أيها العزيز، سلام عليك في محرابك، تسبّح الله تعالى ببندقيتك، مترجماً بذلك صلاتك والوِرد، مثبتاً أنك من الخاشعين الذين تكبر الصلاة إلا عليهم، فإذا هي معراجهم إلى الوصال. بدأ الزبد - أيها الأحبة- يذهب جفاءً لتمكثوا في الأرض، فأنتم من ينفع الناس لا فرعون ولا هامان أو قارون.
أيها العزيز، سلام عليك في محرابك، تسبّح الله تعالى ببندقيتك، مترجماً بذلك صلاتك والوِرد، مثبتاً أنك من الخاشعين الذين تكبر الصلاة إلا عليهم، فإذا هي معراجهم إلى الوصال.
بدأ الزبد - أيها الأحبة- يذهب جفاءً لتمكثوا في الأرض، فأنتم من ينفع الناس لا فرعون ولا هامان أو قارون.
نحن الآن في بداية مرحلة ذهبية من مراحل الجهاد، فكلما زاغت أبصار القاعدين أكثر، وبلغت القلوب الحناجر، كلما سقطت الحجب من أمام المجاهد، وتكشّف الزخرف، وتهاوت الزينة، وتلاشت البهارج لتظهر الدنيا على حقيقتها محطة في طريق الآخرة أرادها الله تعالى أمناً لعباده ومسجداً، وأصرّ قطّاع الطرق الفراعنة على استعباد الناس فيها وتخويفهم، والتنكيل بهم، وإشغالهم بلقمة العيش، وسلبهم حقوقهم، ومصادرتهم لوجودهم.
والمجاهدون، هم الذين يثأرون لكرامة عباد الله، فينذرون حياتهم لنفعهم في بقاء أرضهم لهم وصون حرياتهم، والدفاع عن معتقدهم والمقدسات.
وتشتد حلقة الحصار على المجاهدين حين يعتمد الطواغيت زخرف القول، أساساً في خطابهم السياسي فإذا بهم حماة حقوق الإنسان! حرب على الإرهاب! صوناً للسلم العالمي، أو المحلي! يبذلون قصارى جهدهم لفرض القانون وبناء الدولة! أو النظام العالمي الجديد!
في مثل هذا الظرف يحول دجَل النفاق الذي يتستر به الطواغيت، دون رؤية كل الناس لحقيقة الأمور.
وقد يصل نفاق الحاكم المزيّف إلى تبنّي منطق المجاهدين الكامل والمزايدة عليهم كما حدث في لبنان في الفترة الماضية، حيث لم يبق سياسي في البلد إلا وتحدث بلغة المقاومة، والتحرير.
نفاق في الداخل، تزامن مع النفاق الأكبر على مستوى المنطقة تقوده الغدة السرطانية وعلى مستوى العالم يقوده الشيطان الأكبر الأمريكي.
ولكن، سرعان ما سقطت الأقنعة لتظهر ساحة الصراع على حقيقتها.
الآن أيها الأحبة:
حماة حقوق الإنسان يقررون فك الإرتباط بين شعب بكامله وبين أرضه ليسلموا الأرض إلى غرباء، غزاة، جاؤوا شراذم من مختلف الأرجاء ليقيموا كيانهم على أنقاض أمة:
الشعب، يصبح مشرَّداً، والمشرّدون يصبحون شعباً، له حق تقرير مصيره، ومصير الآخرين، وأكثر حكام بلاد هذه الأمة اختاروا الحرب على شعوبهم طريقاً للصلح مع هؤلاء الغزاة!
وما مجزرة الهراوي والحريري وغيرهما، إلا عنوان نهج اختاره الحكام في بلادنا.
فكيف ينبغي أن يواجه المجاهد هذه المرحلة؟
إن من ينطلق في جهاده، من حب الله تعالى ولقائه، وامتثال أوامره، لا تزيده كثرة الناس حوله رباطة جأش كما لا يأبه بتفرقهم عنه.
غربته عن الأغيار، باب أنسه بالله تعالى، فهو في حال الكثرة لا يرى إلا الوحدة، فكيف به في حال الغربة.
تتوطد عنده العلاقة بالواحد الأحد، وإذا به يردد مع سيد الشهداء بلسان الحال:
تركت الخلق طُراًّ في هواكا وأيتمت العيال لكي أراكا
إلى الأمام، أيها العزيز، واثقاً بأن المستقبل لك، ما دمت مع الله، وإن الكافرين إلى زوال، ودمت في حفظ من لا تضيع لديه الودائع.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.