هل الصَّابئون من أهل الكتاب أم لا؟
ذَكر القرآن الكريم الصّابئين في سياق اليهود والنصارى، كالآية الكريمة: ﴿إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنّصارى والصّابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعَمِل صالحاً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون﴾ البقرة: 62، إلى غيرها من الآيات التي تدلّ على أنّ للصّابئين ميزة عن الكفّار الآخرين وإن لم يُعَدّوا أهل كتاب. وقد نقل الشيخ محمّد حسن النجفي في كتاب (النّكاح) أقوال فقهاء أهل السُّنّة والإماميّة في ما يتعلّق بدين الصَّابئة، وانتهى إلى انشعابهم عن اليهود أو النّصارى، وتترتّب عليهم أحكامهم أيضاً.
غير أهل الذمّة (غير المواطنين)
يُقسَم غيرُ أهل الذمّة الذين يعيشون في البلد الإسلامي إلى طائفتَين، بعض هؤلاء كانوا كفّاراً حربيّين من بلدانٍ معادية، أو دخلوا البلد الإسلامي مؤقّتاً بأمان أحد المسلمين أو الحاكم الإسلامي، ويسمَّون بـ(المستأمنين)، ويسمّى ميثاقهم (أمان). وبعض غير الذميّين هم الذين لا عداوة لبلدهم مع البلد الإسلامي، ويُسمّون اصطلاحاً بـ(الحياديّين)، وتمكّن هؤلاء من دخول البلد الإسلامي بعقد ميثاق مؤقّت أو بأخذ تأشيرة الدّخول. وأُطلق على هاتين الطائفتَين في بعض الرّوايات (المعاهدين) لأنّ الحكومة عقدت معهم عهداً بعدم التّعرُّض إلى أموالهم وأنفسهم.
ويمكن تقسيم غير المسلمين الذين يدخلون البلد الإسلامي بتأشيرة إقامة مؤقَّتة إلى طوائفٍ كالآتي:
أ-المستأمنون: هم الذين يدخلون البلد الإسلامي بأمان أحد المسلمين أو الحاكم الإسلامي، وهؤلاء يدخلون في الأغلب بصورة مؤقّتة، وبأغراض مختلفة كالتّفحُّص عن الدِّين الإسلامي، أو الفرار من ساحة الحرب، ولا يخفى أنّ الغرض الأصلي للدِّين الإسلامي من هذا التّشريع، هو منحهم الفرصة وتشجيعهم على التّفحّص والتّحقيق فيه وجذبهم نحوه في نهاية الأمر.
ب-الأجانب المعاهدون: يمكن أن يدخل إلى البلد الإسلامي أفراد من بلدان غير إسلاميّة، بدوافع مختلفة، ويمكن أن يَعقد هؤلاء ميثاقاً مع الحكومة الإسلاميّة في أوّل دخولهم للإقامة المؤقّتة. وكذلك يمكن أن تعقد الدّولة الإسلاميّة مع دولة أخرى اتفاقيّة للإقامة المؤقّتة لمواطني كلّ من البلدَين في البلد الآخر، وفي نظر الإسلام، فإنّ الإتفاقيّات التي لا تخالف التّشريعات الإسلامية نافذة.
ج-السفراء والبعثات السّياسيّة وغير السّياسيّة للدّول غير الإسلاميّة: إرسال السُّفراء والمبعوثين شائع بين الدّول، وهذا تقليد قديم، وفي صدر الإسلام كان سفراء الدُّول الأخرى يحضرون عند النّبي صلّى الله عليه وآله، وكان يحترمهم، وأحياناً يقدّم لهم الهدايا، وكان يأذن للسّفراء الذين يبعثهم بعقد المعاهدات مع الجهات الأخرى، ولم يكن إرسال السّفراء بنحوٍ يبقي السّفير مستقرّاً في البلد الآخر، بل كانوا يعودون إلى أوطانهم بعد إنجاز مهامّهم.
ولا مانع، من وجهة نظر الإسلام، من إرسال السّفير إلى البلد الخصم لأغراضٍ سياسيّة، واقتصاديّة، وعسكريّة، وهؤلاء السُّفراء لا يبقَون بصورة دائمة في البلدان المتخاصمة، ولكنّهم يتمتّعون بحقوق ومزايا السُّفراء عند حضورهم في البلد الإسلامي.
• باحث من إيران.