات مضادّة، ويحاول في النهاية أن يرمّم النُّظم القديمة بأسلوب جديد، ليُبقي سيطرته على العالم العربي لعشرات أخرى من السنين.

 …سعى [الغرب] بعد فشله في نهج محاربة الإسلام واللّجوء إلى العنف العلني، إلى نهجٍ آخر وهو اصطناع البديل الكاذب والنموذج المزيّف، كي يجعل الإرهاب المعادي للإنسانيّة بدل العمليّات الإستشهاديّة، ويجعل التعصُّب والتحجّر والعنف بدل التوجُّه الإسلامي والجهاد، والتعصُّب القومي والقَبَلي بدل الشعور بالإنتماء الإسلامي والإنتماء إلى الأمّة الإسلاميّة، ويجعل التغرّب والتبعيّة الإقتصاديّة والثقافيّة بدل التطوُّر القائم على أساس الإستقلال، والعَلمانيّة بدل العِلميّة، والمداهنة بدل العقلانيّة، والفساد والفوضى بدل الحريّة، والدكتاتوريّة بإسم حفظ الأمن والنظام، والروح الإستهلاكيّة والإلتصاق بالأهداف الدنيويّة التافهة، والبذخ بإسم التنمية والرُّقى، والفقر والتخلُّف بإسم الزُّهد والمعنويّة.

إنَّ ما كان عليه العالم من انقسام إلى قطبَين متصارعَين حول القوّة والثروة وهما الرأسماليّة والشيوعيّة قد انتهى، واليوم فإنَّ الإستقطاب بين مستضعَفِي العالم بقيادة النهضة الإسلاميّة وبين المُستبكرين بقيادة أمريكا والناتو والصهيونيّة.

لقد برز إلى الساحة معسكران ولا معسكرَ ثالثاً لهما.
إنَّ ما كان عليه العالم من انقسام إلى قطبَين متصارعَين حول القوّة والثروة وهما الرأسماليّة والشيوعيّة قد انتهى، واليوم فإنَّ الإستقطاب بين مستضعَفِي العالم بقيادة النهضة الإسلاميّة وبين المُستبكرين بقيادة أمريكا والناتو والصهيونيّة.
لا أريد في هذه الفرصة القصيرة أن أستغرق في استعراض الماضي وفي تثمين يقظة الشعوب العربيّة. إنّنا والعالم بأجمعه دون شكّ نرنو إلى المنطقة، وننظر بعين التقدير لشعوبها الناهضة من الجزيرة العربيّة وحتى شمال أفريقيا. لكنّي أريد أن أتحدّث عن الحاضر والمستقبل.
إنّني في العام الماضي ومن هذا المنبر في صلاة الجمعة، تحدّثتُ إلى الشعب المصري النبيل حين كان ظلّ اللّامبارك حسني يثقل على رؤوسهم، واليوم قد بدأت مرحلة جديدة والدكتاتور يمثل أمام المحكمة، وكلّنا يحدونا الأمل بمستقبل نهضة مصر العزيزة وسائر العرب النّشامى.



* أطرح أوّلاً هذا السؤال: ماهي الأطراف المختلفة الحاضرة في ساحة الثورات؟

إنّها طبعاً أوّلاً: أمريكا والناتو والنظام الصهيوني ومَن لفّ لفَّهم وانخرط معهم في بعض الأنظمة العربيّة.
وثانياً: الجماهير عامّة والشباب.
وثالثاً: الأحزاب والناشطون السياسيّون الإسلاميّون وغير الإسلاميّين.

القطب الرأسمالي والنموذج اللّيبرالي الديمقراطي الغربي يتعرَّض في داخل أوربا وأمريكا أيضاً لخطر الإضمحلال.

وما هي مكانة كلّ واحد من هذه الأطراف وما هي أهدافه؟
الفريق الأوّل:
هم الخاسرون الأصليّون في مصر وتونس وفي سائر البلدان الناهضة.
إنّ مشروعيّة -وها هي اليوم موجوديّة- القطب الرأسمالي والنموذج اللّيبرالي الديمقراطي الغربي يتعرَّض في داخل أوروبا وأمريكا أيضاً لخطر الإضمحلال.

كلّ ذلك قد عرّض هذه المجموعة الأولى (أمريكا والناتو والنظام الصهيوني ومن لفّ لفَّهم) إلى أزمة ثقة عالميّة، وأزمة عميقة في قدرة اتّخاذ القرار.

وأصبحت بلدان هذا المعسكر في وضع يشبه وضع المعسكر الشرقي في الثمانينات من القرن الماضي. فالإنهيارات الأخلاقيّة والإجتماعيّة، والأزمات الفريدة الإقتصاديّة، والهزائم العسكريّة الكبرى في العراق وأفغانستان ولبنان وغزّة، وسقوط أو تزلزُل أكثر النُّظُم الدكتاتوريّة العميلة التابعة لهم في البلدان المسلمة والعربيّة، وخاصّة فقدانهم مصر، وتعرُّض الكيان الصهيوني للخطر من الشمال والغرب ومن داخله بشكل لم يسبق له نظير، وانفضاح طبيعة التبعيّة والذَّيْليّة للمنظّمات الدوليّة، والتعامل السياسي والمزدوج مع مسألة الديمقراطيّة وحقوق الإنسان، ووقوعهم في المواقف المتناقضة والمضطربة والمزدوجة تجاه مسائل ليبيا ومصر والبحرين واليمن.
كلّ ذلك قد عرّض هذه المجموعة الأولى إلى أزمة ثقة عالميّة، وأزمة عميقة في قدرة اتّخاذ القرار.

قد يلجأون في المستقبل إلى إغتيالات لشراء ذِمَم بعض الأفراد والجماعات من أجل وقف عَجَلة الثورات أو دفعها إلى الخلف.

إنّ هدفهم الأكبر اليوم بعد عجزهم عن قمع الشعوب والسيطرة عليها هو السعي للسيطرة على غرفة قيادة الثورات واختراق الأحزاب الفاعلة، وحفظ ما أمكن من هيكل الأنظمة الفاسدة الساقطة والإكتفاء بالإصلاحات السطحيّة والمسرحيّة، وإعادة بناء عملائهم في داخل البلدان الثائرة، ثمّ اللّجوء إلى عمليّات تطميع وتهديد.
وقد يلجأون في المستقبل إلى اغتيالات لشراء ذِمَم بعض الأفراد والجماعات من أجل وقف عَجَلة الثورات أو دفعها إلى الخلف، وبثّ اليأس في قلوب الجماهير أو إشغالها بصراعات داخليّة بإثارة مسائل فرعيّة، وإضرام نيران العصبيّات القوميّة والقبليّة أو الدينيّة أو الحزبيّة، واختلاق الشعارات المنحرفة لتغيير الثورات، والتأثير المباشر أو غير المباشر على أذهان الثوريّين وألسنتهم، ودفعهم إلى ألاعيب سياسيّة أو إثارة الفُرقة بينهم ثمّ توسيع نطاق هذه التفرقة لتشمل فئات الناس، والسَّعي للمساومة خلف الكواليس مع بعض الخواصّ بالوعود الكاذبة كالمساعدات المالية وغيرها وغيرها من عشرات الحِيَل الأخرى ".."

إنّ هدفهم الأكبر اليوم بعد عجزهم عن قمع الشعوب والسيطرة عليها هو السعي للسيطرة على غرفة قيادة الثورات واختراق الأحزاب الفاعلة، وحفظ ما أمكن من هيكل الأنظمة الفاسدة الساقطة والإكتفاء بالإصلاحات السطحيّة.

إنّ بعض الأنظمة التابعة والمحافظة العربية أيضاً تقف إلى جانب أمريكا والناتو، ولو من أجل حفظ كراسيها، وتسعى بكلِّ قواها لإيقاف عجلة الزمن ودفع ثورات المنطقة إلى الوراء أو سوقها نحو طريق مجهول، ورأسمالهم الوحيد في هذه المساعي دولارات النفط، وهدفهم الأساس هزيمة الشعوب في مصر وتونس واليمن والبحرين، وحفظ ثبات الكيان الصهيوني وضمان بقائه وإنزال الضربة بجبهة المقاومة في المنطقة.


* أمّا المجموعة الثانية والأصليّة فهي الشعوب.

ماذا تريد الشعوب؟
أرقام الإحصائيّات الأمريكيّة المكرَّرة في مصر وأكثر البلدان الإسلاميّة تكشف عن الواقع وتقول لهم: إنَّ ميزان التوجُّه نحو المساجد والإلتزام بالمظاهر الإسلاميّة ومنها الحجاب والزيّ الإسلامي للمرأة قد ازداد -خلال السنوات الخمس من ألفين وثلاثة إلى ألفين وثمانية- بنسبة أربعين إلى خمس وسبعين بالمائة بين الشعوب من مصر والأردن، حتّى تركيا وماليزيا وغيرها من البلدان الإسلاميّة.

تكشف أرقام الإحصائيّات الأمريكيّة أنَّ ميزان التوجُّه نحو المساجد والإلتزام بالمظاهر الإسلاميّة، قد ازداد بنسبة أربعين إلى خمس وسبعين بالمائة بين الشعوب من مصر والأردن، حتّى تركيا وماليزيا وغيرها من البلدان الإسلاميّة.

 كما ازداد ميزان السخط والنفور من أمريكا بمعدل خمس وثمانين بالمائة في البلدان العربيّة والإسلاميّة، وقد تضاعف الأمل بالنصر والمستقبل بين الشباب خاصّة بعد مشاهدة انتصارات شباب حزب الله وحماس في حربَي الثلاثة والثلاثين يوماً والإثنين وعشرين يوماً، وبعد اندحار وهزيمة أمريكا دونما مكاسب من العراق.

النّفرة من الصهيونيّة، والإهتمامُ بالقضيّة الفلسطينيّة، والتمسكُ بالعزّة الإسلاميّة، من الخصائص الأصليّة للشعوب. خمسٌ وسبعونَ بالمائة من الشعب المصري أدلى بصوته لصالح الشعارات الإسلامية. في تونس أيضاً رَفعت الأكثرية هذا اللّواء، وفي ليبيا فإنّ النسبة إنْ لم تكن أكثر فليست بأقلّ.

الشخصيّات المحبوبة بين شباب مصر، وفق تلك الإحصائيّات، هم المجاهدون المسلمون ضدّ الكيان الصهيوني.
النفرة من الصهيونيّة، والإهتمامُ بالقضيّة الفلسطينيّة، والتمسكُ بالعزّة الإسلاميّة، من الخصائص الأصليّة للشعوب. خمسٌ وسبعونَ بالمائة من الشعب المصري أدلى بصوته لصالح الشعارات الإسلامية. في تونس أيضاً رَفعت الأكثرية هذا اللّواء، وفي ليبيا فإنّ النسبة إنْ لم تكن أكثر فليست بأقلّ. والشعوبُ تطلب من مندوبيها ومن الحكومات الجديدة تحقيقَ هذه الأهداف نفسِها أيضاً في المستقبل. الشعب يريد مصرَ عزيزةً كريمةً ومحترمةً وحرّة، لا يريد مصر «كامب ديفيد». لا يريد مصرَ الفقيرةَ والتابعة، لا يريد مصرَ الخاضعةَ لأوامر أمريكا والحليفة لإسرائيل، لا يريد مصرَ متحجِّرةً ومتطرِّفةً، ولا مصر متغرّبةً وعلمانيّة وتابعة. مصرُ الحرّةُ العزيزة والإسلاميّة والمتطوِّرةُ هي المطلبُ الأساس للشعب والشباب، ولا يبغون اصطداماً. جيشُ مصر مع الشعب، وهناك في داخل مصر وخارجها مَن يريد الوقيعةَ بين الجيش والشعب في المستقبل، على الجميع أن يكونوا على حذرٍ شديد. الجيش المصري سوف لا يتحمّل نفوذ أمريكا وحلفاء إسرائيل.

الشعب يريد مصرَ عزيزةً كريمة ومحترمة وحرّة، لا يريد مصر «كامب ديفيد». لا يريد مصرَ الفقيرةَ والتابعة، لا يريد مصرَ الخاضعةَ لأوامر أمريكا والحليفة لإسرائيل.

كذلك فإنَّ الحديث حين يدور حول التوجُّه الإسلامي في مصر أو تونس أو ليبيا، فإنّه إسلام رسول الله صلّى الله عليه وآله، هذا الإسلام الذي شمل في المدينة أهلَ الذمّة من المسيحيّين واليهود بالرحمة والأمن، وليس الإسلام بمعنى إثارة الحروب الدينيّة بين عباد الله، ولا بمعنى الحرب المذهبيّة والطائفيّة بين المسلمين. مصرُ هي مصرُ دار التقريب بين المذاهب الإسلاميّة، والشيخ شلتوت.
على أهلنا في مصر وتونس وليبيا أن يعلموا أنَّ ما حقّقوه هو ثورة لم تكتَمِل، فهم وإن قطعوا خطوات رحْبة، فإنّهم في بداية طريق ذات الشوكة. العقبات التي أوجدوها أمامنا بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران لا تزال مستمرّة، وقد فشلت بفضل الله ورحمته الواحدة تلو الأخرى، هذه العقبات فاقت مئات المرّات ما كان أمامنا قبل سقوط نظام الشاه. لا بدّ من التحلّي باليقظة وبدفع عجلة الثورة خطوة فخطوة حتى آخر المراحل، ضمن برنامجٍ متوسّطِ الأمد وطويلِ الأمد.

يجب أن تستعيد مصر دورها في الخطّ المقدَّم للدفاع عن القضية الفلسطينية، وأن تسحق بأقدامها معاهدة «كامب ديفيد» الخيانيّة وتحرقها. مصر الثورة لم تعد تستطيع أن تغدق بالطاقة والغاز على الكيان المتدهور الإسرائيلي على حساب قُوت الشعب المصري ومعاناته.

نظام طواغيت مصر كان أوّل حكومة عربيّة خانت القضيّة الفلسطينيّة وفَتَح الطريق أمام التراجع العربي، حتى أنّ الأنظمة العربيّة -إلَّا واحداً هو سوريا- باعوا فلسطين، واتّجهوا إلى مصالحة الصهيونيّة. إنَّ النظام المصري البائد كان أحد نظامَين عربيَّين هما موضع ثقة أمريكا وإسرائيل. والرئيس الأمريكي المُرائي الحالي اختار مصر حسني مبارك ليوجّه رسالة الخداع والنفاق إلى المسلمين، لكنّ الشعب المصري في ثورته أعلن موقفه بوضوح، وأزال الأوهام من أذهان الجميع.

الأنظمة العربيّة -إلَّا سوريا- باعوا فلسطين، واتّجهوا إلى مصالحة الصهيونيّة.

إنّ مصر اليوم يجب أن تستعيد دورها في الخطّ المقدَّم للدفاع عن القضية الفلسطينية، وأن تسحق بأقدامها معاهدة «كامب ديفيد» الخيانيّة وتحرقها. مصر الثورة لم تعد تستطيع أن تغدق بالطاقة والغاز على الكيان المتدهور الإسرائيلي على حساب قُوت الشعب المصري ومعاناته.


* أمّا مخاطبنا الثالث فهم الأحزاب والنُخب السياسية في مصر وسائر البلدان الناهضة.

إنَّ المفكرين والمناضلين الإسلاميّين في شمال أفريقيا من مصر وتونس وحتّى الجزائر والمغرب، وخاصّة مصر، كانوا يحتلّون مكانة الأبوّة الفكرية للصحوة الإسلاميّة، ولِدُعاة وحدة الأمّة وعزّتها، ثمّ لتحرير القدس. أنتم اليوم ترِثون دماء آلاف الشهداء وعشرات الآلاف ممَّن عانوا زنزانات السجون والنّفي والتعذيب، وما بذله المجاهدون والمناضلون ممَّن قدَّموا التضحيات خلال عقود متوالية في انتظار بزوغ فجر مثل هذه الأيام وهذه الإنتصارات.
أيّها الإخوة والأخوات. حافظوا على هذه الأمانة الكبرى. الغرور والسّذاجة آفتان كبيرتان لمرحلة ما بعد الإنتصار الأوّل. أنتم تتحمَّلون المسؤوليّة الأكبر في ساحة إقامة النظام وصيانة مكتسبات الشعب وحلّ مشاكل النهضة. القوى العالمية والإقليمية التي نزلت بها الضربة تخامر ذهنَها دون شكّ أفكارٌ شيطانيّة من التفكير بالحذف والإنتقام إلى مشروع ممارسة المكر والتّزلزُل والإخافة والتطميع بحقّكم، وبالنهاية تفكّر في الإطاحة بالثورات وخلْق أوضاع أسوأ ممّا كانت عليه والعياذ بالله.

أيّها الإخوة والأخوات. حافظوا على هذه الأمانة الكبرى. الغرور والسذاجة آفتان كبيرتان لمرحلة ما بعد الإنتصار الأوّل. وهذه المرحلة هي «ليلة القدر» في تاريخ بلدانكم

إنّ قراراتكم ومواقفكم وإقداماتكم ستكون لها أبعاد تاريخيّة، وهذه المرحلة هي «ليلة القدر» في تاريخ بلدانكم.

لا تثقوا بأمريكا والناتو، ولا تَرهَبوهم

لا تثقوا بأمريكا والناتو. هؤلاء لا يفكِّرون بمصالحكم ومصالح شعبكم. وكذلك لا تَرهَبوهم. فهؤلاء واهون ويزدادون ضعفاً بسرعة. حاكميَّتهم على العالم الإسلامي كانت فقط نتيجة خوفنا وجهلنا خلال مائة وخمسين عاماً. فلا تعقدوا عليهم الآمال، ولا تخافوهم.
إعتمدوا فقط على الله سبحانه وَثِقوا فقط بشعبكم. هؤلاء انهزموا في العراق وخرجوا بخُفّي حُنين. وفي أفغانستان لم يكسبوا شيئاً، وفي لبنان انهزموا أمام حزب الله، وفي غزّة انهزموا أمام حماس. وها هُم الآن ينزلون من صياصيهم في مصر وتونس بِيَد الشعب. لم يتحقَّق أيّ تقدُّم في برنامجهم. الصَّنَم الغربي قد انهزم مثل الصَّنَم الشيوعي وانهار جدارُ خوف الشعوب، فاحذروا أن يُعيدوا إليكم الشعور بالخوف في المستقبل.

بدءُ الإنحراف في الثورات الراهنة هو الرضوخ لبقاء الكيان الصهيوني، ومواصلة محادثات الإستسلام التي وَضعت أساسها الأنظمة الساقطة.

إحذروا ألاعيبهم، وكذلك إحذروا ألاعيب الدولارات النفطيّة لعملاء الغرب وحلفائه من العرب، إذ سوف لا تخرجون بسلام في المستقبل من هذه الألاعيب. إسرائيل زائلة لا محالة ولا ينبغي أن تبقى، وسوف لا تبقى بإذن الله تعالى. بدءُ الإنحراف في الثورات الراهنة هو الرضوخ لبقاء الكيان الصهيوني، ومواصلة محادثات الإستسلام التي وَضعت أساسها الأنظمة الساقطة.

المسألة الأساس لكم هي كيفيّة إقامة النظام وتدوين الدستور وإدارة شؤون البلاد والثورات. وهذه هي نفسها مسألة إعادة بناء الحضارة الإسلاميّة في العصر الحديث.

المطلب الأساس لشعوبكم العودة إلى الإسلام، وهو لا يعني طبعاً العودة إلى الماضي. لو أنَّ الثورات حافظت بإذن الله على طابعها الحقيقي واستمرَّت ولم تتعرَّض للتآمر أو الإستحالة، فإنَّ المسألة الأساس لكم هي كيفيّة إقامة النظام وتدوين الدستور وإدارة شؤون البلاد والثورات. وهذه هي نفسها مسألة إعادة بناء الحضارة الإسلاميّة في العصر الحديث.

الغرب يقترح عليكم نموذجين: «الإسلام التكفيري» و«الإسلام العلماني»، وسوف يواصل التلويح بذلك كي لا يستقوي الإسلام الأصولي المعتدل والعقلاني بين ثورات المنطقة.

في هذا الجهاد الكبير، مهمّتكم الأصليّة ستكون جبران ما عاناه بلدكم في حقب التخلُّف، والإستبداد، والإبتعاد عن الدِّين، والفقر، والتبعيّة، في أقصر مدّة بإذن الله، وستكون كيفيّة بناء مجتمعكم بتوجّه إسلامي وبأسلوب حاكميّة الشعب مع مراعاة العقلانيّة والعلم، وتتجاوزوا التهديدات الخارجية واحدة بعد أخرى، وكيف تؤسِّسون «الحريّة والحقوق الإجتماعيّة» بدون «اللّيبراليّة»، و«المساواة» بدون «الماركسيّة»، و«النَّظم والإنضباط» بدون «الفاشية الغربيّة». حافظوا على التزامكم بالشريعة الإسلاميّة التقدميّة دون أن تقعوا في جمود وتحجّر، واعرفوا كيف تكونون مستقلِّين دون أن تَنْزَووا، وكيف تتطوَّرون دون أن تكونوا تابعين، وكيف تمارسون الإدارة العلميّة دون أن تكونوا علمانيّين ومحافظين.

إذا كانت «الديمقراطيّة» بمعنى الشعبيةّ والإنتخابات الحرّة في إطار أصول الثورات، فلتكونوا جميعاً ديمقراطيّين. وإذا كانت بمعنى السقوط في شِراك اللّيبراليّة الديمقراطيّة التقليديّة ومن الدرجة الثانية، فلا يكُن أحدٌ ديمقراطيّاً.

تجب إعادة قراءة التعاريف وإصلاحها. الغرب يقترح عليكم نموذجين: «الإسلام التكفيري» و«الإسلام العلماني»، وسوف يواصل التلويح بذلك كي لا يستقوي الإسلام الأصولي المعتدل والعقلاني بين ثورات المنطقة. إستعيدوا تعريف الكلمات مرّة أخرى وبدقّة.
إذا كانت «الديمقراطيّة» بمعنى الشعبيةّ والإنتخابات الحرّة في إطار أصول الثورات، فلتكونوا جميعاً ديمقراطيّين. وإذا كانت بمعنى السقوط في شِراك اللّيبراليّة الديمقراطيّة التقليديّة ومن الدرجة الثانية، فلا يكُن أحدٌ ديمقراطيّاً.
و«السلفيّة» إذا كانت تعني العودة إلى أصول القرآن والسُّنّة والتمسُّك بالقيم الأصيلة ومكافحة الخرافات والإنحرافات وإحياء الشريعة ورفض التغرّب، فلتكونوا جميعًا سلفيّين. وإذا كانت بمعنى التعصّب والتحجّر والعنف في العلاقة بين الأديان أو المذاهب الإسلاميّة فإنّها لا تنسجم مع روح التجديد والسماحة والعقلانيّة التي هي من أركان الفكر والحضارة الإسلاميّة، بل ستكون داعيةً لرواج العلمانيّة والتخلّي عن الدين.

* لا تثقوا بإسلام يتحمّل الكيان الصهيوني لكنّه يواجه المذاهب الإسلاميّة الأخرى دونما رحمة..
* كونوا متشائمين من الإسلام الأمريكي والبريطاني، إذ إنّه يدفعكم إلى شَرَك الرأسماليّة الغربيّة والروح الإستهلاكيّة والإنحطاط الأخلاقي.
 
كونوا متشائمين من الإسلام الذي تطلبه واشنطن ولندن وباريس، سواء من النوع العَلماني المتغرّب، أم من نوعه المتحجّر والعنيف. لا تثقوا بإسلام يتحمّل الكيان الصهيوني لكنّه يواجه المذاهب الإسلاميّة الأخرى دونما رحمة، ويمدّ يد الصلح تجاه أمريكا والناتو لكنّه يعمد في الداخل إلى إشعال الحروب القبليّة والمذهبيّة. وراء هذا الإسلام مَن هم أشدَّاءُ على المؤمنين رحماءُ بالكافرين.
إعلموا أنَّ الغرب سيكون بصدد الإنتقام الإقتصادي والعسكري والسياسي والإعلامي.
كونوا متشائمين من الإسلام الأمريكي والبريطاني، إذ إنّه يدفعكم إلى شَرَك الرأسماليّة الغربيّة والروح الإستهلاكيّة والإنحطاط الأخلاقي.
في العقود الماضية كانت النُّخب وكذلك الحكّام يفخرون بمقدار قوّة تبعيّتهم لفرنسا وبريطانيا وأمريكا أو الإتّحاد السوفياتي السابق، وكانوا يفرُّون من النموذج الإسلامي، والأمر اليوم على عكس ذلك.

إعلموا أنَّ الغرب سيكون في صدد الإنتقام؛ الإنتقام الإقتصادي والعسكري والسياسي والإعلامي.

لو أنَّ شعوب مصر وتونس وليبيا وغيرها من الشعوب واصلت طريقها نحو الله بإذن الله تعالى، فمِن الممكن أن تتعرَّض لهذه التهديدات.


• وأمّا الكلام الأخير، فهو إعلان استعداد الجمهوريّة الإسلاميّة والشعب الإيراني الكبير لخدمتكم والتعاون معكم وخدمة بعضنا البعض.

الثورة الإسلاميّة الإيرانيّة هي التجربة الإسلاميّة الأكثر نجاحاً في العصر الحديث على صعيد إعادة الثقة بالنفس إلى الجماهير، وإعادة الثقة إلى النُّخب بالجماهير، وعلى صعيد رفض أسطورة القوّة التي لا تُقهر للأنظمة الطاغوتيّة وأربابها، وفي ساحة كسر غرور الشيوعيّة والرأسماليّة، وتقديم نماذج فاعلة للتطوّرات الكبرى في البلاد، مع حفظ سيادة الشعب والدفاع عن القِيَم الأساسيّة.
أيّها الإخوة والأخوات، لسنوات يوجِّهون إليكم أكاذيب بشأن إخوتكم الإيرانيّين.

«إيران» متَّهمة بالإرهاب، ‌وما ذلك إلَّا لأنّها رفضت أن تترك الإخوة العرب في فلسطين ولبنان والعراق لوحدهم وأن تعترف بالمحتلِّين، والحال أنّنا أكبر ضحيّة للإرهاب في العالم، وهذا الإرهاب لا يزال مستمراً بحقِّنا.



* والحقيقة بشأن إيران الإسلام هي هذه التي أُبيِّنها لكم:

ثورتنا حقّقت انتصارات في العقود الثلاثة الأخيرة، وكانت لها نقاط ضعف أيضاً. لكنّ أيّة نهضة إسلاميّة في العالم بعد سيطرة الغرب والشرق على المسلمين في القرن الماضي، لم تتقدَّم إلى هذا الحدّ ولم تتجاوز كلّ هذه الموانع.
لنا معكم أيّها الإخوة حديث طويل في المستقبل إن شاء الله. في الإعلام الرأسمالي وأبواق الصهيونيّة العالميّة «إيران» متَّهمة بالإرهاب، ‌وما ذلك إلَّا لأنّها رفضت أن تترك الإخوة العرب في فلسطين ولبنان والعراق لوحدهم وأن تعترف بالمحتلِّين، والحال أنّنا أكبر ضحيّة للإرهاب في العالم، وهذا الإرهاب لا يزال مستمرّاً بحقِّنا.

ما دفعنا ثمنه خلال العقود الثلاثة، وتعرَّضنا من أجله للتهديد إنّما هو توجُّهنا الإسلامي، وانتماؤنا إلى الأمّة الإسلاميّة، وشعار الوحدة والتقريب المذهبي، والحريّة والعزّة للمسلمين جميعاً.

لو أنّ الثورة الإسلاميّة والجمهوريّة الإسلاميّة قد تركت الإخوة المظلومين في أفغانستان والبوسنة ولبنان والعراق وفلسطين لشأنهم، كما فعلت سائر الحكومات المتظاهرة بالإسلام، ولو كنّا مثل أكثر الأنظمة العربيّة التي خانت القضية الفلسطينيّة، قد آثرنا السكوت وطعنّا من الخلف، لَمَا وَصَمونا بمساندة الإرهاب والتدخُّل. نحن نفكّر بتحرير القدس الشريف وكلّ الأرض الفلسطينيّة،‌ هذه هي الجريمة الكبرى التي يرتكبها الشعب الإيراني والجمهوريّة الإسلاميّة.
إنّهم يتحدَّثون عن التمدُّد الإيراني والشيعي، بينما لم نعتبر الثورة الإسلاميّة إطلاقاً شيعيّةً صرفة أو قوميّة إيرانيّة، ولن نعتبرها كذلك أبداً. خلال العقود الثلاثة ما دفعنا ثمنه وتعرَّضنا من أجله للتهديد إنّما هو توجُّهنا الإسلامي، وانتماؤنا إلى الأمّة الإسلاميّة، وشعار الوحدة والتقريب المذهبي، والحريّة والعزّة للمسلمين جميعاً، من شرق آسيا حتى عمق أفريقيا وأوروبا.

معادلة المقاومة في المنطقة قد تغيّرت بمساعدة الجمهورية الإسلاميّة؛ وارتقاء الحَجر في يد الفلسطينيّين إلى «صاروخ في جواب الصاروخ» في غزّة، وسائر فصائل المقاومة الإسلاميّة أمام المحتلّين.

إيران الإسلام قطعت خطواتٍ رحبةً فريدةً في ساحة العلم والتّقانة، والحقوق الإجتماعيّة، والعدالة الإجتماعيّة، والتنمية والصحّة، وتأمين كرامة المرأة، وحقوق الأقليّات الدينيّة، وغيرها من الساحات. ونحن نعرف أيضاً مواضع ضعفنا، وبعون الله تعالى وقوّته نعمل على علاجها إن شاء الله.
معادلة المقاومة في المنطقة قد تغيّرت بمساعدة الجمهورية الإسلاميّة؛ وارتقاء الحَجر في يد الفلسطينيّين إلى «صاروخ في جواب الصاروخ» في غزّة، وسائر فصائل المقاومة الإسلاميّة أمام المحتلّين.

إيران لا تستهدف نشر التوجّه الإيراني أو الشيعي بين المسلمين. إيران تنهج طريق الدفاع عن القرآن والسنّة وإحياء الأمّة الإسلاميّة.
 
الثورة الإسلاميّة تعتقد أنَّ مساعدة المجاهدين من أهل السُّنّة في منظمّات «حماس» و«الجهاد»، والمجاهدين الشيعة في «حزب الله» و«أمل» واجبًا شرعيّاً وتكليفاً إلهيّاً دونما تمييز بين هذا وذاك. وحكومة إيران تُعلن بصوت مرتفع قاطع أنّها تؤمن بنهضة الشعوب (لا بالإرهاب)، وبوحدة المسلمين (لا بالغَلبة والتناحر المذهبي)، وبالأخوّة الإسلاميّة (لا بالتعالي القومي والعنصري)، وبالجهاد الإسلامي (لا بالعنف تجاه الآخر)، وهي ملتزمةٌ بذلك إنْ شاء الله.
أسأل الله سبحانه أن يمنَّ على كلّ الشعوب المسلمة بالسعادة والسُّؤدد، وأن يوفِّقنا لفهم مسؤولياتنا الثقيلة والنهوض بها، وأن نعلم بيقين أنَّ الله غالبٌ على أمره.

إيران تعلن بصوت مرتفع قاطع أنّها تؤمن بنهضة الشعوب (لا بالإرهاب)، وبوحدة المسلمين (لا بالغَلبة والتّناحر المذهبي)، وبالأخوّة الإسلاميّة (لا بالتعالي القومي والعنصري)، وبالجهاد الإسلامي (لا بالعنف تجاه الآخر).

عباد الله، إتّقوا الله، وكونوا للظّالم خصماً وللمظلوم عوناً. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.. إِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3)﴾.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.






الدّفاع عن القرآن والسنّة
 وإحياء الأمّة الإسلاميّة


إيران لا تستهدف نشر التوجّه الإيراني أو الشيعي بين المسلمين. إيران تنهج طريق الدّفاع عن القرآن والسنّة وإحياء الأمّة الإسلاميّة. الثورة الإسلاميّة تعتقد أنَّ مساعدة المجاهدين من أهل السنّة في منظمات «حماس» و«الجهاد»، والمجاهدين الشيعة في «حزب الله» و«أمل» واجبًا شرعيّاً وتكليفاً إلهيّاً دونما تمييز بين هذا وذاك. وحكومة إيران تعلن بصوت مرتفع قاطع أنّها تؤمن بنهضة الشعوب (لا بالإرهاب)، وبوحدة المسلمين (لا بالغَلبة والتناحر المذهبي)، وبالأخوّة الإسلاميّة (لا بالتعالي القومي والعنصري)، وبالجهاد الإسلامي (لا بالعنف تجاه الآخر)، وهي ملتزمة بذلك إن شاء الله.        

 الإمام الخامنئي دام ظلُّه


 
 


اخبار مرتبطة

  المُشايَعة والمتابَعة

المُشايَعة والمتابَعة

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات