هذه الوثيقة هي نصف صورة الصفحة الأولى من أسبوعيّة «الكون» التي كانت تُنشَر ضمن مجلّة «الكفاح العربي»، وتتضمّن استعادةً لأخبار ووقائع حدثت في الزّمن الغابر.
وعن ممارسات آل سعود بحقّ الأماكن المقدّسة في الحجاز نشرت «الكون» في عددها رقم 526 مؤرّخاً في 3 كانون الأول عام 1925 تحقيقاً مصوّراً تحت عنوان: «آل سعود يدّمرون أضرحة الصحابة».
يُشار إلى أنّ انتهاك آل سعود لحرمة أضرحة الصّحابة والهاشميّين استمرّ لأكثر من عام، وشَمِل المقابر التي في مكّة والمدينة على السّواء، وكانت ذروة تعدّيهم على المقدّسات تدميرُهم لأضرحة الأئمّة من آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله في البقيع بتاريخ 20 نيسان 1926.
وقد غطّت الصّحف والمجلّات العربيّة الصّادرة في حينِه وقائع هذه الاعتداءات المتكرّرة؛ منها مجلّة «اللّطائف المصوّرة» المصرية بتاريخ 7 أيلول 1925، وجريدة «المصوّر» المصرية بتاريخ 4 كانون الأول 1925، كما قال أمين الريحاني في كتابه «ملوك العرب»، وكذلك جريدة «العراق» البغدادية في نيسان 1926 لتغطية وقائع هدْم أضرحة البقيع في المدينة المنوّرة.
وأهمّ ما في هذه الوثيقة تضمّنها أنّ موجة الاستنكار الإسلاميّة على ممارسات آل سعود تحرّكها «الخشية الواسعة من التّطاول على ضريح النّبيّ»، فقد كانت هناك مؤشّرات -يلحظ المتتبّع وفرتها وتواتر الحديث عنها- قويّة جدّاً على عزْم الوهابيّين الإساءة إلى القبر الشريف؛ من ذلك ما كتبه محمّد فؤاد الباحث في «مركز قضايا الخليج للدراسات الاستراتيجية» في دراسة له عن الدّين والدّولة في المملكة السعودية: «لقد دخل الإخوان [الذراع العسكري للحركة الوهابيّة] إلى مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة كفاتحين، وأنّهم جاؤوا لتطهير المدينتَين من البِدَع، فأزالوا المعالَم التاريخية وحطّموا الآثار الدينيّة وهجَموا على المسجد النبويّ، وقد جاء في تقرير القنصلية الأميركيّة في عدن بتاريخ 17 آب 1926 أنّ ابن سعود أطلق النار على قبر النبيّ».
***
* جاء في متن خبر «الكون»:
3 كانون الأوّل (ديسمبر) 1925
أدّت جريمة تدمير أضرحة الصّحابة وأهل البيت إلى موجة استنكار واسعة في أنحاء العالم الإسلامي.
وقد بدأ وفد إيراني برئاسة السّفير جعفر خان جلال جولته الميدانيّة في أنحاء مكّة المكرّمة والحرَم النّبوي الشّريف في المدينة المنوّرة وذلك بعد الأنباء التي ذكرت أنّ زعماء الحركة الوهابيّة من آل سعود دمّروا قبور الصّحابة وأهل البيت.
وقد قدّم إبن سعود اعتذاره لرئيس الوفد الإيراني الذي أشار إلى أنّ قبر السيّدة خديجة والسيّدة آمنة وبعض قبور أهل البيت والصّحابة دمّرت تماماً، وحركة الاستنكار الإسلاميّة الحادّة التي بدأت طلائعها والتي يُتوقَّع أن تتنامى وتستمرّ بأشكال متعدّدة، يحرّكها بالإضافة إلى الألم على ما جرى وطاول مقامات لها في نفوس المسلمين قيمتها الأثريّة والدّينيّة، الخشية الواسعة من التّطاول على ضريح النّبيّ.
وكان الاعتداء حدث على يد جنود سعوديّين اتّهمهم الملك بأنّهم متطرّفون؟!
إعداد: «شعائر»